الدراسة الثالثة قدمت إلى: المؤتمر العلمي السنوي العاشر لكلية التربية جامعة حلوان "التربية وقضايا التحديث والتنمية في الوطن العربي 13- 14- مارس 2002 بجمهورية مصر العربية.
تصميم الوسـائـط المتـعـددة وفق نظـريـات تـرمـيـز المـعـلومـات
" دراسـة نـظـريـة "
توالت في السنوات الأخيرة بحوث تصميم الوسائط المتعددة خصوصا فيما يتعلق بالعوامل البنائية لهذه الوسائط ومنها على وجه التحديد العلاقة المكانية والزمانية بين الصوت والصورة والرسومات والحركة والكتابات، إلا أن اغلب هذه البحوث استندت على غيرها من الدارسات المرتبطة بل وأرجعت تفسير نتائجها على من سابقها دون أن تلتفت هي وأسلافها للأسس النظرية والفلسفية ، ودون تعليل علمي قائم على براهين لجدوى متغير على آخر أو عدمه، وظن بعض الباحثون أن مجرد تناول هذه المتغيرات البنائية داخل هذه الوسائط هو تحقيق لأهداف البحث التجريبي في مجال تكنولوجيا التعليم ، وقد تناسوا أن الإفادة من نتائج هذه البحوث لا تتحقق بدون الرجوع للنظريات المعرفية وعلاقتها بالوسائط المتعددة والتي خصص لها فرع هام سمي "سيكولوجية الوسائط المتعددة "Multimedia psychology ".
وقد لاحظ الباحث هذه المشكلة من خلال حضوره "حلقات المناقشة" عند التسجيل لدرجات الماجستير والدكتوراه في بعض كليات التربية إذ تبين أن:
- خطط هذه البحوث لا تضع في اعتبارها الربط بين نظريات علم النفس والمتغيرات التجريبية، وربما يرجع السبب لان الوعي بهذه النظريات لدى طلاب البحث محدود، مما جعل استخدامها شكلي أكثر من كونه ضرورة وأساس علمي يجب الالتزام به.
- العديد من الأبحاث المنتهية في نفس المجال اعتمدت على غيرها في تفسير نتائجها، والتي هي الأخرى لا تعتمد على النظريات المرتبطة ، وان تواجدت في إطارها النظري لم تفسر على أساسها النتائج.
من جهة أخرى فقد رجع الباحث لبعض الدراسات التي تدعم وجود جذور علمية لهذه المشكلة ومنها:
- دراسة هازبروك (Hasebrook,1995) في كتابه "سيكولوجية الوسائط المتعددة" بأن على مصمم الوسائط المتعددة أن يدرس جيدا قبل وضع التصًور الأولي لعمله ( السيناريو) كافة النظريات العلمية والنفسية المرتبطة بالمتغيرات البنائية لتصميمه، وعلاقتها بالمحتوى العلمي ، وطبيعة المتعلم وقدراته واستعداداته.
- استخدام اللغة اللفظية وغير اللفظية يتطلب الرجوع للنظريات والفروض العلمية والدراسات التي تحدد العلاقة بينهما ونوع المفهوم المقدم سواء كان عياني أو مجرد.
- أشارت "بالشتيدت" و"أنجل كامب" و"سادوسكي" و"ميلار" وآخرون(Ballstaeddt, 1990 , Engel, Kamp, 1990,Sadoski,-Mealy & et. al.) بان الأمر في تصميم الوسائط المتعددة لا يقتصر على الجانب الفني من ألوان وخطوط وأشكال وحركة وأصوات، بل أن تنظيم كل هذه العناصر يتطلب أيضا الرجوع للأبحاث المرتبطة بازدواج قنوات نقل المعلومات وترابطها معا، ولا يقتصر على حدود فكر التجريب المعملي.
ومن هذا المنطلق تناولت هذه الدراسة تفسـير لأهـم النظريات والفروض المعرفية التي يـوصى بالرجوع إليها عند تصميم شكل ومحتوى الوسائط التعليمية المتعددة من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
1- ما المقصود بنظريات ترميز المعلومات للإفادة منها في تصميم الوسائط المتعددة؟
2- ما هي اوجه الفرق في استخدام نمطي اللغة اللفظية (المسموع والمقروء) داخل الوسائط المتعددة؟
3- ما النظام المناسب لاستخدام اللغة اللفظية بنمطيها داخل الوسائط المتعددة؟
4- ما العلاقة بين اللغة اللفظية والمصورات وفق نظريات الترميز؟
5- ما التصور المقترح للهيكل التنظيمي لفهم الوسائط المتعددة ؟
وانتهت الدراسة بعد الإجابة على هذه التساؤلات إلى استعراض لبعض التوصيات التي بحاجة إلى بحوث تجريبية عند تصميم الوسائط المتعددة وهـي:
1- فكرة وجود وحده واحدة داخل العقل الإنساني مسـئوله عن ترميز كل ما يأتي العقل من معلومات سواء كانت لغة لفظية أو لغة غير لفظية (مصورات) قائمة، كما أشار إليها فرض الترميز الأحادي، ولذا نوصي بإجراء دراسات في مجال تصميم الوسائط المتعددة الحديثة تتبنى هذا الفرض للتحقق من صحته بالمقارنة مع باقي النظريات والفروض .
