17:27
الفشل هو مصير مفاوضات "الرباعية" في القدس
سيجري اعضاء "الرباعية" الدولية الوسطاء بقضية الشرق الاوسط يوم 26 اكتوبر/تشرين الاول في القدس مفاوضات منفصلة مع الاسرائيليين والفلسطينيين على امل تحريك عملية التسوية السلمية. ولكن ليس هناك شعور بالتفاؤل لا بين طرفي النزاع ولا بين لاعبي المنطقة المؤثرين كالاردن مثلا، بل وحتى بين منظمي المباحثات. ان هذا ليس غريبا، لانه خلال 20 سنة من عملية السلام في الشرق الاوسط تدور المباحثات حول نفس المبادئ، لذلك ليس من المحتمل ان يتحول فشل الاعوام السابقة الى نجاح هذه المرة. ولكن يمكن ان يؤثر الواقع الحالي للمنطقة على المباحثات الحالية.
ولاجل ذلك يكفي ان نورد بعض التصريحات التي اطلقت عشية المباحثات في القدس. فعلى سبيل المثال ان توني بلير المحاور الرئيسي من جانب "الرباعية" اعلن ان الثورات التي تشهدها البلدان العربية تعقد عملية التسوية الفلسطينية – الاسرائيلية. وحسب قوله ان سعي الناس الى الديمقراطية امر جيد، ولكنه على المدى القريب يخفض درجة الاستقرار في المنطقة ويمكن ان يخلق مشاكل لاسرائيل ولعملية السلام.
ورد صائب عريقات ممثل الجانب الفلسطيني، قائلا ان العائق الوحيد لتحقيق السلام هو الاحتلال الاسرائيلي. ومن جانبه قال افيغدور ليبرمان وزير خارجية اسرائيل ان المشكلة الرئيسية التي تعيق تحقيق السلام هو محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. واستمرارا لهذه الملاسنات قال الملك عبدالله الثاني ملك الاردن في تصريحات ادلى بها الى قناة "CNN" انه كان احد اكثر المتفائلين في المنطقة، اما اليوم فانه يشعر بالتشاؤم من الفلسطينيين والاسرائيليين على حد سواء. وحسب قوله ليس من مصلحة الاسرائيليين حل المشكلة على اساس مبدأ " دولتان لشعبين".
وليس سرا ان التسوية الاسرائيلية – الفلسطينية غرقت في المستنقع ومن الغريب ان الوسطاء يأملون بسذاجة ( او يتظاهرون علنا بذلك) تحريك العملية من نقطة الصفر. وها هم حاليا لا يخفون شعورهم مبررين الفشل المحتوم مقدما.
وعلى هامش معرفة فشل الالاعيب الدبلوماسية مسبقا، اطلق في موسكو تصريحان عجيبان، احدهما للعالم الكسندر كريلوف الدبلوماسي الروسي الذي عمل لسنوات طويلة في اسرائيل، والاخر للجنرال غيورا ايليند الرئيس السابق لمجلس الامن القومي الاسرائيلي. ان هذين المتقاعدين يؤكدان في تصريحاتهما انهما ليسا شخصيات رسمية.
لقد تحدث الكسندر كريلوف في مؤتمر "20 سنة على العلاقات الروسية – الاسرائيلية " المنعقد يوم 24 اكتوبر/تشرين الاول في معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية، حيث قال ان فشل "الرباعية" خلال فترة وجودها في حل عقدة الشرق الاوسط سيستمر مادامت القاعدة القانونية الدولية للمباحثات دون تغيير. ان قراري مجلس الامن الدولي 242 و338 اللذين تستند اليهما خارطة طريق "الرباعية" والتي يكررها المشاركون في المفاوضات كتعويذة قد اكل عليها الدهر وشرب لا نها لا تتناسب والواقع الحالي اليوم. وقال كريلوف "وفي نفس الوقت اذا استمرت المفاوضات لمدة 10 – 15 سنة اخرى فلن يبقى شيئ للحديث عنه. وان اسرائيل بكل بساطة سوف تبتلع الضفة الغربية لنهر الاردن".
وحسب رأي العالم كريلوف انه في الوقت الذي لم تتضح بعد نتائج الثورات العربية، فان اسرائيل لن تسمح بظهور جهة اخرى ليست تحت السيطرة والتي يمكن ان تندمج بمنطقة عدم الاستقرار.
ومن جانبه قال غيورا ايليند في حديثه الى مراسلي وسائل الاعلام الروسية، انه في حالة فشل المفاوضات لا يستثني انطلاق انتفاضة جديدة على الساحة الفلسطينية او حركة على غرار الثورات العربية. ويتفق الجنرال مع الخبير الروسي بانه لا يصدق بنجاح المفاوضات في الظروف الحالية، واكثر من هذا فانه يؤكد على ان عملية المفاوضات تصب في مصلحة القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية وليس نتائجها التي يمكن التوصل اليها فقط من خلال الحلول الوسطية التي تسبب في عدم رضا او حتى مقاومة جانب كبير من السكان. كما ان اجراء المفاوضات في ظل انقسام حركتي فتح وحماس والرهان على طرف واحد منهما، فان الاتفاق الذي يتم التوصل اليه لن ينفذ ابدا.
ومع ذلك يرغب الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني اظهار اهتمامهما بالتسوية امام شعبيهما ( خاصة محمود عباس) اولا وامام المجتمع الدولي ثانيا( وهذا مهم لنتانياهو وعباس في نفس الوقت). لذلك فان كل طرف يتهم الطرف الثاني بفشل المفاوضات. ويضيف الجنرال، كأي اسرائيلي حقيقي، ان نتانياهو بخلاف الفلسطينيين لا يضع شروطا مسبقة للمفاوضات، لان الفلسطينيين لا يعترفون بيهودية دولة اسرائيل.
ويشير الجنرال في نفس الوقت الى ان محاولات تسوية النزاع على اساس مبدأ" دولتان لشعبين" ستؤول الى طريق مسدود. لذلك يجب ايجاد طريق جديدة. أي طريق؟ هذا ما ستكشفه الايام. ان الاوضاع في الشرق الاوسط تتغير بشكل سريع في الاونة الاخيرة، واصبحت اسرائيل في وضع مجهول لم تعهده سابقا.
من سيستلم السلطة في مصر؟ الا ترفض السلطات الجديدة اتفاقية كمب ديفيد؟ وما سيكون مصير سورية؟
هناك اسئلة كثيرة تقلق الاسرائيليين، انسحاب القوات الامريكية من العراق وازدياد نفوذ ايران في المنطقة وكذلك تركيا التي على المدى القريب لا يتوقع عودتها الى علاقات شراكة مع اسرائيل.
ان أي تنازلات في مثل هذه الظروف على الجبهة الفلسطينية وخاصة في مجال الاراضي او تلك التي تؤدي الى تغير التوازن الديموغرافي في البلاد ستكون كارثية لاسرائيل. ان محاولات كسب الوقت من خلال المماطلة في المفاوضات دون فقدان ماء الوجه على الساحة الدولية هي مجازفة ولكنه خيار مجرب. واكثر من هذا ان الوضع الراهن ملائم للقيادة الفلسطينية.
ماريانا بيلينكايا –"روسيا اليوم"
ليس من الضروري ان تتطابق اراء الكاتبة مع اراء هيئة التحرير
ساحة النقاش