الحمد لله الذي فضل بني ادم على كثير من خلقه وجعلهم خلفاء الارض وشرفهم بحمل رسالته ومجدهم بتوحيده وربوبيته ، وجعل المحسنين منهم والمخلصين بمنزلة الملائكة المقربين ، وأعطى سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم ما لم يعطه جبريل الامين ، وبشر السالكين دربه والمستنين به بالنعيم المقيم والثواب العظيم ، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى أهله وصحبه أجمعين .
خلق الله ادم يوم خلقه وحيدا لا أنيس له ولا جليس إلى أن خلق حواء من ضلعه ليأنس بها وتأنس به وزرع داخله هذا الاحتياج الغريزي لها واستودعه حبها ورعايتها وقدر عليه وعليها ألا تقر لهما نفس ولا تهدأ لهما بال الا بسكون أحدهما الى الاخر والركون اليه والتودد له والرحمة به ، فشرع لهما الزواج يقضيا به ما استودعه الله بهما من شهوة هي نتاج طبيعي لغريزة انسانية داعية الى استمرار النسل وعمارة الكون .
وانها لحكمة بالغة ان تخلق حواء من ادم ليظل هو مفتقدا لجزء من كيانه منتقصا بما انتزع منه نفسيا وجسديا لا يقر ولا يهدأ الا بها وتظل هي الاخرى رهينة به تدور في فلكه وتتلمس خطاه وتبحث عنه ، كمأوى وأصل تستند اليه وتلوذ به وتعوض به حاجتها الى الامان والقوة ، وحين يلتحفها ويحتويها ويضمها اليه كأنما يعيد بتلك الضمة الى نفسه ما انتزع منها ، فحاجتها اليه اكبر من حاجته اليها بحكم الخلقة وأصل الوجود وكيفيته .
اذا لا غنى لأحدهما عن الاخر ولا راحة لهما في العيش فرادى دون بيت يجمعهما وعلاقة شرعية يقضيا بها وطرهما ويكملا بها استمرار جنسهما وعمارة الكون .
والدعوة الى استقلالية المرأة عن الرجل والعيش بمعزل عنه ، أو معه في علاقات شاذة وضيعة تضيع معها السكينة والطمأنينة وتنتفي بها الغاية السامية من وجودهما ، هي - وبعيدا عن الدين - مخالفة واضحة للفطرة الانسانية والغريزة البشرية ، لعل أقل اثارها ضرراً ما تعيشه المجتمعات الداعية الى تحرر المرأة من سلطة الرجل وقوامته ، من مادية وشتات واختلاط الانساب وضياع الاسر وتفككها.
أختي الكريمة
كيف تحلو لك الحياة بدون رجل ، زوجاً كان أو أبا ، لمن تتزينين ولمن تتجملين والى صدر من تلتجئين ، من يحمل هم مؤنتك ويسهر لراحتك ، من في معترك الحياة وقسوتها تتلمسينه ثقة واحتياجا سوى رجل تأمنينه على نفسك فيصونها وتقصدينه في النائبات فيكفيكي وفي الخطوب فيحميكي .
إن بيتاً يخلو من أنفاس الرجال لهو بيت حزين ولو ملك اسباب السعادة كلها ولو شئت فسألي من حرمن نعمة الرجال ، بل واستشعري مرارة تأخر احداهن أن يدق بابها طالب وصال أو يخطب ودها رجل ، لو شئت فاسألي بنتتاً صغيرة ترتمي في أحضان أبيها وهي بعد غضة صغيرة كما يساوي هذ الحضن ، ويتيما يشتاق الى من يمسح على رأسه كم من ليلة قضاها دامع العينين تراوده عن النوم صورة ابيه ، فلا يغررك ما تتشدق به دعاة الفجور والانحلال ليصيبوا الأمة في أعز ما تملك وليميلوا بك ميلة واحدة فيضيع بسوء فهمك عز الامة ومستقبلها ويتضعض له كيانها وتميد معه اركانها .
لا انتصر الى جنسي ولا انحاز اليه ، بل على العكس ، فقد تنكر الرجل لرسالته وترك بلا حياء مهمته وقوامته لتتولاها المرأة وهي غير مهيئة لها ولتبعاتها ، انقيادا لدعوات الغرب واتباعه وميوعة من بعض الرجال وأشباههم ، فكان ما نحن فيه الان ، ربما لتخاذل الرجال أو لعدم تقدير المرأة للرجل ، في سابقة هي الاولى ربما استدعت من الرجال المناداة بحقوقهم مثلما تنادى المرأة بها .
فالحياة ليست منافسة لاثبات أحقية وقوة أو نفي نقص وضعف ، بقدر ما هي تعاون ومشاركة في حدود امكانيات كل فرد وواجباته ، والتي تدعمها صفاته وخلقته وقدرته ومهارته والتي تختلف كلية في الرجل عن المرأة ويختلف تبعا لها أدوار كل منهما ، ولا يجب الحديث عن قوامة الرجل ومناسبته لدور القائد أو الرئيس بعيدا عن مكانة المرأة وعظيم دورها في تربية الرجال وصناعتهم في رؤية لا يغيب عنها الانصاف واعطاء كل ذي حق حقه .
دمتم بخير
المصدر: شخصي
نشرت فى 22 مايو 2010
بواسطة lance
عدد زيارات الموقع
44,871
ساحة النقاش