-
حوار : أحمد محمود حمدى
يعيشون بيننا يتنفسون هواءَنا، كبروا و أحلامهم وطموحاتهم ترافقهم دوماً، نعم لهم احتياجاتهم الخاصة لنقص ما و لكن لهم أيضا إبداعاتهم، ولمساتهم المبهرة التى قد يعجز عنها الأسوياء بل قد يفوقوهم فى كثير من الأحيان .. هم متحدو الإعاقة وقاهرو الضعف.
معنا اليوم واحد من رموز التحدى ممن نادوا بتأسيس كيان رسمى يدافع عن حقوق ذوى الإعاقة، وأحد أبرز العاملين علي ملف التمكين الإقتصادى للمعاقين ممن يروا أن الحل يبدأ من إتاحة فرص عمل مناسبة لمتحدى الإعاقة .
محمد مختار ٤٣ سنه حاصل علي ليسانس حقوق،أحد المصابين بالإعاقة الحركية نتيجة شلل أطفال بالساق اليمنى،يعمل فى العمل التطوعى عمومًا، وخاصة فى مجال ذوى الاعاقه من ١٥ سنة، وحاليًا مسئول ملف التمكين الإقتصادى بالمجلس القومى لشئون الإعاقة. ومتزوج و لديه٤ أبناء.
أ : محمد طبعاً رحلة حضرتك حتى حصلت على مؤهلك ثم العمل إحتوت على كثير من التحديات، هل من الممكن أن تكلمنا عنها؟
أنا حتى عام ١٩٩٣ كنت اكتفيت فى التعليم بالثانوية العامة، وسافرت للعمل فى إحدى الدول العربيه (لبنان) سنتين، وكنت أعمل فيهما بمدبغة للجلود، وطبعا غربة ومرمطة وبهدلة. وبسبب هذه البهدلة قررت أنى أرجع مصر لأكمل دراستى، خاصة أنى حاولت أن أعمل بالثانوية العامة فى مصر وقدمت فى أكتر من ٣٠ مسابقة للتوظيف. وللأسف فشلت في الحصول على التعيين،فأسست مشروعى الخاص، وهو محل لصيانة الكومبيوتر، وقدمت لامتحانات الثانوية العامة منازل فى ١٩٩٧، وحصلت عليها، ودخلت كليه الحقوق، وأنا متزوج وأعمل، وأكمل الدراسة، طبعا كان عبئًا كبيرًا.
أُصبت أثناء الدراسة ٣ مرات، بأنى أقع فى الشارع، وكل مرة بكسور وعمليات بنفس الرجل المعاقة، كان إجمالى حوادثى ٢٤ مسمار، وشريحتين، ومسمار ديناميكى للفخّ، وتثبيت للركبة بنفس الرجل، وهذا جعلني قضيت فى الجامعة حوالى ٨ سنوات، بسبب إصاباتى مما أدى لاعتذارى عن الامتحانات أكثر من مرة، وأخيرا حصلت علي الليسانس فى عام ٢٠٠٦-٢٠٠٧.
وأصبح كل اهتمامى فى القانون هي حقوق ذوى الإعاقة التي أكافح حتى أحصل عليها.
متى أخذت القرار بالانخراط في مجال العمل التطوعي وخصوصًا مجال متحدي الإعاقة؟
كنت من اول الذين نادوا بتأسيس مجلس أو كيان رسمى يدافع عن حقوق ذوى الإعاقة من ٢٠٠١، وكان لي شرف مقابله كمال الجنزورى رئيس الوزراء فى ٢٠١٢، ضمن مجموعه من ست أفراد، والحصول علي قرار بانشاء المجلس، وتم تعيينى بالمجلس واخترت بإرادتى إدارة خدمة المواطنين كمسئول عنها علي مدار ٤ سنوات، والحمد لله استطعت أثناء الأربع سنوات أن أساعد أشخاصًا كثيرين، وأطور نفسي بالحصول علي تدريبات فى كل مجالات الإعاقة.
ما أهم مشاكل المعاقين في مصر؟ وهل القانون الخاص بهم ساهم في العلاج؟
مشاكل المعاقين كثيرة علي رأسها التوظيف، بعدها الإسكان والصحة والتعليم والضمان الاجتماعى، حاليا لا يوجد قوانين خاصة بذوى الإعاقة سِوى قانون ٣٩ لسنة ١٩٧٥م . وهذا خاص بالتدريب والتوظيف فقط، أما باقي الحقوق بعضها بعتمد علي قرارات غير مُفعّلة. وبعضها ليس له وجود.
