القيادة Leadership [1]

 

في كل مجتمع يوجد بعض العناصر التي تتميز باستعداد فطري لتولي القيادة، بينما الكثرة تخضع وتتبع ما يلقى إليها من أوامر وتوجيهات، والقيادة في حقيقتها تعتبر ظاهرة اجتماعية وهي تتمثل في شخص له نفوذ قوي بين الناس يقوم ليعبر عن احساسات الجماعة وتحقيق مطالبها التي لا يستطيعون تحقيقها منفردين.

 

ويعرف " تاننيـوم" Tannenbaun القيادة بأنها تأثير شخصي متداخل تمارس في موقف محدد وتتضمن القيادة دائماً محاولات من جانب القائد (المؤثر) للتأثير على سلوك الاتباع (المتأثرين) ومن اجل اتباع موقف معين.

وهذا الموقف يدعونا للتفرقة بين المقصود بالرئاسة والقيادة فتقوم القيادة أساساً على قدرة صاحبها على التأثير وهذا أمر قد لا يتوفر لدى صاحب الوظيفة الذي يمارس رئاسة على غيره في البناء التنظيمي، ويرى البعض أنه يمكن الوصول إلى مركز القدرة في منظمه ما بعدة طرق، كأن يكون ذلك نتيجة لقرار من الجماعة أو تأييد منها أو بالفرض عليها من خارجهاً لهذا فان هؤلاء يعتقدون أن التمييز بين القيادة والرئاسة أمر صعب ذلك لأن مصدر القدرة في موقف يختلف عنه في موقف آخر كذلك فان مكان الوظيفة في سلم المستويات الإدارية عامل هام من عوامل التأثير، هذا بينما يرى آخرون أن الرئاسة والقيادة شيئان مختلفان فالشخص الذي لا نفوذ له قد يكون رئيساً ولكنه متى اكتسب النفوذ فمن المحتمل أن يتحول إلى القائد.

 

ويستمد الرئيس قوته مما يملكه من سلطات فيخضع له المرؤوسون سواء بالاختيار أو بالإجبار، أما القائد فيستند في نفوذه إلى قوة شخصيته وتأثيرها على الاتباع فيطيعون أوامره عن اقتناع ورضاء وفضلاً عن هذا فان الرئيس يعتمد على السلطة المفوضة إليه من أعلى وهي تنبع من مباشرته لوظيفته وليس من شخصيته.

 

وظائف القيادة :

هناك بعض الوظائف الأساسية التي تقوم بها الإدارة أهمها ما يلي:

1.     تفسير وإعلان المواقف التي تواجهها الجماعة وبصفة خاصة إذا كانت تلك المواقف التي تواجهها الجماعة مجهولة لكل أعضائها أو غامضة لا يسهل إدراكها وفهمها.

2.      تحديد الجوانب الجيدة والسيئة في كل موقف استناداً على ما يتمتع به القائد من حكمه وادراك.

3.     توجيه الجماعة نحو العمل الطيب وتحذيرها من الوقوع في الأخطاء فتستجيب الجماعة لقائدها بقدر ما تحمل له في نفوسها من شعور بالثقة والاحترام.

4.     تحقيق التعاون بين الأفراد عن طريق توزيع المسؤوليات بينهم في تناسق وانسجام وتلافي التناقضات بين الحاجات بما يحقق المصالح الجمعية، ويتم ذلك في جو من الحرية التي تتاح للجميع حتى يعبروا عن آرائهم ويشتركون في مناقشة المشكلات.

5.     وضع الخطة التي تتضمن تحقيق الأهداف التي تنشدها الجماعة وفي سبيل ذلك فانه يسعى لتحديد الأعمال المطلوب إنجازها وترتيب تلك الأعمال في صورة برامج زمنية حتى يتم إنجازها في الوقت المحدد.

6.     العمل على الوصول إلى الأهداف النهائية للقائد سواء كانت رسالة سماوية أو عملاً اجتماعياً أو نشاطاً اقتصادياً أو مبدأ سياسي ...... الــخ.

7.      تمثيل الجماعة رسمياً والتعبير عنها أمام الغير وأمام غيرها من الجماعات بالإضافة إلى هذا التمثيل الرسمي، فان القائد هو الفكرة التي تؤمن بها الجماعة مجسدة في شخصه.

 

وحتى يستطيع القائد تحقيق الوظائف السالف ذكرها فانه لابد من أن تتوافر لديه بعض الأمور فيما يلـي:

1.    أن تكون لديه المهارات والخبرات التي تساعده على فهم العمل الذي يقود.

2.    أن يكون لديه قدراً من السلطة تمكنه من ممارسة عمله، إذ مهما كانت الصفات القيادية التي يتمتع بها القائد، لا جدوى منها إذا لم يكن يملك من السلطات الرسمية ما يمكنه من إجبار غيره على اتباع ما يراه موصلاً لتحقيق الهدف.

