<!--[if !mso]> <mce:style><! v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} -->
<!--[endif] -->
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ "
التدويد
التعريف : التدويد ببساطة هو الإصابة بالدود، والتسويس هو الإصابة بالسوس أو الخنافس. فكثيرا ما نقول الجبن مدوّد، أو الفول مدوّد أو حتى مسوّس. أو نقول القمح مسوّس أو نقول الخشب مسوّس. أو الشجرة مسوّسة. ولكن في الحقيقة أن تلك الأشياء هي مدوّدة وليست مسوّسة. فالضرر الحادث يكون بفعل الدود على الأغلب وليس بفعل السوس. فالخشب على سبيل المثال الذي يتحول إلى مسحوق يكون بفعل الدود داخل الخشب والذي فقس من البيض الذي وضعته الخنافس. والجبن أو اللحم المدوّد إنما حدثت فيه الأضرار والتلف والفساد بفعل اليرقات (الديدان) الناتجة من فقس بيض الذباب أو الخنافس التي أصابته.
فالتدويد فى الإنسان أو الحيوان هو اصطلاح عام لإصابة مرضية بيرقات ذباب طفيلي يتغذى على الأنسجة الحية للعائل. وعندما يتوجه الهجوم ضد أنسجة ميتة أو مواضع ميتة بالنسيج الحي فان الحالة لا تكون ضارة بالضرورة، بل قد تكون التأثيرات مفيدة أو لها قيمة في العلاج بالدود الذي- سبق الكلام عنه. إن التعبير العاميّ للتدويد في الإنسان والحيوان يتضمن ضربات الذباب وضربات الذباب النافخ والانتفاخ الذبابي.
ولأن الحيوانات لا تستطيع رد الفعل بكفاءة مثل الإنسان حيال مسببات وتأثيرات التدويد - حيث لا يستطيع إبعاد وطرد الذبابات الواضعة للبيض والتي تهاجمه- فان تلك الحالة تبدى مشكلة خطيرة لصناعات تربية الحيوانات الزراعية مسببة خسائر فادحة على نطاق العالم. وبالرغم من أن الإصابة بيرقات الذباب تعتبر أكثر خطورة بكثير وأكثر شيوعا في الحيوانات إلا أنها تعتبر متكررة نسبيا في البشر في المناطق الريفية والمناطق الاستوائية وتحت الاستوائية وغالبا ما تحتاج إلى رعاية طبية.
ويختلف التدويد اختلافا كبيرا في الأشكال التي يحدث بها وفى تأثيراتها على الضحايا. ويعتمد ذلك الاختلاف اعتمادا كبيرا على نوع الذباب وأين يكون موضع اليرقات. بعض الذباب يضع بيضة على الجروح المفتوحة ويرقات أخرى قد تحتاج الجلد السليم أو تدخل الجسم من خلال الأنف أو الأذن ويبقى البعض الأخر قادرا على الدخول بالابتلاع إذا وضعت الذبابة بيضها على الشفاه أو على الغذاء.
ولقد سكّ الكاهن "فريدريك ويليام هوب" اصطلاح التدويد "مييسيس "Myiasis عام 1840 ليشير إلى الأمراض التي تنجم عن يرقات الذباب كمناقض لتلك الأمراض المتسببة بيرقات حشرات أخرى خلاف الذباب. ولقد وصف "هوب" حالات متعددة من التدويد من جامايكا تسببت من يرقات غير معروفة أدى إحداها إلى الوفاة. إذا فهناك إصابات يمكن أن تحدث للإنسان بديدان (يرقات) حشرات أخرى خلاف الذباب، فيمكن أن يصاب بيرقات فراشات أو بيرقات خنافس، ولكن لذلك قصة أخرى! وبالرغم من أن اصطلاح "التدويد مييسيسMyiasis "استعمل لأول مرة عام 1840 الا أن تلك الحالات كانت قد عرفت منذ العصور القديمة.
دورة الحياة:
يعرف التدويد بضربات الذباب النافخ وهو الذي يشيع تأثيره على الأغنام وبخاصة عندما يكون الجو حارا ورطبا. دورة الحياة في الأغنام هي نفسها بالضبط المرض. فإناث الذباب تضع بيضها على الأغنام في المناطق الرطبة المحمية من أجسام الغنم والملوثة بالبول والفضلات وهى غالبا أرداف الغنم. يستغرق البيض من 8ساعات إلى يوم تقريبا ليفقس اعتمادا على الظروف. اليرقات تمزق جلد الحيوان مسببة قرحا. ثم تأخذ اليرقات في الحفر من خلال القرح إلى داخل أنسجة الحيوان العائل مسببة مواضع أذى وأكلان عرضة للتلوث. بعد اليوم الثاني يحتمل التلوث البكتيري، وإذا ترك دون علاج فانه يسبب التسمم الدموي أو تعفن الدم.
ويؤدى ذلك إلى فقدان الحيوان العائل لشهيته وضعفه وهزاله، ويكون ذلك قاتلا للحيوان إذا لم يعالج. إن ضربات الذباب النافخ تسبب خسائر تقدر بنحو 170 مليون دولار سنويا في الغنم الاسترالي مع أنهم يمارسون هناك أقصى وسائل الحماية. تلك الوسائل تتضمن التدخلات الجراحية لإزالة المبكرة لذيول الحملان! الديدان تصيب أيضا عادة منطقة الفرج مسببة حالة تسمى تدويد الفرج.
