الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

الحماية الجنائية للمرأة

دراسة في القانون الإماراتي

 

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

 

في الثامن من مارس كل عام، يتم الاحتفال بيوم المرأة العالمي. ويعد هذا اليوم مناسبة لإيصال صوت المرأة، وفرصة لإبراز أوضاع النساء عبر العالم وتحديد مستوى التقدم الذي أحرزنه على طريق تعزيز مكاسبهن المشروعة. وفي هذا اليوم، يتم تسليط الأضواء على نقاط التقدم والتأخر في مسيرة المرأة والجهود الرامية إلى تحسين أوضاعها وفرصها في كافة مجالات الحياة.

 

وعلى الصعيد الإقليمي، يصادف أول فبراير من كل عام الاحتفال بيوم المرأة العربية. ويمكن القول بأن العقد الأول من القرن الواحد والعشرين قد شهد اهتماما متزايدا بقضايا المرأة العربية. فمع بزوغ فجر هذا القرن، وفي العام الأول منه، انعقد المؤتمر الأول لقمة المرأة العربية، بالعاصمة المصرية «القاهرة»، في الفترة من 18 إلى 20 نوفمبر 2000م. وقبل أن تمر سنة واحدة، وفي مدينة «القاهرة» أيضا، انعقد المؤتمر الاستثنائي لقمة المرأة العربية في الفترة من 11 إلى 12 نوفمبر 2001م. وفي الحادي والعشرين من سبتمبر سنة 2002م، انعقد في مدينة «شرم الشيخ» المصرية مؤتمر المرأة من أجل السلام. وبعد أقل من شهرين، وبالتحديد في الثالث من نوفمبر 2002م، انعقد المؤتمر الثاني لقمة المرأة العربية. وبعد ذلك، تتابعت المؤتمرات والفعاليات الخاصة بالمرأة في مختلف الدول العربية.

 

وعلى المستوى الوطني، نجد أن التقارير الدولية الصادرة سنة 2009م تشهد بأن دولة الإمارات العربية المتحدة قد احتلت المركز الأول عربيا من حيث تمكين المرأة. بيان ذلك أن تقرير التنمية البشرية لعام 2007- 2008م، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة احتلت المرتبة التاسعة والعشرين عالميا والأولى عربيا في مقياس تمكين المرأة.

 

والحقيقة أن الجانب القانوني يشكل أحد المحاور الأساسية للوقوف على وضع المرأة وتقييم حقيقة دورها في المجتمع، ومدى تحقق المساواة بين الجنسين. وإدراكا لهذه الحقيقة، يتضمن الهيكل التنظيمي لمنظمة المرأة العربية إنشاء مجموعة قانونية، تتركز المهمة المنوطة بها على دراسة التشريعات العربية وتقديم التوصيات اللازمة لتطوير هذه التشريعات، بما يضمن تحقيق المساواة والعدالة للمرأة، وتخليص البناء القانوني المنظم لوجودها الاجتماعي من الأفكار المغلوطة والفهم الخاطئ للنصوص الدينية، بالجمع بين فقه الأصول وفقه الواقع. وهكذا، يبدو من الضروري إلقاء الضوء على النصوص المتعلقة بالمرأة في التشريعات الوطنية. ومع إيماننا بأهمية دراسة هذه النصوص في كل التشريعات، سنركز في هذا المقال على النصوص الجنائية فحسب.

 

