الرحـلات المـعرفـيـة المجسـمة عبـر الـويب
"نـمـوذج مـقـتـرح"
أ.د. خــالـد مـحمد فـرجـون
أستاذ تكنولوجيا التعليم والمعلومات ووكيل كلية التربية بجامعة حلوان
بحث مقدم للمؤتمر الدولي للتعلم الإلكتروني في الوطن العربي حول التعلم التشاركي في المجتمع الشبكي في الفترة 24-26 يونيو 2014
2014
مـقـدمــة :
إن الاستعانة بتكنولوجيا المعلومات التي تلوح هنا وهناك ليست هدفا غائيا يسعى إليه العاملين في المجال التعليمي ، بل هو طريق للأخذ بيد المتعلم بطريقة مشوقة نحو المعرفة لنشرها على نطاق أوسع، خاصة أنه اصبح على صلة مستمرة مع هذه التكنولوجيات دون وعي بأهميتها التعليمية، لذا ستظل تطرق الأبواب على كثير من الميادين، وعلى أصحاب هذا الميدان أن يأخذوا ما يناسبهم ويلفظوا ما لا يحقق أهدافهم.
من هذا المنطلق دأبت المؤسسات التربوية في العالم بتوجيه اهتماماتها نحو الإفادة من كافة التكنولوجيات المستحدثة من أجل توظيفها في العملية التعليمية ، ولذا اصبح الاهتمام منذ فترة بالإنترنت باعتباره نافذه لما حولنا، خاصة بعد ما ادخل عليه من مستجدات جعلته طريق جديد نحو العالم الواقعي متخطيا في ذلك حدود الزمان والمكان، وحتى الإحساس بالبعد الثالث وما يحتويه من درجات لتجسيم المحتوى بدخله.
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة تقنية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي سميت بـ web 3.0 إذ تتيح للمستفيد الوصول للعديد من التطبيقات غير متصفحات الإنترنت، معتمدة في ذلك على الويب التفاعلي الذكي، كما تتيح بداخلها كافة إمكانيات web 2.0، إلا أن ما يميزها أنها خير ممثل لبيئات الحياة الثانية Second Life ، حيث تتيح للمستخدم التوغل في بيئة ثلاثية الأبعاد، إلا أن استخدامها ظل لفترة كبيرة بعيدا كل البعد عن تحقيق مفهوم web 3.0 حتى ظهرت في الآونة الأخيرة تقنية العرض المجسم stereoscope Presentation .
من هذا المنطلق تطلع الباحثون التربويون لتوظيف هذه التكنولوجيا في مجالهم، خاصة بعد إطلاق الهاتف الجوال الذي يمكن من خلاله إجراء مكالمات بتقنية مجسمة ، بحيث يجلس المتعلم مقابل كاميرا خاصة ذات عدستين وميكروفون، فيصور، فتنقل صورته عبر الإنترنت لتصل إلى الطرف الآخر، وتقوم الفكرة على آلة "الهولوغرام" لعرض صور مجسمة حيث تستقبل الصورة وتطلقها عبر جهاز عرض ليزري، فتبث على شاشة غير اعتيادية، تتألف من بخار الماء وليس من الزجاج!، ويعتقد أن هذا الاختراع سيتوفر في الأسواق خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقد ظلت هذه التكنولوجيا في إطار الدعاية والترفيه حتى بدأ استخدام الإنترنت ثلاثي الأبعاد 3D Internet ينتشر في الشهور القليلة الماضية، وبدأت بعض المؤسسات التعليمية في الدول المتقدمة تتناول هذه النماذج والرسومات المجسمة، مما دعا الباحث لتوظيفها في الحقل التعليمي وبالتحديد في الرحلات المعرفية Web Quest بحيث يتيح هذا النمط لتمثيل الوقائع بحرية وفي إطار مجسم، خاصة وان جدوى هذه الرحلات المعرفية ظل لســـنوات عديدة مـقـيـد بحدود شــاشة الكمبيوتر أو المحمول ثنائي الأبعاد ، وظل اكتساب