هذه المشكلة لا تقتصر على أستراليا ونيوزيلندا. إنها تحدث على مستوى العالم كله، وبخاصة في الدول التي تعيش فيها الحيوانات الزراعية تحت ظروف السخونة والرطوبة، والتي تشمل أيضا معظم أفريقيا والأمريكيتين والتي تتراوح بين المناطق الباردة في الشمال وخطوط العرض في الجنوب. إن التدويد ليس قاصرا على الأغنام. فالذبابة الحلزونية "كوشليوميا هومينيفوراكس"على وجه الخصوص سببت فقرا مدقعا وتعاسة لا حصر لها من خلال هجماتها على الماشية والماعز قبل تقنية تعقيم الحشرة وإقصاءها من مناطق واسعة.
تصنيف التدويد:
ويصف عالم الحشرات الألماني "مزتيز ذامبت" التدويد بأنه "إصابة الإنسان الحي أو الحيوانات الفقارية الحية بيرقات "ثنائية الأجنحة" (الذباب) والتي تتغذى على الأقل لفترة ما على أنسجة العائل الحية أو الميتة أو على مواد الجسم السائلة أو على الغذاء الذي يتناوله". ومن ناحية الغايات العصرية يعتبر ذلك مبهما أكثر من اللازم. فعلى سبيل المثال فان التغذية على الأنسجة الميتة لا تكون مشكلة بصفة عامة إلا عندما تهاجم يرقات مثل ذباب عائلة "بيوفيليدى"(ذباب الجبن الذي سبق الكلام عنه في دود المش) عندما تهاجم الغذاء المخزن مثل الجبن أو اللحم المحفوظ. ذلك النشاط يقترح بالأحرى حالة "الترمم" أكثر منه التطفل"، وحتى من الناحية الطبية يعتبر مفيدا في العلاج بتنظيف الجروح بالديدان (والذي سبق الكلام عنه في موضوع الجراحة بالدود).
ويقسّم أو يبوّب التدويد عموما تبعا للسمات المتعلقة بالحالة:
(1)الوصف التقليدي للتدويد تبعا للجزء من العائل الذي أصيب بالدود:
ذلك التصنيف المستعمل بواسطة"التصنيف الاحصائى الدولي للأمراض والمشكلات المتعلقة بالصحة ICD-15 الذي بدأ عام 1983 فعلى سبيل المثال هناك:
1-تدويد جلدي.
2-تدويد تحت جلدي.
3-تدويد متعلق بالجلد:
- التدويد الزاحف: عندما تحفر اليرقات خلال أو تحت الجلد.
- تدويد دملي جلدي: عندما تبقى اليرقة في بقعة واحدة أو بثرة واحدة مسببة موضع ضرر يشبه حرق الماء المغلي.
4- تدويد أنفى بلعومي يشمل الأنف أو التجويف الأنفي أو البلعوم.
5- التدويد المردى أو البصري داخل أو حول العين.
6- التدويد السمعي داخل أو حول الأذن.
7- التدويد المعدي أو المستقيمى أو المعوي تبعا للجزء المصاب من القناة الهضمية.
8- التدويد البولي التناسلي.
وعلى ذلك فهناك اصطلاحات مختلفة استحدثت لوصف التدويد الذي يؤثر في الأجزاء المختلفة من الجسم. فمثلا هناك التدويد الجلدي Cutaneous وهو التدويد الجلدي أو التدويد تحت الجلدي، وهناك التدويد البولي التناسلي Urogenital myiasis ، والتدويد البصري Ophthalmic or Ocular myiasis ،و التدويد الأنفي الحنجري Nasopharyngeal ، والتدويد المعدي المعوي Intestinal myiasis ، وعندما تحفر اليرقات تحت الطبقات السطحية مباشرة للجلد فهي تسمى أحيانا التدويد الزاحف أو التدويد المتسلل Creeping myiasis أو Creeping eruption ، وعندما ينجم عن التدويد الضرر المشابه لضرر الماء المغلي يستخدم اصطلاح تدويد البقعة المغلية Furuncular mytasis ، وعندما تصبح الجروح ملوثة فانه غالبا ما يطلق عليها Traumatic myiasis أى التدويد الجرحى.
(2) وهناك سمة أخرى لتصنيف التدويد وهى العلاقة بين العائل والطفيلى، وتلقى الضوء على بيولوجية نوع الذبابة المسببة للتدويد وتأثيراتها المحتملة:
وعلى ذلك فان التدويد هنا يوصف بأنه واحد من حالتين:
1- تدويد اجبارى حيث لا يستطيع الطفيلي إتمام دورة حياته بدون طوره المتطفل والذي قد يكون متخصصا أو شبه متخصص أو "انتهازيا". وفى التدويد الاجبارى فانه من الضروري ليرقة الذبابة (الدودة) أن تعيش على عائل حي على الأقل لجزء محدد من حياتها. على سبيل المثال فانّ يرقات ذبابات "كورديلوبيا انثروبوفاجا" وذبابة "كوشليوميا هومينيفوراكس" و "كرايسوميا بيزّيانا" و "درماتوبيا هومينيس" وذبابة "وولفارتشيا ماجنيفيكا" كلها طفيليات إجبارية على الإنسان والحيوانات الفقارية (ذوات الهياكل العظمية).
