أم كلثوم أحد أكتشافات يونس القاضي
يونس القاضي ابن أسيوط..مؤلف نشيد «بلادي»
ومكتشف عبد الوهاب وأم كلثوم كان يشرح خطب مصطفي كامل لأهالي قريته واعتقله
الإنجليز 19 مرةمن زمان والصعيد منهوب لغير أبنائه فمن سرقات الخواجات الإنجليز
وغيرهم لتراثنا الحضاري من تماثيل ومومياوات فرعونية إلي النظرة الاستعلائية
لل،بهوات والباشوات القدامي والجدد الذين رأوا في خيرات الصعيد الزراعية مغنماً
لهم ولا يتوقف النهب والسلب لما تجود به أراضي الصعيد علي المنتجات فقط، بل امتد
ذلك أيضًا إلي سلب إبداعات الكثيرين من الموهوبين الصعايدة، ولا تجد أحق من الشاعر
محمد يونس القاضي أن تبدأ به ولتنفيذ وعدها هذا تحتفي به في الأسبوع الأخير من شهر
يناير الجاري بمسقط رأسه بقرية النخيلة بالتعاون مع محافظة أسيوط التي رحبت كثيراً
وأعرب محافظها عن تذليل جميع العقبات ليخرج ذلك الاحتفال لائقاً بصاحبه وبتاريخه
الإبداعي والوطني.
ولولا أن قيض الله باحثة في قامة الدكتورة إيمان مهران لما وجدنا سوي النبذات الصغيرة عن هذا الرائد فقد أصدرت كتاباً بعنوان «شيخ المؤلفين.. محمد يونس القاضي رائد التأليف المسرحي والغنائي» علي نفقتها الخاصة وهو جهد يشكر لها ومن خلال هذا الكتاب وهو بالمناسبة الكتاب الوحيد عن شخصية بقامة يونس القاضي .
ولد محمد يونس القاضي في الأول من يوليو عام 1888 لأبوين من أسرة عريقة بقرية النخيلة التابعة لمركز أبو تيج، فوالده هو القاضي يونس أحمد الشهير باسم يونس القاضي ووالدته هي السيدة عائشة الحريري من أعيان القاهرة الفاطمية وكما تشير الدكتورة إيمان في كتابها إلي أن محمد يونس القاضي ارتبط وطنياً وروحياً بالزعيم مصطفي كامل، وقد استمد شاعرنا القاضي كلمات نشيد «بلادي بلادي لك حبي وفؤادي» من خطبة للزعيم الذي كان يرعي الشاعر ثقافياً ومعنوياً،
وقد دفع يونس القاضي ضريبة أغانيه ومسرحياته الوطنية أنه تعرض للاعتقال 19 مرة وقد اعتقله الإنجليز ذات مرة حين رأوا الجماهير تردد أغاني مسرحياته في المظاهرات وتجلت عبقرية القاضي في الأغنيات الوطنية عند لقائه الشيخ سيد درويش عام 1917 وأثمرت باقة من الأغاني المهمة منها العاطفي والوطني مثل: «زوروني كل سنة مرة» وقبلها نشيد «بلادي بلادي، بالإضافة إلي «أهو ده اللي صار» و«أنا هويته» وانتهيت بـ«يابلح زغلول» و«خفيف الروح بيتعاجب».
وتمتد علاقات القاضي عمالقة الطرب والموسيقي فيقول في أحد حواراته الصحفية عن علاقته بالموسيقار محمد عبد الوهاب: عرفت عبد الوهاب قبل أن أقدمه إلي الشيخ سيد درويش ببضع سنوات وكان يعمل في محل الترزي أحمد يوسف وكان شقيقه محمد يوسف فناناً قديراً فلفت أنظارنا إلي الصبي الصغير الذي يرتدي الجاكيته فوق الجلباب وكنت وقتئذ أعد رواية لفوزي الجزايرلي وهو علي صلة بالشيخ حسن عبد الوهاب شقيق محمد وطلبنا منه أن يأتي لنا بشقيقه ليغني بين فصول الرواية يقصد المسرحية وجاء عبد الوهاب وغني بثلاثة قروش صاغ في الليلة، ويضيف القاضي، ولكن كان هناك أجر أدفعه أنا لعبد الوهاب سواء غني أو لم يغن وكان يرفض الغناء إلا إذا تناول طبق العاشورة.. إلي أن يقول: وحين توفي الشيخ سلامة حجازي عام 1916انفسح المجال لعبد الوهاب وأتيحت له فرصة الغناء والتمثيل في المسرحيات مثل شهوزاد المعروفة باسم شهرزاد وبعدها غني بدلاً من سيد درويش في رواية الباروكة ورحب به سيد وحياه قائلاً: «ولد عال ولازم يكون حاجة كبيرة في المستقبل».
وكذلك فالشيخ يونس القاضي هو مكتشف سيدة الغناء العربي أم كلثوم فقد سافر إليها في قريتها طماي الزهايرة بالمنصورة وأقنع والدها الشيخ إبراهيم بالرحيل إلي القاهرة والتحول إلي غناء القصائد والأغاني العاطفية والوطنية بجانب الإنشاد الديني ولكن والدها الشيخ إبراهيم لم يرض، ومرت الأيام وقد التقاهم القاضي في مولد الحسين وكان معه الشيخ سيد درويش وعرض خالد الذكر أن يقدم لها الألحان مجاناً إلا أن والدها رفض رفضاً باتاً.. وظل القاضي يلح علي والدها إلي أنا وافق أن تغني قصائد عبده الحامولي ومنها أغنية «وحقك انت المني والطلب» وبعدها لحن لها عبد الوهاب أغنية خفيفة من تأليف الشيخ يونس القاضي مطلعها «قال إيه حلف ما يكلمنيش» وسرعان ما اشتهرت بها حتي أصبحت تنافس الست منيرة المهدية سلطانة الطرب في زمانها وصارت فيما بعد سيدة الغناء الأولي في العالم العربي.