مهرجان القدس – مؤسسة يبوس .

ندوة : العمل الثقافي في القدس ، واقع وافاق .

26/7/2011 .

كامل الباشا .

[email protected]

العمل الثقافي في القدس – واقع ، فهل أفاق ؟

اود في مداخلتي هذه ان اكون مشاكسا ، ذلك ان ما اطلق عليه ربيع الثورات العربية بعث فينا املا جديدا بامكانية ان يحدث البسطاء تغييرا في السياسات والاستراتيجيات على اختلافها ، والثقافية منها على وجه الخصوص ، لقد اعتاد المثقفون العرب في مراحل ما اصطلح عليه بالمد الثوري ( مرحلة الانقلابات العسكرية التي كانت نتيجتها الوبال ) اقول : اعتاد المثقفون وعلى اختلاف مشاربهم ان يكونو زوارا دائمين في السجون العربية ، القومية منها والرجعية والتقدمية على حد سواء وفي سجون الاحتلال . واليوم وقد طغت صورة العالم الجديد بعلمانيته ، وبمقولة ان الارض اصبحت قرية صغيرة ، اصبح البديل للسجن هو الغرق في استهلاكية فجة تحول الانسان - الذي حولته الراسمالية الى الة ميكانيكية - الى مستهلك جشع ، متخم بالسطحية والاغراق في تفاصيل التفاهات ، على حساب دسم الثقافة بمركباتها فيما اصبح يعرف بالعولمة التي تنادي بذوبان الهويات الوطنية والاقليمية في هوية متحضرة يطغى عليها لون واحد هو لون المنتصر ، الذي وبغض النظر عن غناه او فقره ومن خلال مؤسساته الثقافية والفكرية والاعلامية ومعاهد ابحاثه في العلوم الانسانية يحاول ان يفرض تصوره للعالم وبكل ديمقراطية الحاحية ، تجعل ذا اللب حائرا مشككا بذاته وبثقافته وابداعه في مواجهة النجاح الهائل الذي يحققه المنتصر المفرغ الا من القوة العسكرية التي تفرض منطقها( بحب وحلاوة ) كما يقول المثل الشعبي .

وعلى من لم يفهم كلامي ان ينزل الى الشارع ويتامل جيل الشباب او يمكنه ان يبقى في بيته ويتابع الجروبات على الفيس بوك فربما يفهمني عندها .

في ظل ما سبق من مقدمة تنظيرية قد اتفق فيها مع البعض وقد اختلف فيها مع الكثيرين ، ما الذي يمكن ان اقوله عن واقع الحركة الثقافية في القدس سوى انه ( واقع ) بالدارجة ؟

ان مراجعة اولية للدليل الثقافي الذي اصدرته وزارة الثقافة الفلسطينية عام 2010 الماضي يضعنا امام صورة مهلهلة لمجمل الحركة الثقافية في فلسطين عامة وفي القدس على وجه الخصوص ، ناهيك عن الغلاف ، الذي اشكك ان فنانا بحجم حسني رضوان يمكن ان ينتجه او يوافق على تكويناته الاستهلاكية الفجة . والمؤسف ان الدليل مذيل بكلمة لوزيرة الثقافة ، السيدة سهام البرغوثي ، تتحدث فيها عن الدليل وكأنه انجاز حضاري سيسهم في حل اشكالات الثقافة الفلسطينية ويساهم في تطويرها ورقيها ، والاغرب من ذلك هو قولها : ان مسؤولية وزارة الثقافة ودورها يكمن في رعاية وحماية وترشيد ودعم وتشجيع وتوجيه وتنظيم العمل الثقافي ( واضع خطا تحت كل كلمة من كلمات النص السابق ، واتسائل : من بقي في وزارة الثقافة ليقوم بكل هذه المهمات التي تحتاج كل منها الى مجلس للحكماء لدراستها ناهيك عن تطبيقها ؟ وهل يملك موظفو الوزارة – مع بعض الاستثناءات المعروفة لكل المطلعين - الذين لا يقرئون من الادب سوى مغامرات ارسين لوبين ولا يشاهدون من السينما سوى افلام جيمس بوند ، وتوقفت معلوماتهم في الفن التشكيلي عند مايكل انجلو في افضل الاحوال ، ولا يعرفون من المسرح سوى نجيب الريحاني وغوار الطوشه ومن الموسيقى سوى هيفاء – ولا اذكر تلك الاسماء تقليلا من شانها ، ولكن في محاولة للتدليل على فقر الفكر الذي يعكسه هذا الدليل المحزن ، الذي هو عبارة عن تجميع لمعلومات كتبتها الفرق والمؤسسات الفنية عن نفسها ، ولم تكن ايا منها على علم بخدعة اصدار هذا الدليل ، والاغرب من كل ما سلف ان هذا الدليل يتضمن اسماءا لعدد من المحررين يتجاوز عدد من حرروا انسيكلوبيديا علوم البحار ) ، وتتابع السيدة الوزيرة :

