<!--<!--<!--

قد حدثت تغيرات و تطورات جديدة نتيجة عدة تحديات أهمها ظاهرة العولمة التي أدت إلى تسريع حدة المنافسة من الأسواق الداخلية إلى الأسواق العالمية و سمحت بحرية انتقال رؤوس الأموال و الأيدي العاملة و مختلف السلع و الخدمات  و مظاهر أخرى كثيرة،كما تعتبر التكتلات الاقتصادية و الاتفاقات التجارية تحد آخر تواجهه الدول النامية و العربية منها بشكل خاص ، بالإضافة إلى حركة التطور التكنولوجي المتسارعة و المستمرة و كذا دخول عدد كبير من المؤسسات إلى ساحة المنافسة، و فتح الباب أمام فرص تسويقية جديدة.

كل هذه التحديات و غيرها صعبت من إمكانية دخول مؤسساتنا بمختلف الأنشطة الصناعية التي تمارسها إلى الأسواق العالمية و حيازة مركز تنافسي فيها لأن الجهود المتواضعة و القدرات المحدودة لمؤسساتنا في الدول العربية و منها الجزائر ليست كافية لمواجهة هذه التحديات و ذلك لأن هياكل السوق لمعظم هذه الدول أصبحت عرضة للتغيير المستمر و التـأثر بالهياكل الأجنبية.

    لذا أصبح من الضروري أن تهتم هذه الدول بكل ما له علاقة بالتنافس، و بالتالي البحث عن الإستراتيجية التنافسية المناسبة للتكيف مع هذه التغيرات و ضمان تحسين الأداء و الاستمرار لفترة طويلة.

<!--<!--<!--

أولا: التنافسية و الإستراتيجية التنافسية

1- تعاريف أساسية: سنذكر بعض التعاريف الرئيسية الخاصة بمحتوى البحث من خلال:

أ‌-     تعريف التنافسية: اختلفت مفاهيم التنافسية من مصدر لآخر و من مستوى لآخر، حيث عرفتها منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية(OECD) بأنها على مستوى الاقتصاد الوطني الدرجة التي يمكن وفقها و في شروط سوق حرة و عادلة إنتاج السلع و الخدمات التي تواجه الأسواق الدولية في الوقت الذي تحافظ فيه على توسيع الدخول الحقيقية للشعب على المدى الطويل.

أما المعهد العربي للتخطيط فيرى أن التنافسية الدولية هي قدرة البلد على أن ينتج أكثر و أكفأ نسبيا  و أن يبيع أكثر من السلع المصنعة و التحول نحو السلع العالية التصنيع و التقانة، و بالتالي ذات قيمة مضافة عالية في السوقين الخارجية و المحلية،... و أن يستقطب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما يوفره البلد من بيئة مناسبة و بما ترفعه الاستثمارات الأجنبية من المزايا التنافسية التي تضاف إلى المزايا النسبية ،و من جهة أخرى، هي قدرة المؤسسة على تزويد المستهلك بمنتجات و خدمات بشكل أكثر كفاءة  و فعالية من المنافسين الآخرين في السوق الدولية.

  يمكن القول بأن التنافسية لم تعرف مفهوما دقيقا، فاختلفت من صعيد لآخر، فالتنافسية بالنسبة لمؤسسة تسعى إلى كسب حصة في السوق العالمي من شأنها تلبية حاجات المستهلك من حيث النوعية و الجودة، مما يفرض استخدام عوامل إنتاج متطورة و مدربة رغم أنها ترفع من التكاليف على المدى القصير، و هي من جهة أخرى قدرة شركات قطاع صناعي معين في دولة ما على تحقيق نجاح مستمر في الأسواق الدولية، مما يكسب هذه الدولة ميزة تنافسية في تلك الصناعة.

ب - الإستراتيجية: هي تحديد الأهداف و الغايات طويلة الأجل لأي مشروع إلى جانب تحديد اتجاهات العمل و تخصيص الموارد اللازمة لتنفيذ هذه الأهداف و الغايات ،  و هي مجموعة القرارات والحركات المرتبطة باختيار الوسائل و تمفصل الموارد من أجل الوصول إلى الأهداف .

فالإستراتيجية هي مجموعة القرارات المهمة التي تعمل المؤسسة على تحقيقها في مدى زمني معين، عادة ما يكون طويلا.

