خــــالدإبراهيم الزويد

Management of culture

 

الاكتناز hoarding هو جمع المال وتكديسه والاحتفاظ بالمتراكم منه نقداً سائلاً مدة زمنية غالباً ما تكون طويلة، والكنز في اللغة هو المال المدفون. وبذلك يظل المال المكتنز مجمداً بعيداً عن التداول، ومن دون فائدة مباشرة أو نفع اقتصادي.

والاكتناز غير الادخار, وتختلف طبيعته عن طبيعة الادخار اختلافاً كبيراً، فالادخار هو عملية اقتصادية إيجابية ومفيدة لأنه المصدر الأولي للاستثمار[ر] الذي يتولد منه الدخل الجديد، والاكتناز ظاهرة عقيمة اقتصادياً وسلبية اجتماعياً. والادخار هو الأصل في مبدأ التدفق الاقتصادي economic flow concept لأن المال المدخر لا يخرج من حلقة التداول بل يصب في أقنية الاستثمار مما يؤدي إلى نماء في الدخل العام، فالاكتناز هو تجميد للمدخرات بأسلوب لا يعدو كونه تراكمات في المخزون، الأمر الذي يُبقي المال بعيداً عن حركة النمو. أما النظريات النقدية فإنها تعدُّ الاكتناز ذلك الجزء المتبقي من مجمل الادخار بعد عملية تحويل الادخارات إلى استثمارات.

وللاكتناز دوافع كثيرة ينطلق بعضها من رسوخ العادات الاجتماعية، ويتأصل بعضها الآخر في ذات المكتنز نفسه كصفات الشح والجشع وحب الاكتساب والاختزان. بيد أن للاكتناز دوافع أكثر موضوعية كدوافع الحيطة والاستقلال والأمان عند بعض الناس، ودوافع المضاربة والربح عند بعضهم الآخر.

وإذا ما استبعدت الدوافع الذاتية البحتة، لأن سلبيتها ناجمة غالباً عن مثالب اجتماعية أو نفسية ضيقة ومحصورة بفئة معينة من البشر ولا يمكن فهمها أو تحليلها بالعقلانية الاقتصادية، فإنه يلاحظ أن ثمة أسباباً معينة تدفع الأفراد والمؤسسات المالية وأحياناً الحكومات لممارسة الاكتناز في حدود ضيقة وفي أوقات معينة. وغالباً ما يكون ذلك التماساً للأمان والاستقلال أو بدافع الحيطة اتقاء للطوارئ أو لأزمات متوقعة أو ممكنة. وليس بأمر نادر الحدوث أو مستهجن اجتماعياً أن يُرى أفراد معينون يحتفظون بأموال نقدية سائلة ويحبسونها عن التداول والاستثمار مؤثرين جاهزية سيولتها على أرباح توظيفها وذلك لمواجهة نوائب الحياة أو مفاجآتها، بيد أنه يلاحظ أن هذه الفئة من الناس لا تستمر عادة بالاكتناز وحبس المال بعد نقطة معينة تؤلّف بنظرها حداً للأمان وضماناً لاستقلال اتخاذ قرار معين. كذلك فمن المألوف أن يؤثر بعض الأفراد والمؤسسات تجميد المال وحبسه سائلاً رغبة بالمضاربة أو بحافز ترقب ربح مستقبلي، فيكتنزون استعداداً لاقتناص الفرص الاستثمارية أو التجارية التي قد تبرز فجأة والتي يتطلب العمل فيها جاهزية في رأس المال، أو يكتنزون ترقباً لركود اقتصادي ممكن حين تهبط أسعار السلع والأصول المالية، الأمر الذي يرفع القيمة الشرائية للمال المكتنز. غير أنه إذا كان كل ذلك يقع في بوتقة الحالة الخاصة للاكتناز التي يمكن تحليلها اقتصادياً والتي لا تعدو كونها اكتنازاً مؤقتاً أو حالة توسع في اقتناء رأس المال الجاهز ترقباً لإنفاق مستقبلي، فإن الحالة العامة للاكتناز مجرداً تبقى ظاهرة سلبية لما عليها من مآخذ اقتصادية واجتماعية.

 

المصدر: محمد بشار كبارة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 473 مشاهدة
نشرت فى 7 أغسطس 2012 بواسطة khalidalzwaid

ابحث

تسجيل الدخول

خالد بن ابراهيم الزويد

khalidalzwaid
صفحة متنوعة تخدم الثقافة الادارية ... مجموعة من المواضيع الشيقة مختصرة تضفي للقارئ شيئ من المعلومات المفيدة. »

عدد زيارات الموقع

528,590