مقدمة بدأ إحساس الإنسان بالألم والمرض منذ اللحظة الأولي التي ولج فيها الدنيا , وأخبره رب العزة جل وعلا أنه خلق في " كبد " , أي تعب شديد , ومنذ شعر الإنسان بالألم والمرض وهو يبحث حتى هذه اللحظة عما يزيل ألمه ويشفي مرضه , وعلى درب التداوي الطويل برزت أنواع عديدة من الأمراض , قابلها الكثير والكثير من الأدواء التي تعددت في أشكالها وأنواعها ما بين البسيط والمركب وما بين السحر والشعوذة وما بين الأدوية الحديثة الخاضعة لنظريات وقوانين ثابتة ومجربة , و إرهاصات العلاج للمهووسين بابتكار الأدوية . ووسط كل ما يعانيه البشر من الأمراض التي تتجدد أنواعها كلما تقدم علم الدواء في صراع متوازي ما بين المرض والدواء , نجد أن تعاليم الرسل التي تحمل العلوم الربانية قد صارت طي النسيان , ومن أهم هذه التعاليم التي أوصانا بها الرسل , ما أوصي به سيد الخلق وهادي البشرية الذي لا ينطق عن الهوى , في استخدام الحجامة التي أهملت عبر الزمن لتعود من جديد بعدما أعيا البشر استخدمهم للمركبات الكيماوية في العلاج , تعود الحجامة في ثوب العلم الحديث لتقض على أمراض لم يتمكن الطب الحديث من إيجاد علاج لها . وفي هذا الكتاب عرض لطريقة عمل الحجامة بأسلوب علمي ووقت إجراءها والشروط التي يجب اتباعها لعمل ذلك والأمراض التي تعالجها هذه الطريقة الفريدة وما ثبت عن الرسول من أحاديث إضافة إلى استعراض للفصد وطريقة إجراءه وكذلك استخدام ديدان العلق في عملية الحجامة والتي ثبت فعاليتها الشديدة في إعادة الحياة للجروح العميقة والأطراف المبتورة , داعياً من الله عز وجل أن أكون قد أضفت جديداً للمكتبة العربية .          الفهرست القسم الأول ( الحجامة الحديثة ) + ما هي الحجامة + تعرف القلب والدم قبل الحجامة + دور الكبد والطحال في تنقية الدم من الشوائب + تاريخ الحجامة + أدوات الحجامة + فوائد الحجامة + محظورات الحجامة + آلية عمل كأس الحجامة أو ما يُعرف بكاسات الهواء + أنواع الحجـام : + طريقة الحجامة الجافة + طريقة الحجامة الرطبة + طريقة تطبيق عملية الحجامة + ماذا ينبغي على المحجوم في يوم حجامته + لـــون لدم الناتج بعد الحجامة +نصائح بعد الحجامة + أماكن عمل الحجامة في الجسم  + الفصد  Venesection + متي يجب تجنب عمل الحجامة والفصد + احذوا المشعوذين واللاهثين خلف المال + نماذج من الواقع العملي + تكرار الحجامــة + أوقات الحجامة + الاختبارات المخالفة للقوانين العلمية الدقيقة لعملية الحجامة + نظرة طبية لفهم بعض الآليات التي تسلكها عملية الحجامة في الشفاء أو التحسن من عدد من الأمراض المستعصية + ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه عملية (الحجامة) بالنسبة لأمراض الطحال؟. + أثر عملية (الحجامة) على المناعة؟. + أثر عملية (الحجامة) على القلب والخثرات الدموية؟. + أثر عملية الحجامة على جهاز الهضم؟. +أثر عملية الحجامة على الجهاز العصبي والدماغ بشكل رئيسي؟.  + أثر عملية الحجامة على السكري؟. + أثر عملية الحجامة في أمراض العيون؟. + أثر عملية الحجامة على الكليتين؟. + أثر عملية الحجامة على مرض العصر الخبيث (السرطان)؟. + مقارنات معملية بين (الدم الوريدي) و (دم الحجامة): + الأخطاء الشائعة التي لم تبنَ على أسس طبية صحيحة: + دراســــة مـعمليــة :   القسم الثاني (الفصد والحجامة في الإسلام ) + الطب والتداوي في الإسلام + الحجامة     cupping + الأمراض الإمتلائية : + الأمراض المزاجية : + بعض أحاديث الرسول ( ص) عن الحجـامة + مشروعية التداوي بالحجامة + الأدلة الشرعية للعلاج بالحجامة + مواضع الحجامة التي ورد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم احتجمها + أوقات الحجامة بالنسبة لأيام الأسبوع وأيام الشهر + أنواع الحجـامة + تعريف بدودة العلق  + أخذ الأجرة على الحجامة + الفصــد عند ابن سيناء + المراجع القسم الأول الحجامة الحديثة ما هي الحجامة   كلمة الحجامة مشتقة من حَجَمَ وحَجَّم َ، نقول: حجَّم فلانٌ الأمر أي: أعاده إلى حجمه الطبيعي. وأحجم ضد تقدم ، فمن احتجم تحجم الأمراض من التعرُّض له . والحجامة هي حرفة وفعل الحَجَام ، والحَجْمُ : المَصّ يقال: حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إذا مصه. والحَجَّامُ: المَصَّاص . قال الأَزهري :يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة ؛ قال ابن الأَثير : المِحْجَم ُ، بالكسر، الآلة التي يجمع فيها دم الحِجامة عند المصّ، قا والمِحْجَمُ أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام ؛ ومنه الحديث: لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَم ٍ.( انظر لسان العرب ) .فزيادة الدم الفاسد ( الدم الفاسد: نطلق هذا التعريف على الدم الحاوي على نسبة عظمى من الكريات الحمر الهرمة وأشباهها وأشكالها الشاذة ومن الشوائب الدموية الأخرى. ) في الأبدان إثر توقف نموها في السنة الثانية والعشرين يجعله يتراكد ( يتجمع ) في أركد ( أهدئ ) منطقة فيها ألا وهي الظهر، ومع تقدم العمر تسبب هذه التراكمات عرقلة عامة لسريان الدم العمومي في الجسم مما يؤدي إلى ما يشبه الشلل في عمل كريات الدم الفتية وبالتالي يصبح الجسم بضعفه عرضة لمختلف الأمراض، فإذا احتجم عاد الدم إلى نصابه وذهب الفاسد منه (أي الحاوي على نسبة عظمى من الكريات الحمر الهرمة وأشباهها وأشكالها الشاذة ومن الشوائب الدموية الأخرى) وزال الضغط عن الجسم فاندفع الدم النقي العامل من الكريات الحمر الفتية ليغذي الخلايا والأعضاء كلها ويخلِّصها من الرواسب الضارة والأذى والفضلات. قال الرسول العربي (ص): ((الحجامة أنفع ما تداوى به الناس)). الحجامة أسلوب طبي لعلاج الأمراض وذلك بآلية تخفيف الاحتقان congestion من الأعضاء بإزالة الدم المحتبس فيها ، منها الجاف ومنها المدماة ( يخرج فيها دم ) ، ولها وقت معين في السَّنة تُجرى فيه لتكون فائدتها أفضل وأحسن لتخليص الجسم من الدم الفاسد . وقد ثبت أنها تفيد كثيراً في تخفيف ضغط الدم ,وسكر الدم ، وتحريض نقي العظام ( النخاع ) bone marrow