ذبابة نغف الانسان "ديرماتوبيا هومينيس" تدويدها يعتبر اجباريا متخصصا
التدويد بيرقات ذبابة نغف الانسان "ديرماتوبيا هومينيس"
يرقة (دودة) ذبابة نغف الانسان وعلى جسمها حلقات من الأشواك الت تثبت بها نفسها فى نسيج الانسان أو الحيوان تحت جلده
2- التدويد الاختياري وهو التدويد العرضي أو غير المقصود أو غير المتعمد، حيث لا يكون هناك ضرورة لدورة حياة الطفيلي بأن يصيب العائل أي أنّ الذبابة تستطيع أن تمضى دورة حياتها كاملة دون الحاجة للتطفل على حيوان أو إنسان. فربما أن اليرقة التي تعيش طبيعيا حياة حرة تكون قد أحرزت أو استطاعت بطريقة غير مقصودة أو غير متعمدة الدخول إلى العائل. وعلى النقيض فانه في حالة التدويد العرضي أو الاختياري تكون اليرقات حرة طبيعيا في المعيشة، وهى غالبا تهاجم الجثث، ولكن تحت ظروف معينة ربما أنها تصيب عوائل حية.
وهناك أنماط متعددة من الذباب الذي يسبب التدويد العرضي أو الاختياري تتضمن أنواع ذباب:
ليوسيليا Lucilia
و كالليفورا Calliphora
و ساركوفاجا Sarcophaga
و فورميا Phormia
وهى الأنواع التي تتربى طبيعيا في اللحم أو في القذر وقد تسبب تدويدا عرضيا جلديا للناس بإصابة القروح والجروح المتعفنة.
ذابة اللحم "كالليفورا" تسبب التدويد الاختيارى
يرقات ذبابة اللحم "كالليفورا" يمكنها أن تحدث تدويدا اختياريا
والتدويد غير المقصود أو غير المتعمد يكون بالدخول الناتج عن ابتلاع بيض الذباب أو اليرقات مع أحد الأغذية. والتأثير هنا يسمى بالتدويد الكاذب . Pseudomyiasis وقد كان أحد الأسباب التقليدية للتدويد الكاذب أكل ديدان ذبابة الجبن (دود المش). وقد يسبب التدويد الكاذب أعراضا طبية هامة تبعا لنوع ديدان الذباب الموجود في القناة الهضمية، ولكن المرجح أنّ أغلب الحالات تمرّ دون ملاحظة.
مسببات التدويد في الإنسان:
هناك ثلاثة عائلات ذبابية رئيسة تسبب التدويد الاقتصادي الهام في الحيوانات الزراعية وتسبب التدويد قدريّا في الإنسان:
1- عائلة كالليفوريدى calliphoridae "الذباب النافخ".
2- عائلة ساركوفاجيدى Sarcophagidae "ذباب اللحم".
3- عائلة أوستريدى Oestridae "ذباب النغف".
وهناك عائلات ذبابية أخرى تتورط في التدويد قدريا وهى:
1- انيزوبوديدى Anisopodidae
2- بيوفيليدى Piophilidae (تذكر دود المش)
3- ستاراتيومايدى Staratiomydae
4- سيرفيدى Syrphidae
التدويد المتخصص:
يتسبب بذباب يلزمه بالضرورة إنسان أو حيوان عائل لنمو يرقاته ويسببه:
1- نغف الإنسان "ديرماتوبيا هومينيس Dermatobia hominis "
2- ذبابة تومبو "كورديلوبيا انثروبوفاجا Cordylobia anthropophaga "
3- نغف الغنم "أوستراس أوفيس Oestrus ovis "
4- نغف الماشية أو نغف الثور "هيبودرما Hypoderma spp. "
5- نغف معدة الخيل "جاستروفيلاس Gastrophilus spp. "
6- ذبابة العالم الجديد الحلزونية "كوتشليوميا هومينيفوراكس Cochliomyia hominivorax "
7- ذبابة العالم القديم الحلزونية "كريزوميا بيزّيانا Chrysomya bezziana "
8- دودة أرضية الكونغو "أوكميروميا سينجالينسيز Auchmeromyia senegalensis "
9- نغف الأرانب والقوارض "كوتيريبرا Cuterebra spp. "
التدويد شبه المتخصص Semispecific myiasis :
يتسبب بذباب يضع بيضة عادة في الحيوانات الميتة المتحللة أو المواد النباتية المتحللة، ولكنه يستطيع أن ينمو في عوائل إذا وجد فيهم قرح أو جروح، ويسببه:
1- الذبابة الخضراء "الليوسيليا Lucilia spp. "وقد سبق الكلام عنها في مسألة العلاج والجراحة بالدود
2- الذباب الأزرق "كوتشليوميا "
3- الذباب الأسود "فورميا Phormia spp. "
4- الذباب النافخ "كالليفورا " Calliphora spp. "
5- ذباب اللحم "ساركوفاجا "Sarcophaga spp. "
إن أنواع ذباب اللحم وهم أعضاء في عائلة "ساركوفاجيدى" يمكنهم أن يحدثوا تدويدا معويا في الإنسان إذا وضعت الإناث بيضها على اللحم أو الفواكه التي يتناولها الإنسان.