ج- الإستراتيجية التنافسية: يعرفها  Porterعلى أنها بناء و إقامة دفاعات ضد القوى التنافسية، أو إيجاد موقع في الصناعة أين لكل مؤسسة إستراتيجية تنافسية شاملة، و التي تمثل خليطا من الأهداف المستخدمة و الوسائل لتحقيق هذه الأهداف، أي مجموعة من التصرفات تؤدي إلي تحقيق ميزة متواصلة و مستمرة عن المنافسين، وهذه الإستراتيجية تتحدد من خلال ثلاث مكونات أساسية، وهي طريقة التنافس، حلبة التنافس و أساس التنافس.

و تعرف أيضا على أنها خطط طويلة الأجل و شاملة تتعلق بتحقيق التوافق والانسجام بين البيئة التنافسية وقدرة الإدارة العليا على تحقيق الأهداف، كما أنها الإستراتيجية التي تهتم بخلق الميزة التنافسية للمؤسسة ضمن إطار قطاع الأعمال الذي تعمل فيه و يمكن أن يتحقق ذلك من خلال التركيز على قطاع أعمال، منتجات، خدمات أو منفعة سوقية محددة.

بهدف تحقيق ميزة تنافسية و التغلب على المنافسين تعمد المؤسسات إلى تطبيق إستراتيجية معينة للتنافس، حيث تركز الاستراتيجيات التي تضعها المؤسسات على تحسين الوضع التنافسي لمنتجاتها وخدماتها داخل قطاع الصناعة، و قد حدد (Porter) ثلاث إستراتيجيات أساسية كما يلي:

<!--<!--<!--

1 - إستراتيجية التكلفة الأقل:

      تهدف هذه الإستراتيجية إلى تحقيق تكلفة أقل بالمقارنة مع المنافسين الآخرين. وهي الإستراتيجية التي تضع المؤسسة كأقل المنتجين تكلفة في قطاع الصناعة وذلك من خلال الاستثمار الأمثل للموارد والإنتاج بمعايير عالمية.

 إن المؤسسة التي تستطيع تحقيق قيادة التكلفة ستكون فوق متوسط الإنجاز في الصناعة .

و حتى تحوز المؤسسة ميزة التكلفة الأقل يجب عليها التحكم الجيد و مراقبة عوامل تطور التكاليف، فلا يجب التركيز على تكاليف اليد العاملة فحسب، بل يجب أن يتعداه إلى تكاليف الأنشطة الأخرى المنتجة للقيمة، و قد توفر هذه الإستراتيجية للمؤسسة اقتصاديات الحجم، الاستفادة من برامج التعلم و التدريب و تحسين الكفاءة... .

 و قد تحقق هذه الإستراتيجية عدة مزايا، كأن تكون الشركة في موضع أفضل من حيث المنافسة على أساس السعر، و الشركة المنتجة بتكلفة أقل تحظى بإبقاء المشترين الحاليين و إقبال المحتملين دون أن يفكروا في البحث عن البدائل، حيث لا يمكنهم المساومة على تخفيض الأسعار، كما أن هذه الشركات تتعامل مع موردين يتمتعون بقوة و حجم كبيرين، فهم يقومون بتوريد عناصر الإنتاج التي لا يوجد لها بدائل و التي إذا تم التحول إلى غيرها فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة النفقات التي تتحملها الشركات في الصناعة .

 أما ما يتعلق بدخول المنافسين المحتملين إلى السوق، فالشركة المنتجة بتكلفة أقل تحتل موقعا تنافسيا ممتازا يمكنها من تخفيض السعر ومواجهة أي هجوم من المنافس الجديد.

     و عليه فإن إستراتيجية التكلفة الأقل قد توفر قدرا من الحماية للشركة ضد قوى التنافس، بالإضافة إلى زيادة مقدرتها على تحديد سعر الصناعة.

2- إستراتيجية التميز

        وهي إستراتيجية البحث عن التميز والتفرد بخصائص استثنائية في الصناعة، حيث تسعى المؤسسة من خلالها إلى تكوين صورة حسنة و محببة لدى عملائها،وتتميز المؤسسة عن منافسيها عندما يكون بمقدورها الحيازة على خصائص فريدة، وتتزايد درجات نجاح إستراتيجية التميز في حالة ما إذا كانت الشركة تتمتع بمهارات وجوانب كفاءة لا يمكن للمنافسين تقليدها بسهولة.

و تستند هذه الإستراتيجية إلى اختيار مجال تنافسي في داخل قطاع الصناعة، أو نشاط أعمال يتركز على جزء معين من السوق وتكثيف النشاط التسويقي في هذا الجزء والعمل على استبعاد الآخرين ومنعهم من التأثير في الحصة السوقية للمؤسسة.

