تـكـنـولوجـيا التـعـلـيم والـمـعـلومـات

الـدكـتـور/ خــالــد فــرجــون

مـقـدمـة:   
     مازال مفهوم التعلم الالكتروني غير واضح لدى البعض، ومازال الخلط بينه وبين التعلم عن بعد قائم، خاصة وان كلا المفهومين يشترك في أن العملية التعليمية تحدث في وقت ومكان منفصلين، وهنا نشير إلى أن التعلم الالكتروني نوع من أنواع التعلم عن بعد، ولكن يشترط فيه أن يتم من خلال الشبكات، أي انه تعلم عبر الانترنت، لا كما يظن البعض بأنه تعلم من خلال أوعية الكترونية.
     ولذ فالتعلم الالكتروني هو " نظام تفاعلي للتعليم عن بعد، يقدم للمتعلم وفقا للطلب، ويعتمد على بيئة الكترونية رقمية متكاملة تســـتهدف بناء المقررات وتوصيلها بواسطة الشـبكات، بالإضافة

 

إلى الإرشــاد والتـوجيـه، وتـنـظيم الاختبارات، وإدارة المصادر والعـمـليات وتـقـويمه  (Diana; Dron, Jon; Pemberton, Lyn; Boyne, Chris, 2007)، علاوة على ذلك فأن التعلم الالكتروني يتميز بالتفاعلية المستمرة بين المتعلمين أنفسهم من جهة وبين المتعلم والمعلم من جهة أخرى، كما أنه من ضمن شروطه استقلالية المتعلم، لا اعتماده على من حوله في كل شيء، ومن هنا كان اعتقاد المتخصصون انه الطريق لحل مشكلة الأعداد الكبيرة، والمعلم غير الكفء والدروس الخصوصية وغير ذلك من مشكلات عديدة.
    من هذا المنطلق أصبح التعلم الالكتروني في اعتقاد اغلب التربويون طـوق النجاة، لحل مشكلات التعليم التقليدي من جهة، وباعتباره مرآة التقدم أمام الآخرين، وقد تناسوا أن حال التعليم لا يتطور بالمستحدثات فحسب، تناسوا أن إتاحة الفرصة للمتعلم قليل الخبرة بالتعلم الالكتروني عبر الإنترنت كمستحدث يجعله عرضه من آن لأخر للوقوع في منزلقات معرفية قد تؤثر سلبيا علي حياته التعلمية بسبب أن منها ما هو متوائم لمرحلة نموه أو ما هو يتعارض مع الجوانب الأخلاقية، وخير دليل على ذلك هو حال أولادنا الآن وحالنا من قبل، وأيضا حال العملية التعليمية من ذي قبل والآن، فما زال حال التعليم كما هو وربما أدنى، بل وأصبح الإقبال الهائل من المجتمعات النامية المستهلكة للمستحدثات، عبئا كبيرا، لا على اقتصادها فحسب بل علي مخرجات هذه الدول من القوي البشرية، وخاصة تلك الدول التي تسعي لتطوير نموها. وقد ظهر هذا الإقبال الهائل لا على التعلم الالكتروني فقط، بل في ارتفاع القوي الشرائية لدى الأفراد من هذه المجتمعات لدرجة جعلت أصحاب الدخل المحدود يفضلون شراء هذه المستحدثات ليس رغبة في تطوير أنفسهم ومجمعاتهم ولكن رغبة في مسايرة ركب التطوير دون الوعي به، واعتقد أن هذا هو الحال لدى المؤسسات أيضا!!!
     وإذا كان أحد المعايير الهامة التي يقاس بها تطور المجتمع هو استخدامه للتكنولوجيا، فإن هذا المعيار يرتبط بالتعليم وقدرته على توفير العمالة المدربة ذات القدرة على المشاركة في إنتاج هذه التكنولوجيا لاستيرادها.
     وإذا كان الطريق الصحيح للمشاركة في إنتاج هذه التكنولوجيا يبدأ بالتعلم فإن الإدارة الفعالة لذلك تبدأ بتطوير هذا التعليم، والتطور دائما يبدأ بدراسة الواقع وينتهي بتقديم الاقتراحات ثم تجريبها ثم تنفيذها.ومن عناصر دراسة الواقع التعرف علي سلبيات التعامل مع المستحدثات وخاصة ذات الصلة بالعملية التعليمية والتي منها علي وجهه التحديد "التعلم الالكتروني E-Learning " محور هذه الورقة الحالية.
خلفية المشــكـلة:
     تحددت خــلفية المشــــكلة من خلال مقابلة شــخصية في الفصل الأول من العام الدراســــي ( 2005/2006) لعينة من طالبات كلية التربية الأساسية بلغت 50 طالبة ومن المسجلات في مقرر الأسس النفسية لتكنولوجيا التعليم، وذلك بهدف معرفة، هل يستخدمن الانترنت؟، ورائيهن فيه؟ وهل يؤثر ذلك في الاستذكار لمقررات القسم ؟. وقد تبين من خلال ردودهن، بأنهن يقضين كثيرا من وقتهن أمام التلفزيون والانترنت وهم سعداء، وعللن السبب بأن من ضمن أسباب إقبالهن على هذه الوسائل الإعلامية، إشباع رغبتهن نحو مشاهدة المستجدات وإشباع طموحهن بصفة عامة، كما أن المقررات الدراسية كثيرة، وكذلك تهتم غالبا بالجوانب التطبيقية التي تتطلب وقتا كبيرا، وقد أسفرت نتائج المقابلة فيما يتعلق بالوقت المنقضي أمام الانترنت، بأن متوسط عدد ساعات استخدامهن للانترنت بلغت 4 ساعات يوميا، وساعتين أمام التلفزيون، بينما تزيد إلى الضعف في أيام الأجازات، وقد نوه بعضهن أيضا بأن هذا الوقت قليل بالمقارنة بإخوانهم الذكور في الأسرة الواحدة، وقد تأكد الباحث من ذلك من خلال الرجوع للطلاب الذكور اللذين يدرسون نفس المقرر، حيث ابدوا نفس الملاحظات وتبين أن متوسط تعاملهم مع الانترنت مساوي تقريبا مع أمثالهم من الإناث.