ولا يوجد تدويد معدي معوي اجبارى في الإنسان، وعندما يأخذ الناس ديدان (يرقات) في قنواتهم الهضمية يكون ذلك على الأغلب وعلى الأرجح بالابتلاع القدري للبيض أو اليرقات الملوث بهما الغذاء. وعلى الرغم من أن الديدان قد تكون قادرة على المعيشة لفترة ما في القناة الهضمية للإنسان إلا أنه لا يوجد نوع من الذباب قادر على التكيّف وإحداث تدويد معوي معدي في الإنسان. وعلى النقيض فان التدويد المعوي الاجبارى يحدث في الحيوانات. إن وجود الديدان في معدة الإنسان قد تسبب رغم ذلك إزعاجا كبيرا وألما في البطن وإسهالا والذي قد يصاحبه إخراج الدم والتقيؤ. وقد تمر اليرقات الحية مع البراز أو القيء. وقد يحدث التدويد البولي التناسلي العرضي أو الاختياري قدريا في الإنسان. يتضمن ذلك عادة يرقات أنواع الذباب المنزلي من أنواع فانيا Fannia أو من أنواع ماسكا Musca . فتنجذب الذبابات الإناث واضعات البيض إلى الفتحات البولية في العورات المكشوفة للإنسان وغير النظيفة صحيا وتضع بيضها بالقرب من الفتحة البولية، وتخترق اليرقات الفاقسة القناة البولية التناسلية. وقد يسبب ذلك ألما شديدا بسبب اليرقات التي تمر خلال تلك القناة، وقد تمر اليرقات للخارج أثناء التبول مع خروج المخاط والدم.
وعندما توجد اليرقات في الجروح والقروح والأنسجة الجلدية وتحت الجلدية فان إزالتها تحت ظروف معقمة يكون عادة عملية بسيطة نسبيا، وعندما تكون أعمق من ذلك منغمسة في جيوب أو تجاويف يكون إزالتها أكثر صعوبة على كل حال، ويستلزم الأمر الجراحة. إن اغلب الضرر الحادث والذي قد لا يكون عكسيا ولا يمكن إصلاحه تحدثه اليرقات.
إن أنواع الذباب الذي يسبب التدويد الاجبارى أو التدويد العرضي تقع في ثلاث عائلات وهى عائلات:
- ذباب اللحم من أنواع عائلة كالليفوريدى Calliphoridae
- ذباب اللحم من أنواع عائلة ساركوفاجيدى Sarcophagidae
- ذباب النغف من أنواع عائلة أوستريدى Oestridae
ذباب عائلة كالليفوريدى:
يمكن وصفه في مجموعتين:
مجموعة تضم الذباب غير المعدني مثل ذبابة دود أرضية الكونغو التي تسمى "اوكميروميا سينجالينسيز" وذبابة التومبو التي تسمى "كورديلوبيا انثروبوفاجا".
المجموعة الأخرى تضم ذباب كالليفورا المعدنى الذى يشمل الذباب الأزرق "Calliphora " والذباب الأخضر "Lucilia "- الذي سبق الكلام عنه في مقالات الجراحة بالدود- والدودة الحلزونية للعالم الجديد"كوستليوميا هومينيفوراكس"والدودة الحلزونية للعالم القديم "كرايسيوميا بيزّيانا".
ذباب النغف (عائلة Oestridae):
تضم عائلة أوستريدى أربعة تحت عائلات (عائلات فرعية) ثلاث منهم وهى "أوسترينى"، و"جاستروفيلينى"، و"هايبوديرماتينى", تحوى الطفيليات الإجبارية الهامة للحيوانات المستأنسة. تحت العائلة الرابعة وهى "كوتيريبرينى" تضم 83 نوعا تسبب التدويد فى القوارض والقرود والحيوانات الزراعية وذبابة نغف الإنسان "ديرماتوبيا هومينيس". تلك الذبابة الأخيرة تحدث التدويد الاجبارى للإنسان والحيوان غالبا الماشية، وتعيش في منطقة واسعة من جنوب المكسيك إلى شمال الأرجنتين في أمريكا الشمالية والجنوبية.
وبصفة عامة فان الإصابة بذباب النغف تكون على نمطين:
وهو التطفل الخارجي Ectoparasitic (كما في ذبابة "أوكميروميا لوتيولا")،
وتطفل داخلي Endoparasitic (مثل التدويد الجلدي وتدويد الأنسجة والتجاويف).
مثال التدويد الجلدي ذبابة نغف الإنسان "ديرماتوبيا هومينيس" وذبابة نغف الكوريلوبيا "كوريلوبيا انثربوفاجا". ومثال تدويد الأنسجة والتجاويف ذباب "الساركوفاجا"، وذباب "وولفارتشيا" وذباب "فانيا" وذباب النغف "أوستراس" وذباب "كرايسوبيا" وذباب "كالليتروجا".