حظر تفتيش الأنثى إلا بمعرفة أنثى مثلها: تنص المادة (52) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة على أن «إذا كان المتهم أنثى، يجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي بعد تحليفها يمينا بأن تؤدي أعمالها بالأمانة والصدق ويتعين كذلك أن يكون شهود التفتيش من النساء». وتنص المادة (74) من القانون آنف الذكر على أن «يراعى في تفتيش الأنثى حكم المادة (52) من هذا القانون». ويحظر المشرع هنا على مأمور الضبط القضائي أن يفتش النساء بنفسه، ملزما إياه أن يعهد بهذا التفتيش إلى أنثى تندب لهذا الغرض بعد تحليفها اليمين القانونية. بل أن المشرع الإماراتي - إمعانا في صيانة عرض المرأة وكرامتها – أضاف ضمانة أخرى لم يرد النص عليها في قانون الإجراءات الجنائية المصري، وهي أن يكون شهود تفتيش الأنثى من النساء أيضا. والجزاء المترتب على مخالفة ذلك هو البطلان. فإذا قام مأمور الضبط القضائي بنفسه بتفتيش أنثى، كان تفتشيه باطلا، ويبطل كل دليل مستمد منه. ويبطل التفتيش ولو ندب رجل الضبط القضائي امرأة لإجرائه مباشرته أمامه وكشفت أثناء التفتيش عن عوره من عورات المتهمة فأطلع رجل الضبط عليها ذلك أن حياء الأنثى لا يخدش فحسب يتحسس مواضع العفة إنما يخدش كذلك باقتحام عيون الرجال لهذه المواضع. وهذا البطلان يتعلق بالنظام العام، بحيث تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ولو لم تدفع به المتهمة أمامها، كما يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ولقد تميز قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي عن مثيله المصري عندما أوجب على مأمور الضبط القضائي تحليف الأنثى المنتدبة لتفتيش الأنثى اليمين بأن تؤدي أعمالها بالأمانة والصدق، على خلاف القانون المصري الذي لم يرد به هذا الشرط. ويجب على مأمور الضبط أن يثبت في محضره واقعة الندب واسم المرأة التي ندبها وتحليفها اليمين وقيامها بالمهمة وما ورد على لسانها وما أسفر عنه عملها، لكي تراقب محكمة الموضوع مدى صحة إجراءات التفتيش.

 

الحكم الخاص بوجود نساء في المنزل موضوع التفتيش: تنص المادة (56) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة على أن «إذا كان في المنزل نساء ولم يكن الغرض من الدخول ضبطهن ولا تفتيشهن وجب على مأمور الضبط القضائي أن يراعي التقاليد المتبعة في معاملتهن وأن يمكنهن من الاحتجاب أو مغادرة المنزل وأن يمنحهن التسهيلات اللازمة لذلك بما لا يضر بمصلحة التفتيش ونتيجته». فالمشرع الإماراتي يلزم مأمور الضبط القضائي ببعض القواعد في حالة وجود نساء بالمسكن المراد تفتيشه. فإذا لم يكن الغرض من دخول المسكن ضبط نساء أو تفتيشهن، ينبغي على مأمور الضبط أن يراعي التقاليد الإسلامية المتبعة في معاملتهن، وأن يمكنهن من الاحتجاب أو مغادرة المنزل، وأن يمنحهن التسهيلات اللازمة لذلك، بشرط ألا يكون من شأن ذلك الإضرار بمصلحة التفتيش. وعلة هذا الحكم هي الحفاظ على حياء النساء.

 

الفصل بين الرجال والنساء داخل المنشآت العقابية: تنص المادة الثالثة من القانون الاتحادي رقم (43) لسنة 1992م في شأن تنظيم المنشآت العقابية على أن «المنشآت العقابية ثلاثة أنواع: 1- منشآت للرجال. 2- منشآت للنساء. 3- المنشآت للأحداث المحكوم عليهم بالحبس، يراعى فيها فصل الجنسين». وتنص المادة الخامسة من ذات القانون على أن «تتولى إدارة المنشأة العقابية الخاصة بالنساء ضابطة تقوم بجميع المهام والمسؤوليات المعهودة إلى الضابط وفقا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، فإذا تعذر وجود ضابطة فيديرها ضابط على أن تعاونه في أداء مهامه مشرفة تكون مسؤولة أمامه. كما يجب أن يكون موظفو ومستخدمو هذه المنشأة من النساء بقدر الامكان. وفي جميع الأحوال يجب أن تتولى حراسة السجينات وأعمال الخدمة المتعلقة بهن نساء».

 

 

المصدر: مجلة 999 (الشرطة سابقا)، تصدر عن وزارة الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة، س 38، العدد 461، مايو 2009م، ص 54 وما بعدها.
  • Currently 457/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
112 تصويتات / 1197 مشاهدة
نشرت فى 30 ديسمبر 2009 بواسطة law

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

154,934