 

نظرية القيــادة :

انتهى الباحثون في موضوع القيادة إلى أن هناك نظريتين أساسيتين في هذا المجال وهما: نظرية القيادة الموروثة، ونظرية القيادة المكتسبة.

 

النظرية الأولى : القيادة الموروثة

تذهب هذه النظرية إلى أن السلوك القيادي ما هو إلا نتيجة لمجموعة من السمات والخصائص التي توجد في الأفراد منذ ولادتهم مثل الأمانة والولاء والطموح والعداوة والابتكار وما إلى ذلك من الصفات الموروثة ومن ثم قيل بان هناك أشخاصاً يولدون ليكونوا قادة، ولو أن هناك نظريات حديثة تقول بان مثل هذه الصفات يمكن اكتسابها- جانب الوراثة- عن طريق العلم والتجربة أيضاً، وعلى الرغم من أن هذه النظرية قد وجدت قبولاً كبيراً من جانب الباحثين القدامى نظراً لتطابقها إلى حدد بعيد مع ما كشفته بعض التجارب العملية إلا أن هناك بعض الانتقادات التي توجه إليها أهمها ما يلـي:

 

أ. فشلها في الاعتراف بأثر الجماعة في العوامل الناتجة عن المواقف الإدارية المختلفة والتي تشكل الشخصية القيادية الناجحة.

ب. عدم توصل علماء الاجتماع إلى وضع تحديد دقيق للصفات الموروثة في القادة يمكن الاعتماد عليها في التصميم، ولعل ذلك يرجع إلى صعوبة فصل وتعريف الصفات النوعية الخاصة والمشتركة في هؤلاء القادة.

 

ويضيف إلى ذلك العالم " جولدنر" Jouldner أن قوائم الصفات الموروثة لا توضح عادة المهم فيها وغير المهم، فضلاً عن أن الأبحاث الخاصة بهذه الصفات لم تميز بين المطلوب منها لتكوين القائد الماهر، وتلك الضرورية لدعم شخصية هذا القائد كما أن تلك الدراسات تقوم بوصف نماذج السلوك الإنساني فقط ولا تقوم بتحليلها.

 

النظرية الثانية : القيادة المكتسبة

تقوم هذه النظرية على أساس أن القائد الماهر يكتشف صفات القيادة الناجحة نتيجة عمله في الجماعات، ونتيجة ممارسته أعمال قيادة أفرادها وإذا كانت نظرية الوراثة تجذب أنظار لاهتمامهم الأساسي بالشخصية البشرية فان علماء الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وهم يعترفون بوجود الشخصية البشرية يركزون اهتمامهم على اثر الجماعات في تكوين شخصية القائد وتؤكد هذه النظرية أهمية القيادة في نجاح المشروع كما تنادي بوجوب توفر مهارات معينة في إفادة تلك المهارات اللازمة لحل المشكلات وعلاج مختلف المواقف التي تمر بها في عمله.

 

ويمكن التوصل مما سبق إلى أن القيادة الناجحة هي التي تجمع بين النظريتين السابق ذكرهما وعلى هذا الأساس فان القائد الناجح هو الذي يستطيع أن يجمع بين الصفات الموروثة وبين المهارات المكتسبة في شؤون القيادة.

 

 

 

صفات القائد الناجـــح :

يعتبر القائد الناجح هو الذي يحقق أهدافه بطريقة اقتصادية وفي جو نفسي يرضى عنه التابعون له، سواء كان القائد تولى القيادة بالأصالة أو الإنابة أو التفويض.

 

ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " من ولى من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً وهو اصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنون ".

 

ويمكن استخلاص الصفات النموذجية للقائد باستقراء تجارب الأمم والشعوب والمنظمات بأنواعها ومما كتبه المؤلفون أو ذكره المؤرخون وهناك كتب كثيرة منها القديم والحديث ما يعالج صفات القائد الناجح وهي تتفق فيما بينها في الصفات الأساسية وتختلف في الصفات الفرعية فقط وفقاً لظروف العصور المختلفة.

 

فمثلاً جاء في مقدمة العلامة العربي المسلم عبد الرحمن بن خلدون، وهو يتحدث عن شروط الخلافة أن من الصفات التي يجب أن يتحلى بها من يختار قائداً: " العلم والعدل والكفاية وسلامة الأعضاء والحواس" ولا ننسى أن ابن خلدون قد كتب أفكاره هذه في القرن الرابع عشر.