المتعلمين للمعلومات وتفاعلهم مع المحتوى فـاقـداً للرؤية الواقعية المجسمة ؛ التي تهدف لتكوين تصّور دقيق للمحتوى التعليمي لهذه الرحلات رغم توافر العديد من الأشـــياء التي يصعب تناولها في حدود هذا النمط من الشــاشــات، مما افقد هذه الرحلات لعنصر الإحساس بالواقع التي تتميز بها الرؤية المجسـمة Stereoscopic Vision، إلى أن ظهرت تلك التكنولوجيا التي قد تتطلب أحيانا نظارات خاصة ، واحيانا بدون ذلك كما هو الحال في العرض المجسم بدون النظارة Auto – Stereoscopic والذي يعرف أيضا بـــاسم ""Auto stereo displays, without Stereoscopic glasses ، حيث تعتمد التكنولوجيا الأخيرة على استخدام جهاز يسمى parallax barrier ؛ وهو كالزجاجة الشفافة أمام شاشة الـLCD بها الكثير من الثقوب وكل ثقب يقوم بتجميع ألوان محددة من التليفزيون ووظيفته هي جعل كل عين ترى مضلعات محددة تسمح بخداع العين مما يجعلها تشاهد رؤية مجسمة ، وهذه التكنولوجيا تعكس عمل النظارة بحيث لا تجعلها تجمع الصورة بل تؤدي الشاشة هذه المهمة لرؤية الرحلة في حالة مجسمة، مما جعل اغلب البحوث في المجالات التربوية توصي باستخدام تقنينها وتوظيفها وفق المعايير التربوية والفنية والتقنية.
لذا تأتي الحاجة لتوظيفها ما أسفرت عنه توصيات البحوث التي تناولت الرحلات المعرفية Web Quest ، مثل دراسات "ميرتوني" (Martonia, 2004) ، وتران (Tran, 2006) ، ودراسة عبد العزيز طلبة (2009) وبالتحديد دراسة "هاليت وبيكر (Halat, E. & Peker, M., 2011) التي أبرزت في توصياتها أنه على الرغم من فاعلية هذه الرحلات بالمقارنة بغيرها في التعليم إلا أنها تفتقد لعنصر الواقعية، إذ افتقدت لإبراز الجانب الفني والإبداعي للتصميم ثلاثي الأبعاد في تمثيل محتوى هذه التكنولوجيا للجانب التعليمي داخلها، علاوة على أن اغلب البحوث التي تناولت الرحلات المعرفية اقترن متغيرها التابع بالتحصيل ذات الصلة بالمفاهيم اللفظية التي لا تعتمد على الفروق بين المتعلمين من حلول عملية جديدة لإنجاح العملية التعلمية والتعليمية إذا أحسن تصميمها وإنتاجها لدرجة قد توفر الوقت وتحول العملية التعليمية إلى متعة.
من جهة أخرى فأن هذه التكنولوجيا تعد متطلب ضروري للمتعلم في الوقت الحالي، الذي يستخدم الإنترنت ثنائي الأبعاد ويفقد جزء كبير من إحساسه بالتجسيم، وقد ازدادت هذه المشكلة بين المترددين من الأطفال أو المراهقين على الألعاب التعليمية ، والتي تشتمل بداخلها رحلة تمثيل الطفل Avatar داخل اللعبة ، حيث يرغب في الاستطلاع على الواقع الافتراضي الذي يعايشه ويتفاعل معه، مما دعت الحاجة لتوظيف هذه التكنولوجيا لخدمة العملية التعليمية.
كما يرجع سبب للاهتمام بهذا النمط لمدى الإقبال الملحوظ من الأطفال والشباب على استخدام هذه التكنولوجيا والدعوة لتوافرها في أجهزة المحمول في الآونة القادمة، لما تحمله من تلميحات بصرية كاللون والحركة في إطار مجسم لمساعدة المتعلم على فهم واستيعاب درجات العمق والبروز في الموضوعات المليئة بالتفاصيل والفراغات ، خاصة وأن جانبها البصري يبرز الحقائق العلمية وفقاً لشــكلها الطبيعي بطريقة مختصرة ومركزة.