على العمل ، وتحريض جهاز المناعة والتخلص من السموم والشحوم الزائدة. ولحجامة تفيد في تنظيم الدم الوارد إلى الدماغ، لذلك نرى الحجامة تفيد في ضعف الذاكرة ونقص التركيز، وتساعد في ضبط المشاعر والعواطف وتنظيمها، وذُكِرَ فائدتها في الصرع وتحسين السمع إذا كان سببه نقص التروية الدموية ( الإمداد بالدم ) perfusion ، وكذا التوازن الناجم عن نقص الدم الوارد، وتحسن الرؤية الناتج عن نقص التروية وتخفِّف تجلط الأوعية الدماغية بإزالة الدم المحتقن الزائد وبالتالي تقلِّل حدوث الجلطات الدماغية ، كما أنها بخفضها للضغط الشرياني تقلِّل من حدوث النزف الدماغي ، كما أن تقويتها للمناعة تقلِّل من حدوث الآفات العصبية المناعية. كما وقد ثبت جلاء البصر وتحسنه بعد إجراء عمليات الحجامة تحت أضواء الفحوص الطبية والحالة السريرية clinical  . الحجامة طريقة طبية علاجية قديمة منذ عهد أبقراط (أبو الطب).. مبدؤها يعتمد على توسيع أوعية الشرايين والأوردة مما يؤدي إلى زيادة الدم الوارد إلى المنطقة المرضية. وزيادة الدم الوارد للمنطقة المصابة يؤدي إلى زيادة في عوامل المناعة والعوامل المدافعة عن الجسم كالكريات البيض بأنواعها، وكذلك الخلايا البالعة الكبيرة وهذا يؤدي بدوره إلى عمليات كيميائية استقلابية ( أيضية ) وخلطية هرمونية تزيد من سرعة التخلُّص من الآفة lesion المسببة للمرض. تفيد هذه الطريقة بالأمراض الصدرية الالتهابية المزمنة، وفي الأمراض العصبية وأمراض جذور الأعصاب المضغوطة والمنبثقة من العمود الفقري ، وفي أمراض الأوعية التشنجية . وللحجامة دور هام في تخفيض ارتفاع التوتر الشرياني والمبدأ قائم على تخفيض المقاومة المحيطة للأوعية وتخفيف الضغط عن العضلة القلبية فهي خطة علاجية ووقائية. لحجامة تخلِّص الجسم من الدم الفاسد وتُنشِّط أجهزة الجسم كلها وخاصة نقي العظام( نخاع العظام ) الذي يهرع إلى صنع الدم الطازج كما يرتفع مستوى أداء أجهزة الدفاع والمناعة بما تضمه من كريات بيضاء ولمفاويات مما يجعلها أكثر تحفزاً على القيام بدورها في طرد السموم والجراثيم من الجسم. عُرِفَ في الطب منذ القديم حالةٌ مرضية ناتجة عن زيادة الكريات الحمر، هذه الزيادة تكون في كثيرٍ من الأحيان بعيدة عن الحد الطبيعي، مما يُشكِّل ما يُعرف باحمرار الدم، وهو الذي يحدث غالباً لدى الكهول الذين تجاوزوا عموماً سنَّ الأربعين. هذه الزيادة لا بد من التخلص منها لكي يعود لجسم الإنسان حالة التوازن الصحي التي يستطيع فيها أن يعود للحياة السليمة البعيدة عما تسبِّبه حالة احمرار الدم من خللٍ في وظيفة الجملة system الدموية ( الدورة الدموية ). تعتبر الحجامة وسيلة طبية كاملة، وقاية وعلاج، ولإزاحة جزء يسير من ستر الحجامة والحكمة الطبية منها , فقد أجرى تحليل دموي لكلِّ من يخضع لعملية الحجامة، وذلك بدراسة دم الوريد ودم الحجامة من ناحية بسيطة ألا وهي تعداد الكريات البيض.. هذه الكريات المسؤولة عن مقاومة البدن ودفاعه ضد الأمراض الإنتانية sepsis ( تعفن- إنتان - تسمم - تقيح )في كلا النموذجين من الدم ، فكانت نتائج التحليل باهرةً مدهشة، حيث وُجد أن عدد الكريات البيض في دم الحجامة يُعادل تقريباً عُشر كميته وعدده في الدم الوريدي وذلك في جميع الحالات المدروسة دون استثناء، مما يوجِّه نحو الإيمان والتأكُّد من أن عملية الحجامة تذهب بالكريات الحمراء والدم غير المرغوب فيه، وتُبقي للبدن كرياته البيضاء والتي لا يفقد منها إلاَّ النذر اليسير في حين أن الفصادة الوريدية تؤدي إلى فقد مكونات الدم المفيدة مع كرياته الحمراء المطلوب الخلاص منها، مما يجعلنا نوصي بالحجامة الوقائية والعلاجية لكلِّ إنسان مع مراعاة شروطها وأوقاتها وكلِّ ما يتعلَّق بحسن الوصول معها إلى أفضل النتائج وخير العلاج. لكي نستطيع تبرير الحجامة نعود بالذاكرة إلى تاريخ الطب وبخاصة إلى الطبيب أبقراط الذي وضع نظرية الأخلاط الأربعة وهي الدم blood والبلغم phlegm والصفراء bile والسوداء melancholia ( acedia ) . فالدم حار والبلغم بارد، وهذه الأخلاط تكون متوازنة وطغيان أحدهم على الآخر يسبب حدوث الأمراض، فزيادة الدم تسبب الأمراض الحارة وزيادة البلغم تسبب الأمراض الباردة. ومن هنا نشأت فكرة الحجامة التي تنقص من حجم الدم وبالتالي تؤدي إلى الشفاء من عدد من الأمراض. إن توفر وسائل التشخيص والتطور الهائل الذي طرأ على كافة العلوم واستخدام التقنيات الحديثة أتاح للباحثين الوقوف على حقيقة ما ورد في أحاديث وأعمال الرسول الكريم في مجال الصحة والوقاية والعناية بجسم الإنسان وما أودعه الخالق العظيم سبحانه وتعالى في هذا الجسم من أجهزة وخلايا وأنزيمات تعجز المعامل الصناعية عن تصنيعها وتقليدها. وإن النتائج المعملية التي حصل عليها تنصبُّ جميعها في تعميق فكرة الحجامة والاستطبابات التي وردت في الأحاديث الشريفة الصحيحة، ولا تتناقض على الإطلاق مع المعطيات العلمية الحديثة. ويقول الدكتور محمد فؤاد الجباصيني ماجستير في الطب البشري دكتوراه بالتشخيص المعملي من فرنسا : عندما بدأنا العمل وبدأت النتائج المعملية بالظهور كنا ننتقل من دهشة إلى دهشة ومن أعجوبة إلى أخرى، كان المرضى يدخلون علينا ووجوههم باسرة ( قانطة ) ويخرجون مستبشرين تطفح وجوههم بحمرة الحياة. كثيرون هم الذين كانت تزول شكواهم فور إجراء عملية الحجامة وهذا ما كان يواطئه من نتائج معملية تؤكد عليه، فالمناعة تزيد والكبد يعمل بسوية مثلى والكلى وكلُّ أجهزة الجسم تعود إلى تأدية وظائفها بوتيرة عالية وتضافر لا يبقى معه مرض، وازداد نشاط الدوران الدموي وتجدد شباب أفراده.. هذه الحجامة. ولكن الأروع من ذلك هو أنني ( حديث الدكتور محمد فؤاد ) كنت أعاني وراثياً من ارتفاع حمض البول في الدم وبعد أن طبقت عملية الحجامة على نفسي لم أصدق عيني، فهذا المرض الوراثي (حالتي) ذو العلاج المديد أتنفع معه الحجامة؟. وبقيت على هاجس ولكن مع توالي الأيام وبعد أن أجريت التحاليل المعملية العديدة لنفسي تأكدت أن حمض البول عندي قد عاد إلى السوية الطبيعية. فهل هذه معجزة؟؟!. تعرف