و قد يتحقق التميز لفترة زمنية أطول إذا كان مبنيا على أساس

التفوق التقني؛ الجودة، تقديم خدمات مساعدة أكبر للمستهلك، أو على أساس تقديم المنتج قيمة أكبر نظير المبلغ المدفوع فيه، و لذلك تقتضي عملية التصنيع التركيز على عدم وجود أي عيوب و بتصميم فائق للغاية من الناحية الهندسية، و كذا عمليات الصيانة الدورية للحصول على منتَج ذا جودة عالية، مع ضرورة عدم وجود عدد كبير من المنافسين يتبعون نفس إستراتيجية التميز،إذ يعتبر ولاء العملاء للمنتجات المميزة التي تقدمها المؤسسة رغم تكاليفها العالية من أحد الحواجز الأساسية لدخول المنافسين الجدد في مجال صناعة المؤسسة.

إن استراتيجيات التميز تحقق العديد من المزايا، نذكر منها:

·  تفريق المستهلكين للاختلافات الموجودة في المنتج أو الخدمة دون غيره من المنتجات، أي أنهم يدركون درجة تميزه عن غيره.

·  تعدد استخدامات المنتج وتوافقها مع حاجات المستهلك.

·  تجنب المنافسة، فعندما يهدف التميز قطاعات سوق معينة، فإن المؤسسة تتعامل مع شريحة خاصة من الزبائن في قطاع ضيق من السوق،و بالتالي فالتميز ينقص من حدة المنافسة، كما أن حواجز الدخول تكون واضحة بالنسبة للمنتجين لأن الداخلين الجدد منهم يتكلفون استثمارات باهظة في التميز، من أجل الاقتراب من مركز المؤسسة المتبنية لإستراتيجية التميز.

    هذا، و يمكن إتباع استراتيجيات تميز ناجحة من خلال تحقيق عدد من الأنشطة تتضمن:

o  شراء مواد خام جيدة تؤثر على أداء وجودة المنتج النهائي.

<!--<!--<!--

o تكثيف مجهودات البحوث والتطوير تجاه المنتج لتقديم تصميمات وخصائص أداء أفضل بتنويع تشكيلة الإنتاج و زيادة استخدامات المنتج، بتقديم نماذج جديدة إلى السوق.

o تقديم المساعدة الفنية للمستهلك من خلال أنشطة التسويق و المبيعات وخدمة المستهلك.

3- إستراتيجية التركيز:

   تقوم هذه الإستراتيجية على أساس اختيار مجال تنافسي في قطاع الصناعة أو نشاط عملها، حيث يتم التركيز على جزء معين من السوق وتكثيف نشاط المؤسسة التسويقي فيه والعمل على استبعاد الآخرين، ومنعهم من التأثير في الحصة السوقية  وذلك بدلا من التعامل مع السوق ككل، إذ تسعى المؤسسات إلى الاستفادة من ميزة تنافسية على مستوى القطاع المستهدف بواسطة تقديم منتجات ذات أسعار وتكلفة أقل من المنافسين، أو منتجات متميزة من حيث الجودة، المواصفات أو خدمة العملاء و ذلك للوصول إلى موقع أفضل في السوق من خلال إشباع حاجات خاصة لمجموعة معينة من المستهلكين، أو من خلال التركيز على استخدامات معينة للمنتج، و تفترض هذه الإستراتيجية أن قيام الشركة بخدمة سوق مستهدف وضيّق سيكون أكثر فاعلية وكفاءة عما هو عليه الحال عند قيامها بخدمة السوق ككل.

فتركيز النشاط يعني أن المؤسسة في وضعية تمتاز بتكاليف منخفضة مقارنة مع هدفها الإستراتيجي، أو أنها متميزة في مجال نشاطها أو أنها تنتج بتكاليف أقل و تتفرد بخصائص تميزها عن غيرها من المنافسين في الوقت نفسه       ( أي الإستراتيجيتان معا).

وحتى تنجح إستراتيجية التركيز المبنية على أساس التكلفة الأقل لا بد من توفر مجموعة من العوامل أهمها:

- إختيار هدف يحتوى على حاجات و رغبات واضحة من أجل تركيز التكاليف.

- إدماج فكرة القيادة بالتكاليف ضمن ثقافة المؤسسة.

- الاستثمار في الرغبات الصغيرة و الغير المشبعة.

أما نجاح إستراتيجية التركيز و التميز فيعتمد أساسا على:

- توضيح التميز خاصة بواسطة الاتصالات.

- اختيار هدف ضيق من أجل إيصال قيمة التميز للزبون بسهولة.

