مظاهر الحضارة والعمران في عهد الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني
1878-1913م
( المدرسة المعمارية التقليدية في قطر)
بقلم د.محمود رمضان

...
السياسة والعمران علمان متضامنان، بل يمكن القولُ أنه، ما من ترابطٍ بين علمٍ وعلمٍ آخر يعادلُ تلك العلاقةَ القائمةَ بين السياسةِ والعمرانِ، إنهما الوجهان لقطعة عملة واحدة، ومن ثم لا غنى لأحدهِمِا عن الآخرِ. فالسياسة علم بناء الدولة وقوتها واستقرارها الداخلي والخارجي، والعمران هو علم بناء وتخطيط وإعمار الدولة، ومع الاستقرار السياسي والاجتماعي تتقدم حركة العمران حتى يصبح العمران رمزاً من رموز هيبة الدولة.
أحدث الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني توازناً بين السياسة وإستراتيجية الدفاع والعمران، مثلما حرص على إحداث توازن بين بريطانيا والدولة العثمانية–فيما يخص قطر- بشأن التنافس بين القوتين العظمتين على شبه جزيرة قطر، لكن حكمة الشيخ جاسم بن محمد حالت دون السيطرة البريطانية، وشهد عهد الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني حركة عمرانية واسعة، تمثل ذلك في تنوع العمارة المدنية والدينية والدفاعية والخيرية ومنها، بناء مجموعة من القصور والدور المحصنة بقطر، كما أمر بإنشاء مسجد القبيب، وتحصين مدينة الدوحة وتشيد مجموعة من الأبراج لحمايتها، بالإضافة إلى تشيد عدة قلاع دفاعية مثل قلعة الوجبة وقلعة الدوحة وقلعة الوسيل.
لقد حققت الحركة العمرانية في قطر في عهد الشيخ جاسم بن محمد 1878-1913م إنتاج معماري ضخم ومتنوع شَّكل النمط المحلي للعمارة التقليدية في قطر في تلك الفترة، ومع أتساع المدن وازداد معدل نمو السكان في القرن العشرين تعدد الأنماط والأشكال العمرانية وخاصة السكني منها، ولم يحتفظ إلا القليل من تلك المباني الحديثة بالعناصر المعمارية المميزة للعمارة التقليدية التي تعتبر الموروث العمراني التقليدي في قطر أهم روافدها.

قلعة الوجبة
التاريخ: (1285هـ/ 1868م)
المنشئ: ( الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني)
تزخر شبه جزيرة قطر بالعديد من المنشآت المعمارية الدفاعية، تشتمل تلك العمائر علي المدن المحصنة، القصور المحصنة، الحصون، القلاع، الأبراج الإسلامية، والمرابط الخاصة بتربية الخيول، وقد احتفظت المنشآت المشار إليها بكثير من السمات المعمارية العامة التي تميز العمارة الدفاعية الإسلامية فـي قطر والخليج العربي، حيث أنها جزء لا يتجزأ من طرز العمارة الإسلامية بشكل عام، والعمارة فـي شبه الجزيرة العربية والخليج فـي العصر الإسلامي بشكل خاص، وتعتبر قلعة الوجبة من أهم القلاع التحصينية في دولة قطر.
الموقع:
تقع قلعة الوجبة بروضة الوجبة فـي جنوب غرب الدوحة التي تبعد عنها مسافة 15كم، وهي روضة دائمة الخضرة ومياها عذبة، واشتملت علي ثلاثة آبار عميقة ذات شواهد معمارية متقدمة فـي وسائل جلب المياه.
المعني اللغوي للوجبة (الوقبة)
الوجبة صوت الشئ يسقط فيسمع كالهدة، وجبت الإبل ووجًبت إذا لم تكد تقوم عن مباركها، ويقال للبعير اذا برك وضرب بنفسه الارض قد وجب توجيبا، ووجبت الإبل إذا أعيت، ووقب وقب الأوقاب الكوى وأحدها وقب والوقب فـي الجبل نقرة يجتمع فيها الماء والوقبة كوة عظيمة فيها ظل والوقب والوقبة نقر فـي الصخرة يجتمع فيه الماء وقيل هي نحو البئر فـي الصفا تكون قامة أو قامتين يستنقع فيها ماء السماء وكل نقر فـي الجسد وقب كنقر العين والكتف ووقب العين نقرتها تقول وقبت عيناه غارتا وفـي حديث جيش الخبط فاغترفنا من وقب عينه بالقلال الدهن الوقب هو النقرة التي تكون فيها العين والوقبان من الفرس هزمتان فوق عينيه والجمع من ذلك وقوب ووقاب ووقب المحالة الثقب الذي يدخل فيه المحور ووقبة الثريد والمدهن ووقب الشيء يقب وقبا دخل وقيل دخل فـي الوقب وأوقب الشيء أدخله فـي الوقب وركية وقباء غائرة الماء ومنه قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب.
تاريخ القلعة
بنيت قلعة الوجبة فـي أواخر القرن الثالث عشر الهجري، التاسع عشر الميلادي وشهدت القلعة تسجيلاً لانتصار الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني وأولاده وأهل قطر علي الجيوش العثمانية في 1310هـ / ليلة 25 مارس 1893م ، حيث تحركت القوات التركية من الدوحة تجاه الوجبة ، وهاجمت قلعتها إلا أنها هزمت وتشتت أفراد قوتها واضطرت في نهاية الآمر إلي الانسحاب بعد أن تكبدت القوات العثمانية خسائر كبيرة في العتاد والعدة، وكتب النصر لقطر، وتقلص حكم الدولة العثمانية في قطر بعد هذه المعركة وثبت المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني أركان إمارته في ظل زعامة أمنت بالله ورسوله، ووضعت سيادة الأرض والشعب وحريتهما نصب عينيه، فأستحق تقدير أهله وشعبه على زعامته التي سجلت اسمه في سجل الزعماء العرب على مر التاريخ ، وظل الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني شيخاً لقطر حتى وفاته عام 1331هـ/1913م.

