الدراسة الخامسة قدمت إلى : مجلة تكنولوجيا التعليم – سلسلة دراسات وبحوث محكمة تابعة للجمعية المصرية، لتكنولوجيا التعليم بجمهورية مصر العربة ، مجلد 14 ، ربيع 2004.
أثر اختلاف نمط التفاعل داخل برامج الكمبيوتر متعددة الوسائط البصرية على تعليم المفاهيم العلمية للمعاقين سمعيا
تحددت مشـكلة الدراسة من خلال مقابلة شخصية مع بعض معلمي وطلبة مرحلة التأهيل المهني بمدرستي الأمل للبنيين والبنات للمعاقين سمعيا والتي تتبعا إدارة التربية الخاصة بقطاع التعليم النوعي بوزارة التربية بدولة الكويت، أسفرت النتائج عن انخفاض التحصيل المعرفي للطلبة، وقد علل المعلمين السبب بأنهم يجدون صعوبة في تفسير كثير من المفاهيم العلمية بلغة الإشارة، أو أحيانا بالوسائط المصورة الثابتة، خاصا وأن هؤلاء الطلبة يتناولون بعض المفاهيم التي يتناولوها أمثالهم الأسوياء في المرحلة الثانوية- ومن ثم فأن المعلمون لا يكثرون في تفاصيل هذه المفاهيم لعدم وجود الوسائط المناسبة كالبرامج التعليمية Soft Were المعالجة بالكمبيوتر، وكذلك عدم توفرها بالأسواق، على الرغم من توفر أجهزة الكمبيوتر لديهم.
ومن هنا تولد لدى الباحث رغبة في البحث عن حل لهذه المشكلة، وحفزه على ذلك ما أوصت به العديد من البحوث والمؤتمرات العلمية على ضرورة الاهتمام بتوفير البرامج التعليمية العربية في مدارس المعاقين من خلال أوعية التخزين وعبر شبكة الانترنت. وأيضا من خلال العديد من نتائج البحوث التي أشارت بضرورة الاهتمام بالتصميم الجيد للوسائط التعليمية لتلك الفئة ، وأن هناك ندرة في برامج الكمبيوتر التفاعلية في تعليم ذوي الإعاقة السمعية في الدول العربية.
ومن جهة أخرى فإن وضوح هذه المشكلة يرجع أيضا إلى ما توصلت إليه الدراسات بعدم جدوى العديد من الوسائط التقليدية مثل الصور والرسومات والمجسمات وألواح العرض، واستخدام لغة الإشارة وأبجدية الأصابع Sign Language and Finger Spelling واستخدام طريقة قراءة الشفاه Lip Reading في تعليم المفاهيم العلمية التي تحمل بداخلها عنصر الحركة.
ومن هنا تحددت المشكلة في وجود قصور في طرق التدريس والوسائط التعليمية المستخدمة لتعليم هذه الفئة، وأيضا تهميشها رغم زيادة أعدادها في الدول العربية، وقد تأكد الباحث من ذلك من خلال مقابلات المعلمين والطلبة المعاقين سمعيا، ومن خلال الرجوع لتوصيات البحوث والندوات بضرورة تطوير طرق التدريس التقليدية لتعليم المعاقين سمعيا لعدم جدوها، وبضرورة الاستعانة ببرامج ومعالجات تعليمية وفق التكنولوجيا الحديثة تتلاءم مع طبيعة المتعلمين المعاقين سمعيا، بحيث توفر لهم مزيد من الحرية في اختيار الوقت المناسب والسرعة المناسبة لتعليمهم لتناسب قدراتهم واستعداداته، وأيضا مع الدعوة بأن الطلبة المعاقين سمعيا في حاجة إلى من يُعـُد لهم برامج كمبيوتر تعليمية باللغة العربية تساعدهم على استخدام حواسهم المتبقية بطريقة سليمة ومناسبة .
ومن ثم هدفت الدراسة إلى قياس أثـر اختلاف نمط تفاعل المتعلم المعاق سمعيا مع البرنامج من خلال ضغطه على زر لعرض شرح بالرسومات المتحركة مع ( تحكمه في وقت عرض اللغة الفظية المقروء ة / عرض متزامن للغة اللفظية المقروءة / تحكمه في وقت عرض اللغة الفظية المقروءة مصحوب بتنويهات لونية للعناوين والأجزاء الهامة) لتعليم بعض المفاهيم العلمية (محرك السيارة والفرامل / الصورة التلفزيونية) على التحصيل الفوري والتتبعي للطلبة ( الذكور والإناث) بالتأهيل المهني بدولة الكويت.