- من الأحسن اختيار شريحة الأشخاص ذوي الرغبات الكثيرة لشدة حساسيتها للتميز.

 و بالتالي فالإستراتيجية تستلزم:

- السيطرة على تكنولوجيا خاصة.

- القدرة على فهم مجموعة من الرغبات والقدرة على تكييف التكنولوجيا و القدرة الإنتاجية حسب الرغبات.

و عادة ما تطبق إستراتيجية التركيز التي تعتمد على التميز في حالة الأهداف الإستراتيجية الضيقة، إذ أنها تحتاج إلى تحديد مدى جاذبية القطاع بناء على معرفة حجم القطاع و ربحيته، مدى شدة و قوة المنافسة في القطاع و أهميته الإستراتيجية بالنسبة للمنافسين الرئيسيين، و أخيرا مدى التوافق بين إمكانيات المؤسسة و حاجات القطاع السوقي.

   إلا أنه رغم أن الإستراتيجيات التنافسية بأنواعها الثلاث قد أثبتت نجاحها، إلا أن هذا لا يعني أنها  مثالية  و تضمن النجاح التام، فكل واحدة منها تنطوي على بعض المخاطر، فعلى المؤسسة التي ترغب في تطبيق إستراتيجية التميز مثلا،  أن تتأكد من أن السعر العالي لمنتجاتها المتميزة وذات الجودة العالية ليس أعلى بكثير من سعر المنتجات المنافسة، وإلا فإن العملاء سيدركون أن الجودة العالية والخدمة المتميزة التي يحصلون عليها لا تبرر السعر المرتفع  الذي يدفعونه، كما أن إستراتيجيتي القيادة بالتكلفة و التميز لا تدومان طويلا لقدرة المنافسين الآخرين على تقليدها.

ثالثا- دور الإستراتيجيات التنافسية في تطوير أداء المؤسسات الصناعية:

    تتعرض المؤسسة إلى ضغوط مستمرة من البيئة الخارجية، فتدفعها للبحث عن اكتساب مزايا تنافسية، مما يدفعها إلى التحسين المستمر في الأداء بهدف زيادة مستوى رضا العملاء.

فبحكم المعطيات الجديدة و المتمثلة في فتح الأسواق، المنافسة غير المحدودة والتطورات التكنولوجية السريعة، يتعين على الدول العربية الأخذ بعين الاعتبار أن المنتجات الجديدة ذات المضمون التكنولوجي القوي وذات القيمة المضافة العالية  ستسمح لصناعتها بالبقاء في السوق وضمان دوامها.

1- دراسة و تحليل البيئة التنافسية للمؤسسة:

    هناك عوامل و محددات يمكن أن تكون معوقة أو محفزة للنجاح في المنافسة العالمية،حيث أن جزءا  منها يتعلق بالخصائص الداخلية للدولة ويمكن التحكم فيه و الجزء الآخر يقع خارج نطاق الدولة ويصعب التحكم، مما يستدعي دراسة و تحليل البيئة التنافسية للمؤسسة على المستويين الداخلي و الخارجي.

أ- على المستوى المحلي: و يقصد بذلك العوامل التي يمكن أن تدعم التنافسية داخل الدولة،  فكما سبق الإشارة إليه فإن التنافسية عرفت عدة مفاهيم، فارتبط مفهومها في بعض الأحيان بقدرة الدولة على إنتاج سلع وخدمات تلبي حاجات الأسواق العالمية وتحافظ على متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، و من هنا يظهر مدى الارتباط الوثيق بين التنافسية ودور الدولة في تحقيقها ونجاحها، وذلك بتشجيع الأنشطة على توليد وفورات خارجية إيجابية، وتحويل الأرباح من الاقتصاديات الأجنبية إلى الاقتصاد المحلي، ويتم ذلك عبر تقديم إعانات تنافسية لدعم البحث والتطوير في الصناعة والحد من دخول المنشات الأجنبية إلى الأسواق المحلية، ويمكن تجسيد دور الدولة في تدعيم وتحسين تنافسيتها على المستوى الدولي، بتوفيرها لبيئة أعمال ملائمة، وهذا بتطبيق سياسات اقتصادية ومالية واجتماعية بغية تدعيم تنافسية النشاطات الإنتاجية والخدمية  ، و التي تتمثل في :

*السياسات المالية والنقدية.

*سياسات الاستثمار وتهيئة المناخ الاستثماري.

*سياسات تعزيز القدرات التكنولوجية الذاتية.