القلب والدم قبل الحجامة تخيل سيارة بدون موتور ( محرك ) , بالطبع لن تسير السيارة , تخيل إنسان بدون محرك , بالطبع لن يتحرك , أوجد الخالق جل وعلا للإنسان محركاً يمكنه من التجوال بين جنبات الكون , وهذا المحرك أسميناه القلب heart , وهو قلب كل أجهزة الجسم وقلب حياة الإنسان , وهو علي عظم فائدته صغير الحجم لا يزيد حجمه علي قبضة اليد وترمز نبضاته دوماً إلى الحياة , وإذا توقف القلب عن الخفقان توقفت معه الحياة . والقلب بلغة الأرقام يزن 300 جرام تقريباً في حالته الطبيعية , وقد يصل وزنه إلى 600 جرام في حالة إصابة الشرايين artery بالتصلب نتيجة ترسيب الدهون fats على جدرها . القلب قادر على ضخ 5 لترات من الدم بواقع 70 ضخة في الدقيقة الواحدة وهو ما يعبر عنه بـ 70 نبضة pulse في الدقيقة , ويصل مجموع ما يضخه القلب من الدم في اليوم 7200 لتر , في مقابل 100000 نبضة في اليوم . وبحسبة أخري نقول أن إنساناً بلغ من العمر 75 سنة , يكون قلبه قد ضخ 200 مليون لتر من الدم ونبض 3 مليار نبضة ! يبلغ طول القلب في الإنسان 12 سم وعرضه 8 سم وسمكه 9 سم , وتقطع الدماء التي يضخها القلب مسافة 100000 كيلومتر عبر الأوعية الدموية . ويتكون القلب من أربع حجرات هي الأذين atrium الأيمن والبطين ventricle الأيمن والأذين الأيسر والبطين الأيسر , أي أن للقلب جانب أيمن وجانب أيسر يفصل بينها حاجز يمنع اختلاط الدم بين الحجرات . يشكِّل الجهاز الدورى circulatory system في جسم الإنسان شبكة مواصلات عظيمة لم يُشهد لها مثيل في الوجود في تنظيمها وتفرعاتها المعقدة الدقيقة الإشراف المحكمة السيطرة على كافة أعضاء وخلايا الجسم البشري بما تحتويه من وظائف النقل والإمداد والتوزيع الغذائي ، فغذاء العين يختلف عن غذاء الأذن الذي إن أتى إلى العين سبَّب لها العمى ، وغذاء العين إن أتى إلى الأذن سبَّب لها الصمم deafness ، وفي إمداد ساحاته القتالية التي تعتبر ميادين لحروب عالمية بصواريخ بعيدة المدى تفرزها الكريات البيضاء leucocyte كترياقات تطال أهدافها على الجراثيم القاذفة للسموم الدخيلة على الجسم . الدم Blood : هو وسط حيوي سائل تتم بواسطته كافة العمليات الحيوية في مختلف أنحاء الجسم ومن خلاله تسري الحياة وتنبعث القدرة على استمرارها، فعندما يتم هضم الطعام في المعدة والحاوي على النسب المختلفة من الحاجات الغذائية للجسم بعناصره ومركباته المختلفة يتدافع إلى الأمعاء (فيكتمل تمثُّله الهضمي) حيث تمتصه ملايين الخمائل fimbria الماصة التي تبطن الأمعاء الدقيقة بعد أن يكون قد أصبح معدّاً بخلاصته الكيلوسية chyle لنقل الممتص منه بواسطة الدم إلى الكبد فسائر أرجاء الجسم في رحلةٍ طويلة متكررة ماراً بشبكة هائلة من الأوعية الدموية كالأنهار الضخمة تشقه من أدنى الجسم إلى أقصاه محمّلة بما تحتاج إليه أعضاؤه وأنسجته من المركبات والعناصر الغذائية والماء. ومن الرئتين lungs الأوكسجين ليذهب بطريقه إلى أجهزة الإخراج فيلقي فيها ما حُمِّل به من نفايات ومخلفات