إنّ تدويد الإنسان يعتبر أمرا شائعا نسبيا، وهو أكثر شيوعا في الدول غير النامية والدول الاستوائية وبالرغم من التقارير عن تدويد الإنسان على اتساع العالم. ويحدث أغلب التدويد عندما تحط الذبابة الأنثى على الإنسان (أو الحيوان) العائل وتضع بيضها أو يرقاتها.
تدويد الأنسجة العميقة
تغزو يرقات أنواع ذباب "كاللينتروجا" (وهى نفسها ذبابات "كوتشيلوميا")، وذباب "كرايسوميا"، وذباب"ساركوفاجا", وذباب "وولفارتشيا",وذباب "فانيا"، وذباب "أوستراس" تغزو الأنسجة بشدة عندما تضع بيضها على الجروح المفتوحة وعلى الأنسجة التالفة أو على الأسطح الإخراجية في عورات الإنسان المكشوفة بواسطة إناث ذلك الذباب. يرقات ذباب "وولفارتشيا" يمكنها اختراق حتى الجلد السليم. مواضع الأذى فى الإنسان ترى عادة في فتحة الأنف والتجويف المجاور للأنف، والأذن الوسطى، ومحجر العين. يمكن لليرقات أيضا أن تدمرالغضاريف والعظام، تلك اليرقات التي تحمل حلقات من الأشواك على حلقات جسمها، تلك اليرقات قد تمتد وتنخر الى داخل الجمجمة فى الإنسان مما يؤدى إلى الالتهاب السحائي القاتل. المواضع المتأذية تكون مؤلمة للغاية وتخرج اليرقات من تلك المواضع بعد اكتمال نموها لتسقط ولتتحول إلى عذارى (خادرات) في التربة. يكون العلاج يدويا (جراحيا) بإزالة اليرقات أو إخراجها بعد رش الموضع بالكلوروفورم. وقد يستلزم الأمر تكرار الجلسات. التلوث الثانوي يجب علاجه بواسطة مضاد حيوي واسع المجال مثل الأمبيسللين.
تدويد جلدي زاحف
التدويد الرمدى
أو التدويد البصري يسببه ذباب "كرايسوميا" وذباب النغف "اوستراس" الذي قد تضع إناثه بيضها في كيس. تخرج اليرقات الفاقسة وتحدث العطب الذي يشبه التهاب جفن العين الحاد مع أكلان شديد. ونادرا ما يحدث تقرح قرنية العين أو فقدان البصر. إن إزالة الديدان بعد تخدير العين واستعمال مضاد حيوي موضعي على العين يمكن أن يريح ويلطف الحالة.
تدويد بصري
التدويد المحجرى
إن الإصابات اليرقية المسببة للتدويد تحدث في الأنف بنسبة 81% من الحالات، وفى الأذن بنسبة 11% من الحالات، وفى الوجه بنسبة 1% فقط من الحالات. حالات التدويد المحجرى (في محجر العين) تعتبر نادرة على نطاق العالم. إن اليرقات الطفيلية الغازية قد ينجم عنها تدمير أنسجة محجر العين وتشوّهها وأحيانا الموت. وبمجرد وجود اليرقات على العين وملحقاتها البصرية فان الأعراض تعتمد على الموضع المصاب وغزو اليرقات له. وتميل أنواع الذباب اختيارية التدويد إلى إحداث إصابة بسيطة، بينما الأنواع الإجبارية التطفل يمكنها أن تكون عدوانية اجتياحية.
مظهر موضع الأذى في محجر العين الأيسر لرجل في الخامسة والخمسين من عمره مصاب بتدويد محجر العين سببته يرقات ذبابة "كوشليوميا هومينيفوراكس"
إن التدويد الأنفي والتدويد المحجرى في العالم الجديد (الأمريكتين) يتسبب عادة بواسطة ذبابة "كوتشليوميا هومينيفوراكس". الذبابة تجذبها الرائحة الكريهة لتجاويف الجسم المكشوفة أو المريضة. ويعتبر التشخيص المبكر والعلاج المبكر هام لتجنب تدميرا كبيرا للأنسجة ومكافحة الإصابات الثانوية. إن اقتراب اليرقات الغازية من الدماغ (المخ) وإمكان غزو الجمجمة داخليا من خلال قمة محجر العين يجعل ذلك حالة من التهديد الخطير للحياة.
ويتألف العلاج التقليدي للتدويد المحجرى من إزالة اليرقات من المواضع المتأثرة، وهى المهمة الصعبة والثقيلة والتي تكون أحيانا مستحيلة في الفراغات الأصغر من محجر العين. كما يقرر دواء يستعمل موضعيا يساعد على الإزالة والذي قد تكون نتائجه محبطة أحيانا. ويمكن إعطاء علاج الانفرميكتين عن طريق الفم لقتل اليرقات قبل إخراجها بالجراحة.