     في ضوء ما سبق تتضح المشكلة بأن هناك وقتا كبيرا يستهلكه الطلاب ما بين التلفزيون والانترنت، ومن منطلق أن المستحدثات أمرا واقعا في ظل العولمة وخاصة نشر المعلومات عبر الإنترنت؛ فإن مجال تكنولوجيا التعليم باعتباره ممثلا للتعليم من جهة، ونشر التكنولوجيا من جهة أخري، لهو جدر بدراسة الوجه الآخر لهذه المستحدثات ذات الصلة بالتعليم، حيث تدعو العديد من الهيئات بضرورة إدخال التعلم الالكتروني ضمن النظم التعليمية الحالية، وهنا تبرز مشكلة البحث الحالي بأنه إذا كان هذا هو ما يستغرقه الطلبة من وقت عند التعامل مع المستحدثات كالانترنت بهدف التسلية، فما هو الحال عندما تصبح هذه الوسيلة ضمن النظام التعليمي، ويتعاملون هؤلاء الطلاب، بل وان وأولياء الأمور سيباركون تواجدهم معها باعتبارها طريق للتعلم، بل سيمهدون لهم السبل ويفرغونهم كل الوقت للتعامل معها، وهنا نتساءل هل سيعود هذا بالايجابية على تعليمهم، ربما !!!! ولذا قبل الخطو نحو ذلك، علينا أن نقف لنحدد سلبيات هذه التقنية، حتى يمكن أن نصل بنتائج بحثية للأسر العربية، تجيب على تساؤلاتهم هل يتركوا أولادهم للتعلم الالكتروني كما يتركوهم للمعلم التقليدي و الكتاب الدراسي باعتبار كل منهما طرق للمعرفة، أم هناك وجه أخر غير سوي لهذه التقنية الجديدة يجب الوقوف أمامه، حتى يمكن أن ننتقي من هذه التقنية ما نرغبه، ومن ثم نتقي سلبياتها ونحقق أهدافنا التعليمية.
المـنـهـج:
    يتبع البحث الحالي المنهج التحليلي، وذلك لدراسة الوجه الأخر من سلبيات وأضرار قد تواجه المتعاملين مع التعلم الالكتروني ثم تحليلها، ثم اقتراح كيفية التعامل مع هذه السلبيات بهدف التغلب عليها.
الـهـدف:
   يهدف البحث الحالي دراسة الوجه الآخر للتعليم الالكتروني المتمثل في أربعة محاور خاصة بالمتعلم والمعلم والخطط والبرامج والنفقات، ثم محاولة تحليلها، ثم اقتراح كيفية التعامل معها للتغلب عليها.
الإطار النظري (الوجه الآخر للتعلم الإلكتروني)
   لقد تــوغلت التـكـنولوجيا في حياتنا وخاصة بعد اسـتخدام الإنترنت في العديد من مناحي الحياة حتى وصل عدد المســــتخدمين لهذا المستحدث في عام 2005إلي حوالي 500 مليون شــخص، بل واحـتـل من هم في سـن التــعلم العالي نســبة عــالية للغاية من هــذه الأعداد (Diana; Dron, Jon; Pemberton, Lyn; Boyne, Chris, 2007)، إذ لوحظ أنهم يجلسون يوميا لساعات طويلة شبه دائمة أمام الإنترنت، ويقضون وقت مصاحب في التحدث من خلال المحمول مما أدي إلي ظهور ما يسمي بإدمان التعامل مع تقنيات المعلومات، فانعكس ذلك بالسوء لدي غالبية هؤلاء الطلاب على جوانبهم الدراسية، لا بسبب تدني مستواهم العقلي أو مستواهم التحصيلي، وإنما لأنهم لا يملكون الوقت الكافي لتحصيل دراستهم.
   وقد أوضحت دراسة "كاتي" (Katy, 1999) أن المراهقين في سن 18 سنة يمضون ما يقرب من خمس ساعات متصلون بالأجهزة الالكترونية ما بين إنترنت، الهاتف النقال، والتلفزيون ، بل وإن 65% في هذا العمر لديهم تلفزيون في حجرات نومهم ،و 22% لديهم حاسب شخصي، ولذا يعتقد الباحث أن هذه النسبة في دولة الكويت ربما تزيد عن ذلك ، ومازالت محل بحث. وهذا ربما يلاحظه الأهالي من تدني العلاقة الأسرية بين باقي أفراد الأسرة وهؤلاء المراهقين.