 

وهناك بعض الآراء والكتب الحديثة نذكر منها كتاب " السبيل القيادة " الذي ألّفه الفيلد مارشال منتجمري البريطاني، حيث وضع فيه صفات القائد إذ يقول : " أن القائد هو الذي يجعل الناس يتبعونه وينبغي أن يتصف بالشجاعة وقوة الإرادة وأن يكون موضع ثقة رجاله واعتمادهم قادراً على أن يوحي بآرائه إلى الذين يقودهم وعلى استثارة الحماس في نفوسهم وان يكون موضع ثقة رجاله واعتمادهم قادراً على  مخاصمتهم  بلغة يفهمونها مما يكسبه قلوبهم وعقولهم, ذا كفاية عالية, دارساً للطبيعة البشرية, متعلماً فن القيادة وممارستها , لا ييأس أبداً, يتحلى بالعزم, يحرص على معنويات رجاله, مسيطراً على نفسه, يحسن اختيار الرجل المناسب للعمل المناسب, يعرف واجباته, و يتقن عمله, مخلصاً لمهنته, قادراً على إصدار القرارات السليمة, هادئاً وضابطا لنفسه, مستعداً للمخاطرة عند الحاجة ملتزماً إلى أبعد الحدود بالدين.

 

ومن أقوال نابليون في صفات القائد: " أن أول ما يجب أن يتوفر في القائد رأس هادئة, وبذلك تظهر له الأشياء على حقيقتها وفي مظهرها الصحيح ويجب ألا يتأثر بالأخبار الحسنة أو السيئة, كما ينبغي ألا يتخلص من مسؤولية أخطائه بإلقائها على الأوامر التي تلقاها من رئيس يعلوه, بل عليه أن يسير وفقاً لهدف تجاربه الخاصة ويعتمد على مواهبه.

فالقيادة تنمو بالتجربة الشخصية وتتبع تجارب القادة الناجحين, كذلك فإنه من النادر أن تجتمع كل الصفات اللازمة للقائد العظيم في رجل واحد. و المطلوب للقائد الناجح أن يوازن بين الذكاء والمقدرة والشجاعة.

 

ومما سبق يعكس استخلاص الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتحلى بها القائد الناجح فيما يلي:

1.    العقلية الصحيحة, والإيمان بالعمل الذي يتولاه القائد أياً كان نوع هذا العمل.

2.    أن يكون ديمقراطياً, وألا يستقل في اتخاذ القرارات الهامة وحده, بل يشرك معه من يراهم ذوي الخبرة.

3.    الاعتماد على الحقائق, ولا يصدر شيئاً إلا بعد التأكد من ذلك حتى لا تعميه الإشاعات الكاذبة فتكون قراراته كاذبة.

4.    الحرص الشديد, و بصفة خاصة إذا تعلق الأمر بمصالح الأتباع, فلا ينبغي للقائد أن يتخذ قراراً خطيراً إلا بعد دراسة كافة جوانبه وردود الأفعال المتوقعة حياله.

5.    الشجاعة, بحيث يستطيع مواجهة هذه المواقف دون خوف.

6.    القابلية البدنية, وهذا لا يعني قوة البنية أو ضخامة الحجم, بل يعني ألا يتسم القائد بتشويه بدني معيب, أو مرض مزمن يقعده, ويفضل أن يكون القائد بحالة صحية جيدة حتى يستطيع أن يبذل الجهد البدني والعقلي, بم يتلاءم مع مسؤوليته, وأن يكون قوي الأعصاب لا تهزه المشاكل.

7.    القدرة على تحمل المسؤولية, وهذا يعني أن يكون القائد متمتعاً بالسيادة الفنية في مجال النشاط الذي يشرف عليه وعلى غيره والتابعين.

8.    الإلمام بالأصول العلمية للإدارة, وهذا هو أول طريق للنجاح ذلك لأن إلمام القائد بأصول الإدارة يوفر عليه الكثير من الجهد الذي يبذله للتوصل لهذه الأصول.

9.    العقلية المنظمة التي تستطيع أن تخطط وتنظم وتراقب.

10. القدرة على اكتساب الثقة.

11. المحبة المتبادلة بينه وبين الأتباع.

 

 

 


[1]  مصدر غير محدد.

kotler

اللهم ارزقنا ثواب هذا العمل واجعله في ميزان حسنات آبائنا وأمهاتنا وانفعنا بما عملتنا

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 872 مشاهدة
نشرت فى 5 فبراير 2011 بواسطة kotler

ساحة النقاش

محمد الدكرورى

kotler
هذا الموقع يختص بمساعدة الباحثين فى الحصول على الابحاث العلمية التي تفيدهم في الواقع العملي ، كما انه يقدم أهم وأحدث الأفكار العلمية لمجال إدارة الاعمال بصفة عامة . وللتواصل معنا يرجي الاتصال على الارقام التالية 0020168500828 0020502091236 email : [email protected] [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

65,814