التدويد المعوي
قد تمر يرقات أو عذارى الذباب المنزلي"ماسكا" و"فانيا" وذباب اللحم"ساركوفاجا" مع البراز أو تظهر في القئ. البيض يوضع بواسطة إناث الذباب حول الحواف أو الشرج خلال النوم وبخاصة إذا كانت تنبعث رائحة كريهة حول تلك الفتحات (إنهم لا يغسلون تلك المناطق بعد التغوّط والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة). ولتصل الى الجهاز الهضمي العلوي فانّ اليرقات تفقس في غضون ساعات قليلة إلى يومين وتبتلع (طبعا لأن أيديهم تتنقل من شرجهم إلى أفواههم دون غسيل، والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة)، أو قد تزحف اليرقات إلى داخل المستقيم والأمعاء الغليظة. ثم تنمو في المعدة أو في داخل الأمعاء. أحيانا قد تبتلع اليرقات مع الغذاء الملوث (تغطية الأواني في الإسلام سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وواجبة صحيا حتى ولو كانت فارغة، والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة). اليرقات تسبب أعراض التهاب المعدة أو التهاب القولون والتي قد تبقى من أسابيع إلى شهور. إذا لم تتجدد أو تتكرر العدوى فان الحالة سوف تحجّم تلقائيا. يشمل العلاج إعطاء مسهلات والتأكد وإعادة التأكد من طبيعة تحجيم المرض.
تدويد المجارى البولية التناسلية
يرقات الذباب المنزلي"ماسكا","فانيا"أو يرقات ذباب "ساركوفاجا" قد تدخل إلى المثانة عندما يوضع البيض حول العضو الذكرى في العورات المكشوفة (والحمد لله على نعمة الإسلام والحياء من شعب الإيمان) وينتج أعراض إصابة مجرى البول الأسفل مع فرط إخراج بروتينات الدم مع البول، ووجود صديد في البول ونزيف دموي غزير. قد تمر اليرقات مع البول. نادرا ما يصاب الجهاز البولي عن طريق اليرقات التي تحفر طريقها من القناة الهضمية.
التدويد الفموى
ويحدث التدويد في الإنسان في الأشخاص في الأعمار المتطرفة والذين تضعف أجسامهم أو غير القادرين على بلوغ قواعد النظافة الصحية وتنظيف الجروح. ولا ننسى في ذلك المقام الوضوء خمس مرات في اليوم والاستحمام واستعمال السواك، والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة. إن الموت الموضعي لأنسجة الجروح أيّا كان أصلها يمد أو يعطى مادة نموذجية لليرقات النامية. واعتمادا على الموضع التشريحي المتأثر فانه يمكن تقسيم أنواع التدويد إلى: التدويد الجلدي,تدويد الفتحات الخارجية (الفموية, الأنفية, الرمدية, السمعية, الشرجية, التناسلية"وتدويد الأعضاء الداخلية (المعوية,البولية التناسلية). التدويد الجلدي ربما يكون هو الأكثر حدوثا والأكثر شيوعا.
تدويد فمي
إنّ الأنواع التي تحدث التدويد الجلدي وتحت الجلدي وتدويد البطانة المخاطية تتضمن ذبابة نغف معدة الخيل"جاستروفيلاس انتيستيناليس" وذبابة نغف جلد البقر "هيبودرما بوفيس" وذبابة نغف الإنسان "ديرماتوبيا هومينيس". نادرا ما تحدث الذبابة المنزلية التدويد بالرغم من كثرة وجودها.
وقد وصف كل من دوجرا ومهاجان عام 2009 حالة فتاة عمرها 16 سنة تعانى من شلل دماغي تشنجي. كان عندها حمّى بصفة عرضية، وتنفس كريه الرائحة، واحمرار الجلد، وانتفاخ متقرح ومعطب على سقف الحلق الأمامي والذي يخرج منه الصديد والديدان. أزيلت الديدان يدويا وتتابعت جلسات النظافة الصحية والعناية بالجرح والمضادات الحيوية والإمداد بالمواد الغذائية. وكانت اليرقات من الذباب المنزلي.
مكافحة التدويد الذبابي
أول الطرق في المكافحة هو المنع والمساعدة في استئصال الحشرات اليافعة من الذباب قبل أن تتمكن من إحداث أي ضرر، وتسمى بمكافحة المسبب. الطريقة الأخرى هي العلاج بمجرد حدوث الإصابة والاهتمام بالإنسان أو الحيوان المصاب.
المنع
الطريقة الأساسية لمكافحة عشائر الذباب المسبب للتدويد تتضمن استخدام المبيدات الحشرية في البيئة التي تحفظ وتربى فيها الحيوانات الزراعية. وقد تستعمل مبيدات من مركبات الفسفور العضوية أو مركبات الكلور العضوية في تجهيزات للرش. وأحد الطرق البديلة للمنع هو استئصال نوع الذباب المسبب باستخدام تقنية تعقيم الحشرات حيث يتم تعقيم أعداد كبيرة من ذكور الذباب المربى صناعيا، ثم إطلاقها في البيئة. فتتنافس الذكور المعقمة مع الذكور الخصبة الموجودة بريّا في البيئة على التزاوج وتلقيح الإناث الطبيعية، مما يؤدى إلى وضع الإناث الطبيعية الملقحة بالذكور المعقمة بيضا غير مخصّب لا يستطيع أن ينمو إلى يرقات فلا يفقس البيض.