كغاز الفحم السام carbon dioxide ( ثاني أكسيد الكربون ) ، والبولة urine لتقوم هي الأخرى (الأجهزة) بدورها في تخليص الجسم منها. وكذا تصب فيه المنتجات الاستقلابية ( الأيضية ) metabolism للغدد والأعضاء فيوصل بعضها إلى مكان الحاجة إليه ويطرح بعضها الآخر خارج الجسم بإحدى الطرق الطارحة للمنتجات الزائدة السامة ويُخزِّن بعضها الآخر لوقت الحاجة إليه مثل الجلوكوز Glucose (سكر الدم) الذي يُختزن في الكبد على شكل جلايكوجين (سكر معقد) . إن زمن هذه الدورة يستغرق (30) ثانية يقوم القلب فيها بدور المضخة الجبارة يساعده ضغط الشرايين والأوعية الدموية blood vessels بدور إضافي حتى يكمل الدم دورته. وفي طريق عودته التي تتم بانقباض عضلات الجسم التي تضغط بدورها على الأوردة ليعود من جديد إلى القلب. ويتم ذلك في شبكة ضخمة من الأوعية الدموية يصل قطر بعضها (2.5)سم لتستدق وتصغر في نهاياتها لتصبح أوعية شعرية مجهرية. ويبلغ مجموع أطوال هذه الشبكة (100.000)كم , أي: مرتين ونصف محيط الكرة الأرضية. وللتعرف على مكونات الدم نقوم بالاستعانة بآلة الطرد المركزيcentrifuge التي تحوي أنبوب اختبار يحتوي على قليل من الدم يدور بسرعة (3000)د/د( دورة لكل دقيقة ) ، فنجد أن مكونات الدم تترسَّب على حسب ثقلها تدريجياً لتستقر الثقيلة في قاع الأنبوب ثم الأخف فالأخف . وبذلك يتألف الدم من طبقتين : 1) طبقة رائقة يميل لونها إلى الصفرة وهي البلازما plasma وتشكل (55%) من حجم الدم. وهي تحوي المواد السكرية والأحماض الأمينية Amino acids والكالسيوم والمغنيسيوم واليود والحديد على شكل مركبات مختلفة كما تحوي الهرمونات hormones والخمائر ( الإنزيمات ) enzymes التي تسيطر على نمو الجسم وأنشطته المختلفة. 2) الطبقة السفلية تشكل (45%) من حجم الدم وهي التي تمنحه ذلك الصباغ الأحمر وتتكون من: (الصفيحات ـ الكريات البيضاء ـ الكريات الحمراء). + الصفيحات platelets : عددها (150-350) ألف/مم3 ، وحجمها (1-3) ميكرون وتنحصر مهمتها في إيقاف نزف الأوعية الدموية . +الكريات البيضاء leucocytes : يحتوي الملليمتر المكعب على (7000) كرية ، قطر الواحدة (10-12) ميكرون ، مهمتها الأساسية هي مهاجمة الجراثيم ، إذ تنسل من جدران الشعيرات إلى الأنسجة بفضل أرجلها الكاذبة التي تمكِّنها من الحركة بحركة لولبية باتجاه الجراثيم محاولة التهامها والقضاء عليها بفضل ما تحمله من مواد مخربة للجراثيم . الكريات الحمراء Erythrocytes :  ويحتوي الملليمتر المكعب من الدم على (5) ملايين كرية ليبلغ تعدادها حوالي (25) ألف مليار كرية في جسم الرجل البالغ في اللتر وذلك لاحتواء جسم الإنسان على (5-6) لتر من الدم . يتجدد منها يومياً ما يعادل (250) بليون كرية وتأخذ هذه الكريات شكل العجلات ذات الدواليب المنفوخة ، قطر الواحدة منها (7) ميكرون وتميل هذه الكريات إلى الالتصاق التصاقاً مؤقتاً (السليمة الطبيعية منها) مكونة ما يشبه صفاً متراصاً من النقود المعدنية متراكبة فوق بعضها البعض Rouleaux