موقع الأستاذ / خالد مطهر العدواني

يهتم الموقع بالموضوعات المتعلقة بالتربية والتعليم

<!--<!--<!--<!--

 معايير المنهج السليم

إعداد الباحث

 

خالد مطهر العدواني

معايير المنهج السليم

يمكن تتبع مدى توافر معايير المنهج السليم من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية :

س1 : هل الأهداف التربوية واضحة ومحددة من قبل المسئولين أو من يهمهم أمر التعليم ؟ وهل هي شاملة وواقعية ؟

كانت الأهداف ولا زالت المشكلة الرئيسية التي تواجه المناهج وخاصة عند تحديدها وصياغتها ، ونلاحظ أن الأهداف التربوية غير واضحة في مناهجنا اليمنية وذلك لغياب فلسفة تربوية واضحة .

كما أن المسئولين في التعليم قد يحددوا أهدافاً تربوية وفقاً لرغباتهم وميولهم وتوجهاتهم سواء الحزبية أو المذهبية ، ألمر الذي أنعكس على وضوح الأهداف وشمولها وواقعيتها .

فنجد أن الأهداف تركز على جوانب معينة وتهمل جوانب كثيرة ، وخاصة التركيز على الأهداف المعرفية وإهمال المجالات الانفعالية والمهارية .

وأيضاً نلحظ عدم واقعية الأهداف في أغلبها بحيث أن الهدف المصاغ لا يتناسب مع واقع التعليم في اليمن أو في بعض المناطق وخاصة الريفية ، كأن تحدد هدف ( أن يمتلك الطالب مهارات استخدام الحاسوب ) ، ففي الريف لا توجد كهرباء فضلاً عن توفر الحاسوب ومعلم الحاسوب وغيرها من الاحتياجات .

 

س2 : هل تم تخطيط المنهج بنحو شامل ؟ من حيث الأهداف ، وتنظيم المحتوى وشموله للحقائق والمعلومات الجوهرية الأساسية المناسبة للدراسة ، وأساليب التدريس ، والتقويم ، وتنظيم الفرص التعليمية ؟ هل تم تخطيط المنهج بنحو مرن بحيث يتم تطويره كلما لزم الأمر ؟

عند تخطيط المنهج قد يوجد أيضاً الذاتية والفردية لدى المخططين لذا نجد أنه لم يراعى في تخطيط المنهج الشمول ، ونجد تناقضات بين الأهداف والمحتوى وكذلك إذا ما ركز على جانب من المنهج يهمل جانب أخر .

ونجد أن تحديد محتوى المنهج لا ينسجم مع طرائق التدريس وخاصة الحديثة منها وكذلك أسئلة التقويم لا تتوافق مع الأهداف . وإذا ما حولت تطوير جزء من المنهج أو درس من الدروس أو حتى خبرة من الخبرات التعليمية تجد صعوبة في ذلك بسبب عدم مرونة في تخطيط المنهج .

كما أن المنهج لم يراعي الحداثة في الحقائق والمعلومات وقد يكون ركز على الحقائق والمعلومات الجوهرية والرئيسية إلا أن هناك ما هو سطحي وقديم وليس له حاجة في المنهج وكان الأولى البحث عن كل ما هو جديد في عالم المعرفة اليوم حتى يوضع في المنهج .

س3 : هل راعت الخبرات التربوية التي يحتوي عليها المنهج مستويات الطلبة ؟ وهل هي مطابقة للأهداف التربوية ، مساعدة على تحقيقها ؟ وهل الفرص التعليمية ممكن تهيئتها لهذه المستويات التعليمية وغير مكررة ؟

إن الخبرات التربوية قد تكون متوفرة بشكل كبير في المنهج إلا أن بعضها لا يراعي مستويات الطلبة كأن نضع مسائل الزواج مثلاً على شكل خبرات لطلبة الصف السابع الأساسي ، فهي ليست من مستواهم أو سنهم العمري .

وأن كانت الخبرات مناسبة لمستويات الطلبة إلا أنه لا تتاح الفرص التعليمية لتحقيق تلك الخبرات وأن وجدت فيها تتكرر من خبرة إلى أخرى .

