طالما تاقت نفوسنا وابتهلت السنتنا الى العلي القدير أن يهبنا إماماً عادلا ، يحكم في رعيته بما انزل الله مبتغيا مرضاته ، فيحق الحق وينصف المظلوم ولا تضيع بحكمه - عامداً أو جاهلاً - الرعية وتنتقص حقوقها وينتهك أمنها ، لاسيما وقد شرع له الله منهج الحكم الرشيد في قرآنه الكريم وسنة نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم ومن بعده خلفائه الراشدين وسيرتهم التي تحار في تمثلها العقول والالباب .
وحين يحكم الامام بما تقر به نفوس الرعية ، حكماً عادلاً لا حيف فيه ولا جور ، يستوي فيه وأمامه الغني والفقير ، والوزير والخفير ، حكماً لا يخاف معه في الله لومة لائم – على ما يعتريه من نقص بشري هو اصل اصيل في شخصيته كبشر – ويستشعر رعيته صدقه واجتهاده و عمله الدؤوب لتقدمهم ورعايتهم ، ففضلاً عن عظيم جزائه عند ربه يلقى جزاءً عاجلا ومكافأة حاضرة تتمثل في حب الناس له وحمله على أعناقهم وفوق رؤوسهم ، وتقديم الارواح والاجساد فداءاً له وتضحية من أجله ، كما أخبر التاريخ عن ائمة سابقين – نرجوا الله أن يمن علينا بمثلهم – ملؤا الدنيا عدلا وعملا فخلد الناس ذكرهم ومجدوا أعمالهم ، ومن لم يجد ذلك التقدير وتلكم الاشادة من هؤلاء الحكام فليعلم تمام العلم أنه على شفا جرف هار ولو تمكن في حكمه ابد الاباد ، وليراجع نفسه ويتق يوما يرجع فيه الى الله يسأل فيه كل راع عما استرعى حفظ أم ضيع .
وبدلا من أن يرى الرعية أعمال الحاكم وانجازاته ويستشعرون تطوراً في مداخليهم وأرزاقهم وزيادة في أمنهم وأمانهم ، فيتحدثون عنها ويذكرونها ، وفيما يتحدث الافاقون والرويبضة وكلاء حصريون في أمور كان يهاب الحديث عنها مالك والشافعي ، ظانين أنهم يثبتون ملك إمامهم ويدعمون مكانته ، بيد أنهم لا يزيدونه الا خبالا وصغاراً بما يقذفونه من باطل واكاذيب لا تخفى على طفل صغير يلعق أصابعه ، يتملقون بها أسيادهم ويتسلقون بها سلم النفاق والرياء اليهم .
واليوم وحين يترك المجال بساحتيه الاعلامية والفكرية للغوغاء لتنصح وهم أحوج الناس للنصح وتشيد بمن هم أقل الناس شأناً وأعظمهم حقارة وضعة ، ينفثون سمومهم بوعي وغير وعي ، رؤوساً جهالا تنعق بما لا تسمع ، كالحمار يحمل أسفاراً ، تحركهم أطماعهم وأغراضهم وحب الظهور والرياء ، لم تصل بهم أعمالهم تحت اقدامهم ولا يسلم من ألسنتهم خير الخلائق وأعلمهم ، هؤلاء هم من باعوا دينهم بدنيا غيرهم وما أكثرهم , واكثر أمثالهم في كل مكان وأي زمان .
ماذا يفقه هذا المشخصاتي الذي فقد العدل و عَدِم الامامة ليقر هذا و ينفي ذاك ويتكلم نيابة عنا وكأننا تلامذته أو تابعيه ، ومن سأله رأيه فيمن يستحق حكمنا ممن لا يستحق ، هذا المجاهر المرائي المتصابي الافاق ، أي حق له وهو من اختلس حقوق المراهقين واغتال العفة في افلامه ومسرحياته وهدم مباديء الشرف والعمل في جميع أعماله ، حتى أضحى اللص أكثر شرفاً من الشرطي والعاهرة أكثر صونا لعرضها من الابكار في خدورهن ، فولى نفسه خطيبا ومفكراً تجود قريحته بما عقمت أن تجود به عقولنا ، وكما عقمت أرحام نسائنا أن يلدن من يستطيع حكمنا كما نساق الان ونحكم !!!! ، وأي عقل يقبل من يسفهه وأي رشيد يرى السعادة مع من يصليه مرارة الالم كل يوم ، ولا أحسب أمثاله وان رجع بهم الزمان الى عهد الحجاج إلا هم مادحوه ، ربما بما لم يُمدح به عمر بن عبد العزيز أو حتى جده بن الخطاب رضي الله عنهما ، لقد ارتضى الحكام أن يكون أمثال هؤلاء هم المتحدثون ، وهم كلاب السلطة وأبواقها تنبح حيث يأمروهم بينما سكتت أعمالهم وانجازاتهم وصغرت أمام متطلبات الرعية وحقوقها ، وبات كل انجازاتنا هو الحصول على البطولات الكروية واقامة المهرجانات السينمائية ، بينما لم ينل حكامنا من أصول الحكم وسياسة الرعية سوى على الألقاب لا الصفات فكان منهم ، ملك الملوك وحامي الحمى وزعيم الامة ، ولا ننسى ما اشتركوا فيه مع مهرجهم من جور وتفاهة لا عدل وإمامة ،،،،
والى الله المشتكى ، لا تخفى عليه خافيه وهو سبحانه أسرع الحاسبين .
المصدر: شخصي
نشرت فى 24 يونيو 2010
بواسطة lance
عدد زيارات الموقع
44,871
ساحة النقاش