وذلك عائد للزوجة سطحها ولدى فحص الكريات الحمراء مجهرياً وجد أنها خلايا عديمة النوى ذات مرونة تسمح لها بأن تنثني على نفسها كما أنها ذات خاصية عالية في نقل الأوكسجين . إن الخلل الكمي والكيفي في عمل هذه الكريات الحمراء يعكس مشكلات كبرى خطيرة، شائعة آثارها بين الناس عموما ً، لذا فإن الوقاية والمعالجة بواسطة الحجامة cupping  تتركَّز عليها وتدور حول الأعضاء والوظائف المرتبطة بها فهي العنصر الدموي النشيط والفعَّال الدائم والمركزي في سير دورة الحياة والمحافظة عليها لهذا الكائن البشري.. وتاريخ ميلادها يبدأ في نقي العظام ( نخاع العظام حيث تنطلق منه ، إذ بعد نضجها تنطلق إلى مهماتها فتية نشيطة لتؤديها في الشروط الطبيعية على أكمل وجه وأتم حال. حتى إذا ما أتمت المائة والعشرين يوماً من تاريخ ميلادها غدت هرمة قد استُهلِكت جرَّاء العمل المتواصل فيأخذ نشاطها بالذبول وحياتها نحو الاضمحلال فتفقد مرونتها وقد تحولت إلى كرية ميتة عالة على الدورة الدموية فتزوي مع البلايين من مثيلاتها إلى جدران الأوعية الدموية تتدافعها الكريات الفتية الشابة معرقلة جريان الدم مما يؤدي إلى اختلالات في الجهاز الدوري مع ضعف بسيْره بشكل عام ونقص في وظائف الأعضاء ناتج عن نقص في التروية الدموية الناجمة عن إعاقات هذه الكريات ، وتظهر جلية عند الأشخاص المتقدمين في السن لعجز أجهزتهم عن درء هذه المعضلة المتفاقمة والمترافقة بارتفاع في الضغط الدموي hypertension . وقد تبيَّن أن ذلك يعود إلى عوامل عديدة مسببة ليس فقط لتلك الإعاقات، بل إلى تشكُّل الخثرات ( الجلطات ) الدموية thrombus وهي : ـ لزوجة سطوح هذه الكريات. ـ كثافتها المرتفعة . ـ لزوجة بروتينيات بلازما الدم . كل هذا يدفع الكريات إلى الالتصاق عشوائياً أو انتظامياً ببعضها بعضاً بشكل تراكبي Rouleaux سرعان ما يزول بفضل مرونة هذه الكريات الفتية أثناء تدافعها خلال دورة الدم . أما الكريات الهرمة والميتة فإنها تفقد خاصية المرونة فيكون من المتعذر أن تنفصل عن بعضها ، وبوجود الألياف والصفيحات platelets تتشكل الخثرات thromubus الدموية التي بدورها تغدو مُعيقة لحركة الدم ، ونتيجة لهذه الترسبات على جدران الأوعية ونتيجة لعرقلة سير الدم يرتفع ضغط الدم.. وحالة ضغط الدم المرتفع مع وجود الترسبات المختلفة على جدران الأوعية تؤدي لتصلب الشرايين arteriosclosis الذي يؤدي بدوره لارتفاع الضغط، وهكذا فكلٌّ منهما يؤدي للآخر . وإن وقفت حائراً لما تقرؤه متعجباً مندهشاً من أن مشاكل تصلب الشرايين الخطيرة وما ينشأ عنها كله يعود لما ذكرت من ترسبات!!. إن حدث ذلك فما عليك إلاَّ أن تطَّلع على تعريف منظمة الصحة العالمية WHo لتصلب الشرايين العصيدي atherosclerosis ، إذ تقول Who:  (إن تصلب الشرايين العصيدي هو الحالة التي تنشأ من مجموع متغيرات استحالية تحدث في الطبقة المتوسطة والبطانة الداخلية للوعاء الدموي الشرياني Intima of arteries التي تتألف من بؤرة من المتراكمات الدهنية والكاربوهيدرات المعقدة وكذلك من مواد ذات أصل دموي وكذلك مادة الدم نفسها ونسيج ليفي، وترسب من مادة الكالسيوم). هذا الوصف للحالة ومعناه: تصلب الشرايين الإكليلية coronary ، تكاد تكون مرادفة لكلمة (عصيدة) Atheroma . ما هو مصير الجلطات والكريات الهرمة ؟ لقد تبيَّن أن الجلطات والكريات الهرمة تبحث لها عن مناطق أقل نشاطاً وحركة لتأوي إليها ، وهكذا حتى يتركَّز معظمها في منطقة الكاهل ويحدث ذلك يومياً أثناء النوم في هذه المنطقة التي تعتبر أركد منطقة في جسم الإنسان ولِمَا تتصف به من أنها منطقة خالية من المفاصل المتحركة تماماً، فمفاصلها من نوع المفاصل نصف المتحركة.. والعضلات الموجودة فيها هي عضلات شد وتثبيت للعظام حتى أن وضعية الركوع تتم بتقوّس الجزء السفلي من العمود الفقري وتبقى هذه المنطقة بسوية واحدة . وبما أن شبكة الشعيرات الدموية أشد ما تكون تشعباً وغزارة في منطقة الكاهل scopula فهذا ما لا يخفى أثره في أن سرعة الدم فيه تفتر وتقل . ومثال الكريات في سلوكها في جهاز الدوران وبمنطقة الكاهل scopula خصوصاً، أشبه ما يكون بالنهر مع رسوبياته ، فالنهر يكون بأشد قوة جريانه عند المنبع يجرف أمامه كل شيء إلاَّ ما ثقل كثيراً، ثم تراه يخف تدريجياً في الوسط حتى يصبح عند مصبه هادئاً يكاد أن يكون راكداً، حيث تحط رسوبياته التي كانت عالقة بمياهه الجارية رحالها في قعره. ففي منطقة الكاهل تنخفض سرعة الدم في الأوعية السطحية لحدود دنيا (الشعرية في الجلد) وفي الأوعية الدموية العميقة منها (العضلات وطبقات الجلد العميقة) فتحط رسوبيات الدم رحالها فيها لتنخفض بذلك سرعة الدم أكثر.. وهكذا في علاقة عكسية بينهما مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط الدموي في الجسم . هذه الصفات مجتمعات تدفع الكريات الهرمة والميتة مع الشوائب الدموية والخثرات إلى الترسُّب في هذه الأوعية يومياً (وخصوصاً أثناء النوم لهدوء الدورة الدموية) . إذ أنه من المعلوم أيضاً أن الكريات الحمراء التي دنا أجلها ومع مرور الزمن يصبح من العسير عليها اجتياز الدوران الدقيق. وقد تظهر هذه الترسبات بشكل بدائي متمثلة بتفشي آلام الظهر في منطقة الكاهل ، فنلجأ إلى التدليك الرياضي Massage لهذه المنطقة الذي يعمل مفعوله آنياً في تنشيط حركة الدم فيها وزيادة التروية الدموية لنسجها فيجرف تيار الدم المتدافع بالتدليك ما تراكم فيها من شوائب دموية وسموم ، وهي المواد الضارة (الناتجة عن عمليات استقلاب الخلايا) المسببة للألم unwanted materials (كأمثال حمض اللبن Lactique Acid) ويغذيها بالغذاء والأوكسجين الكافي . TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0in 0in 0pt; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KAS
  • Currently 91/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 1458 مشاهدة
نشرت فى 23 يوليو 2008 بواسطة kazlak5000

ساحة النقاش

shereen72

جزاك الله خيرا على هذه المعلومات القيمة.

عدد زيارات الموقع

19,753