<!--<!--<!--[if gte mso 10]>
<style>
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"جدول عادي";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}
</style>
<![endif]-->
التحكيم في الشيك في ضوء أحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999
لا يوجد موضوع في الموضوع التجاري أو الموضع الجنائي أثار و لا يزال يثير صعوبات قانونية و خلافات فقهية مثل موضوع الشيك و قد جاء قانون التجارة الجديد عند تنظيمه لهذا الموضوع ليضيف مشكلات و صعوبات قانونية جديدة و من بين نصوص هذا القانون التي أثارت الجدل و كانت مصدرا للعديد من التساؤلات نص المادة /534 فقرة 4 التي قضت بانقضاء الدعوى الجنائية و بوقف تنفيذ العقوبة في حالة التصالح بين الساحب و المستفيد من الشيك , حيث تجري على أنه " 000 4- و للمجني عليه و لوكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة يطلب من النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال و في أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات صلحه مع المتهم
و يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية و لو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر
و تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها و لو بعد صيرورة الحكم باتا "
فقد أثار هذا النص اختلافات في التطبيق بشأن التصالح ففي حين يشترط البعض وجود عقد صلح بين الساحب و المستفيد و هذا هو التفسير الذي يتسق مع نص المادة المشار إليه فإن البعض الآخر يكتفي بقيام السحب بسداد مبلغ الشيك في أي مرحلة كانت عليها الدعوى للحكم بانقضائها و لا يشترط موافقة المستفيد على هذا الوفاء الذي يتقدمن به الساحب فما موقف المحكمة في هذه الحالة هل يعد مسلك المستفيد منطويا على تعسف في استعمال الحق أم لا ؟ تلك أسئلة تحتاج لإجابات واضحة و محددة لأنها تطرح على القضاء بشكل يومي و تختلف بشأنها المحاكم بشكل بين إلا أن هذا الموضوع لا يتم التعرض له بالتفصيل في إطار هذا البحث
و قد أثارت مسألة جواز التصالح في الشيك جدلا أخر لا تختلف أهمية حسمه عن سابقه و لكنه هذه المرة في مجال التحكيم 0 فإذا كانت القاعدة العامة التي تحدد المسائل التي يجوز فيها التحكيم تقضي بأن التحكيم يجوز في المسائل التي يجوز فيها الصلح ( م 11 من قانون التحكيم ) و أصبح الشيك بموجب حكم المادة 534 في الفقرة 4 من قانون التجارة , يجوز فيه الصلح فهل أصبح من الجائز الاتفاق في التحكيم في المنازعة المتعلقة بالشيك ؟ و هل هذا الاتفاق يغلق باب اللجوء للقضاء المدني للمطالبة بقيمة الشيك باعتبار أن تلك الحماية أصبحت تتعلق بمصلحة خاصة بالمستفيد و ليس بالمصلحة العامة طالما أن القانون أجاز له التصالح بشأن الشيك أم أن الأمر لا يزال متعلقا بقاعدة آمرة وفقا للمفهوم التقليدي للنظام العام الذي يعتبر كل قواعد القانون الجنائي قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها , و من ثم لا يجوز التصالح بشأنها و من ثم عدم جواز الاتفاق على التحكيم بصددها ( الفصل الأول )
و ما دفعنا إلى تناول هذا الموضوع بالبحث , فضلا عن الصعوبات التي تصادفه في التطبيق , حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية المقيدة بجدول المحكمة المذكورة تحت رقم 8 لسنة 22 ق " تنازع " و الصادر بتاريخ 4/8/2001
حيث أنه تعرض لمسألة التحكيم في الشيك و هو بصدد حسم التنازع بين حكمين صدر أحدهما من هيئة تحكيم و صدر الآخر من محكمة جنح مستأنفة قضى الأول بإلزام المستفيد من الشيك برده