     ورغم ما أشار إليه "أفونسو" (Affonso, 1999) بأن للإنترنت تأثير إيجابي في خفض معدلات الجريمة والجنح لدي المراهقين بنسبة وصلت إلى 40% حيث لوحظ أن نسبة حوادث القتل قلت بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات بنسبة 90%، وقلت الحوادث نسبة 60%، إلا أن الدراسة أشارت أيضا أن حوادث العنف زادت في الشباب الذي يعاني الفقر والبطالة ، مما يعاني زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء وقد تركزت سلبيات استخدام الانترنت حول الإدمان لبعض المستحدثات والمشاكل الصحية والنشاط الإجرامي وتراجع الاتجاه الدراسي، وهنا نشير انه إذا كان هذا هو حال الولايات المتحدة الأمريكية، مصنعة المستحدثات، فما هو حال مستورديها، التي ترى كل جديد عبر الانترنت، وهو غير متوفر في مجتمعاتها، خاصة لو كان الأمر يتعدى مجرد الدخول على شبكة الانترنت، رغبة في التسلية بهدف التعلم، ومن هنا كان لابد من وقفة لدراسة الوجه الآخر للتعلم عير الانترنت في المجتمعات العربية، بهدف طرح هذه السلبيات محل نقاش، وفيما يلي توضيح للجوانب السلبية لاستخدام التعلم الالكتروني على أربعة محاور هي المتعلم والمعلم والخطط والبرامج الدراسية والنفقات:
أولا: تأثيره على المتعلم:
1- الابتعاد عن الممارسة الفعلية ( التفاعلية الافتراضية):
     ظن البعض أن التعلم عبر الشبكات من أهم ما يميزه هو التفاعلية بين المتعلم وما يقدم إليه عبر الموقع التعليمي الالكتروني، وأن الايجابية شرط لتحقيق هذا التعلم، وانه إذا كان التعلم التقليدي القائم على المجموعات الصغيرة يتميز بالتفاعلية فأن التعلم الالكتروني يحقق نفس الهدف، على اعتبار أن نظام التعلم الالكتروني بني على تحكم الطالب في عملية التعلم، وهذا الاعتقاد مقبول بشرط المتابعة والإدارة من جهة المعلم وهذا غير متوفر، ويصعب توفير معلم لكل متعلم وخاصة عند تعلم المهارات التي يقوم عليها التعليم التطبيقي، فالخيرة الحقيقية هي أم الخبرات، وإذا توفرت تحقق الهدف المرجو، ولكن إذا اعتاد المتعلم على تعلم مهارته كالتعامل مع الأجهزة والأدوات، ربما فقد الخبرة الحياتية، فمن منا تعلم قيادة السيارات من خلال ألعاب السيارات بالكمبيوتر، ثم ذهب بعد ذلك فقاد سيارة حقيقية وانطلق دون مشكلات، وهذا لا يعني أن التعلم الافتراضي غير مجدي بل محدود وخاصة في سياق التعلم التطبيقي، فكثيرا من مهارات تصنيع السيارات لا يمكن إتقانها دون المرور بالخبرة المباشرة و البيان العملي، وهذا يتفق مع ما أشار إليه (سالم الطحيح، 2004، ص ص 68-70) ، بأن هناك مقررات في المجتمع الكويتي لا تسمح طبيعتها بأن تدرس من خلال الانترنت، وهي التطبيقية والتي تتطلب الدخول إلى مختبرات، معتبرا أن مهارات التعلم من خلال البيان العملي والتجربة الفعلية أفضل من رؤيتها فقط. 
     وفي مجال التعلم التطبيقي أيضا أجرى الباحث تجربة استطلاعية في الفصل الدراسي الأول 2005/2006 لتعليم طلبة مقرر حاسوب 2 كيفية التعامل مع إحدى برامج تصميم وإنتاج الوسائط المتعددة، حيث أُعد لهم كتيب ورقي عن برنامجي PhotoShop وكذلك Premiere بهدف مساعدة الطلبة للتعامل مع قوائم هذا البرنامج وذلك ليقلل الوقت المخصص لهذا الجزء أثناء تصميم وإنتاج الوسائط المتعددة، كما أرفق مع هذا البرنامج كافة التعليمات التي تسهل عليهم ذلك، ولكن بعد مرور الوقت المخصص لذلك ومحاولته البدء في البيان العملي وجد أن كافة الطلاب لا تجد وقتا للإطلاع على هذا الكتيب التعليمي، وعندما تناول معهم خطوات هذا الكتيب، كانت الاستجابة عالية جدا، وقد تأكد من صحة النتيجة فيما بعد على أكثر من مجموعة طلابية في مكان ووقت أخر من الإناث والذكور، وهي أن هناك نسبة كبيرة من الطلبة معتمدين على غيرهم في أسلوبهم المعرفي، أي يعتمدون في تلقيهم للمعلومات على غيرهم، ويحتاجون دائما للمتابعة من المعلم ووجود الرقيب إمامهم، وهذا ربما يختلف عن موصفات الطالب في الدول الغربية، المستقلون اغلبهم في أسلوبهم المعرفي.
     وإذا كانت هذه المشكلة يمكن التغاضي عنها ولو قليلا في مجال التعلم النظري، فأن الأمر أكثر حساسية في مجال التعليم التطبيقي، على اعتبار أن الممارسة الفعلية هي عصب هذا النوع من التعليم.   
2- الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر :
   حددت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة (U.S Environment Protection Agency, 1995) واحد وعشرون منتجا يخرج في صورة غازات منها الكمبيوتر وأشارت أن الوقت اللازم للتخلص من هذه الغازات يتطلب الابتعاد عن الكمبيوتر من  144 - 360 ساعة، وأشارت الوكالة أن نواتج هذه الأبخرة تكون أكثر ضررا على الجسم في الأماكن المغلقة.
     ومن المعروف أنه من متطلبات التعلم عبر الشبكات، متابعة المحتوى التعليمي الالكتروني بحيث يستمر المتعلم في تتبع خطوات تفسير المفهوم التعليمي منذ البدء في عرضه حتى الانتهاء، وإذا حدث فجوة أثناء متابعته أدى ذلك إلى فقدان تفاصيل هذا المحتوى ومن ثم فقدان استيعاب المفهوم التعليمي بأكمله، وهذا المطلب يفرض على المتعلم في هذا النظام من التعلم أن يستمر لفترات طويلة في التدقيق في شاشة الكمبيوتر أثناء تعلمه، وفي هذا أشارت العديد من الدراسات الطبية أن عين الإنسان غالبا ما تصاب بأمراض متعددة ذات صلة بالأشعة الكهرومغناطيسية.
     علاوة على ما سبق فإن العين بطبيعتها البيولوجية غير مؤهلة للتركيز علي شاشات الكمبيوتر، فالمعروف أن الشاشة تتكون من نقاط ضوئية صغيرة Pixels تكون صورة الشاشة، وكل نقطة ضوئية تحتوي على ثلاث درجات لونية وهي الأحمر والأخضر والأزرق RGB متفاوتة في شدة إضاءتها، ولذا فإن الاختلاف في هذه الدرجات الضوئية لهذه الألوان يعمل على إجهاد أعصاب العين عند استمرار النظر إلها لفترة طويلة، خاصة وأن اغلب المواقع التعليمية على الانترنت تعتمد على استخدام الوسائط المتعددة بما فيها من صور و رسومات متحركة، علاوة على العديد من أساليب الانتقال بين المشاهد واللقطات، وكذلك المؤثرات البصرية الأخرى التي يدخلها مصممي هذه البرامج بهدف إثراء هذه البرامج بعوامل التشويق والإثارة، ومن ذلك فإن المتعلم المجتهد الذي ينظر لشاشة الكمبيوتر يسعى ألا يبتعد بنظره عن المحتوى التعليمي، مما يجعل أعصاب عين المتعلم دائما في حالة إرهاق مستمر، خاصة وأنها تتابع فيض من الموجات الضوئية مختلفة الأطياف.