 

س4 : هل أُشِركَ المعلم والتلاميذ والآباء ، والهيئات المهنية في تخطيط المنهج؟

في الغالب تكون عملية تخطيط المنهج قائمة على الجهة المسئولة عن ذلك ولا تشرك أحد من ذوات العلاقة بالمنهج سواء كانوا أباء أو معلمين أو تلاميذ أو حتى الهيئات المهنية المتخصصة الأمر الذي أنعكس على المناهج وأصبحت شبه مرفوضة وغير متقبلة من قبل التلاميذ أو المعلمين أو أولياء الأمور حتى اليوم مع رغم السنوات الكثيرة التي مرت في تطبيق المنهج .

س5 : هل خطة المنهج واضحة للمعلم والتلاميذ ؟ وهل شاركوا في إعدادها ؟ وهل هم مقتنعون واعون لها ؟

يتفاجأ المرء عندما يجد المعلم يتذمر من المنهج بل ولا يستطيع تنفيذه وأن حاول كانت محاولته عبارة عن نقل سطحي لمحتوى المنهج دون فهم ووعي بأهدافه وأساليبه ، وذلك بسبب عدم وضوح خطة المنهج وأهدافه بالنسبة للمعلم ،وكذلك الحال بالنسبة للطالب الذي يلجأ غالباً إلى الملخصات والمذكرات المختصرة والتي تحقق له النجاح نهاية العام .

كما أن المعلم والتلاميذ لم يشاركوا في إعداد المنهج والتخطيط له سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك لانعدام وضوح الرؤية التربوية لدى القائمين عليها وعدم إدراكهم لأهمية مشاركة من هم أصحاب الشأن (المعلم والتلميذ) في تخطيط المنهج .

الأمر الذي تولد عنه عدم اقتناع المعلم وكذلك الطالب بالمنهج لا من حيث الأهداف ولا من حيث المحتوى والمضمون ولا حتى الأساليب والأنشطة .

س6 : هل كان المردود الناتج – التغذية الراجعة – ملائماً لحاجات التلاميذ والمعنيين الآخرين ؟

لا توجد تغذية راجعة أصلاً فضلاً عن ملائمتها لحاجات التلاميذ والمعنيين بالمناهج ، بل أن المنهج في أغلب محتوياته لم يراعي حاجات التلاميذ .

كما أن التقويم لعملية التعليم سواء للتلميذ أو المعلم أو المنهج وغيرها ليست واضحة ودقيقة بل نتائجها مغالطة لذا يصعب تحديد المردود والناتج من المناهج وقياس مدى تحقق الأهداف بدقة ووضوح الأمر الذي يصعب معه تقديم تغذية راجعة تتلاءم مع حاجات التلاميذ أو حتى حاجات المعلمين وبقية المعنيين الآخرين .

 

س7 : هل هناك هيئة – لجنة – تقويمية مسئولة لمواجهة الصعوبات التي تنجم أثناء تنفيذ المنهج ؟ وعمل ما يلزم ؟ والإطلاع على الاقتراحات ومواكبة التحديات في ميدان المناهج ؟ أي ما نصيب البحث العلمي في مراجعة المناهج وتطويرها ؟

منذ وضع المنهج للتجريب في عام 1997م لمرحلة الصفوف الأولى ، وعام 2000م لبقية المستويات وحتى اليوم ما زالت النسخة تجريبية .

الأمر الذي يدل على انعدام لجنة أو هيئة أو إدارة متخصصة في تقيوم المناهج وأن وجدت فليس لها دور في ذلك .

عشر سنوات منذ تنفيذ المنهج ولم يعدل أو يغير أو يحسن بل مازال بأخطائه العلمية والمنهجية وحتى الأخطاء المطبعية والإملائية .

كما أنه لا يوجد مقترحات من قبل المعلم حتى يؤخذ بها ولا توجد خطة أو أساليب جمع لتلك المقترحات والآراء فضلاً عن الأخذ بها وعمل ما يلزم لتفادي الصعوبات أثناء تنفيذ المنهج .

كما أن هناك تحديات كثيرة وعديدة تواجه المناهج مثل (العولمة – التكنولوجيا – وغيرها ) إلا أن الجهات المسئولة لا تهتم ولا تعتني بالبحث العلمي في مواجهة التحديات ومراجعة المناهج وتطويرها ، بل البحث العلمي في ميدان المناهج عبارة عن أوراق على الرفوف لم يتم الأخذ بذلك وفقاً لتصريح مدير عام تطوير المناهج في وزارة التربية .