وقد كانت القلعة فـي الفترة العثمانية ذات بناء مرتفع من الحجر، حيث كانت تشاهد من ميناء الدوحة، وكان لا يفصلها مبان حتى ساحل البحر، وهي ذات مساحة مستطيلة يبلغ سمك جدرانها حوالي 100سم، وارتفاعها ستة أمتار، وتحتوي علي أربعة أبراج اثنان دائريان وآخران مستطيلان فتحت فـي جمعيها وجدران القلعة مجموعة من المزاغل الحجرية التي كانت تستخدم فـي الدفاع عن القلعة وقت الحرب، ويتوج الأبراج من أعلي صف من الشرافات الحجرية المدببة.
التكوين العام:
وتتكون القلعة من مساحة مستطيلة الشكل تمتد من الشمال إلي الجنوب 44م، ومن الشرق إلى الغرب 26م، ويتوسطها فناء أوسط مكشوف مستطيل الشكل وتحيط به مجموعة من الحجرات، يبلغ عددها تسع عشرة حجرة فـي المستوي الأرضي وحجرات أخرى ملحقة بالأبراج، بالإضافة إلي ليواوين يطلان علي الفناء الأوسط، وذلك ببائكة لها عقود مستقيمة، بالإضافة إلى مسجد القلعة الذي يتكون من رواقين أثنين وحنية محراب، وفتحت بجدران الأروقة المذكورة عدة دخلات لحفظ المصاحف، وغطيت حجرات وملاحق القلعة بأسقف من الدنشل، البازجيل والمنغرور الذي أعيد تجديده حديثاً.

المصدر: مؤلفات د.محمود رمضان خبير الآثار والعمارة الإسلامية- المصدر: محمود رمضان ( دكتور ): القلاع والحصون في قطر، الدوحة 2010م. تنويه: ( جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمؤلف بموجب القانون رقم(7) لسنة 2002م وبموجب شهادة قيد بإيداع مصنف بمكتب حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة بمركز حماية حقوق الملكية الفكرية - وزارة العدل بدولة قطر بتاريخ 18/07/2010م - رقم الإيداع :702 / ح م ح م، اسم المصنف: القلاع والحصون في قطر، مالك المصنف: محمود رمضان عبدالعزيز خضراوي

ساحة النقاش

د.محمود رمضان عبدالعزيز خضراوي Dr. Mahmoud Ramadan Abdel-Aziz Khadrawi

katara
د.محمود رمضان عبدالعزيز خضراوي Dr. Mahmoud Ramadan Abdel-Aziz Khadrawi »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

147,632