علاوة على ما تطلبه الرحلة المعرفية من الأصوات المحيطة Surround Sounds المصاحبة للجانب المرئي وما تستند عليه من النظريات المعرفية للربط بين الجانبين المـرئي والمســموع ، بحيث يمكن توظيفها بناء على عدد من الأسس التربوية والفنية والتقنية المدعمة لتصميم وإنتاج هذا النمط من الرحلات المعرفية، مما يدعم هذا النشاط التربوي بهدف الوصول الصحيح والمباشر إلى المعلومات في إطار واقعي وبأقل وقت ممكن، ومما يساعد أيضا على تنمية القدرات الذهنية للمتعلمين في نظام تعليمي جديد ومرن يمكن استخدامه في جميع المراحل الدراسية والجامعية وفي كافة المواد والتخصصات، مهما تنوعت مستويات هذه الرحلات المعرفية من قصير أو طويل المدى، بهدف الوصول إلى حلول عملية وواقعية تجعل عملية التعلم ممتعة للطلبة، فتشجعهم على العمل الجماعي والتعامل مع المصادر المتنوعة للمعلومات مع عدم تشتت المتلقين وتكثيف جهودهم في الاتجاه المطلوب للنشاط الذي يقومون به، مما يجعل الرحلات المعرفية فعالة ومثالية للصفوف التعليمية التي تحتوي على مستويات ذات تباين حاد في مستوى تفكير المتعلمين.
الإحسـاس بالمشـكـلة:
نظرا لتعدد الرحلات المعرفية عبر الويب وما تحمله هذه الرحلات من تنوع في مصادر المعرفة، علاوة على حداثتها ، إلا أن جميع هذه المصادر ما زال يعرض في إطار ثنائي الأبعاد حتى لو ظن الكثير انه ثلاثي الأبعاد 3D إلا انه يقدم من خلال شاشة ثنائية الأبعاد، وإذا كان هذا الأمر غير ملحوظ في كثير من الأهداف والموضوعات المعرفية إلا أن الأمر يختلف مع الأهداف والاستراتيجيات التي تبنى على المفاهيم المجردة والعينية المجسمة، مما يواجه المتعلمين المتصفحين والمتفاعلين مع هذه الرحلات كثير من المشكلات، التي قد تحد من قدراتهم في ادراك البعد الثالث الحقيقي لهذه الأشياء، مما يهدر لدى هؤلاء القدرة على التخيل وفق الأبعاد الثلاثة ، علاوة على أن اغلب هذه المصادر المتاحة حاليا في الرحلات المعرفية ، وخاصة في المجال الطبي، غير موثقة وفق المعايير التربوية والفنية والتقنية، كما أن اغلبها حتى الوقت الحالي لا يقع تحت نموذج موحد متفق عليه من قبل المتخصصين في مجال تكنولوجيا التعليم للحصول على المعرفة من خلال هذه التكنولوجيا الجديدة ، وهذا ربما يكون السبب لعدم توافر هذه التكنولوجيا حتى وقت قريب في الحقل التربوي، وكذلك عدم إدراجها ضمن الوسائط التعليمية المقننة، وربما أيضا لعدم اعتمادها في المؤسسات التعليمية ، لصعوبة إنتاجها وتوفير متطلباتها التقنية والفنية من المتخصصين، مما قد يقلل من فرص تواجدها على الساحة التعليمية في الآونة القريبة .
وقد تأكد الباحث من ذلك من خلال متابعة العديد لمواقع الرحلات المعرفية المخصصة لطلاب الطب على المستوى العالمي مثل A Medical WebQuest على الموقع http://homepages.ius.edu/kcheever/A%20Medical%20WebQuest.htm وكذلك على الموقع
History of Medicine http://zunal.com/webquest.php?w=163162 ، وكذلك على موقع الرحلة المعرفية داخل جسم الإنسان Systems of the Human Body WebQuest ، وعنوانها http://www.nashua-plainfield.k12.ia.us/projects/julielisa/ ، حيث تبين أن هذه المواقع توفر مصادرها ثلاثية الأبعاد ولكن في إطار شاشة ثنائية الأبعاد .