    وقد نوهت في ذلك (أيمان صالح، 1998) في دراستها بان "روبرت ديرنتون" (Robert, Dernton,1999) أشار بأن القراءة من كتب غالبا ما تكون أقل جهدا علي العين بالمقارنة من خلال شاشة الكمبيوتر وأكد ذلك أيضا "شيرلي بالمرر" (Shirler,Palmer,1993) بأن ضعف عيون الأطفال في الآونة الأخيرة مرتبط بمشاهدتهم للتلفزيون والجلوس أمام الإنترنت، بهدف التسلية، وهنا نسأل ما هو حال أطفالنا عندما يكون الهدف هو التعلم لفترات طويلة عبر الشبكات.
    وفيما يتعلق باستخدام أجهزة العرض الالكتروني فقد أشارت دراسة عن المعهد القومي للصحة (National Institutes of Health, 1994) علي أن أغلب اللذين يتعاملون مع هذه الأجهزة يصابون بالصداع المستمر والتعب وحرقان العين والحساسية،كما أظهرت الدراسة أيضا أن أغلب المتعاملون مع شاشات الكمبيوتر يجدون صعوبة في الانتباه للأشياء الواقعية، والحوارات بين الأشخاص،بل ويقل عندهم معدل رمش العين والتحدق في الأشياء مما يساعد علي جفاف العين واحمرارها مما يصحبه فيما بعد ضعف في الإبصار والصداع المستمر، وهذا من الأسباب التي دعت إلي ضرورة مراعاة العمل في البيئة الصحية من خلال الدعوة لمراعاة  هندسة البشر Ergonomics.
     علاوة على ما سبق فهناك المخاطر البدنية ذات الصلة بالإصابة بجانب الضعف العضلي لقلة الحركة وكذلك تراكم الكالسيوم علي العظام وزيادة الوزن، وأيضا من السلبيات ذات الصلة بالآثار الضارة من الانعكاسات الناتجة عن شاشة الكمبيوتر، وهذا ما أكدت عليه منظمة البيئة والصحة الأمريكية أن كثرت التعرض للمجال الكهرومغناطيسي الناتج عن استخدام الأجهزة الحديثة له دور في الإصابة بمرض السرطان، وأكد ذلك "لويس سليسن" (Louis Slesien, 2000) بأن أعلى مستوى لهذا المرض يأتي من خلال شاشات الأجهزة الحديثة.
     وقد ظهرت عدت دراسات في مجال هندسة البشر Ergonomics  منها دراسة "هارس وستراكر" Courtenay, Harris & Leon حول ضرورة الاهتمام ببيئة العمل الصحية للأطفال الجالسين حول شاشات الكمبيوتر، وقد أشارت الدراسة على عينة من 314طفل من سن 10-17سنة سجلوا 60% عدم رضاهم عن استخدام الكمبيوتر المحمول ، بل وأشارت نفس الدراسة أن هناك علاقة بين تشوه العمود الفقري لهؤلاء الأطفال واستخدامهم للكمبيوتر .
     كما أشارت دراسة للمعهد القومي الأمريكي (Occupational Safety & Health, 2000) أن الاستخدام المستمر للكمبيوتر يصبهم مستخدميه بآلام الظهر علاوة علي ما يتصفون به من حملقة في الشاشة، علاوة عل حركة الأصابع علي لوحة المفاتيح والرأس مثبتة علي العمود الفقري التي تؤدي في النهاية للإصابة بأمراض التهاب الأعصاب والعظام خاصة عند سند اليد أمام لوحة المفاتح مما يزيد معه الضغط على العصب الأوسط الذي يمر عبر الزراع إلي اليد عبر نفق يسمي نفق "كربل"، مما يسبب فيما بعد الآلام في اليد تصل لليد والمرافق والكتف، مما يسبب فيما بعد تنمل وفقدان تدريجي للاحساس وخاصة السبابة والوسطي مما يكسب فيما بعد عدم قدرة هذا الشخص بإمساك الأشياء.
     كما أشار"ليكسارون وبرتارو" (Cesarone & Bernard, 1994 ) إن أغلب الأطفال اللذين يجلسون أمام الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية والتلفزيون يتأخر نموهم الجسماني بطريقة ملحوظة عن أمثالهم من الأطفال الآخرين، بل ويزداد تأثرهم في سلوكهم، وان وجود مشكلات بين هؤلاء الأطفال وأقرانهم وعائلاتهم بسبب السلوك العدواني والعنف عند تعاملهم في حياتهم العادية.
     كما أشار أيضا العدد من الدراسات علي أن مرض السمنة من الأمراض التي سجل وضوحا ملحوظا لمن يستخدموا المستحدثات وهذا ما أكدت عليه دراسة "فيلان" (Villan, Sysan, 2003) إلي أن المشاهدين لبرامج التلفزيون وألعاب الكمبيوتر لمدة أزيد من أربع ساعات غالبا ما يصابوا بزيادة الوزن بل وينعكس هذا علي قدراتهم التدريسية.