 

س8 : هل خُطَّطَ المنهج في ضوء الحاجات التربوية لذلك المجتمع ؟ وهل وضعت المناهج وتضع في الحسبان مطالب التنمية الاقتصادية ؟

مناهجنا مستورده ومقلدة لبعض المناهج في بعض الدول سواء الغربية أو العربية ، كما أن بعض الخبراء الذين قاموا بالتخطيط للمنهج جلهم من الأجانب ، الأمر الذي أنعكس على فلسفة المناهج وابتعادها عن الحاجات التربوية للمجتمع اليمني .

كما أن المناهج تركز في الدرجة الأساس على الجوانب المعرفية النظرية ولا تهتم بالجوانب المهنية والعملية ، كما أن الموضوعات المهنية والتي يحتاجها الطالب في سوق العمل بعد التخرج نادرة إن لم تكن منعدمة ، لذا نجد أن المنهج لم يلبي حاجات مطالب التنمية الاقتصادية ، فإذا ما تخرج الطالب من المدرسة لا يستطيع القيام بمهامه في التنمية الشاملة وخاصة التنمية الاقتصادية التي تعتمد اعتماداً كلياً على المخرجات التعليمية .

 

س9 : ما مدى ارتباط المناهج بالعمل في الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها من الأنشطة ؟ إلى أي حد تسهم هذه المناهج في خلق الشخصية المنتجة أو المستعدة لأن تكون منتجة ؟ هل نجحت المناهج في تطوير اقتصاد المجتمع ؟ وبمعنى آخر هل نجح تطوير المناهج بحيث ساهم في جعل التعليم استثماراً حقيقياً للمال والإنسان في ذلك المجتمع يحرص على تنميته ضماناً لنموه الاقتصادي ؟ وإلى أي حد تخلق المناهج في التلاميذ صفات ومقومات تجعلهم عناصر صالحة ومنتجة في المجتمع ؟

يراهن الخبراء على التعليم كأساس للتنمية ، وتصرف الدول ميزانيات باهظة على التعليم تفوق جميع القطاعات وذلك إيماناً منها أنه لا تنمية ولا تطور ولا تقدم إلا بالتعليم ولا يمكن للفرد أن يكون منتجاً وفاعلاً في مجتمعة إلا من خلال التعليم ومدى ما أكتسبه من معارف ومهارات لذا كانت المناهج التعليمية هي بوابة الانطلاق لإيجاد الشخصية السوية والمنتجة والفاعلة في المجتمع .

ولكن نلاحظ أن مخرجات التعليم في بلادنا لا تتمتع بصفات تلك الشخصية ولا توجد لديهم أي صفات ومقومات تجعلهم عناصر صالحة ومنتجة في المجتمع .

الأمر الذي يدل على عدم فاعلية المناهج في ذلك لكون المناهج لا ترتبط بالعمل في الزراعة أو الصناعة أو التجارة لذا نجدها لم تساهم في تطوير اقتصاد المجتمع ، لذا قد نخسر الرهان الذي وضعه الثوار بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر بأن التعليم استثماراً حقيقياً للمال والإنسان وأنه المدخل الوحيد في بناء اليمن الجديد .

 

س10 : أي التكنولوجيا في مناهج التعليم ، سواء أكانت هذه التكنولوجيا مادة دراسية أم تكنولوجية عقلية أم تكنولوجية آلية تتمثل في معينات على التعليم ؟

التكنولوجيا هي أحد تحديات هذا العصر وأصبحت الحياة بدونها جوفاء لا حياة فيها ومن ذلك المناهج التي أصبحت بحاجة ماسة للتكنولوجيا سواء كانت مادة دراسية أو وسائل تعليمية .

إلا أنه وللأسف قد تنعدم التكنولوجيا في مناهجنا فقد وجدة في السنوات الأخيرة مقرر للحاسوب ولكنه عبارة عن إطار نظري وحسب ، بل لم يُعتمد في تقويم الطالب فوجوده كعدمه .

إضافة إلى انعدام وسائل التكنولوجيا المختلفة في مدارسنا كذلك عدم قدرة المعلم على استخدامها ، بل أن مناهجنا فقيرة جداً بالتكنولوجيا وأن توفرة فنحن بحاجة إلى الكهرباء التي باتت مشكلة حقيقية في بلادنا .

 

س11 : إلى أي حد تعبر المناهج عن تطور ثقافة المجتمع وتجديدها ؟ وإلى أي حد تحاول – حتى في إدارتها – أن تعكس قيماً تقدمية ؟

مناهجنا وإن كانت في ثوبها حديثة ، إلا أنها ما زالت رجعية سواء في محتواها أو معالجتها للقضايا المختلفة التي توجد في المجتمع .