مجلس النواب الآن لديه أعضاء من متحدي الإعاقة،ما مدى مساهماتهم للمطالبة بحقوق المعاق في مصر؟
للأسف وجودهم شكلي وغير فعال خاصة أن ترشيحهم كان من خلال نفس القائمة ونفس الاتجاه، بالمناسبه كنت مُرشحًا فى انتخابات مجلس النواب.
ما أهم المشروعات التي ستدفع بها إلى المجلس إذا حالفك النجاح بإذن الله؟
لا توجد فرصة ثانية لذوى الإعاقة بناء على الدستور، إلا إذا تم تعديله،
لكن عموما هناك حقوق كثيرة تحتاج قوانين وتفعيل لها؛ فالمعاق له نفس احتياجات الشخص السليم. يُضاف إليها احتياجاته الخاصة.
ما أهم قضية تعمل عليها حاليًا؟ أو تحب أن تُطلع قراء فكرة عليها؟
حاليا أنا أعمل علي ملف التمكين الاقتصادى، وقد أخذت أكثرر من تدريب بمنظمة العمل الدولية فى مجال توفير فرص عمل لذوى الإعاقة، واطلعت علي تجارب ناجحة كثيرة في هذا المجال في دول أخرى عربية وأوربية، وأحاول أن أنقل تجاربهم ، وأطبقها في مصر، فبعض الشركات العالمية شغلت ذوى الإعاقة بعد تأهيل أماكن العمل لهم، ولاحظت أن إنتاجها زاد عن معدله الطبيعى بنسبة ٢٠٪.
ونحتاج من أجل أن ننجح فى هذا ٣ محاور:
1- تعديل القوانين الخاصة بتوظيف ذوى الإعاقة.
2- توعية المجتمع وأصحاب الأعمال تحديدا بقدرات المعاق.
3- تأهيل بيئة العمل لتناسب الشخص المعاق.
إذا استطعنا تحقيق هذه المحاور سنتمكن من حل مشكلة التوظيف والحد من بطاله ذوى الإعاقة.
عفوًا، أريد استيضاح نقطة من حضرتك؟ حضرتك تقول أن إنتاج الشركات زاد بنسبة ٢٠%، بعد تأهيل متحدي الإعاقة، وتوظيفهم، هل ممكن توضح كيف ذلك؟
بعض الشركات العالمية مثل كارفور، حسبت معدل الإنتاج قبل تشغيل عدد من ذوى الاعاقه وهو محدد بـ٣٪فى القانون الامريكى، وبعد تشغيلهم لاحظت ارتفاع معدل الإنتاج بنسبة عشرين في المية، وبدأت تطبق ذلك، علي كل فروعها في الدول الاوربية، فالمعاق إذا توفر له تدريب وبيئة عمل مناسبة، سنأخذ منه إنتاجًا أكثر من غير المعاق. لأن الدافع لإثبات ذاته وقدراته يجعله يعمل بشكل أكبر من الغير معاق.
فضلًا أ.محمد، احكِ لقراء فكرة عن التجارب الناجحة لتأهيل وتشغيل متحدي الإعاقة في المجتمع المصري التي ساهمت حضرتك فيها.
من أهم التجارب كانت شركة لصناعة الملابس ،وأصحابها ناس متفهمة جدا، وتم تهيئة مكان العمل بوضع علامات إرشاديه علي الحوائط وعلي الأماكن الآمنة التى يمكن المرور منها بالمصنع لمساعدة ذوى الإعاقة السمعية، وتم تعديل بعض الماكينات لتعمل باليد بدل الأرجل لذوى الإعاقة الحركية، وهذا ما يسمى بتهيئه بيئة العمل، وتم تدريب عشرين فرد وتشغيلهم.
ما اسم الشركة يا أ.محمد؟ وما اسم صاحبها؟
الشركه اسمها المصرية الإسبانية للملابس، صاحبها ومديرها مهندس أسامه نبيه، وعلي فكرة مستعد يستوعب عددًا أكبر من ذلك بكثير، لكن ثقافتنا كمجتمع تميل للعمل الحكومى
ممتاز، وكيف تم فتح الموضوع مع الشركة؟ أم كانت مبادرة شخصية من صاحب المصنع؟
كانت مبادرة من جمعية أهلية مع صاحب المصنع، وبالشراكة معى كممثل للمجلس، وكنت حاضرًا معهم من أول تأهيل المكان إلى المقابلة الشخصية للعاملين الذين رشحتهم بنفسي.