وقد تواصل الباحث في ذلك مع عدد من طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب جامعة القاهرة ، وأشار بعضهم أن هذا النمط من العرض يتميز - عبر هذه المواقع التعليمية - بإتاحته دون تكلفة بالمقارنة بالمراجع المطبوعة أو المعروض ضوئيا على شاشة جهار العرض الجماعي ، إلا أن هناك الكثير من الموضوعات التعليمية ؛ تتطلب العرض الحقيقي المجسم وذلك للإحساس بالحجم والعلاقات المكانية بين أجزاء الجسم والأعماق المختلفة للحكم على طبيعة الحالة المرضية، وقد تحقق الباحث من ذلك باستطلاع آراء 24 طالب من هؤلاء الطلاب في منتصف الفصل الدراسي الأول 2012/2013 ، عن جدوى استخدامهم لهذه المواقع المعدة لعرض الرحلات التعليمي الطبية، وقد جاءت النتائج في الجدول (1) على النحو التالي:
جدول ( 1 ) استطلاع أراء الطلاب نحو الرحلة المعرفية من خلال الشاشة ثنائية الأبعاد
م |
بنود استطلاع الراي |
التكرار |
||
موافق |
محايد |
غير موافق |
||
1 |
ساعدتني الرحلة داخل جسم الإنسان في التغلب على صعوبات التعلم التقليدي. |
18 |
4 |
2 |
2 |
أعتقد أن الرحلات المعرفية تغني عن التواجد في البيان العملي في المجال الطبي. |
4 |
16 |
4 |
3 |
تمكني المعلومات المصورة لجسم الإنسان من تتبع أجزاء محددة عند البحث عنها. |
7 |
16 |
1 |
4 |
تمكني المعلومات المصورة من التطبيق العملي بسهولة . |
2 |
1 |
21 |
5 |
المعلومات المصورة تفتقر للواقعية المجسمة المتوفرة في البيان العملي. |
22 |
1 |
1 |
6 |
ارغب في تزويدي بمصادر معلومات مجسمة تزيد من واقعية ما أراه. |
24 |
0 |
0 |
7 |
لا استطيع الحكم عن مكان العضو بين ما حوله لصعوبة ادراك المكان بدقة. |
22 |
2 |
0 |
8 |
المعلومات المصورة في الشاشات ثنائية الأبعاد تتسم بالصدق والموضوعية. |
4 |
8 |
12 |
9 |
يمكن ادراك تفاصيل المعلومات المصورة في الشاشات ثنائية الأبعاد بسهولة. |
4 |
11 |
9 |
10 |
تمثيل الأعضاء داخل الرحلة المعرفية يفتقر لتميزه عما حوله من أعضاء أخرى. |
22 |
2 |
0 |
وقد اتضح من خلال نتائج استطلاع الراي ، افتقار هذه المواقع الطبية المخصصة لعرض رحلات معرفية للعديد من المهام، أهمها في البحث الحالي نقص عنصر الواقعية وتدني ادراك العلاقة المكانية في هذه الرحلات بسبب العرض من خلال الشاشة ثنائية الأبعاد، علاوة على عدم اتسامها بالصدق والموضوعية.
مشكلة البحث:
تدني المستوى المعرفي لطلاب كليات الطب بسبب عدم رؤيتهم للعديد من المفاهيم العلمية في إطارها الواقعي المجسم، رغم توافره في تقنية جديدة مثل الرحلات المعرفية عبر الويب ، والتي تنقل لهم الواقع المجسم وتساعدهم في البحث والاستقصاء داخل موضوعاتهم التعليمية المليئة بالتفاصيل وذات الأعماق المختلفة ، إلا أن هناك صعوبة في إدخال هذه التكنولوجيا دون وجود نموذج تربوي وتقني وفني محدد تبنى عليه قبل الشروع في إدخالها في الميدان التعليمي، بحيث يمكن توظيفها ، وتناول متغيراتها البنائية من خلال البحوث العلمية دون ادنى خوف .
