للناس الذين يتمتعون بشرب قهوتهم اليومية المفضلة، أصبحت نتائج الابحاث التي عرضت حول التأثيرات الصحية المفيدة للقهوة، اكثر تأكيدا بكثير. وهذا التأكيد يأتي نتيجة أمر واحد على الاقل، وهو انه ظهر ان الدراسات القديمة التي ربطت بين تناول القهوة وحدوث مشاكل صحية مثل الاصابة بسرطان البنكرياس وامراض القلب، كانت مليئة بالعيوب، وذلك لأنها لم تأخذ بنظر الاعتبار المجرم الحقيقي: التدخين، وهو العادة التي تشيع بين شاربي القهوة. ولا توجد أدلة على ان تناول القهوة لنفسها يسبب السرطان. كما وجدت الابحاث انه رغم زيادة القهوة مؤقتا لضغط الدم ولسرعة نبضات القلب لدى بعض الناس، فان التناول المعتدل لها (من كوبين الى اربعة اكواب يوميا) لا يؤدي الى زيادة امراض القلب.

فوائد صحية والأمر الافضل من هذا، هو تزايد الادلة التي تفترض ان تناول القهوة ـ حتى بكميات كبيرة ـ يقدم بعض الفوائد الصحية، التي تشمل تحسن الذاكرة والأداء، وتقليل خطر حدوث سرطان الكبد، ومرض السكري، والنقرس، ومرض باركنسون (الشلل الرعاش) وتصلب الشرايين (لدى النساء فقط). والآن، تفترض دراسة موسعة اجراها باحثون في اسبانيا ومن كلية هارفارد للطب، ان شرب القهوة يقلل من خطر الوفاة المبكرة، خصوصا بين النساء.

وباستخدامهم لبيانات استخلصت من 86214 امرأة مشاركة في «دراسة صحة الممرضات»، ومن 41736 رجلا مشاركين في «دراسة متابعة المهنيين الصحيين»، دقق الباحثون في العلاقة بين استهلاك القهوة والوفيات بسبب امراض القلب والاوعية الدموية (CVD)، السرطان، وكل الاسباب الاخرى خلال فترة 24 سنة للنساء و 18 سنة للرجال. وأجاب المشاركون والمشاركات عن استطلاعات قدمت لهم ولهن، كل سنتين الى اربع سنوات، حول نمط الحياة وعادات التغذية ومنها شرب القهوة (العادية والمنزوعة الكافيين).

وبعد ضبط الاجابات لتتوافق مع العمر وممارسة التدخين وعوامل الخطر الاخرى لامراض القلب والاوعية الدموية والسرطان، وجد الباحثون بشكل دقيق بأن القهوة لا تزيد الوفيات. وفي الحقيقة فان النساء اللواتي تناولن 5 الى 7 اكواب اسبوعيا رصدت لديهن في الواقع، معدلات اقل من الوفيات.( كما استفادت ايضا النساء اللواتي تناولن اقل من 5 اكواب في الاسبوع، والرجال الذين تناولوا في المتوسط كوبين من القهوة يوميا على الاقل، الا ان الرابطة لم تكن بنفس القوة وقد تكون ظهرت بمحض الصدفة).

وكان التأثير ينصب بالدرجة الرئيسية على قلة الوفيات بسبب امراض القلب والاوعية الدموية، رغم ان شاربي القهوة لديهم خطر منخفض للوفاة بسبب مرض الكبد المزمن والسكري (حوليات الطب الباطني، يونيو 2008).

اما المشاركون الذين تناولوا القهوة منزوعة الكافيين، فقد رصدت لديهم معدلات اقل للوفيات من الذين لم يتناولوها اطلاقا.

مآخذ الدراسة احد المآخذ على الدراسة هو ان البيانات المستقاة استخلصت من ذاكرة المشاركين، وهو أمر لا يعتمد عليه دائما. ومثلها مثل كل دراسات الملاحظة، فانها لا تظهر سوى وجود الرابطة فقط، الامر الذي لا يعني بالضرورة وجود سبب ونتيجة.

الا ان هناك اسبابا بيولوجية تشير الى الكيفية التي تقوم بها القهوة بتوفير الفوائد الصحية، خصوصا لصحة القلب والاوعية الدموية. فالقهوة تحتوي على الكثير من المركبات النباتية الحاملة للخصائص المضادة للأكسدة، وهي الخصائص التي تساعد على خفض الالتهابات وحماية جدران الاوعية الدموية. وتفترض دراسة صغيرة نشرت في مجلة التغذية البريطانية (8 ابريل 2008) ان بعضا من هذه المركبات (ليس منها الكافيين) قد تمنع تشكل الخثرات الدموية داخل الاوعية الدموية التاجية.

ان الابحاث على آلية تأثيرات القهوة الصحية لا تزال في مراحلها المبكرة، وسوف يمر وقت طويل قبل ان نتعرف على دور القهوة في تعزيز الصحة والوقاية من الامراض. الا ان النتائج الجديدة تتفق مع الدلائل المتراكمة التي تشير الى انه ولأكثرية الناس فان تناول القهوة ليس ضارا.

ولكن، اليكم كلمة تحذير: لقد ربطت الابحاث بين حالات سقوط الاجنة مع استهلاك الكافيين بمستوى 200 ملليغرام او اكثر يوميا. ويحتوي كوب قياسي من القهوة عادة على 100 الى 150 ملليغراما من الكافيين .

__________________
  • Currently 168/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
55 تصويتات / 873 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2008 بواسطة julia

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

110,686