*سياسة إصلاح التشريعات والمؤسسات.

*أساليب الممارسة الإدارية الرشيدة.

*سياسة تحديث البنية الأساسية المادية.

*تحديث الجهاز الحكومي والإداري.

*سياسة نشر وتداول المعلومات.

ب - على المستوى الخارجي: لا تعيش المؤسسة في معزل عن بيئتها الخارجية، فهي في صراع مستمر مع محيطها التنافسي لضمان استمرارها و بقائها في ساحة المنافسة، و حتى تكون قادرة على النمو و التطور يجب أن تقدم منتوجا صناعيا ذا قيمة بالنسبة للعملاء على أن تفوق هذه القيمة النفقات و التكاليف التي تم صرفها في عملية الإنتاج. و قد اقترح مايكل بورتر خمس قوى تنافسية تعتبر بمثابة فرص أو تهديدات تحدد مدى قدرة المؤسسة على الاستفادة منها أو مواجهتها للظفر بموقع تنافسي جيد، و فيما يلي عرض لهذه القوى:

<!--<!--<!--

* التهديد الذي تشكله البدائل: إن إمكانية توفر بعض البدائل تعد من العوامل الأساسية التي تحدد و توضح استعداد العملاء لدفع الحد الأقصى من الأسعار للحصول على المنتج الذي يريدونه، و لذلك من الضروري أن تكون هناك مرونة في الأسعار لأن ذلك يمكن أن يغير حجم الطلب.

فالمنتجات البديلة تؤثر على الصناعة، حيث تضع بعض القيود و الضوابط فيما يتعلق بأسعار المنتوج، و ذلك بالاعتماد على ثلاثة عوامل أساسية هي:

-       مدى توفر هذه المنتجات.

-       خصائص هذه البدائل فيما يتعلق بالجودة و الأسعار.

-       النفقات و المصروفات التي على العميل أن يتحملها عند التحول إلى المنتجات البديلة.

إن وجود المنتجات البديلة في السوق يضع حدا لقدرة أو مردودية الصناعة، و هذا بفرض مستوى من الأسعار الممكن تطبيقها، و بالتالي وضع حد للربح الممكن تحقيقه.

<!--<!--<!--*التهديد الذي تشكله الشركات الجديدة و الوافدة:

     إن العناصر الجديدة التي تدخل على الصناعة في بلد ما تكون بمثابة عائق مباشر للأرباح و المكاسب التي يمكن أن تحققها الشركات في ذلك البلد، حيث يجلب المنافسون الجدد أثناء توغلهم لقطاع صناعي معين، قدرات جديدة في الإنتاج ورغبة في إخضاع حصة من السوق لصالحهم، وعادة ما يأتون بموارد جوهرية، مما يشكل خطورة من الشركات الجديدة الوافدة على الصناعة فإذا لم يتم وضع بعض الحواجز و القيود على دخول الشركات الجديدة في هذا النشاط أو الصناعة فإن معدل الأرباح و المكاسب سوف ينخفض و تتمثل هذه العوائق في:

-  متطلبات رأس المال: إذ يتطلب الدخول في بعض الصناعات حجما كبيرا من الاستثمارات و هذا ما يمكن أن يحول دون دخول بعض المنافسين.

-  و فورات الحجم: إن الصناعات ذات رأس المال الكبير و الأبحاث العلمية المتطورة جدا، تتطلب عملية تحقيق الكفاءة و الفعالية للإنتاج بأحجام كبيرة.

- مزايا النفقات: قد لا تهتم بعض الشركات بوفورات الحجم مما يكسبها ميزة تنافسية ترتبط بالتوفير في النفقات على عكس الشركات الجديدة في الصناعة، و السبب في ذلك هو وضع القيود الشديدة على مصادر النفقات المتعلقة بالمواد الخام أو إلى تطبيق النظم و الأساليب التي تهتم بخفض التكاليف،   وغيرها من التدابير التي يمكن أن تنتهجها تلك الشركات المتميزة.

-  اختلاف المنتجات: يمكن أن تحقق بعض الشركات ميزة تنافسية تتفوق بها على الشركات الجديدة بسبب تنوع منتجاتها و اكتسابها لشهرة واسعة و ثقة عملائها.

-  الوصول إلى منافذ التوزيع: من أكبر و أهم القيود التي تواجه الشركات الجديدة هو تفضيل الموزعين لمنتجات و خدمات الشركات العملاقة نظرا للقدرة المحدودة لقنوات و منافذ التوزيع و تجنبا منها للنفقات و المخاطر المتعلقة بنقل و تحميل منتج إضافي، مما يمنع هؤلاء الموزعين من التعامل مع منتجات المصنعين الجدد.