ان العمل على ابراز الهوية الوطنية الجامعة ..... وحماية تراثنا المتجدد والحفاظ على الارث الادبي الفلسطيني وحماية القدس بتاريخها وحضاراتها وهويتها العربية يتطلب العمل المشترك وتشجيع الفكر العلمي والابداع والابتكار وغيرها من المرتكزات والاهداف ... الخ .

واضع هنا خطا كبيرا تحت القدس ، مسترشدا بالدليل على بشاعته ، ومفندا جميع ادعاءات السلطة الوطنية الفلسطينية حول القدس ودعمها ثقافيا وانسانيا وعلى كافة المستويات بحجة عدم امتلاك المصادر المالية ، ومتسائلا في ذات الوقت عن الاستراتيجية والخطة التي ستنفذ تلك الاحلام وما الذي تم تنفيذه منها منذ اوسلو وحتى اليوم ؟

ان ثقافة وزارة الثقافة ايها السادة ثقافة استهلاكية شعاراتية ، ولولا ما تقدمه المؤسسات الاجنبية من دعم للمؤسسات الثقافية الفلسطينية بغية خدمة اغراضها ، التي لا تخفيها عن احد ، وهي المساهمة في ترويض الشعب الفلسطيني وتحويله من شعب يكافح لاسترداد حقوقه الى شعب مسالم ينبذ العنف والارهاب حسبما يعرفونه هم لا حسبما نعرفه نحن ، اقول متألما : لولا ذلك الدعم ، لتحولت القدس الى سوق كبير للخضار العفنة والاغذية الفاسدة واغنيات الشالوم عليخم ، فالتمويل الاجنبي على علاته هو ما يدعم الوجه الحضاري والانساني للشعب الفلسطيني في القدس ، ولاثبات ذلك ما علينا سوى اجراء مراجعة بسيطة لما ورد في الدليل من مؤسسات ثقافية ، ثم نقوم بزيارتها والتاكد من صحة المعلومات حول الدعم المزعوم من وزارة الثقافة للقدس بغية الحفاظ على وجهها الحضاري والانساني العربي :

الدليل الثقافي – وزارة الثقافة – جرد لمؤسسات القدس :

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->المسرح الوطني الفلسطيني / مسرح النزهه الحكواتي

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->عشتار للانتاج والتدريب المسرحي

<!--[if !supportLists]-->3.   <!--[endif]-->مؤسسة ايام المسرح

<!--[if !supportLists]-->4.   <!--[endif]-->مسرح الرواة

<!--[if !supportLists]-->5.   <!--[endif]-->مسرح السنابل

وتم استثناء مسرح الجوال والمسرح الكوميدي ومسرح خراريف ومسرح البيدر في بيت عنان والحكواتي الجديد من الدليل .

الفنون الشعبية :

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->فرقة القدس للفنون الشعبية – سلوان – ملتقى الشباب التراثي المقدسي

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->فرقة سوار للفنون الشعبية – سلوان

<!--[if !supportLists]-->3.   <!--[endif]-->مؤسسة نهاوند للمواهب الشابه – البلدة القديمه

<!--[if !supportLists]-->4.   <!--[endif]-->مركز عوشاق للفنون

الموسيقى :

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->سناء موسى وفرقتها نوى اثر

وتم استثناء مركز صابرين ومركز القدس للموسيقى ليتم تضمينهم في بند مؤسسات التدريب والتطوير المهني .