أحد طرق المنع المستخدمة في أستراليا ونيوزيلندا يتضمن إزالة أكثر البيئات أو الأماكن تفضيلا للذباب مثل البتر"بإزالة ذيل الحيوان". وهناك مثل آخر وهو إزالة الصوف من حول الذيل وبين الأرجل الخلفية للغنم والذي يشكل بيئة مفضلة لليرقات. وهناك ممارسة أكثر استدامة وأقل إنسانية والتي استخدمت في بعض الدول مثل استراليا ونيوزيلندا وهى سلخ المؤخرة حيث يبتر الذيل ويزال جلد الحيوان عندما يكون صغيرا ليضيّق بقية الجلد ويتركه أقل جاذبية لهجوم الذباب. وهناك نشطاء ومنهم جمعيات الرفق بالحيوان والعديد من المشاهير وأهل الفن قاموا بحملات لحضّ المزارعين على الكف عن عملية السلخ.
ويتضمن السلخ إزالة سلخات من الجلد الذي يحمل الصوف من حول مؤخرة "أرداف الحيوان"من الغنم لمنع هجمات الذباب "التدويد" في المناطق التي تعم فيها المشكلة. هذه العملية هي ممارسة شائعة في استراليا كطريقة لتقليص حدوث ضربات الذباب لأغنام "الميرينو" المنتجة للصوف. وفى يوليو 2009 مزق نواب صناعة الصوف في البرلمان الأسترالي تعهدا سابقا اتخذ في نوفمبر 2004 للإيقاف التدريجي لممارسة السلخ في أستراليا بحلول 31 ديسمبر 2010. ولقد أوقف السلخ الذي يمارسونه في نيوزيلندا.
ولمنع التدويد في الإنسان هناك احتياج لتحسين النظافة الصحية العامة والنظافة الصحية الشخصية ولإبادة الذباب بالمبيدات الحشرية. يجب غسل الملابس جيدا، ويفضل أن يكون بالماء الساخن وتجفف بعيدا عن الذباب الذي يضع بيضه ويرقاته أيضا على الملابس المبتلة المنشورة للتجفيف، وتكوى الملابس جيدا بعد التجفيف لقتل البيض واليرقات المحتمل وضعه على الغسيل المنشور قبل الجفاف. إن حرارة المكواة تقتل بيض الذباب المسبب للتدويد.
العلاج
يجرى العلاج بمجرد حدوث الإصابة. في كثير من الدوائر الطبية يكون أول استجابة للتدويد الجلدي بمجرد تكوين الدودة لفتحة التهوية هو تغطية الفتحة تغطية سميكة بالفازلين. إن العجز في الأكسجين الذي يسببه سد فتحات تهوية اليرقة بالفازلين يدفع أو يجبر اليرقة على الخروج من تحت الجلد إلى السطح، حيث يمكن التعامل معها بسهولة أكثر.
وفى الإطار السريرى أو البيطري ربما لا يكون هناك وقتا لتلك الاتجاهات التجريبية، ويكون الخيار العلاجي مباشرا بشق الجرح أو بدونه. فأولا يجب اقتلاع اليرقة من خلال الضغط حول موضع الإصابة وباستخدام الملقط. وثانيا يجب تنظيف الجرح وتطهيره. ومن الضروري السيطرة بعد ذلك لتجنب تجدد الإصابة.
قد تعامل الحيوانات الزراعية وقائيا بمركب من حبيبات طويلة المفعول (بطيئة الانطلاق) تحتوى على انفرميكتين والذي يزود الحيوان بوقاية طويلة المفعول ضد نمو يرقات الذباب في الأنسجة. والانفرميكتين Invermictin هو مضاد واسع المجال للطفيليات مشتق من الأفيرميكتينات Avermictins الطبية وهى سلسلة قوية المفعول ضد الديدان الطفيلية. ويؤخذ الانفرميكتين عن طريق الفم أو بالحقن.
الأغنام يمكن تغطيسها لنقع الحيوان في مبيد طويل المفعول لتسميم اليرقات قبل أن تنمو وتصبح مشكلة.
وبعد..
يالله؟ كل تلك المشاكل والمآسي يحدثها الذباب؟ بل مجموعة صغيرة من أنواع الذباب؟ نحو 150 نوع فقط من الذباب الذي يحدث التدويد في البشر والحيوان من أكثر من 150000 نوع معروف من الذباب؟ أي نحو جزء من ألف جزء من أنواع الذباب المعروف في العالم يحدث التدويد؟ لم أتكلم عن مئات الألوف من الأنواع التي خلقها الله ولا نعرفها حتى اليوم. ولم أتكلم عن أعداد الذباب من كل نوع ليس في العالم بل في حي صغير! لا بل في كومة واحدة من القمامة! كل تلك القوى الجبارة العاتية التي يعجز الإنسان عن اتقائها ومواجهتها أودعها الله في الذباب؟ ويضرب الله المثل بذلك الذباب في الضعف وفى المهانة؟ ويتحدى الله به الإنسان أن يخلق مثله؟
إن الإنسان لا يستطيع أن يمنع ذبابة من تدويده ولا تدويد ممتلكاته الحيوانية! إن الذباب أذلّ الإنسان! نعم أن ذلك المخلوق المهين أذلّ الإنسان! انه يستطيع أن يدوّد رأسه وأذنيه وعينيه وفمه وشفتيه. انه يستطيع أن يدوّد له جلده الذي يتباهى به ويعتني به ليلا ونهارا ويعرضه ويستعرضه! نعم في أي مكان في جسد الإنسان يستطيع ذباب النغف أن يدوّده له. ببساطه يضع بيضه أو يرقاته في ملابسه المنشورة للتجفيف بعد الغسيل فيلبسها الإنسان فتخترق اليرقات جلده في أي مكان في جسمه ولو كان مكانا حساسا! انه يستطيع أن يدوّد له فرجه وجهازه التناسلي ولا يبالى فلا تغضب ربك! إن ذلك الذباب يستطيع أن يدوّد للإنسان فمه فلا تفتر عن ذكر الله وقول الحق وقول الصدق! لا تغتر بالذباب. أنظر إليه باحترام.