- الحكومة و الحواجز القانونية: تتعرض الصناعات للتدخل الحكومي من خلال التشريعات و القوانين و المعايير البيئية، مما يشكل حاجزا صارما و مكلفا لعملية الدخول في الصناعات و الأنشطة التجارية من جانب الشركات الجديدة.

* التنافس بين الشركات القائمة:

     في حالة وجود أكثر من شركة تمارس نفس النشاط الصناعي، فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور قدر من المنافسة بينها، خاصة في مجال التسعير إلا أنه كلما كانت هذه الشركات متشابهة في الأهداف  و الإستراتيجيات و نظم الإنفاق كلما أدى ذلك إلى نقص حدة المنافسة فيما بينها، و بالتالي تحقيق الأرباح و المكاسب المرغوبة. من جانب آخر، إذا تنوعت و اختلفت المنتجات المعروضة من طرف هذه الشركات فإن المنافسة ستظهر بشكل قوي و ستكون قائمة على أساس الجودة و تصميم المنتوج  و كذا الحملات الدعائية و الترويجية.  

*القوة التفاوضية التي يتمتع بها المشترون:

    قد يؤثر المشترون على الصناعة من خلال قدرتهم على تخفيض الأسعار والمساومة على جودة أعلى أو خدمة أفضل، إذ كلما كانوا على دراية بالموردين و المنتجات التي يقدمونها بما في ذلك الأسعار   و النفقات التي سيتحملونها كلما ازدادت قدرتهم على التفاوض فيما يتعلق بالأسعار و الشروط و المواصفات.

*القوة التفاوضية التي يتمتع بها الموردون:

    ويؤثر الموردون على الصناعة من خلال قدرتهم على رفع الأسعار أو تخفيض جودة السلع أو الخدمات المشتراة لأنهم يتمتعون بقوة كبيرة، حيث يقومون بتوريد عناصر الإنتاج التي لا يوجد لها بديل و التي إذا تم التحول عنها فإن ذلك سيؤدي إلى رفع تكاليف الإنتاج. 

    إن دراسة و تحليل البيئة الخارجية والداخلية للمؤسسة يمكنها من تحديد الفرص ونقاط القوة التي ستقوم باستثمارها في ظل القيود و كذا التهديدات ونقاط الضعف التي تشكل خطرًا عليها، وبالتالي وضع الاستراتيجيات التنافسية التي من خلالها ستواجه حدة المنافسة الكامنة في قطاع نشاطها، والتي ستمكنها من خلق وبناء ميزات تنافسية.

2-  تحليل بيئة الصناعة:

    ينطلق هذا التحليل من تفهم المتطلبات الأساسية للعرض والطلب، والتي تؤثر بدورها على تحديد هيكل الصناعة والاستراتيجيات المتخذة، وبالتالي تؤثر على أداء الصناعة ككل، والتي تتجلى فيما يلي:

- الظروف والمتطلبات الأساسية السائدة في قطاع الصناعة الذي تنتمي إليه المؤسسة وتخضع له، كقوى العرض والطلب، مرونة الطلب، التطور التكنولوجي، معدل نمو الأعمال.

-  هيكل الصناعة الذي يؤثر على المؤسسة وعلى استراتيجياتها من خلال عدة عوامل، أهمها عدد المنتجين ودرجة تمايز المنتجات، عوائق الدخول والخروج من الصناعة، هيكل التكلفة، ... .

 - هيكل المنافسة، الذي يتخذ أشكالا متعددة هي، الاحتكار التام، احتكار القلة، المنافسة الاحتكارية، والمنافسة الكاملة، وعلى المؤسسة أن تدرس هيكل المنافسة لتحدد الاستراتيجيات الواجب إتباعها.

     قد تؤثر المؤسسة في هيكل الصناعة عند فهم و إدراك الدور الذي يلعبه هذا الأخير في مجال المنافسة و ما يمكن تحقيقه من أرباح و مكاسب و ذلك بهدف تحسين توازن القوى التنافسية، كما أن عمليات التكامل بين الشركات هي من الوسائل المباشرة التي تؤدي إلى القضاء على المنافسة.