كم نسبة متحدي الإعاقة في الشركة الإسبانية بالنسبة لغيرهم؟
للأسف ليست كبيرة حوالى ٣%، رغم أن صاحب الشركة قال إنه مستعد أن يكون كل العاملين وعددهم ٦٠٠ من ذوى الإعاقة، لكن مثل ما قلت لحضرتك، أغلب ذوى الإعاقة يسعون وراء العمل الحكومى، ويفضلون البطاله عن العمل بالقطاع الخاص!
وكم عمر هذه التجربة الآن؟ وما مدى رضا صاحب المصنع عن دمج متحدي الإعاقة؟ وإنتاجهم؟
التجربه كانت فى ٢٠١٥، وصاحب المصنع الى اليوم يستقبل أى معاق راغب في العمل أبعثه له، وأنا متواصل باستمرار مع مدير شئون العاملين هناك.
وبالنسبة للانتقال من وإلى المصنع، هل تم تيسير ذلك؟
بالفعل وفّر صاحب العمل أتوبيسات خاصة، ومطعم لوجبة الغذاء وحافز إنتاج وعيادة طبية، كما وفرنا مترجم إشارة للصم أثناء التدريب والمقابلة.
من خلال تجربتكم في إدارة خدمة المواطنين، ما أهم ما تساهمون في تيسيره وتوفيره لمتحدي الإعاقة؟
أحاول بقدر الإمكان ، ولكن كثيرًا ما تُعطل البيروقراطية ما نريد إنجازه، ولكن لأن أنا أحب هذا المجال فالشيء الذي يمكن أن يعطله الروتين، أقوم بتنفيذه لكن من خلال المجتمع المدنى، لأنى عضو مجلس إدارة فى أكثر من جمعية لذوى الإعاقة، لأني أجد حرية حركة أكثر خارج الوظيفة.
ما أهم الجمعيات والهيئات التي تتعاون مع حضرتك وتستجيب لنداءاتك؟
أنا عضو مؤسس وعضو مجلس إدارة بجمعيه حقى لذوى الإعاقة،
وهذه عملها حقوقي أكثر، ونفّذت بها العديد من ورش العمل والندوات الخاصة بالتوعية وبالقانون الذي يجهز حاليا لذوى الإعاقة، كما نظمت أكثر من ٤ حملات تطوعية علي مدار ٤سنوات، كان أهمهم حملة "إيدى فى إيدك" لمساعدة معاقي العشوائيات، هذه كانت فى ٢٠١٤، وقمت بتنظيمها وانضم لها ١٥ مؤسسة وجمعية، كانت عبارة عن قوافل تقدم المساعدات الطبية والنفسية للمعاقين فى العشوائيات، وكانت في مناطق شبرا، مدينة السلام، كرداسة، كفر حكيم.
هل هناك مصادر دخل لجمعية حقي؟ أم تعتمد على مشاركة الجمعيات في الحملات التي تنظمها؟
لا كله عمل تطوعى بالمشاركه مع الغير، الحملة كانت بشكل شخصي قبل إنشاء الجمعية، وكان رأسمالى الذي استخدمته فيها شبكه علاقات واسعة علي مستوى الجمهورية مع المؤسسات والأخصائين العاملين فى المجال، وشبكة العلاقات تلك تكوّنت علي مدار خمس سنوات من خلال موقع إلكترونى خدمى قمتُ بإنشائه، اسمه شبكة معلومات ذوى الإعاقة.
ما رسالة هذا الموقع؟
ده عليه ١٠٠ ألف زائر تقريبا ومرتبط بعشر مجموعات متخصصة على "الفيس" هدفه الأساسي حلقة وصل بين طالب الخدمة ومقدم الخدمة، سواء كان فردًا مُعاقًا أو جمعية أو أخصائيًا، وكل خدماته مجانية.