إن أعجب ما يثير العجب أن يجنّ جنون الإنسان فيقطّع ذيول الحملان وينتزع جلود أردافها بلا رحمة وهى حيّة تتألم و لا تستطيع النطق ولا الشكوى بسبب ذلك الذباب. إنهم في أستراليا يبترون ذيول الحملان ويسلخون أدبارها حتى لا يضع الذباب بيضه ولا يرقاته عليها! وكأن علاج الصداع قطع الرأس. لقد كشف ذلك الذباب الذي ضرب الله به المثل في الضعف والمهانة كشف أسوأ ما في نفس الإنسان. لقد كشف غلظته وقسوته وإجرامه. ويتشدقون بحقوق الإنسان وحقوق الحيوان ويقيمون جمعيات الرفق بالحيوان. ويرفضون أن يصدّروا لنا الخراف لقسوتنا عند ذبحها بالسكين! إنهم يسلخونها حيّة ويستأصلون ذيولها التي خلقها لها الله وهى حيّة تصرخ بلا رحمة وبلا شفقه. بسبب الذباب. والأدهى والأمرّ أن تحتجّ جمعيات الرفق بالحيوان ويحتج النشطاء والسياسيون وأهل الفن لديهم على تلك المعاملة القاسية، وفى إطار احتجاجاتهم يخلعون ملابسهم ويسيرون في مظاهرات عرايا كما ولدتهم أمهاتهم بعد تلطيخ أدبارهم بلون الدم!!! إنهم ينتهزون كل فرصة لخلع ملابسهم والتعري!!! كل ذلك بسبب الذباب!!! حتى أنهم لا يخافون أن يضع الذباب بيضه على أجسامهم وجلودهم العارية فيدوّدون!!! كل ذلك فضحه الذباب. وتحتج بعض الدول على تلك المعاملة القاسية للحملان فترفض استيراد الصوف الناتج من خراف "الميرينو" الأسترالية! يالله لقد فجّر الذباب أزمات تجارية دولية وسبّب المقاطعة! ويسيء الدنمركيون والهولنديون إلى رسول البشرية صلى الله عليه وسلم ولا يحرك المسلمون ساكنا، ويشترون المنتجات المعادية لرسولنا الكريم ويتجرّعون البيبسي والكوكاكولا. لقد كشفهم الذباب، قسوة وغلظة لم تشهدها الإنسانية وقلة حياء وتعرّ ورفق مصطنع. كل ذلك فضحه الذباب، ولكن ليس كل الذباب، وما خفي كان أعظم.
ذلك الذباب الذي تحدى به ربنا تبارك وتعالى المشركين والكفار والملحدين والعلمانيين والليبراليين أن يخلقوا مثله، ولن يخلقوا ولو اجتمعوا له. ولو تكاتفت كل جامعاتهم ومراكزهم البحثية ومدنهم العلمية وأكاديمياتهم الشهيرة. ولو اجتمعوا له. إننا وفى القرن الواحد والعشرين حتى لا نزال ندرس ونبحث في إنزيمات الذبابة وفى جينات الذبابة. ذبابة واحدة أو بضع أنواع من الذباب من بين أكثر من 150000 نوع بسلالاتها المختلفة.
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ" (سورة الحج: آية 73)
نعم، فلا أنتم ولا ما تعبدون من دون الله من أصنام أو رؤساء أو ملوك أو سلاطين أو حكام أو أيديولوجيات أو مذاهب أو دساتير أو طواغيت بقادرين على أن تخلقوا ذبابا ولو اجتمعتم له. أنتم ضعفاء لا تستطيعون حتى منع التدويد عنكم، وهم ضعفاء لا يستطيعون عن أنفسهم منع التدويد.
أيها الإنسان، كم أنت ضعيف؟ مهما بلغت أموالك، ومهما بلغت قوتك، ومهما بلغ جمالك، ومهما بلغت وسامتك، ومهما بلغ سلطانك، تستطيع ذبابة واحدة قبل أن تسحقها أن تضع بيضها على أنفك أو على عينك أو على فمك أو على جلدك، ولو بيضة واحدة فقط، فتدوّد وأنت على قيد الحياة، فلن تنفعك مليارات العالم كله. لا تغتر فأنت ضعيف، فلا تبارز الله بالمعاصي، ولا تتكبر على منهج الله، عد إلى طريق الله فهو القوى وهو الذي خلقك وخلق الذباب، وهو الذي يقول للشيء كن فيكون.
أيها الإنسان، لا تنس، أنت ضعيف. عد إلى الله.
"ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ"
<!--<!--<!--<!--