أسئلة البحث:
نظراً لما يواجه الطلاب من عدم جدوى لتقنية الرحلات المعرفية المصممة للعرض على الشاشة ثنائية الأبعاد، فإن الباحث يقترح لحل هذه المشكلة الإجابة عن الأسئلة التالية:
<!--ما الأسس اللازمة لبناء الرحلات المعرفية المجسمة عبر الويب ؟
<!--ما النموذج المقترح للرحلات المعرفية المجسمة عبر الويب ؟
<!--ما هي آراء الطلاب وهيئة التدريس والمتخصصين نحو هذه الأسس والمعايير لبناء الرحلات المعرفية المجسمة عبر الويب ؟
أهمية البحث:
<!--مساعدة القائمين على تصميم الرحلات المعرفية عبر الويب في استخدام تكنولوجيات جديدة تساعد المتعلمين في متابعة المحتوى التعليمي وفق معايير الواقعية الحقيقية المجسمة.
<!--أثارة اهتمام المعلمين باستخدام تقنيات جديدة تساعدهم على التخلص من قصور الرحلات المعرفية ثنائية الأبعاد.
حدود البحث:
<!--50 طالب من الفرقة الأولى من كلية الطب جامعة القاهرة للعام الدراسي 2012/2013.
<!--20 عضو هيئة تدريس و 16 متخصص في مجال المناهج وتكنولوجيا التعليم ممن توفر لديهم شاشات مجسمة في عدد من الكليات الحكومية والخاصة في مصر وبعض الدول العربية والأجنبية.
<!--مكونات الجسم الإنساني وفق العرض ثنائي الأبعاد عبر عدد مع المواقع المتاحة على الإنترنت، وكذلك مكونات العدسة الصناعية وعلاقتها بعدسة العين المقدمة في بيئة مجسمة.
مصطلحات البحث :
<!--الــرحــلـة المعرفية المجســمة عبر الويب :
نشاط تربوي يعتمد على البحث وفق تقنية Web 3.0 حيث يركز على الاستدلال في تلقي المعلومات وفق نظم الذكاء الاصطناعي، والاستعانة بالشخصية الافتراضية Avatar بهدف تنمية قدرة المتعلم الذهنية بما فيه من مراحل للفهم والتحليل والتركيب والتقويم، ويستند في كل مهامه على مصادر تعلم مرئية مجسمة قد ترى من خلال نظارة خاصة أو بدونها ولكنها تتطلب شاشة عرض مجسمة خاصة بذلك أو من خلال نظارة تشكيل الفراغ Space glasses ذات العرض الافتراضي المجسم.
الاطــار النـظـري:
<!--الإنترنت ثلاثي الأبعاد وتقنية الويب 3.0 :
يعد الإنترنت ثلاثي الأبعاد 3D Internet أحد أهم التكنولوجيات التي يتطلع إليها التعليم في الفترة القادمة لما له من دور فعال في زيادة واقعية البيئة التعليمية ، إذ يمثل افضل الوسائط نحو العالم الواقعي في إطاره الافتراضي ، لما يتسم به من طفرة قوية للوصول بالمتعلمين نحو التعليم الواقعي القائم على الذكاء الاصطناعي، ويوضح الشكل (1) فكرة الرؤية المجسمة في الإنترنت ثلاثي الأبعاد.
كما تمثل تقنية الويب 3.0 أكثر التكنولوجيات الحديثة تفعيلا لتطوير عملية التعلم الإلكتروني، وبالتحديد لتوظيف الرحلات المعرفية في التعليم ، وذلك لتوفيرها الوقت والجهد والتكاليف، حيث تجمع بين اجتماعية التعلم والذكاء الاصطناعي بإمكاناته الاستدلالية واستخداماته التربوية، ومن ثم تساعد على تحسين مخرجات التعلم ونواتجه لدى المتعلمين سواء كانوا طلاباً أم معلمين، وتوفر الشركات الداعمة لهذه التكنولوجيا رحلات في العديد من المجالات المعرفية، وما على المصمم سوى استخدام المعالج Wizard
شكل ( 1 ) فكرة الرؤية المجسمة
لإنشاء تطبيقاته، مما يظهر الأهمية الكبرى لتلك التكنولوجيا في العملية التعليمية لما توفره من إمكانيات في الحصول على المعلومات بتفاعلية وإيجابية ودقة عالية (Cerbo, F., Dodero, G., & Papeleo, L., 2010).