3- الإستراتيجية التنافسية و الأداء:

     لقد ارتبط مفهوم الأداء دائما بكل ما يساهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية،  فأصبح مفهومه يندرج ضمن التفكير الإستراتيجي، و أصبحت المؤسسة الآن تهدف إلى تحقيق أحسن أداء إستراتيجي في ميدان نشاطها، لأن تحسين الأداء و تطوير المؤسسات لم يعد أمرا اختياريا بل أصبح شرطا جوهريا لضمان البقاء و الاستمرار فهو يهدف أساسا إلى تكوين وتدعيم القدرات التنافسية، أما الأدوات المتاحة للمؤسسة للحصول على أحسن أداء فتتمثل خاصة في الاستراتيجيات التنافسية، التي تلعب دورا فعالا في تطوير الأداء إذ أن البيئة التنافسية متميزة بعدم الاستقرار وعدم التأكد.

أ- علاقة الإستراتيجية بالأداء: لقد اهتم الكثير من الباحثين بدراسة العلاقة بين الأداء و الإستراتيجية، و من هؤلاء نجد "Rumelt" الذي وجد أن المؤسسات المتخصصة في ميدان معين هي التي تكون لها أكبر حصة في السوق بالمقارنة مع المؤسسات التي تعمل في نفس القطاع السوقي، فانتهى إلى التفكير  في أن الاختلاف في بناء الإستراتيجيات التنافسية هو السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى الاختلاف في أداء المؤسسات، كما أن تكريس الموارد الإستراتيجية تحت رقابة المسيرين يعتبر من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى تحقيق الأداء الأفضل، و بالتالي فالإستراتيجية هي شرط أساسي لتحقيق الأداء، حيث كلما كرست المؤسسة موارد إستراتيجية هامة كلما كانت احتمالات تحقيق أداء فعال كبيرة جدٌا.

و من ثم يمكن معرفة موقع المؤسسة في البيئة التنافسية من خلال مقارنة أدائها بأداء المنافسين و نقول أن المؤسسة ذات أداء فعال، إذا تمكنت من تحقيق الأهداف المسطرة لها في إستراتيجيتها.

ب- أهمية تقييم الأداء: لقد تطور مفهوم تقييم الأداء و اتسعت مجالات استخدامه حتى أصبح أحد أهم العمليات الإدارية و الإستراتيجية التي تحظى باهتمام معظم المؤسسات، إذ تسعى المؤسسة جاهدة لتحقيق أحسن أداء في القطاع الذي تعمل فيه من خلال تبنيها لإحدى الإستراتيجيات التنافسية، فهو يساهم في تقديم المعلومات و البيانات التي تستخدم في قياس مدى تحقق أهداف المؤسسة التي تم التخطيط لها، إذ بعد تحليل الأنشطة يجب إجراء مقارنة بين الأداء الفعلي للمؤسسة والأداء المخطط له، بالإضافة إلى مقارنته بأداء المؤسسات المثيلة التي تمارس نفس النشاط، مما يساعد على تحديد نقاط القوة و نقاط الضعف، وبالتالي الاستراتيجيات الملائمة الواجب إتباعها.

و يمكن إيجاز أهمية تقييم الأداء في الجوانب الآتية:

- يعتبر مقياسا لمدى نجاح المؤسسة، و بالتالي إمكانية استمرارها و بقائها في العمل.

- يظهر مدى إسهام المؤسسة في عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية من خلال تحقيق أكبر قدر من الإنتاج بأقل التكاليف، مما يؤدي إلى خفض أسعار المنتجات، و من ثم تنشيط القدرة الشرائية و زيادة الدخل القومي.

- تقييم الأداء يتابع التطور الذي حققته المؤسسة في مسيرتها نحو الأفضل أو نحو الأسوأ، و ذلك عن طريق نتائج التنفيذ الفعلي للأداء من فترة لأخرى و من مؤسسة لأخرى.

- يساعد على إيجاد نوع من المنافسة بين الأقسام و الإدارات و المؤسسات المختلفة، و هذا بدوره يدفع المؤسسة لتحسين مستوى أدائها.

- يؤدي إلى الكشف عن العناصر الكفؤة و وضعها في المواقع الأكثر إنتاجية، و تحديد العناصر التي تحتاج إلى دعم و تطوير من أجل النهوض بأدائها إلى مستوى الأداء الطموح.

- يؤدي إلى تحقيق الأهداف المحددة في الخطط و العمل على إيجاد نظام سليم و فعال للاتصالات و المكافئات و الحوافز الشخصية.

- توضح عملية تقييم الأداء المركز الإستراتيجي للمؤسسات ضمن إطار البيئة القطاعية التي تعمل فيها، و بالتالي تحدد الآليات و حالات التغيير المطلوبة لتحسين مركزها التنافسي.