اخبار الشبكه - شبكة معلومات ذوى الاعاقه
http://kenanaonline.com/users/infondi/topics/109704
هل هناك أمل أن يحظى مشروع قانون حقوق متحدي الإعاقة باهتمام أحد الأحزاب السياسية ليقدمه تحت قبة المجلس؟ ومن ثم يرى النور. وما أهم الضغوط التي تمارسونها من أجل هذا الهدف؟
القانون يُناقش فى مجلس النواب حاليا بالفعل،لكن هناك أكثر من مسودة مُقدّمَة، واحدة من المجلس القومى، وواحدة من التضامن، وواحدة من مجلس النواب.
هل حضرتك أو أي ممثلين حقيقيين لمتحدي الإعاقة يشاركون بأي وسيلة في إعداده؟
أنا شاركت فى مسودة المجلس بحكم عملى وشاركت فى ورش عمل للقانون من خلال المجتمع المدنى، وحضرت جلسات الحوار المجتمعى بمجلس النواب
عودة إلى باقي المحاور الثلاثة التي أشرت حضرتك إليها، بالنسبة للمحور الثاني؟ ومجتمع أصحاب الأعمال، كيف السبيل لتعريفهم بقدرات متحدي الإعاقة؟ وأنهم سيكونون عناصر فاعلة في بيئة العمل؟ وما الجهود التي تستهدف تلك التوعية؟
عن طريق التوعيه المباشره بعقد الندوات وملتقيات التوظيف وعرض النماذج الناجحة من ذوى الإعاقة، وعن طريق وسائل الإعلام، وعرض تجارب الدول الأخرى، وعن طريق القانون وترغيب صاحب العمل فى تشغيل الشخص المعاق وليس ترهيبه، مشروع القانون الجديد بعفي صاحب العمل الذي يوظف أكثر من خمسة فى المية من ذوى الاعاقة من جزء من الضرائب، وذلك شيء مهم لأن صاخب العمل إذا وظف المُعاق طمعا فى الإعفاء الضريبي هيعطي المعاق الفرصةلاثبات قدراته، وبالتالى صاحب العمل سيكرر التجربة.
هل المحور الثالث الخاص بتأهيل بيئة العمل سيكون نتيجة لتنفيذ المحور الثاني؟
آه الجزء المرتبط بالمحور التانى، وفى جزء قاتونى برضه فى مشروع القانون الجديد، وهو إلزام أى مبنى جديد بتوفير إتاحه به كشرط لاستخراج الترخيص، فلن يُستخرج رخصة لمصنع مثلا إلا إذا كن يوفر رامب جنب السلم للكراسي المتحركة، وهذا ينطبق علي المبانى الحكومية، والخاصة، وبالنسبة للمبانى القائمة لها مهله خمس سنوات لتعديل مبانيها
وتوفير الإتاحة فيها. والرامب هو ممر خاص للكراسي المتحركة.
بالنسبة لمباني الخدمات الحكومية؟ وأماكن الترفيه والتسوق؟
فى عندنا فى مصر الكود المصرى للفراغات الداخلية والخارجية للمبانى، وقد صدر من سنة ٢٠٠٣، بقرار من رئيس الوزراء بحدد معايير الإتاحة مثل الرامب، ومثل الأبواب أن يكون عرضها لا يقل عن ٩٠ سنتيمتر وهكذا، ويشمل كل معايير ومواصفات الإتاحة اللازمة للمعاق، والقانون ينص علي أن هذا الكود يتم تطبيقه علي كل المبانى.
أحب من حضرتك في نهاية الحوار أن توجه رسائل لكل من مجلس النواب، أصحاب الأعمال، متحدي الإعاقة أنفسهم.
بالنسبه لمجلس النواب أوجه لهم رسالة بالاهتمام بحقوق ذوى الإعاقة، ووضعهم فى الاعتبار فى كل القوانين وأن يستمعوا لأصحاب الشأن، فهم الأقدر علي التعبير عن أنفسهم، فالمعاقون حوالى ١٢ مليون، ويمرون بظروف صحية واجتماعية مختلفة، وليسوا ثمانى أفراد فقط.
بالنسبة لأصحاب الأعمال أقول لهم: إن الشخص المعاق لديه قدرات هائلة، ويحتاج للفرصة المناسبه لإثباتها.
وأخيرا بالنسبه لزملائى من ذوى الاعاقه أقول لهم: فرصة عمل بالقطاع الخاص أفضل من البطالة والتواكل.
سعدت بالتواصل معك أ.محمد مختار، وأثمن جهودك، وأشكر حضرتك أن أعطيت لقراء فكرة من وقتك لإجراء هذا الحوار و أتمنى أن تحقق كل ما تتمناه