<!--<!--<!-- قد يتسرب اليأس الى احدنا أمام أول ابتلاء حقيقي يمر به أو بضياع حلم من احلامه اغتالته الظروف وقضت عليه الحاجة ، وتخترم أوصاله اوصاب الهموم وأدرانها ويقعده القنوط ويضعفه الفشل ، فتشيب ناصيته وهو بعد في مقتبل العمر ، ويتسائل ساعتها ما جدوى الحياة ، وما فائدتها ، اذا ما قدر علينا الشقاء والتعاسة .

وقد يشغله وينسيه حر الابتلاء ومرارة الألم ان يقيس تعب الدنيا وشقائها - ولو عاشها كلها مبتلى - بتعب الاخرة وعذابها أو أن يقيس متاع الدنيا ونعيمها - ولو طاله كله وحققه - بمتاع الاخرة ونعيمها ، فيعلم حقارة ما مني به من ابتلاء وضألة ما حصله من متاع ، أو أن يعرض على نفسه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول " يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الأرض من أهل الدنيا، وهو من أهل النار، فيغمس في النار غمسة واحدة، فيقال له: هل رأيت نعيماً قط؟ هل ذقت نعيماً قط، فيقول: لا، والله، ما ذقت نعيماً قط -والعكس- يؤتى بأبأس أهل الأرض في الدنيا من أهل الجنة، فيغمس في الجنة غمسة واحدة، فيقال له: هل رأيت بؤساً قط، هل ذقت بؤساً قط؟، فيقول: لا، والله، ما ذقت بؤساً قط .."

على أن الحياة مزيج من المحن والمنح ، والبلاء والعافية ، يقول الله تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة ... "

وهب ان انسانا عاش سليما طيلة عمره لم يصب بأذى ، انسان كهذا قد لا يتذكر الاخرة بل قد لا يلجأ الى الله ويدعوه بقلب منيب ونفس كسيرة ، يلزمه من البلاء ما يمحص نفسه ويجلو صدأ قلبه وينقيه فهو مستقر الايمان ومكمن اليقين ، فتصير المحنة منحة والبلاء رفعة .

اقول لهؤلاء

لن تستطيع ان تصل الى جدوى الحياة بمعزل عن كونها مزرعة الاخرة ، وطريقاً طويلة تبدأها لحظة ميلادك وتنهيها لحظة وفاتك ، طريقاً ربما لن تكون ممهدة دائماً فبها من العراقيل والحفر والمرتفعات والمنخفضات ما يستوجب التأني والبحث والصبر عليها ، نهايتها معروفة للجميع ، والعاقل من علم كنهها فأحسن الغراس وعاهد الزرع والمغبون من ركن اليها واستظل بها وأساء الغرس .

نحمد الله ان من علينا فأبقانا إلى أجل مسمى عنده ، ليمنحنا فرصة تلو الاخرى - قبل أن تطوى صحائف أعمالنا وصفحات أعمارنا – لنزكي أنفسنا ونتقن اعمالنا ، وجعل الدنيا ببلائها وفتنها ممراً للاخرة ومعبراً اليها ، وأرضاً خصبة فيها زادنا وراحلتنا الى جنته ومستقر رحمته ، وشرع لنا من الدين ما تستقيم به حياتنا وتكتب لنا به نجاتنا ، يقول الله تعالى " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " ويقول " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى .... "

دمتم بخير

 

 

 

المصدر: شخصي
  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 368 مشاهدة
نشرت فى 18 إبريل 2010 بواسطة lance

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

43,497