3- المواقع الإباحية أثناء التعلم الالكتروني:
لا شك أن الطموح الذي يتميز به المراهقين يجعلهم دائما في حالة متابعة مستمرة لكل ما هو جديد، ومن هذا المنطلق فأنه نادرا ما يتجه المتعلم عبر الشبكات إلى السير في خطى مستقيمة عند الدخول على شبكة الانترنت إلى موقع التعلم الالكتروني الذي ينوى التعلم من خلاله، بل في الغالب ما يتصفح العديد من الصفحات سواء بإرادته أو ربما تفرض عليه من خلال الإعلانات الفياضة منذ الاتصال بالشبكة حتى الخروج منها، بل أحيانا أثناء التصفح لموقع ما، حيث غالبا ما نجد الإعلانات تنهال علينا كل لحظة، وهذا ما أشارت إليه العديد من الدراسات، منها دراسة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال(American Academy of Pediatrics, 2004) بأن ما يقرب من ثلثي المراهقين المترددين على شبكة الانترنت قد انتشر بينهم عادة التدخين والمشروبات الكحولية وكذلك العنف بألوانه المختلفة بسبب تقليدهم لمشاهير السينما وأمثالهم اللذين يظهرون في الإعلانات سواء في التلفزيون أو عبر الانترنت. علاوة على ذلك فقد تعدى الأمر مرحلة التقليد من جهة الشباب والمراهقين والأطفال واستخدموه كوسيلة لحل مشاكلهم، حيث ظهر لدى هذه الفئة من المراهقين فيما بعد تنوع العديد من صور ممارسات الرزيلة فيما بينهم بسبب عند تعرفهم على بعضهم من خلال الدردشة Chat، وخاصة من خلال ترددهم على هذه المواقع الإباحية، كما أشارت دراسة "فينكلهور و ولك وآخرون" Finkelhor, D., Mitcholl, K. & Wdaak, J. (2001,   أن هناك كم كبير من الإعلانات عن المواقع الإباحية، وذات الصلة بتدعيم نشر القيم السلبية، وأنه في عام 2000 فقط لق صبي من كل 5 صبيا مترددين على الانترنت رسالة استدراج لمواقع إباحية، بل ومواقع عنف جنسي.
4- ضعف لغة التواصل المقننة:
     ظن البعض أن التعلم الالكتروني يعطي الفرصة لتبادل الأفكار بين المتعلمين من خلال التحاور الآني بينهم، وهذا جائز عند المتابعة المستمرة على هذه الحوارات من قبل المتخصصين أو أولياء الأمور، ولكن هذا ما لم يحدث، وخير دليل على ذلك المصطلحات الجديدة التي ظهرت بين فئات الشباب والتي تبعد كثيرا عن ثقافتنا العربية وأيضا ثقافة الغرب الدينية، وقد نوهت عنها دراسات عديدة منذ سنوات عن مدى تفشي الجوانب السلبية للتعلم عبر الشبكات وعلاقتها بالأداء التعليمي ومنها دراسة هيلي(Jane, M. Healy, 1999)  التي أشارت للضعف الملحوظ للحصيلة اللغوية المقننة بسبب انشغال هؤلاء المراهقين بمتابعة المحتوى التعليمي الالكتروني الذي غالبا ما يعتمد على الاستماع أو المشاهدة وأحيانا التفاعل ولكن بالضغط على زر معين للانتقال لصفحة أخرى ولكن نادرا ما يتطلب النطق أو إبداء رأي المتعلم صوتيا.
     كما لوحظ أن مستخدم الإنترنت والتليفون المحمول يستخدمون اختصارات للكلمات فمثلا عن رقم 4 للدلالة عن كلمة    For ومن ثم فإن هذه الاختصارات تزايد من عدم التمكن من إتقان اللغة وتقلل من لغة الحوار وتجعل الحياة آلية غير إنسانية، خاصة و أن هذه الاختصارات ساهمت كثيرا في سقوط العلاقات الهرمية في لغة الحوار، وهذا ما نلاحظه في مستخدم هذه الاختصارات من افتقار للغة الحوار وعدم التعبير عن نفسه في المواقف الحياتية.
     كما أظهرت دراسة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال(American Academy of Pediatrics, 2004) عن وجود مشكلات في النمو الذهني، كما أشارت الدراسة أيضا انه علي الرغم من أن الكمبيوتر أعطي مجالا أوسع للنمو الذهني إلا أنه مهامه ثابتة تفتقر إلي متطلبات الأطفال العاطفية والبدنية.
5- تدني الطموح المنطقي لدى المتعلم:
     لا شك أن تدني الطموح المنطقي لدى المراهق أصبح أمرا واقعا وخاصة في المجتمعات الفقيرة والنامية، حيث لوحظ أن من سلبيات استخدام المستحدثات هو الطوفان المستمر من وسائل الإعلام بالسلع المستفزة لشعور هؤلاء المراهقين، وخاصة الإعلانات علي الإنترنت والتلفزيون وما شبههم، حيث أشارت أيضا دراسة "الأكاديمية الأمريكية" بأنه كيف نطالب الأطفال بالتفكير المنطقي والرضاء بالواقع والابتعاد عن المنال غير المجدي،في الوقت الذي تأتي به الإعلانات عن السلع الباهظة التكاليف من سيارات والعب وبرامج وغير ذلك.
     وهذا ما أكدت عليه أيضا دراسة "بربرا واوسلن" (Barbra & Olson, 1994) بأن الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون والفيديو والإنترنت يصطدمون بمواضيع تجعلهم يحبطون من واقعهم عند رؤيتهم وتفاعلهم مع الوقائع الافتراضية الجاهزة والمحققة لأمالهم مما يقلل من فرص نمو خيالهم وأمالهم، خاصة لأن غيرهم يحقق هذه الآمال وبطرق بعيدة عن إمكانياتهم، مما يجعلهم يتوقفون بخيالهم عند هذه الحدود.
6- إدمان المتعلم بالانترنت وابتعاده عن الأسرة:
   لم تظهر كلمة مستخدم User إلا في مجال الكمبيوتر والمخدرات وهذا ما أشارت إله "تركلي" (Sherry, Turkle, 2004) بأن أولادنا وجدوا في الانترنت منفذ للابتعاد عن الواقع والأسرة، الذي لا يرضون عنه بسبب حال التعليم من جهة والقيود من الوالدين من جهة أخرى، واعتبره انه طريق لا رقيب له، فيفعلون ما يريدون في أي وقت، وان كان على استحياء، كما هو الحال عند تناولهم للسجائر، حتى أصبحنا نخشى أن يصبح الانترنت شيء يبعدهم عن أي شيء أخر كما هو الحال في المخدرات، ولكن ماذا نفعل لو أصبح اغلب نظم التعلم من خلال الانترنت، ربما لفتح المجال أمام الكثير من الطلاب للاقتراب من الرذائل تحت مظلته، ربما لأبعدهم فعلا عن أسرهم، في وقت يرحب الوالدين بذلك بحجة تركهم للتعلم، خاصة وان تعليم أولادنا مقصدنا جميعا، وهنا نلقي أولادنا بأيدينا في طريق غير مقصدنا فنبعدهم عن التعلم السوي القائم على عاداتنا وتقاليدنا.