<!--الرحــلات المـعـرفـيــة المـجـسـمة عبـر الـويب:
الرحــلــة المعــرفـــيـة web quest بصفة عامة هي نشاط تربوي ، تحمل بداخلها مقطعين؛ الأول "web" بمعنى "شبكة" ســـواء كانت الشبكة العنكبوتية العالمية world wide web في إصدارها الأول أو ما ادخل عليها من إصدارات جديدة حتى Web 3.0، كمصدر رئيسي للمعلومات، في حين يعني المقطع الثاني Quest بمعنى "سؤال" ، أي التقصي عن المعرفة بمختلف الطرق والمصادر.
وتتنوع الرحلات المعرفية إلى رحلات قصير المدى Short term أي بين مقابلة واحدة إلى ثلاث مقابلات، أي لا يزيد تقديمها عبر الويب عن ثلاث مستويات، ورحلات طويل المدى Long–Term Web Quest ، أكثر من ذلك الوقت والمستوى، ورغم أن هناك اختلاف بين مفهوم التعلم المدمج الذي يجمع بين التعليم التقليدي والتعلم الإلكتروني ، إلا أن الرحلة المعرفية أحيانا تعتمد على الدمج بين الرحلات المعرفية العادية عبر الشاشات ثنائية الأبعاد والرحلات المعرفية المعتمدة على الويب الثالث web 3.0 واستخدام الشاشات المجسمة يمكن مجازا أن نطلق الرحلة المعرفية المدمجة Blended Web Quest، خاصة أن هناك كثير من الموضوعات والمفاهيم التي لا تتطلب العرض المجسم ، بينما هناك موضوعات أخرى أثناء الرحلة قد تتطلب ذلك مما يجعلنا نتيع نظام تعليمي واحد يتكامل فيه النمطين.
لذا فالرحلات المعرفية كنموذج تربوي يمكن استخدامها في جميع المراحل الدراسية، وفي كافة المواد والتخصصات بسبب مرونتها، وتعرف على حد قول "دودج بيرني" (Dodge, B.,2001) بأنها أنشطة تربوية تركز على بحث المتعلم عبر الإنترنت بهدف تنمية قدراته الذهنية العليا، وتعتمد في تنفيذ مهامها في المصادر المتوفرة على المواقع المتخصصة، حيث تطرح مهامها في صورة تساؤلات متنوعة ويتطلب التعامل معها نشاط يعتمد على البحث في مصادر معلومات متعددة، بحيث تحفز المتعلمين على التفكير، وتكسبهم مهارات الإبداع والتواصل والتبرير والاستنتاج والتفسير.
كما أنها وفق تقنية Web 3.0تصمم في شكل مهام وتساؤلات ومشكلات حقيقية واقعية يكلف بها وكيل المتعلم Avatar حيث تنفذ من خلاله العديد من المهام، فيوزع المتعلمين إلى مجموعات وفق العديد من الاختبارات معتمدا في ذلك على الذكاء الاصطناعي، بحيث توزع المسئوليات في تنفيذ كل مهمة على أعضاء هذه المجموعات ويعتمد نجاح الرحلة على المشاركة والمناقشة والتفاعل بين هذه الشخصية الافتراضية وأفراد كل مجموعة لتنفيذ المهمة التي كلفت بها، وهنا نضمن أن المعرفة التي توصل إليها المتعلم تنتج من خلال المشاركة والنقاش والتفاعل مع زملائه الآخرين وليس بمعزل عنهم مع الاعتراف بذاتية المتعلم وجعله واعيا بدوره ومسئوليته الفردية والجماعية، ولذا يصبح هدف الرحلة النهائي التفاعل بين الشخصية الافتراضية والمتعلمين المشتركين في الرحلة ، لا بهدف تجميع المعلومات والبيانات فقط، ولكن بغرض تحويلها إلى أفكار ومهام عليا توظف لحل المشكلات والتساؤلات وتنفيذ المهام التي تطرحها الرحلة المعرفية.
وفقد حدد "دودج" (Dodge, 2001) خمسة قواعد لإعداد رحلات معرفية جيدة اجتمعت في كلمة "FOCUS"
<!--الحصول على مواقع عظيمة Find great sites أي واقعية ممثلة بصدق للمحتوى.
<!--التنظيم بين المتعلمين والمصادر المعرفية Orchestrate your learners & resources.
