الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

 

دستور دولة الإمارات العربية المتحدة

«فكرة عامة»

 

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

 

الدستور هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيان الدولة وشكلها، وتبين نظام الحكم والسلطات العامة فيها والعلاقة بين هذه السلطات. كما تبين نصوص الدستور الحقوق والحريات والواجبات العامة للأفراد، ومن هذا التعريف، يبدو جلياً أن الدستور هو أساس التنظيم لكل الدول. ولذلك يطلق على الدستور مصطلح «القانون الأساسي». وبالنظر إلى الموضوعات التي يتناولها بالتنظيم، يبدو جليا مدى الأهمية التي يحظى بها الدستور.

 

والدستور هو أسمى القوانين منزلة وأعلاها مرتبة. إذ تتدرج التشريعات في تنظيم هرمي يحتل قمته التشريع الأساسي أو الدستور، يليه في القوة التشريع العادي أو القانون بمعناه الضيق، ثم التشريع الفرعي أو اللائحة. ويترتب على هذا التدرج عدم جواز تعارض التشريع الأدنى مع التشريع الأعلى. فإذا حدث مثل هذا التعارض، وجب تفضيل التشريع الأعلى على التشريع الأدنى.

 

وإذا كانت الدساتير تحتل أهمية كبيرة في النظم القانونية المقارنة، على النحو السابق بيانه، فإن أهمية دستور دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر وأعظم. إذ يعد هذا الدستور هو الوثيقة المنشئة لدولة الاتحاد، وعليه تلاقت إرادة حكام الإمارات الأعضاء في الاتحاد وإرادة شعب الإمارات. ولعل ذلك يبدو جلياً في ديباجة الدستور، والتي تؤكد ـ في عبارات واضحة ـ أن الموافقة على الدستور تجد أساسها في تلاقي إرادة الحكام وإرادة شعب الإمارات «على قيام اتحاد بين هذه الإمارات، من أجل توفير حياة أفضل، واستقرار أمكن، ومكانة دولية أرفع لها ولشعبها جميعاً». كذلك، تؤكد ديباجة الدستور الرغبة في «إنشاء روابط أوثق بين الإمارات العربية في صورة دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة، قادرة على الحفاظ على كيانها، وكيان أعضائها، متعاونة مع الدول العربية الشقيقة، ومع كافة الدول الأخرى الصديقة الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وفي الأسرة الدولية عموماً، على أساس الاحترام المتبادل، وتبادل المصالح والمنافع».

 

وقد تم التوقيع على الدستور في مدينة دبي، في اليوم الخامس والعشرين من شهر جماد الأول سنة 1391هـ الموافق الثامن عشر من شهر يوليو سنة 1971م. أما تاريخ العمل بالدستور، وتنفيذاً للمادة (152) منه، فقد ورد في إعلان لاحـــق صــادر عن حكام إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة، ويرجع هذا الإعلان إلى يوم الخميس الخامس عشر من شهر شـوال سنة 1391هـ ، الموافق الثاني من شهر ديسمبر سنة 1971م. وفي هذا التاريخ، كانت الإمارات الموقعة على الدسـتور هي أبو ظبي ودبي، والشــارقة وعجمــان وأم القيوين والفجيرة. وبعد أقل من ثلاثة أشهر، وبالتحديد في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة 1391 هجرية الموافق العاشر من فبراير سنة 1972م، انضمت إمارة رأس الخيمة وملحقاتها إلى دولة الاتحاد، بحيث اكتمل عقد الإمارات السبع.