   وفي هذا أشارت العديد من الدراسات منذ عشر سنوات، ومنها دراسة "مارلين" ((Marilyn,B.Benoit.1997 أن الآباء يمضون وقتا أقل بنسبة 40% مع أطفالهم بالمقارنة عما قبل بــ 30 عام مضى، في الوقت الذي أشارت فيه دراسة " ستالي" من قبل (StanleyI.Greenspan,1996) أن أجمل الهدايا التي تقدم من الوالدين لأولادهم هي قضاء وقت بشكل منتظم معهم. وهذا ربما ما لا يحدث إلا نادرا في كثير منه البيوت في الوقت الحاضر لأن أغلب أوقات الفراغ من نصيب النوم والراحة للوالدين، والكمبيوتر والتلفزيون للأولاد، مما يجعل البيت كالفندق، وما به غرباء عن بعضهم البعض.
7- السلوك النفعي للمتعلمين:
  مع انتشار استخدام الألعاب من خلال الكمبيوتر والانترنت منذ أكثر من عشر سنوات لوحظ أن الأطفال ينطمس لديهم الإحساس بين ما هو خيالي و ما هو واقعي، حيث أنهم يعادون الأعداء في هذه الألعاب ويتربصون لهم ويفعلون بالمثل مع إخوانهم في الحقيقة، فيتكون لديهم عدم الإحساس بالأمان ممن حولهم نتيجة لما ينغمسون فيه أثناء اللعب بسبب أشياء مختلقة وغير حقيقية وخارقة عن السلوك الإنساني الواقعي، وهذا ما أكدت عليه وقتها دراسة "ستانلي" (Stanley I. Greenspan, 1996) أن السلوك غير الإنساني في مرحلة الطفولة وثقافة النفعية أزداد بوضوح علي الأطفال اللذين يستخدمون الكمبيوتر و الانترنت، وأكدت عليه فيما بعد دراسة للمجلس القومي للعلوم  (National  Science Board, 1998) أن الأطفال اللذين يدرسون في المدارس التي تملك خدمات الإنترنت والبريد الإلكتروني غالبا ما يتصفون بالنفعية والبعد عن الجوانب العاطفية والاجتماعية جهة أسرهم وزملائهم ويفضلون دائما الخروج بمكاسب مادية من أي موقف اجتماعي مما يعني الإضرار بعواطفهم كأطفال وسلوكهم جهة المجتمع، وهنا علينا أن نتساءل إذا كان هذا هو الحال فيما هو متعلق باللعب والترفيه لدى هؤلاء المتعلمين من الأطفال والمراهقين، فما هو الحال لو كان الأمر يخص التعليم، وكل متعلم يرغب في الحصول على أعلى الدرجات، لكي يرتقي، فمن المتوقع أن تزيد درجة النفعية، والبعد عن المواقف الاجتماعية، والعاطفية، واعتقد هذا ما لا يميز المجتمعات العربية قبل الانغماس في الحياة المادية من مستحدثات كالانترنت وغيره.
8- أتساع الفجوة بين طبقات المتعلمين:
   نظرا لانتشار استخدام الإنترنت بين مختلف أنماط المتعلمين من الفقراء والأغنياء ذاد من الفجوة بينهم، خاصة و أن المتعلمين الفقراء يواجهون ما يحتويه الانترنت من إعلانات عن سلع استفزازية تجعلهم في حيرة بين الرضاء بالواقع وإرضاء طموحاتهم، حيث أنهم يواجهون مشكلة عدم القدرة على شراء هذه السلع لقلة المال عند أسرهم، في حيت تتوفر مع أقرانهم الأغنياء، ومن جهة أخري فان الأغنياء محاطون بالفقراء، ولذا فاغلبهم يسعى للابتعاد عن الفقراء كي يوفروا لأولادهم الطمأنينة، ومن ثم يحاولــون أن يزدادوا ثراء خـوفا من الفـقـر مما يزيد من الفجوة بين كلا الفئتين، وهذا ما انعكس بوضوح على المتعلمين عبر الشبكات، حيث لوحظ أن الكم المعلوماتي والإعلانات المستنفذة للسلع زاد من الفجوة بين أفراد المجتمع الذي طبق عليه التجربة، بل لوحظ ذلك على عائلاتهم، عند مناقشة أولادهم حول هذا الأمر، بل وأشارت الدراسة بأنه من المتوقع أن يزداد الأمر لأبعد من ذلك فيظهر بين الدول المتقدمة والنامية، والغنية و الفقرة المستهلكين للتكنولوجيا مما يولد الحقد والضغينة بينهم (Heller, Jurgen; Steiner, Christina; Hockemeyer, Cord; Albert, Dietrich, 2006).
ثانيا: تأثيره على المعلم:
     اتفق المتخصصون في مجال التعليم أنه من ضمن شروط التعلم الالكتروني أن يكون المعلم على دراية بجميع أدواته التي يستعملها عند التدريس عبر الشبكات، خاصة وان المعلم في هذا النظام يحتاج للإجابة الفورية على كثير من الأسئلة، وإذا اعتمد على وجود فني بجواره في كل كبيرة وصغيرة لفقد المصداقية عند أبداء رأيه أمام طلابه، وقد أشار (سالم الطحيح، 2004، ص ص80 - 81) في ذلك بأن كثير من مؤسسات التعليم ما ترتكب خطأ فادحا في عدم توخي الدقة في اختيار المدرسين لمثل هذا النوع من التعليم، وفي اعتقادهم بأن بعض التدريب كفيل بجعل الجميع من المعلمين قادرين على استخدام التعلم الالكتروني.
     إضافة لما سبق فأن دراسة "برات"   (Pratt, 1996)منذ أكثر من عشر سنوات التي نوه عنها (سالم الطحيح، 2004، ص 81) بان لشخصية المعلم دورا كبير في نجاح دوره في التعلم الالكتروني وهي مرتبطة بشخصيته، حيث هناك نوعين، النوع الأول، ويطلق عليه الفرد ذو الشخصية التي تركز أفكارها على ذاتها، وهذا النوع يتحاشى النقاش بشكل جماهيري، لأنه يرغب أن يدرس كل ما يأتيه، فيتفكر، ويتأمل قبل أن يجيب، أو أن يعلن عن أفكاره، ومن ثم فأن هذا المعلم لا يحب الظهور في وسائل الإعلام، أو حتى أمام طلابه باستمرار، فيعرف عنه انه قليل التواجد مع طلابه، وغير موفق اجتماعيا، ومع ذلك فهو يجيد الأخذ بيد المتعلم للوصول للمعلومة، ولكن بروية وتفكر!!!
