الزواج وإنجاب الأطفال :-

رغم أن الزواج في النوبة مسئولية الوالدين، إلا أن العم والخال يشتركان كذلك في تحمل المسئولية نظرا لأن نظام القرابة النوبي نظام مزدوج يجمع بين النسب من الوالدين الأب والأم .

وزواج الفتى من ابنة عمه يعتبر أمرًا خاصًا، لدرجة أن مهر الفتاة يكون أقل بكثير إذا تزوجت ابن عمها أو خالها عما لو تزوجت خارج الأسرة، وهنا يتفاوت المهر من قبيلة لأخرى.

ويحرص النوبيون على تقديم النقوط والهدايا العينية لأسرتي العروسين تعبيرا عن الود والتعاطف والمساعدة على إقامة حفلات الزواج الباهظة التكاليف.

ونظرًا لأن النيل يشكل عنصرا محوريا في الثقافة النوبية، فإنه يتعين على العروسين أن يهبطا إليه ليلة الزفاف، ويغتسلا بمياهه أملا في جلب الخير وإنجاب الأطفال.

وعندما يرزق الأبوان بطفل ذكر، يحتفل بيوم سبوعه حيث تذبح ذبيحة وتتلى الآيات القرآنية ويختار اسمه. أما إذا كانت المولودة أنثى فيقتصر حفل السبوع على دعوة الأصدقاء ويذهبون بصحبة الوالدين إلى شاطئ النيل وهناك يعطى للبنت اسمها.

وبسبب العزلة الجغرافية واللغة الخاصة والوضع الأمومي تشكلت حتمية ألا تتزوج الفتاة النوبية إلا من “داخل القبيلة” فقط، وليس من أهل النوبة ككل، ففي بدء الأمر لم تكن النوبية تتزوج إلا من داخل الأسرة، وبعد ذلك من داخل القبيلة.. فمثلا لم تكن النوبية من “الكنوز” تتزوج من نوبي من “الفادتجدا” وهكذا، وفي المقابل كان ولا يزال من حق الفتى النوبي أن يتزوج من يشاء دون أن يكون ملزما بالزواج من النوبيات .

وفي اعتقادي أن هذا الأمر ليس مقصورا على النوبيين فقط، فالأشراف في صعيد مصر لا يزوجون بناتهم إلا من نفس القبيلة وهو نفس ما نجده عند الهوارة الذين لا يزوجون أبناءهم لأحد أفراد قبائل العرب الذين يبادلونهم هذا الاعتقاد، ورغم ذلك فإن الموضوع برمته بدأ يتغير نسبيا بحكم التطور، وانفتاح المجتمع أكثر من ذي قبل مع زيادة نسبة التعليم وانحسار الجهل والأمية، دون أن نغفل أن هناك الكثيرين الذين مازالوا يعتقدون هذا الاعتقاد باعتباره جزءاً من الموروث والعادات والتقاليد التي يجب الحفاظ عليها مثلها مثل اللغة، ولاشك أن مشكلة العنوسة قد فرضت نفسها على بنات النوبة في الفترة الأخيرة لكن لا ننسى أن ذلك جزء من مشكلة عامة فالعنوسة أصبحت ظاهرة انتشرت في المجتمع المصري كله وارتفع سن الزواج بصورة لافتة للنظر ومثيرة للانتباه.

ولعل أهم أسرار “عنوسة” بنات النوبة خلال السنوات الأخيرة هي هذه العادات والتقاليد التي يتوارثونها جيلا بعد جيل.. فالبنت النوبية عليها أن تتزوج رغما عنها من شاب نوبي حتى لو لم تكن تحبه أو توافق عليه، وإلا فلن ترى الزواج طيلة حياتها، وهي المشكلة التي تواجهها “بعض” فتيات الجيل الجديد المثقف في النوبة، ونقول “بعض” لأن غالبية بنات النوبة أنفسهن يفضلن “العنوسة” على الزواج بشاب غير نوبي متأثرين في ذلك بالمعتقدات التي تزرع فيهن هذا المبدأ أو تلك العادة منذ نعومة أظفارهن، والكثيرات منهن يقتنعن بهذا المعتقد وتنشأ الفتاة النوبية على أن الشاب غير النوبي لن يصونها ولن يعطيها حقها كامرأة لها كرامتها وكيانها، وبالتالي إذا وجدت الفتاة النوبية أنه لم يتقدم لها شاب نوبي مناسب فإنها تفضل الحياة بدون زواج أو الانتظار طويلا حتى يأتي هذا العريس النوبي المناسب الذي يوافق مواصفاتها وشروطها مما أدى بلا شك إلى ارتفاع سن الزواج بشكل ملحوظ فيما بين بنات النوبة في الفترة الأخيرة فضلا عن زيادة عدد العوانس هناك .

 

الزواج المبكر

 ومن عادات وتقاليد الزواج في النوبة أيضا أن السن النموذجية الذي يتزوج فيه الشاب النوبي يتراوح ما بين 18 و22 سنة ، أما الفتاة فتتزوج وعمرها ما بين 15 و 20 عاما ويعد العريس “الجهاز والموبيليا”، وعلى عكس الشائع يكون مقدم الصداق أقل من مؤخره، ويتراوح بين خمسة جنيهات إلى 15 جنيها ويكون بين أسرتي العروسين في العادة اتفاق داخلي على مقدم الصداق وغيره .

على الرغم من المظاهر والمبالغات والمساومات التي تحدث، تنحر الذبائح بكثرة ملحوظة بمنزلي العروسين، وإذا كانت هناك جنازة قبل مرور سبعة أيام على الزواج فلابد أن يخرج العروسان ويشهدان الجنازة قبل دخول أحد المشيعين عليهما، وإذا مر موكب عرس آخر على منزل العروسين قبل “السبوع” .

فإنهما يخرجان ويصاحبان الموكب ولا يدخلان منزل العرس الثاني بل إن “العروسة” ترسل أصغر أطفال الأسرة وعليها حلية صغيرة كتعبير رمزي عن مشاركة أفراد وأهل العرس الثاني الأفراح.وإذا كانت والدة العريس أو العروس قد سبق لها أن جاملت إحدى الأسر الأخرى بالمشاركة في أفراحها وهي بكامل حليها الذهبية وجب على هذه الأسرة المعاملة بالمثل .

 

الطلاق عند أهل النوبة 

أما بالنسبة للطلاق فتندر حالاته بالنوبة إذ جرى العرف على اعتبار الطلاق من المكروهات كراهة شديدة، ولا يطلق الزوج زوجته إلا في حالات محدودة ولأسباب ودوافع قوية مثل الأمراض المستعصية التي قد تصيب أحدهما أو اليأس من الإنجاب أو ما شابه ذلك، فالنوبيون يقدسون الحياة الزوجية ويحترمون بيوتهم وحياتهم الخاصة ولا يفرطون في أزواجهم بسهولة.

  • Currently 10/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
2 تصويتات / 656 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2014 بواسطة ict4nuba

بوابة النوبة

ict4nuba
بوابة نتعرف من خلالها على النوبة، وعلى الأنشطة التنموية والتعليمية والصحية بها، والتي تتم باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

69,723