ومن خلال استخدام المتوسطات والانحرافات المعيارية وتحليل التباين ثنائي الاتجاه، أسفرت النتائج المتعلقة بتساؤلي الدراسة عن وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوي 0.01 فيما يتعلق باختلاف نمط تفاعل الطلبة مع البرنامج، بغض النظر عن إجراء الاختبار فوريا أو بعد 15 يوم، بينما لم تسفر النتائج عن وجود فروق فيما يتعلق بمتغير الجنس بين الطلبة.
وقد كشفت نتائج المقارنة المتعددة البعدية من خلال اختبار "شافيه Schaffe" عن تفوق أفراد المجموعة الأولى والرابعة ( بنين وبنات) التي تفاعلت مع البرنامج من خلال الضغط على زر لعرض الرسومات المتحركة مع ترك الحرية للمتعلم في تحديد وقت عرض التفسير اللفظي المصاحب لهذه الرسومات على باقي المجموعات، مما يؤكد أهمية إعطاء الفرصة للمتعلم المعاق سمعيا في اختيار وقت تفاعله مع المصورات أو اللغة اللفظية المقروءة.
وقد أسفر تحليل النتائج أن ســبب تفوق هذه المجموعة (الأولى والرابعة) على المجموعة ( الثانية والخامسة)، التي تفاعلت مع البرنامج عند تزامن الرسومات المتحركة مع اللغة اللفظية المقروءة، هـو تعدد مصادر المعرفة لهذه المجموعة في وقت واحد، وهذا ما أكدته من قبل نظرية التحميل المعرفي Cognitive load Theory ، والتي افترضت انه عندما يتعلم الشخص من أكثر من وسيط تعليمي في آن واحد فان ذلك يجعله يقسًـم انتباهه فيزداد التحميل المعرفي على الذاكرة ، مما يجعله يكتسب البعض ويفقد البعض الآخر. علاوة علي ما سبق فانه على الرغم من أهميه تنوع الوسائط داخل برنامج الكمبيوتر التفاعلية، إلا أن هذا التنوع لهذه الفئة من المتعلمين مع وسائط بصرية من رسومات متحركة ولغة لفظية ثم تنويهات بألوان مخالفة للون الكتابات داخل الموقف التعليمي الواحد، ربما يكون له الأثر السلبي، حيث أن طبيعة هذا المتعلم تختلف عن المتعلم مكتمل الحواس.
علاوة على ما سبق فإن طبيعة المتعلم المعاق سمعيا ربما يرتبط في تعلمه أكثر بالخبرات الشكلية، ورغم أن اللغة اللفظية المقروءة شكلية إلا أن إدراكها يتطلب السماع لمدلولها، وهذا ما لا يتوفر لدي المعاق سمعيا.
أما فيما يتعلق بتفوق نفس المجموعة ( الأولى والرابعة) على المجموعة ( الثالثة والسادسة) التي أعطي فيها المتعلم أيضا التحكم في وقت عرض اللغة الفظية المقروء ة ولكن مع وجود التنويهات اللونية أثناء قراءته للغة اللفظية المقروءة، فيعتقد أن هذه المجموعة كٌلفت بمهمة زائدة وهي متابعة التنويهات اللونية في الجانب اللفظي، مما جعل المتعلم يقلل من أهمية باقي المحتوى اللفظي ويهتم بهذه التنويهات فقط، ومن ثم افتقد عند تخذينه للمعلومات الأخرى التابعة للمعلومات الهامة، ومن ثم اعتبر إلإرشاد اللوني للمتعلم في هذه الحالة إرشاد معطل عن مجمل التعلم، حيث استخدم المتعلم هذه التنويهات بشكل خطئ، خاصة وأن المتعلمون من أصحاب القدرات المنخفضة يجدون صعوبة في مهارات التنظيم للمحتوى التعليمي، وهذا ربما جعل هؤلاء المتعلمون يهملون باقي الشرح اللفظي ويهتمون فقط بالتنويهات مختلفة الألوان.