- تعكس عملية تقييم الأداء درجة الموائمة و الانسجام بين الأهداف و الإستراتيجيات المعتمدة لتفنيدها و علاقاتها بالبيئة التنافسية للمؤسسة.

4- دور الإستراتيجيات التنافسية في تحسين الأداء:

    إن قدرة المؤسسة على تجاوز عوائق الدخول إلى صناعة ما تتوقف على قدرة إدارتها العليا على المفاضلة بين إستراتيجية قيادة التكلفة و إستراتيجية التميز بشكل خاص، و إن اختيار أي من الإستراتيجيتين مرتبط أساسا بقدرة الإدارة على تحليل عوائق الدخول و محاولة تكييفها مع متطلبات البيئة التنافسية، فقد حدد أحد الاقتصاديين في دراسته لعينة على المسيرين للمؤسسات الصناعية الأمريكية و التي تختلف عن بعضها البعض في الحجم و عدد المنتجات التي تقوم بتصنيعها، و كذا  الإستراتيجية التنافسية التي تعتمدها، فلاحظ أن التي تتميز بعدد محدود من خطوط الإنتاج كالصغيرة  و المتوسطة الحجم منها، تميل لاستخدام إستراتيجية تخفيض التكلفة بشكل جوهري، حيث يسعى مسيروها باستمرار إلى تجنب عوائق الدخول بخلق آليات مناسبة تتكيف مع قوى المنافسة في البيئة الخارجية،مما يمكنها من تعزيز مركزها التنافسي، في حين أن المؤسسات كبيرة الحجم تميل بشكل أكبر نحو إتباع إستراتيجية التميز في المنتجات و الخدمات كنتيجة لنطاق عملها و اشتداد ظروف المنافسة ، و هذا يجعلها تميل إلى توسيع فعاليات البحث و التطوير في مجالات الإنتاج و التكنولوجيا، و المهارات الفنية و طرائق العمل، حيث تكون فرصها في السوق أكبر من غيرها و لم يستبعد هذا الباحث استخدام هذه الشركات لإستراتيجية تخفيض التكلفة أو كلتا الإستراتيجيتين في آن واحد سعيا منها لتجاوز محددات و عوائق الدخول لقطاعات الأعمال و الأسواق الجديدة و زيادة قدرتها التنافسية بالشكل الذي يحقق لها مستوى ربحية مقبول.

    إن استعراض بعض الدراسات و الأبحاث حول الإستراتيجيات التنافسية و علاقتها بالقوى المنافسة الخارجية و مستوى الأداء، يبين أن اختيار الإستراتيجية المناسبة يتوقف على قدرة الإدارة في تحديد الفرص و التهديدات و مواقع القوى و الضعف بعد دراسة و تحليل البيئة الداخلية و الخارجية بما في ذلك بيئة التنافس التي تنشط فيها المؤسسة، فلو أن الإدارة قررت إتباع إستراتيجية التميز في ظل التغير السريع لقوى البيئة فإن ذلك  يتطلب منها التركيز على متطلبات تنفيذ هذه الإستراتيجية من خلال تركيزها على فعاليات البحث و التطوير و تغيير تكنولوجيا المنتج و نظام تقسيم الوظائف حسب مستوى المهارات و الكفاءات...

أما في حالة لجوء المؤسسة لإتباع إستراتيجية قيادة التكلفة فيمكنها التركيز على اقتصاديات الحجم   و قرارات الاستثمار...

إن استخدام الإستراتيجيات التنافسية يمثل عامل قوة أو ضعف اعتمادا على قدرات الإدارة و إدراكها لطبيعة ظروف البيئة الاقتصادية التي تعمل فيها المؤسسة، إلا أن هناك محددات تعيق من تحسين مركزها التنافسي و قدرتها على مواجهة قوى المنافسة في البيئة الخارجية، مما ينعكس سلبا على أدائها و تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

وحتى تتمكن المؤسسة من إعطاء قياس صحيح و تقييم شامل لأعمالها و أدائها قد تلجأ إلى أسلوب القياس عن طريق المؤشرات المالية التي أصبحت أكثر شيوعا في هذا المجال، إذ تعد من أهم أدوات التحليل لتقييم المركز الإستراتيجي للمؤسسات و قياس أدائها خلال فترة معينة، و ذلك بإجراء المقارنات بين المؤشرات المالية للمؤسسة و المؤسسات المنافسة ضمن إطار البيئة القطاعية.

المصدر: من إعداد بوجحيش خالدية بالإعتماد على بعض المراجع
  • Currently 113/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
37 تصويتات / 13099 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

55,531