هادي له ، وأشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد
عندما يقف الانسان موقف المتحدي لن يثنيه شيء عن المضي قدما نحو هدفه لا سيما اذا كان معتقدا اعتقادا جازما بان ما هو عليه صواب لا يدانيه خطأ وحق لا ينزع اليه ولا يشوبه باطل ذلك ان النفس جبلت على حب الخير وانكار المنكر واثبات المعروف .
فإذا ما شوهت صورة المعروف وران على الحق والخير ظلال الباطل والشر ، فتزيغ العقول عن الاهتداء الى الخير ولا تعي القلوب مغبة الشر ، عندها لا خلاص الا رحمة من عند الله يحق بها الحق ويبطل الباطل .
ان الخطر يكمن عندما تزيغ الاهواء ولا يظهر للطريق معالم وعلامات فيشكك في الهدف ويطعن في الغاية ، عندها تضعف الارادة وتفتر العزيمة وتنضوي جذوة الاقدام وتضمحل الهمة وتذوب ، وهو مسلك الشياطين ، الجن منهم والانس ، فما لا تحققه بالقوة والتحدي ، بكل سهولة ويسر تحققه بالحيلة والمراوغة .
فلو تحديت احدا ان يقترف فعلا معينا او اجبرته على فعله ولو بالقوة فسترى العجب من مقاومته وتمسكه وبعده عنه . اما اذا ما اغريته به وزينته له وهونت من شأن اتيانه ونفثت فيه العجب بالنفس وصادف ذلك كله ضعفا في نفسه وميلانا لفطرته واتباعا لهواه ، فلا محالة سيأتيه مخالفا بذلك معتقداته ، فقد غيب عقله وضاع هدفه .
ولعل في قصة برصيصا عابد بني اسرائيل خير دليل على ان الحي لا يأمن الفتن ولو قوي ايمانه اذا دخل عليه من باب الحيلة والعجب واحتقار الذنوب واستصغارها .
ولأن البشر جميعا تتقلب احوالهم بين الروحانية تارة والمادية تارة اخرى ، عمد الاخرون الى تلك النقطة باثارة حالة معينة وتثبيط اخرى تحقيقا لمآربهم واطماعهم ، فيعزفون على وتر الغرائز والاهواء نشرا للرذيلة وجذبا لطالبي المتعة والمجون ، ومرات اخرى على وتر القلوب والعقول ليقضوا اوطارهم بإفساد النفوس وجعلها تميل الى الدناءة والانحطاط وسيلتهم في ذلك افكارهم الهدامة ومعتقداتهم البالية .
فكانت مناقضة الفطرة والجنوح الى الملذات ومعانقة الهوى والتغرير بعقول السذج وتحقير الذنوب والعجب بالنفس ، أشد اسلحة تفتك بمقترفيها وتقذف بهم الى هوة الانحطاط وشؤم المعصية .
وكانت ملازمة الجماعة ومدافعة الهوى والبعد عن المعصية اسلحة المؤمن ليأمن مكر الشيطان واعوانه .
نفعنا الله واياكم
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ،،،،
ابو عبد الرحمن .....
ساحة النقاش