دور النشر – لا يوجد

المكتبات العامة –

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->مركز السرايا

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->مكتبة بدو العامة

<!--[if !supportLists]-->3.   <!--[endif]-->مكتبة قلنديا المركزية

الاتحادات والروابط الثقافية – لا يوجد حيث تم استثناء رابطة المسرحيين الفلسطينيين .

مؤسسات التدريب والتطوير الفني :

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->المعهد الوطني للموسيقى

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->المانيفيكاة

<!--[if !supportLists]-->3.   <!--[endif]-->مؤسسة صابرين للتطوير الفني

<!--[if !supportLists]-->4.   <!--[endif]-->مؤسسة يبوس للانتاج الفني

<!--[if !supportLists]-->5.   <!--[endif]-->مركز القدس للموسيقى العربية

<!--[if !supportLists]-->6.   <!--[endif]-->جامعة القدس

<!--[if !supportLists]-->7.   <!--[endif]-->مركز الارموي لموسيقى الشرق

وتم اغفال المعمل والحوش .

مؤسسات ثقافية :

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->المؤسسة الفلسطينية لدراسة المشهد الحضاري – جمال محمد برغوث

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->مركز التنمية المحلية الريفية – الجيب – احمد عبد المصري

<!--[if !supportLists]-->3.   <!--[endif]-->ملتقى المثقفين المقدسي – الرام – طلال ابو عفيفة

<!--[if !supportLists]-->4.   <!--[endif]-->مركز المنتدى الثقافي – بيت عنان – حسام محمود

<!--[if !supportLists]-->5.   <!--[endif]-->مركز المنطار للثقافة – بيت عنان – محمد جميل

<!--[if !supportLists]-->6.   <!--[endif]-->منتدى نوافذ الشبابي – بدو – باسل عبد الرحمن

<!--[if !supportLists]-->7.   <!--[endif]-->ملتقى الشباب التراثي المقدسي – سلوان – فوزي احمد شعبان

المتاحف :

<!--[if !supportLists]-->1.   <!--[endif]-->متحف الاثار الفلسطيني – روكفلر

<!--[if !supportLists]-->2.   <!--[endif]-->المتحف الاسلامي – الاقصى

<!--[if !supportLists]-->3.   <!--[endif]-->متحف دار الطل العربي للتراث الشعبي الفلسطيني – دار الطفل

<!--[if !supportLists]-->4.   <!--[endif]-->متحف ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة – جامعة القدس – ابو ديس

<!--[if !supportLists]-->5.   <!--[endif]-->المتحف الارمني

<!--[if !supportLists]-->6.   <!--[endif]-->المتحف الارثوذوكسي

 

وجملة القول ان ما تم صرفه على الحركة الثقافية في القدس ، ومنذ بدء الحديث عن هوية فلسطينية وطنية ، لا يمكن ان يتجاوز بحال من الاحوال تكلفة انشاء وتشغيل مسرح واحد من مسارح دولة الاحتلال على كثرتها . ورغم ما سلف الا اننا نسمع الصرخات من كل جانب : اين الفنانين الفلسطينيين ؟ اين الادباء والشعراء والموسيقيين وال.............. الخ . اما انا فاتسائل : اين الفلسفة الثقافية التي يتبناها المستوى السياسي للنهوض بتلك القطاعات وقطاع الثقافة على وجه التحديد لانه هو المؤسس والموجه للقطاعات الاخرى ؟ لقد مكن مهاتير محمد ماليزيا من تجاوز محنة كادت تودي بها خلال عشر سنوات باعتماده فلسفة اكساب المواطن الماليزي الثقة بذاته وبقدرته على احداث التغيير ، وكذا فعل حزب العدالة والتنمية في تركيا باعتماد فلسفة العمل على تحويل المواطن من مستهلك الى منتج ، فاذا بتركيا وخلال عشر سنوات ايضا تقف متحدية حليفتها الاستراتيجية القوية اسرائيل وسياساتها المتغطرسة استنادا الى قوة اقتصادية مدعومة بوعي ثقافي يدرك اهمية دور الفرد في المجتمع وتاثيره في صناعة القرار السيادي .

قد يبدو للبعض ان ما سبق حديث في السياسة الا انني اعتبره حديثا في الوعي السياسي المثقف ، الذي لا بد منه لانجاز مشروع ثقافي يعتمد على مكونات الشعب الفلسطيني وطاقاته ، دون استعلاء ، وبعيدا عن الشعارات الاستهلاكية المفرغة من مضمونها .