     أما النوع الثاني من المعلمين وهو الفرد ذو الشخصية التي ترتكز على ما هو خارج ذاتها، حيث انه لديه القدرة على أن يجذب انتباه من حوله من خلال الاتصال الشفهي، ويتميز هذا المعلم بنجاحه اجتماعيا، إلا أن وقته دائما مشغول بإرضاء الغير ولا يعطي وقتا للتأمل والتفكير في دقائق المعلومات.
     وقد توصلت دراسة "برات"   (Pratt, 1996)وقد توصلت الدراسة أن النوع الأول أكثر قدرة في التعامل مع التعلم الالكتروني، وعللت السبب في أن طبيعة التدريس باستخدام الانترنت، يمثل بيئة افتراضية تسمح لهذه الفئة من المعلمين، بأخذ الوقت والتأمل والتعامل مع الأفكار، وأيضا تحاشي الأمور ذات الصلة بالتعامل المباشر والعلني مع الطلبة، خاصة وأن تعبيرات الوجه، واللهجة والصوت أمور لا وجود لها في البيئة الافتراضية.
     ومن الدراسة السابقة "لبرات" نتساءل، إذا كان التعلم الالكتروني كبيئة افتراضية خالي من تعبيرات وجه المعلم وأيضا التنغيم الصوتي الموجود في اللهجة، وغيره من أمور تعد من أساسيات التواصل بين المعلم والمتعلم في التعليم التقليدي،  فماذا سيكون حال التعليم التطبيقي الذي يعتمد على جو الألفة بين المعلم والمتعلم، التواصل لا من خلال التنغيم الصوتي ولغة الإشارة أحيانا بل من خلال الإيماءات والإيحاءات عند البدء في تشغيل آلة ما، أو عند عمل بيان عملي لخطوات تشغيل مجموعة أجهزة متزامنة أو متتابعة معا، أين أدوات التعلم الالكتروني التي تصل بالمتعلم لمرحلة الإتقان في الأداء في حالة عدم وجود المعلم إمامه أمام الماكينة؟، فيتعرف على ما ينبغي فعله وقت البدء في الإجراء العملي، أم سيظل المتعلم في كل حياته التدريبية في تعلم افتراضي!!!   
ثالثا: تأثيره على الخطط والبرامج الدراسية:
     نكاد نتفق أن صعوبة ثبات المحتوي التعلمي لمدة عامين على الأكثر في ظل التغييرات أصبح أمرا مستحيلا نظرا لربط المحتوي بالمستحدثات، وهذا لا شك يجعل المعلم وباقي أفراد العملية التعليمية دائما في دأب لمعرفة الجديد ومن ثم نقله للمتعلمين، وهذا يتطلب تغيير في محتويات الكتب ومن ثم كافة الوسائط التعليمية المحيطة، ولذا فإن اللجوء إلى هذا النوع من التعلم يزيد في ظل المنظومة التعليمية الحالية من عدم الاستقرار في البرامج الدراسية و محاولة أي مؤسسة تعليمية أن تواكب المستحدثات يعني أنها لن تستقر بسبب التغير شبة الدائم، كما أن عدم توافر معايير معتمدة في أنظمتنا التعليمية بسبب التغيير المستمر في شكل ومضمون العملية التعليمية يجعل القائمون عليه يتخبطون بين تطبيق نظام أوربي وأحيانا أمريكي وأحيانا أخرى غير ذلك.
رابعا: النفقات:
    نظرا للتغيير المتلاحق في ظهور المستحدثات والدعوة لإدخال التعلم الالكتروني ومتطلباته من أجهزة ومواد مع النظم التعليمية التقليدية، صاحب ذلك مشكلات عديدة من الإحلال والتبديل سواء في الأجهزة والمواد أو في العمالة القائمة على التشغيل، وكل هذا خلق مشكلة صعوبة توفر الأموال لعمليات هذا الإحلال الدائم لكل ما هو جديد، حتى أصبح عبأ، علاوة على المشكلات المرتبطة بالتدريب المستمر للعاملين لمتابعة هذه المستحدثات، بل أصبح في الآونة الأخيرة استهلاك الجهاز أو البرامج الموجودة عليه أمرا يحتاج للسرعة، فكثير من الإدارات التعليمية تسعي لتغيير الأجهزة والبرامج، لا لسبب أن هذه الأجهزة لا تؤدي وظائفهم بل رغبة في مسايرة التغيرات ومواكبة كل ما هو جديد، مما جعل الأجهزة متكدسة علي الأرفف وفي المخازن، مما يعني إهدار كبير
نتائج البحث:
من خلال الرجوع للدراسات السابقة وبعض الإطار النظري توصل الباحث للنتائج التالية:
كيفية مواجهة سلبيات التعلم الالكتروني:
في البداية علينا أن نتفق أن التعلم الالكتروني يتطلب توافر نوعين من الموارد:
أولا: الموارد المادية، ويقصد بها كافة الأجهزة والبرامج وخطوط الاتصال والمحتوى التعليمي ذات الصلة بنظام الشبكات.
ثانيا: الموارد البشرية، وهم الأشخاص المهتمين بالتطبيق بدأ من مصمم البرامج التعليمية مرورا بباقي فريق العمل.
وفيما يلي حصر للنتائج وفق المحاور الأربعة المحددة مسبقا وهي المتعلم والمعلم والخطط  والبرامج والنفقات:
أولا: تأثيره على المتعلم:
1- فيما يتعلق بالابتعاد عن الممارسة الفعلية ( التفاعلية الافتراضية):
·       أن تجرى الامتحانات ذات الصلة بالمهارة بطريقة عملية ويترك للطالب اسلوبين للتدريب ( البيان العملي واستخدام الأوعية الالكترونية المسجلة.، ويخصص لكل منهما درجة.
2- الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر:
·        أن تكون معامل الكمبيوتر ذات تهوية عالية حتى يسهل خروج الأبخرة من أجهزة الكمبيوتر وملحقاته.
·       تحديث أساليب الحماية للمستخدمين من شاشات الكمبيوتر من الإشعاعات التي تضر بالانسان.
·   وجود فترات راحة زمنية عند تصميم برامج الكمبيوتر وعند إخراج صفحات الويب تفرض على المتعلم عدم الاستمرار لفترات طويلة أمام الانترنت، وذلك بظهور منبه على الشاشة يبعد المستخدم لفترة حتى يقلل من عدم جفاف العين.
3- المواقع الإباحية أثناء التعلم الالكتروني:
·       توفير صفحات الويب العربية التي تدعو إلى الفضيلة لإبعادهم عن العادة السيئة.
·       المقابلات المستمرة اليومية بين الوالدين والأولاد، لمناقشتهما بطريق غير مباشرة عما يشاهدونه.
·       تدخل الدولة في حجب كافة المواقع الإباحية وما شابهها من مواقع تسيء للإسلام والعادات والتقاليد.
4- ضعف لغة التواصل المقننة:
·       يجب أن تتوفر اللغة اللفظية المسموعة على الشبكة، ولا يقتصر الأمر على الكتابة.
·       إنشاء الصفحات الالكترونية ذات الصلة بإتقان اللغة ومخارج الألفاظ العربية، والدعوة لعدم استخدام اختصارات للكلمات.
5- تدني الطموح المنطقي لدى المتعلم:
·       ربط الطموح عند المراهقين بالعمل، وتنمية الطموح المنطقي لديهم، وإعلامهم أن كل شيء على الانترنت قابل للخطأ.
·        دعوة المؤسسات للتقليل من السلع المستفزة على الانترنت.
6- إدمان المتعلم بالانترنت وابتعاده عن الأسرة:
·       تنظيم الدخول على الانترنت، بحيث يكون دور الأسرة هو المتابعة وحث الأولاد على العادات والتقاليد.
·       تنظيم اوقات تواجد الأسرة مع الأولاد ولا يصبح أغلب أوقات الفراغ في النوم والراحة للوالدين، مما يجعل البيت كالفندق.
7- السلوك النفعي للمتعلمين:
·       تنمية الجوانب الاجتماعية  والسوية لدى الأطفال المترددون على التعلم الالكتروني، وتقليل ما يتصفون به من نفعية.
7- أتساع الفجوة بين طبقات المتعلمين:
·   الرجوع للتربية الدينية والعادات والتقليد والرضاء بالواقع لإعادة تعايش مختلف أنماط المتعلمين من الفقراء والأغنياء، وتنمية العادات الايجابية بتقبل الغير سواء في النوع والعرق والدخل والطبقة الاجتماعية.
ثانيا: تأثيره على المعلم:
·       تقنين وجود المعلم ذو الشخصية المتميزة المتدربة المقتنعة بدورها، والتي سبق لها التدريب عبر الشبكات.
·       وجود المدرس الذي لا يتحاشى النقاش بشكل جماهيري، فيتفكر، ويتأمل قبل أن يجيب.
·       يجب إعداد بيئة التعلم الالكتروني بتعبيرات وجه المعلم وأيضا التنغيم الصوتي الموجود في اللهجة.
·       تشجع المعلم، ونزيد من موارده التعليمية، خاصة وان اغلب وقته مع فريق العمل على الموقع التعليمي.
·       حل المشكلات التقنية حتى في ظل تقنية البث السريع ADSL وخاصة عند عرض الصور المتحركة.
ثالثا: تأثيره على الخطط والبرامج الدراسية:
·        تطوير محتويات الوسائط التعليمية لتلاءم المستجدات، مع العمل وفق هندسة التعلم Reengineering of Learning
·       تقديم النشرات بصفة مستمرة للمعلمين لمتابعة المستحدثات حتى يمكن تحديث صفحاتهم الالكترونية.
رابعا: النفقات:
·       توفير النفقات المطلوبة والدعوة لإدخال التعلم الالكتروني ومتطلباته مع النظم التعليمية التقليدية.
·       إعداد العمالة القائمة على التشغيل إعدادا جيدا، مع توفير الأموال لعمليات هذا الإحلال الدائم.
التوصيات:
1-     تهيئة المجتمع العربي للاعتماد على المعلومات الرقمية، ليصبح ضمن الكيان العام للدولة.
2-     حث مؤسسات التعليم الرسمي علي سرعة التجاوب مع متطلبات الثورة الإلكترونية.
3-     نجاح المعلم في تطبيق التعليم الالكتروني لابد أن ينطلق من جعل المعلم هو نفسه أولا كمتعلم.
4-     تفعيل دور الكمبيوتر في نظم التعليم الرسمي كنواة لتنمية ثقافة إدخال التعلم الالكتروني.
5-     إعداد الهياكل العربية في مجال تقنيات المعلومات، والابتعاد عن ظاهرة استنساخ البرامج أو تعريبها.
6-     الدعوة للتكامل في التعلم الالكتروني العربي بإنشاء المؤسسات التربوية العربية.
7-     تغير ثقافة المجتمعات العربية بإقناعهم بعدم الاقتصار على التعليم النمطي فقط.
8-     تشجيع إنتاج برامج تعليمية تفاعلية عربية تتناسب مع نظم التعلم الالكتروني.
9-     ضرورة تغيير الفلسفة التعليمية من أسلوب التلقين إلي أسلوب تنمية قدرات الابتكار وحل المشكلات.

  • Currently 85/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 480 مشاهدة
نشرت فى 13 مارس 2011 بواسطة khaledfargoun

ساحة النقاش

أ.د.خـالـد محـمد فـرجـون

khaledfargoun
اســتاذ تـكنولوجيا التعليم والمعلومات المتفرغ (حاليا) - رئيس قسم تكنولوجيا التعليم ووكيل كلية التربية لشئون التعليم والطلاب وقائم بعمادة كلية التربية بجامعة حلوان (سابقا) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

171,071