الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

الحماية الجنائية للأحداث

دراسة في القانون الجنائي العمالي

 

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

 

        في العشرين من أبريل سنة 1980م، صدر القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1980م في شأن تنظيم علاقات العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويتكون هذا القانون من مائة وثلاث وتسعين مادة، موزعة على اثنا عشر بابا. ويتعلق الباب الثاني من هذا القانون «باستخدام العمل وتشغيل الأحداث والنساء». وقد ورد النص في الفصل الثاني من هذا الباب على الأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث (المواد 20 – 26). وتخلو هذه المواد من أية إشارة إلى تحديد المراد بلفظ «الحدث». ومن ثم، نعتقد أن هذا اللفظ يأخذ ذات المدلول الوارد في المادة الأولى من القانون الاتحادي رقم (9) لسنة 1976م في شأن الأحداث الجانحين والمشردين، والتي تنص على أن «يعد حدثا في تطبيق أحكام هذا القانون من لم يجاوز الثامنة عشرة من عمره وقت ارتكابه للفعل محل المساءلة أو وجوده في إحدى حالات التشرد».

 

          وبالاطلاع على الأحكام الواردة في قانون تنظيم علاقات العمل في شأن تشغيل الأحداث، يسوغ التمييز بين مرحلتين: أولاهما، تقع في المرحلة السابقة على تمام الخامسة عشرة من العمر. أما الثانية، فتقع في المرحلة اللاحقة على تمام الخامسة عشرة، وتمتد حتى بلوغ الثامنة عشرة من عمره. وسنتناول حكم تشغيل الأحداث في هاتين المرحلتين تباعا، ومدى الحماية التي يكفلها المشرع الجنائي للحدث في كل مرحلة منهما.

 

المطلب الأول

الحماية الجنائية للحدث قبل تمام الخامسة عشرة

 

وفقا للمادة (20) من القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1980م في شأن تنظيم علاقات العمل على أن «لا يجوز تشغيل الأحداث من الجنسين قبل تمام سن الخامسة عشرة». ومفاد هذا النص أن المشرع يحظر مطلقا تشغيل الحدث الذي لم يتم الخامسة عشرة من العمر. وعلة هذا الحظر هي ما ارتآه المشرع من أن التحاق الحدث بالعمل قبل بلوغ هذه السن من شأنه إلحاق أبلغ الأضرار بالبنية الجسمانية للحدث، ويؤثر على نموه البدني والوجداني.

 

وطبقا للمادة (181) من ذات القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف درهم ولا تزيد على عشرة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف آي نص آمر من نصوص هذا القانون أو اللوائح أو القرارات المنفذة له. ويعني ذلك أن المشرع قد اعتبر تشغيل الحدث قبل تمام الخامسة عشرة من قبيل الجنح. ولكن المشرع لم يأخذ الحد الأقصى العام المقرر لعقوبة الجنحة طبقا للمادة (69) من قانون العقوبات الاتحادي، وهو ثلاث سنوات. إذ يضع المشرع حدا أقصى خاصا لعقوبة الحبس المقررة لتشغيل الحدث قبل تمام الخامسة عشرة، بحيث لا يزيد على ستة أشهر. أما الحد الأدنى لعقوبة الحبس فهو الحد الأدنى العام، وهو شهر واحد طبقا للمادة (69) من قانون العقوبات الاتحادي. وعقوبة الحبس هنا عقوبة تخييرية، بحيث يجوز للقاضي أن يحكم بالحبس والغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف درهم ولا تزيد على عشرة آلاف درهم، أو أن يحكم بالحبس وحده، أو يحكم بالغرامة بمفردها. 

 

المطلب الثاني

الحماية الجنائية للحدث بعد تمام الخامسة عشرة

 

          إذا كان المشرع يحظر عمل الأحداث قبل تمام الخامسة عشرة، فإن الحكم القانوني بالنسبة لمن أتم الخامسة عشرة من العمر هو جواز العمل بضوابط وشروط معينة. وتتعلق هذه الضوابط والشروط بنوعية العمل وزمانه ومدته.

 

ففيما يتعلق بالزمان، يحظر المشرع تشغيل الأحداث ليلا في المشروعات الصناعية. إذ تنص المادة (23) من قانون تنظيم علاقات العمل على أن «لا يجوز تشغيل الأحداث ليلا في المشروعات الصناعية ويقصد بكلمة الليل مدة لا تقل عن اثنتي عشرة ساعة متتالية تشمل الفترة من الثامنة مساء حتى السادسة صباحا».

 

وفيما يتعلق بنوعية العمل، يحظر المشرع تشغيل الأحداث في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة. إذ تنص المادة (24) من قانون تنظيم علاقات العمل على أن «يحظر تشغيل الأحداث في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العمل والشؤون الاجتماعية بعد استطلاع رأي الجهات المختصة».

 

وفيما يتعلق بالمدة، يضع المشرع حدا أقصى خاصا لساعات عمل الأحداث. إذ تنص المادة (25) من قانون تنظيم علاقات العمل على أن «يكون الحد الأقصى لساعات العمل الفعلية بالنسبة إلى الأحداث ست ساعات يوميا ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر للراحة أو لتناول الطعام أو للصلاة لا تقل في مجموعها عن ساعة وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يعمل الحدث أكثر من أربع ساعات متوالية. ولا يجوز إبقاء الحدث في مكان العمل أكثر من سبع ساعات متصلة».

 

وأخيرا، لا يجيز المشرع تكليف الأحداث بعمل ساعات إضافية. وفي ذلك، تنص المادة (26) من قانون تنظيم علاقات العمل على أن «لا يجوز تكليف الأحداث بعمل ساعات إضافية مهما كانت الأحوال أو إبقائهم في محل العمل بعد المواعيد المقررة لهم ولا تشغيلهم في أيام الراحة».

 

ولكفالة احترام الأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث، وتيسيرا لمهمة مفتشي العمل، توجب المادة (21) من القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1980م في شأن تنظيم علاقات العمل «على صاحب العمل قبل تشغيل أي حدث أن يستحصل منه على المستندات الآتية: 1- شهادة ميلاده أو مستخرج رسمي منها أو شهادة بتقدير سنه صادرة عن طبيب مختص ومصدق عليها من السلطات الصحية المختصة. 2- شهادة باللياقة الصحية للعمل المطلوب صادرة من طبيب مختص ومصدق عليها. 3- موافقة كتابية ممن له الولاية أو الوصاية على الحدث». وطبقا للمادة (22) من ذات القانون، «يجب على صاحب العمل أن يحتفظ في مكان العمل بسجل خاص بالأحداث يبين فيه اسم الحدث وعمره، والاسم الكامل لمن له الولاية أو الوصاية عليه ومحل إقامته وتاريخ استخدامه والعمل الذي استخدم فيه».

 

 

 

المصدر: الدكتور أحمد عبد الظاهر
  • Currently 295/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
76 تصويتات / 1489 مشاهدة
نشرت فى 3 يناير 2010 بواسطة law

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

154,951