<!--تحدي المتعلمين لان يفكروا Challenge your learners to think.
<!--الإفادة القصوى من الوسيط Use the medium.
<!--دعم التوقعات العالية من المتعلمين Scaffold high expectations.
واستمالا لما سبق فقد أشار مارش (March., 2004) نقلا عن "كيندي" (Kennedy, 2004) أن هناك معيارين يمكن الاستناد عليهما في تقويم الرحلة المعرفية عبر الويب، وهما المعيار التربوي بما فيه من مناسبة للرحلة وفق أعمار الطلاب، والمعيار الفني هو واقعية المحتوى العلمي ودقته، وتنوعه وموثوقيته في التزامه بالشيء الأصلي.
وقد أشار (خالد فرجون، 2013، ص 24) أن هناك معيار أخر هام هو المعيار التقني الخاص بطبيعة الكائنات الموظفة داخل الرحلة وكيفية انتقائها والتحكم في دورها ووضعها، علاوة على حجم الوسائط المتعددة داخل الرحلة المعرفية عبر الويب وطريقة عرضها، وحجم الشاشة ونمطها ما بين مسطحة ومجسمة، واختلاف عدد النقاط الضوئية Pixels داخل البوصة الواحدة في العروض البصرية، وكذلك نمط الصوت داخل الرحلة ما بين أحادي mono أو ثنائي stereo أو محيطي surround ، علاوة على نمط التفاعل ما بين خطي أو هرمي أو شبكي أو غيره، وكذلك طبيعة الشخصية الافتراضية الممثلة للمتعلم Avatar ، والتي تسمى بالوكيل Agent ومدى تعدد أنماطها من حيث طرق التحكم بداية من التحكم الكامل، مرورا بالشخصية الافتراضية الموجهة، والشخصية الافتراضية المستقلة، وصولا بالشخصية التفاعلية الذكية، والذي يجب توفره في الرحلات المعرفية المجسمة عبر الويب الاستدلالي web 3.0 حيث يفترض في هذه الشخصية الممثلة للمتعلم أن تحاكي كافة جوانب الرحلة المعرفية وتكون وكيل للمتعلم أثناء رحلته فتعرفه على كيفية التعامل مع أي وسيط أو شخصية أو وكيل أخر، بل لديها المعلومات عن المتعلمين الأخرين المشتركين في الرحلة ومواصفتهم وكيفية تعامل المتعلم معهم أثناء الرحلة، وكيفية توظيف مهامه ودوره في لعب الأدوار Role Player"" مع أقرانه داخل الرحلة المعرفية.
كما يعد ضمن المواصفات التي يجب توافرها في الرحلة المعرفية المجسمة :
<!--أماكن واقعية مجسمة تحاكي الواقع وتتيح للمتعلم أداء مهام واستنباط أفكار يصعب عليه فعلها في أي بيئة افتراضه مسطحة أو بيئة واقعية لأسباب الخطورة أو التكلفة.
<!--أنشطة خالية من المخاطر تتيح للمتعلم تنفيزها في بيئة افتراضية مجسمة مثل الرحلات المعرفية داخل المعامل الكيميائية وغيرها.
<!--عنصر الارتباط والمشاركة داخل الرحلة المعرفية المجسمة، وخاصة في الاستدلال داخل الرحلة، والتعامل مع النظم الذكية والشخصية الممثلة للمتعلم Avatar.
<!--بيئة افتراضية مجسمة بداخلها شخصية ممثلة للمتعلم Avatar تسمح له بالتواصل اللفظي وغير اللفظي كالإشارات والرموز، كما توفر له التفاعل من خلال أدوات التعلم الافتراضي كالنظارة والجوارب الرقمية للإحساس بالتفاعل في بيئة الرحلة الافتراضية المجسمة(Baecke, M., 2011) .
وتتنوع طرق تصميم الرحلات المعرفية وفق عدة عوامل منها: رؤية المصمم، وطبيعة الرحلة المعرفية، وأهدافها التعليمي، وإمكاناتها المتاحة، وطريقة تنفيذها، ووفق تصنيفاتها حيث هناك:
<!--الرحلة المعرفية المجسمة �
ساحة النقاش