 

وقد اتجهت النية في بادئ الأمر إلى أن يكون هذا الدستور مؤقتاً، يطبق أثناء في الفترة الانتقالية المشار إليها في المادة (144) من الدستور، والمحددة بخمس سنوات تبدأ اعتباراً من تاريخ سريانه، وذلك ريثما يتم إعداد الدستور الدائم للاتحاد. وبمقتضي التعديل الدستوري رقم (2) لسنة 1976م، تم تمديد الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (144) من الدستور المؤقت لمدة خمس سنوات أخرى تبدأ من الثاني من ديسمبر 1976م. وبعد ذلك بخمس سنوات، صدر قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم (2) لسنة 1981 بالتعديل الدستوري رقم (1) لسنة 1981م بشأن تمديد فترة العمل بأحكام الدستور المؤقت. وطبقا للمادة الأولى من هذا التعديل، «تمدد الفترة الانتقالية المنصوص عليها في المادة (144) من الدستور المؤقت لمدة خمس سنوات أخرى تبدأ من الثاني من ديسمبر 1981». وبموجب قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم (1) لسنة 1986 بشأن تعديل دستوري بتمديد فترة العمل بأحكام الدستور المؤقت، تم تمديد الفترة الانتقالية لمدة خمس سنوات أخرى تبدأ من الثاني من ديسمبر 1986. ووفقا للمادة الأولى من قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم (1) لسنة 1991 بتعديل دستوري رقم (1) لسنة 1991م في شأن تمديد فترة العمل بأحكام الدستور المؤقت، «تمدد الفترة الانتقالية المنصوص عليها في المادة (144) من الدستور المؤقت لمدة خمس سنوات أخرى تبدأ من الثاني من ديسمبر 1991». وأخيرا، وبمقتضى المادة الأولى من التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 1996م، تم إلغاء كلمة «المؤقت» من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة أينما وجدت، وانتفت بالتالي صفة «المؤقت»عن الدستور.

 

وبالإضافة إلى التعديلات المتعلقة بطبيعة الدستور ومدة سريانه، وردت بعض التعديلات على أحكام الدستور ذاته. ويمكن إجمال هذه التعديلات فيما يلي:

أولا: في العاشر من فبراير سنة 1972م، صدر التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 1972م، والذي أضاف فقرة أخيرة إلى المادة الأولى من الدستور، يكون نصها كالآتي: «وعند قبول انضمام عضو جديد إلى الاتحاد، يحدد المجلس الأعلى للاتحاد عدد المقاعد التي تخصص لهذا العضو في المجلس الوطني الاتحادي زيادة على العدد المنصوص عليه في المادة 68 من هذا الدستور».

ثانيا: في الثامن والعشرين من نوفمبر سنة 1976م، صدر التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 1976م، والذي نص – في مادته الأولى – على أن «يلغى نص المادة (142) من الدستور المؤقت للإمارات العربية المتحدة ليكون للدولة وحدها حق إنشاء القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية».

ثالثا: في الثاني من ديسمبر سنة 1996م، صدر التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 1996م، والذي نص – في مادته الثانية – على أن «تكون مدينة أبو ظبي عاصمة للاتحاد».

رابعا: في العاشر من يناير سنة 2004م، صدر التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 2004، ونص على أن يستبدل بنص المادة (121) من الدستور نص آخر. وبموجب هذا الاستبدال، تم إضافة شأن جديد إلى الشؤون التي ينفرد فيها الاتحاد بالتشريع، وهو «تنظيم وطريقة إنشاء المناطق الحرة المالية ونطاق استثنائها من تطبيق أحكام التشريعات الاتحادية».

خامسا: في العاشر من فبراير سنة 2009م، صدر التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 2009م، والذي تضمن أكبر عدد من التعديلات لنصوص الدستور. فقد نصت المادة الأولى من هذا التعديل على أن يستبدل بكلمة «نائب» كلمة «نواب» وبكلمة «نائبه» كلمة «نوابه» أينما وجدت في المواد (54)، (55)، (57) و(67)، كما يستبدل بكلمة «نائبه» عبارة «أحد نوابه» في المادة (93) من الدستور. وبمقتضى المادة الثانية من التعديل، تم استبدال سبعة مواد من مواد الدستور.

 

 

 

المصدر: الدكتور أحمد عبد الظاهر
  • Currently 44/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 989 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2010 بواسطة law

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

158,104