اننا بتحقيق وجود فلسفة فكرية تقود مجمل حركتنا الثقافية لن نكون مضطرين ، كما نحن الان ، الى الدخول في متاهة تفصيلات مخجلة تتحدث عن عدد ونوعية المراكز الثقافية الموجودة في القدس خاصة وفلسطين عامة ، ولن نضطر للقول باننا لا نمتلك البنية التحتية الضرورية والمراكز الثقافية والفنية الحيوية لتطوير شعبنا ، ولن نضطر للحديث عن شبه انعدام الخبرات وفي كافة التخصصات ، او عن اختفاء دور النشر والمكتبات والمعاهد الفنية  والمعارض ودور العرض السينمائي ، ولن نتحدث بخجل عن استجداء الجمهور لاقناعه باهمية وحيوية الفعل الثقافي لتطوير رؤيته لنفسه وللعالم ، ولن نكون مضطرين للحديث عن المحسوبية والفساد الذي نخر مؤسساتنا حتى اصبحت كغربال نتصور انه لوحة فنية ، ولن نتحدث عن المؤسسات العامة التي يديرها شخص واحد لحسابه وكانها ميراث في اسرته لا تقوم لها قائمة الا بجده وكفاحه ، ولن نتحدث عن مؤسسات وهمية تتلقى ميزانيات وهمية ، او عن مجالس ادارات مؤسسات لا تعرف عن المؤسسات التي تمثلها سوى انها ماشيه والرب راعيها ، ولن نضطر لتضمين انظمتنا الداخلية بديباجات منمقة تحتوي كلمات اصبحت ممجوجة ومفرغة من معناها مثل (تقوية ، قدرات ، دعم ، اتاحة الفرصة ، المساهمة في رسم السياسات ، نشر الثقافة ، بناء جسور ثقافية ، التواصل الابداعي ، التعريف بالمسرح/التراث/الفولكلور/الادب ، خلق ،استثمار الطاقات ، نشر ، ثقافة ، تطوير قدرات ، الحفاظ على التراث والارث الثقافي والحضاري ، تعزيزالهوية الثقافيةالنهوض ب..... الخ ، ولن نضطر للقول ان اكثر من 80 بالمئة من الاموال التي تجند لخدمة المراكز والمؤسسات الثقافية تذهب الى العقارات والادارات والرواتب والمكافئات التي تحولت - بمرور الوقت وبفعل التمويل الاجنبي - الى ارقام خيالية ، اذا ما قيست بمستوى الدخل لدى ابناء الشعب الفلسطيني ، كما اننا لن نضطر للحديث عن ضرورة واهمية التنسيق بين مؤسسات العمل الثقافي هذا التنسيق المعدوم ودونما سبب يبرره ، باستثناء عدم وجود تلك الفلسفة ، والاحتكام على الدوام الى امزجة اشخاص فقدوا بوصلة الاتجاه وتراجعت لديهم نحن لصالح الأنا .

بقي ان اقول ان الصورة اكثر سوادا وقتامة مما حاولت ان ابديه في مداخلتي ، وان كل الجهود المبذولة لتجاوز واقع الحركة الثقافية (الواقع ) في القدس ، لا تتجاوز كونها محاولات فردية يقوم بها البعض لايمانهم بدورهم الحيوي لخدمة شعبهم وقضيتهم ، والبعض الاخر لخدمة مصالحهم الشخصية ، وسواء كان الامر هذا او ذاك ، ومع اختلاف الدوافع ، الا ان النتيجة لا تتجاوز كونها ذرا للرماد في العيون ما يلبث ان تزيله الدموع ، لتعيد للرؤية حدتها ، فنرى الفراغ الثقافي الذي يحدثه الفراغ الفكري الذي يتحمل مسؤوليته الجميع ودون استثناء .

مع احترامي وشكرا .

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 319 مشاهدة
نشرت فى 8 يناير 2012 بواسطة kamelelbasha

ساحة النقاش

kamel elbasha

kamelelbasha
هي مراجعات لما اردت البوح به عن مسرحنا الفلسطيني الذي ينجز في فلسطين رغم انف كل من يقف في وجه هذا الشعب ونضاله في سبيل التحرر والحرية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

13,865