2- رغم ما توصلت إليه نظرية " بافيو Paivio " بأنه يفضل أن تصاحب العروض غير اللفظية لغة لفظية عن وجودها على حده ، وان وجود الكلمات مع العروض المصورة باعتبارها لغة غير لفظية وصف لا يمكن الاستغناء عنه. كما انه من الصعب علي اللغة اللفظية عند تكرارها وحدها أن تساعدنا علي فهم المحتوي التعليمي"، إلا أن هذه الأمور مازالت بحاجة لتجريب، فطبيعة المحتوى العلمي ذات تأثير كبير وهذا ربما السبب في اختلاف نتائج الدراسات حول هذه النظريات والفروض العلمية.
3- تنويه "هازبروك Hasebrook" بأن التخزين النهائي للمعلومات سواء الكلمات المكتوبة والمصورات يتم تخزينها وفق نظام ترميزي واحد، وهذا يحتاج إلى تحقق تجريبي، خصوصا وان هذا يتعارض مع طبيعة اللغة اللفظية وغير اللفظية.
4- افتراض "كوسلين Kosslyn" الخاص بترميز المعلومات داخل المخ بأنه يتم ويرتبط بخبرة الشخص في تخزينه للمعلومات، وأيضا دور الحالة المزاجية والخبرة السابقة له في تخزين نوع معين من المفاهيم بالمقارنة بغيرة من مفاهيم أخرى ، كل هذا يشير إلى متغيرات لا توضع في الاعتبار في تصميم الوسائط المتعددة وبحاجة لإعادة تناولها تجريبيا.
5- تفحص نظرية " بروادبيند Broadbend " فيما يتعلق بحجب بعض المعلومات المستقبلة من اكثر من حاسة، وتحدثه عن التشوش ؛ يدعو لإعادة النظر في تصميم الوسائط التعليمية دون وعي خصوصا لو كان الهدف التعليمي يتطلب فقط استخدام قناة حسية واحدة.
6- التفسير العلمي لتحسس العين للنص المكتوب من خلال قفزات صغيرة لا تزيد عن 3 درجات، وبمعنى ابسط التقاط عدد من الأحرف المكتوب بها النص، وأن المسافة الزمنية قدرت بين كل قفزتين بحوالي 25و. ثانية يحتاج إجراء دراسات قبل تصميم الوسائط المتعددة، خصوصا وأن الأمر يرتبط بسرعة عرض المعلومات داخل الوسائط المتعددة وهذا أمر متروك تماما من قبل المصممين في الوقت الحالي وغير معتمد على النظريات المعرفية.
7- أشارت العديد من النتائج على جدوى الاستماع بالمقارنة بالقراءة ، ولذا فإن على المتحدث الاهتمام بالفترات الزمنية الساكنة في الجملة الواحدة مما يحدث ما يسمي بالتصدع أو التشقق ، وهذا لا يمكن تحديده بالضبط بدون التجريب وهو محل بحث أيضا.
8- تناولت بعض الدراسات استيعاب المعلومات عبر حاسة البصر فذكرت بأن هناك تأثراً ببعض العمليات الضمنية المرتبطة بشكل الإدراك وعملياته، ودرجه ونوع الإضاءة المستقبلة من الأشكال المرئية، وهذا لم يلتفت إليه في تصميم الوسائط المتعددة من خلال الرجوع للنظريات المعرفية، بل اقتصر على الجوانب الفنية فقط.
9- تفسير "هازبروك Hasebrook " للنــظام المـــــرئي للغة اللفظية، وأن تـــًعرف الفرد علي التعامدات الأفقية والرأســــية والمــــائلة، الذي ينفرد بها كل حرف هجائي يحدث تدريجيا علي معني الكلمة بأكملها، يبعث إلى دراسة أنواع الفونط والبنط في ضوء أسس التصميم الفني والنظريات المعنية.
12- على حد " فرض الترميز الفاصل " Boundary Encoding Hypothesis لا يمكن الحسم بزمن ونمط أسلوب الربط بين المشاهد إلا من خلال الرجوع لمتغيرات مازالت حتى ألان محل تجريب.
13- أشارت بعض الدراسات على مخارج اللغة المنطوقة وأن تكون العلاقة بين درجة التنغيم ودرجة صورة هذا التعميم المرئية ثابت، وكذلك كلاهما مفسر ، وان تكون مخارج اللغة المنطوقة غير متكلفة عند رؤيتها وسماعها، وهذا محل تجريب، ويجب أن يتبع مواصفات فنية ونفسية محددة.
ملاحظة : نشر كتاب للباحث حول هذه الدراسة بعنوان"الوسائط المتعددة بين التنظير والتطبيق يتبع مكتبة الفلاح عام 2004.