موقع الأستاذ / خالد مطهر العدواني

يهتم الموقع بالموضوعات المتعلقة بالتربية والتعليم

حمى الحزبية في المؤسسات التعليمية

بقلم / خالد مطهر العدواني

لقد استوردنا الديمقراطية والتعددية الحزبية إلى بلادنا ؛ بحجة إصلاح المجتمع وبناء دولة قوية من جميع الجوانب على أسس ديمقراطية ، وحرية الرأي ، والفكر ، وبهدف التداول السلمي للسلطة ، كما يقر ذلك الدستور اليمني . لكن السحر انقلب على الساحر ، إذ أصبحت التعددية الحزبية تجري في المجرى غير الذي يفترض أن تجري فيه ، فنجد أنها أوجدت المماحكات السياسية وتوليد الحسد والتباغض والكراهية بين أفراد الوطن الواحد ، وأصبح كل حزب يحارب الحزب الآخر الذي لا يتبنى فكرته أو يعارضها . حتى وجد أن الشخص قد لا يساعد الشخص الآخر في أمر قد يحتاجه فيه بحجة أنه من الحزب (الفلاني) !!! وأصبح الأشخاص يحاربون المشاريع التنموية أو الخيرية ؛ لان الذي يتبناها جماعة من الحزب الأخر ..! وتثار المشاكل بين أفراد المجتمع لأسباب مبنية على التعصب الحزبي الأعمى .!!

هذه الحزبية التي يجب أن تكون مبنية على فكرة قبول الآخر ، أصبحت تدمر وتحارب كل ما يفعله الآخر ..! هذه الأمور قد تحدث في أفراد المجتمع والتي تعكس جهل هؤلاء الأفراد وتخلفهم ؛ لأنهم لم يتفهموا معنى الحزبية وأهدافها . ولكن الخلل والمصيبة تكمن في أن هذا التعصب للأحزاب والمماحكات السياسية لم تقتصر على الشارع الجاهل بالأمور الحزبية والديمقراطية فقط بل وصلت هذه الحمى إلى أوساط المؤسسات التعليمية بين المثقفين والمتعلمين سواء في المدارس أو على الصعيد الجامعي .

ففي المدارس – والذي يفترض أن تكون مؤسسة بعيدة عن التحزب لكونها تخدم أهداف أسمى وأعظم من الترهات الحزبية الضيقة – نجد أن المعلمين المتحزبين أصحاب (التعصب الحزبي ) يريد كل واحد منهم أن يحقق أهدافه الحزبية من خلال مهنته و(كسب) وضم الطلاب إلى صفه .. وتصبح المسألة بين شد وجذب بين المعلمين ، حتى يعيش التلميذ في المدرسة بين حياة تعليمية مضطربة مشوشة الفكر والمبادئ فيضيع التلميذ ويصبح حيران : فيمن يكون هو الصائب أهو المعلم صاحب الحزب (...) أم صاحب الحزب (...)؟؟ وفي النهاية يكون الطالب هو الضحية .

أما في المؤسسات الجامعية فحدّث ولا حرج .. فالطلاب أصبحوا ناضجين يردون أن تكون لهم صولة وجولة في المجال الحزبي – ولكن للأسف – دون أن يستخدموا ثقافتهم وعلمهم ووعيهم في العمل الحزبي .. فتجدهم متعصبين لأحزابهم دون أن ينظروا إلى الأمور نظرة حياد ، بحيث يأخذون الشيء الجيد من كل حزب وترك ما هو سيّئ المهم أن يكون موافقاً للكتاب والسنة ، ويجب أن يكونوا طلاب علم باحثين عن الحقيقة ، عن المعلومة ، ولكن أصبحوا يبحثون عن كيف ينشرون الأفكار الحزبية بتعصب بين أوساط الطلاب عبر النشرات والدوريات .. ولو أنهم استغلوا هذه الجهود في نشر المجلات والنشرات العلمية والثقافية التي تخدم الطالب لكان أفضل . ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحت النشرات والدوريات والمجلات العلمية تحارب وتمنع في الكليات بحجة أن الذي يتبناها هم طلاب ينتمون إلى الحزب الفلاني . وبالتالي أصبحت المماحكات السياسية داخل الكليات تؤثر في الطلاب من حيث مستواهم العلمي والثقافي واصبحوا يهتمون بالأمور الحزبية على حساب مهمتهم الأساسية التي هي طلب العلم ،.. وأنا هنا ادعوا الطلاب إلى التحرر من قيود الأحزاب في مجالهم التعليمي ، وليعملوا من اجل مصلحة الدين والوطن ويجب أن تستخدم هذه الأحزاب لخدمة المصلحة العامة وخدمة الطالب ، لا أن نسخر كل شيء من أجل خدمة الحزب والحزبية ، أو المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة ، وبهذا يكون الطالب هو صاحب هذه المهزلة والسبب في وجودها داخل مؤسساته التعليمية وهو ضحية هذه الحزبية في الوقت نفسه. وأتمنى أن يكون الطالب الجامعي داخل كليته (طالب علم) وفي خارجها يمارس الحزبية كما يريد ، ولكن لا تكون على حساب زملائه وعلى حساب العلم نفسه .

فادعوا جميع أبناء هذا الوطن الغالي إلى التمسك بالأخوة والعودة إلى الكتاب والسنة ، وأن نجعل الحزبية وسيلة لخدمة الأمة والوطن لا أن تكون غاية تحطم عندها الأخوة والمبادئ الإسلامية .

  • Currently 28/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 295 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2011 بواسطة kadwany

د. خالد مطهر العدواني

kadwany
موقع شخصي يهتم بالدرجة الأساس بالعلوم التربوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

642,696