فهي لا تسعى إلى تطوير ثقافة المجتمع بقدر ما تسعى إلى المحافظة على الثقافة القديمة بسلبياتها ، في الوقت الذي يجب أن نسعى إلى التحديث والتجديد مع المحافظة على الثوابت والأصالة .

كما أنها في محتواها ومعالجتها للخبرات التعليمية لا تعكس قيماً تقدمية ، وذلك لعجزها وفقرها بتلك القيم أو قد يعود ذلك إلى عدم فهم ووعي واضعيها لأهمية تضمين تلك القيم في المناهج .

 

س12 : ما المهارات العقلية – من قدرة على التفكير السليم والنظر الموضوعي والمقارنة والنقد البناء التي تنميها المناهج من أجل الانفتاح على العالم الخارجي ؟ وبخاصة المتقدمة منها – في مجال التعليم والمناهج والتعرف على الاتجاهات الحديثة والمعاصرة فيهما ، ودراسة حدود مدى كيفية الإفادة منها ؟

في الغالب المنهج لا يركز على المهارات العقلية الدنيا وتهمل المهارات العقلية العليا وخاصة تلك التي تسعى إلى الانفتاح على العالم .

وقد نجد موضوعات وخبرات تعليمية تنمي قدرات الطالب على الانفتاح عالى العالم إلا أنها لا تنمي لديه القدرة على المقارنه والنقد البناء ، بل تجعله يتأثر وينبهر بما لدى الآخرين وخاصة الدول المتقدمة .

وكان من الأولى تربية الطالب على تنمية مهارة التفكير السليم والنظر الموضوعي والمقارنة والنقد البناء والأخذ من الآخر كل ما نحتاجه بحيث لا يتعارض مع مبادئنا وثوابتنا ، وأن يدرس مدى الإفادة من الدول المتقدمة من خلال التعرف على الاتجاهات الحديثة والمعاصرة .

هذه كلها تفتقد إليها مناهجنا التربوية وهي بحاجة إلى إعادة صياغة وفقاً للإتجاهات الحديثة والمعاصرة .

 

س13 : إلى أي حد خدمت المناهج وتخدم قضية الوحدة الوطنية والقومية ؟ هل هذه القضية من منظور المناهج والتعليم مجرد اهتمام بتدريس اللغة العربية وزيادة دروسها أو التوعية بها في دروس التاريخ والجغرافية والتربية الوطنية ؟ وماذا قدمته وتقدمه المناهج من معاني ومهارات وأدوات الصمود ضد قوى العدوان على الأرض العربية من أجل فاعليتها والتغلب عليها ؟

إن ما حدث ويجث من حراك في الجنوب ودعاوى للانفصال ووجود المناطقية والمذهبية وما يقوم به الفكر الحوثي في صعدة ، أضف إلى ذلك عدم الاهتمام بالمال العام وعدم احترام الوطن وممتلكاته والاستغلال السيئ للديمقراطية والحرية ونهب الثروات وغيرها ...

ما ذلك كله إلا دليل على انعدام المواطنة لدى أبناء هذا الوطن وأن المناهج التعليمية لم تخدم القضية الوطنية وإيجاد المواطن الصالح ، وإن كانت قد أحتوت في كثير من موضوعاتها الولاء الوطني وغيرها ، وإنما كانت غير فاعلة ، ما هي إلا عبارة عن شعارات في المناهج ولم يستطع المعلم أن يوظفها بفاعلية ، وقد يكون السبب تقديمها بأسلوب نظري لم يلامس الوجدان والمشاعر .

كذلك الحال بالنسبة لمسألة العدوان الصهيوني ، توجد الدروس والموضوعات الكثيرة في المناهج التي تتحدث عن العدوان الصهيوني إلا أنها أيضاً جامدة غير مثمرة لكون صياغتها ضعيفة ولا تنمي لدى الطالب مهارات وأدوات الصمود ضد قوى العدوان على الأراضي العربية .

بل تورث التبلد الحسي من تكرار الحديث عنها بأسلوب قصصي ممل لا ينمي الإحساس بالقضية ومقاومة العدوان والتغلب عليه .

 

 

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 2885 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2011 بواسطة kadwany

د. خالد مطهر العدواني

kadwany
موقع شخصي يهتم بالدرجة الأساس بالعلوم التربوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

638,108