إلى الساحب و قضى الثاني بمعاقبة الساحب عن جنحة شيك دون رصيد ( الفصل الثاني )
الفصل الأول
مد جواز الاتفاق على التحكيم
في الشيك و صوره
إن مسألة جواز الاتفاق على التحكيم في الشيك ترتبط بمسألة جوهرية في مجال التحكيم و هي المسائل التي تدخل في نطاق التحكيم و المسائل التي تخرج منه ( المبحث الأول )
و هذا الاتفاق بشأن التحكيم في منازعات الشيك له صور مختلفة ( المبحث الثاني )
المبحث الأول
مدى جواز الاتفاق على التحكيم
في الشيك
يستطيع المستفيد من الشيك ولوج الطريق المدني و الطريق الجنائي بالمطالبة بقيمته فالمشرع قد أضفى على الشيك حماية جنائية الأمر الذي يعطي للمستفيد منه الحق في إقامة جنحة شيك بدون رصيد ( الفرع الثاني )
كما أن المستفيد من هذا الشيك يستطيع أن يلجأ إلى الطريق المدني سواء في صورة أمر أداء أو دعوى إلزام ( الفرع الأول )
و في جميع الأحوال يرتب شرط التحكيم أثره أيا كانت صورته أو وقت الاتفاق عليه ( الفرع الثالث )
الفرع الأول
التحكيم في الشيك كمنازعة مدنية
إن لجوء المستفيد من الشيك إلى القضاء المدني في حالة وجود اتفاق بينه و بين الساحب للتحكيم بشأن المنازعات التي تنشأ عنه لا يثير مشكلة حيث أن الأمر يتعلق هنا بحق مالي بحت و من المستقر عيه أن التحكيم في المنازعات ذات الطابع المالي لا يثير مشكلة و من ثم فإن اتفاق الساحب أو المستفيد على اللجوء إلى التحكيم بشأن المنازعات المدنية الناشئة عن الشيك يؤدي إلى غلق الطريق المدني أمام المستفيد سواء لجأ المستفيد إلى هذا الطريق في صورة أمر أداء أو في صورة دعوى إلزام 0
إلا أن هناك وضع قد يؤدي إلى بعض الصعوبات و هو حالة الادعاء بالحق المدني من قبل المستفيد أمام المحكمة التي تنظر جنحة الشيك بدون رصيد فهذا الادعاء ينصب بصفة رئيسية على تعريض المستفيد عن الأضرار التي لحقت به من جراء ارتكاب الساحب لجريمة الشك بدون رصيد و التساؤل الذي يثور هنا هو الاتفاق على التحكيم بشأن المنازعات الناشئة عن الشيك تغلق أيضا حق المستفيد في الادعاء المدني أمام القضاء الجنائي أم أن هذا الادعاء يعد بمثابة أحد المتطلبات الرئيسية للدعوى الجنائية و بالتالي يطبق بشأن أثر الاتفاق على التحكيم بالنسبة للقضاء الجنائي
في الحقيقة فإننا لو رجعنا إلى نصوص قانون الإجراءات الجنائية في هذا الخصوص نجد أن المادة 251 فقرة 2 تنص على أنه
" لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظور أمامها الدعوى الجنائية في أي حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة طبقا للمادة 275 و لا يقبل منه ذلك أمام المحكمة الاستئنافية "
و الدعوى المدنية يمكن تعريفها بأنها " الدعوى التي يقيمها من لحقه ضرر من الجريمة طلب التعويض عن هذا الضرر "
فالدعوى المدنية في حقيقته دعوى تعويض إلا أنها تنشأ عن فعل خاطئ ضار يعد في تنظر قانون العقوبات جريمة فهي مشتركة المصدر مع الدعوى الجنائية و هو الواقعة الإجرامية
و لذلك فإن الاشتراك في المصدر أجاز إقامة الدعويين أمام القضاء الجنائي فالمضرور من الجريمة يقيم دعواه بالتعويض أمام المحكمة الجنائية بطريق التبعية للدعوى الجناية و رغم وجود ارتباط بين هذين الدعويين إلا أن ذلك لا ينفي أن كل منهما مستقلة عن الأخرى في أركانها و موضوعها و خصومها و سببها و بالتالي فإن القضاء الجنائي عندما ينظر الدعوى المدنية المرفوعة من المستفيد من الشيك إنما ينظر في حقيقة الأمر دعوى مدنية متعلقة بحق خاص و يجوز للمستفيد أن يتركها بل إنه يجوز له ابتداء ألا يرفعها إذا فإن دعوى التعويض أمام القضاء الجنائي يجب النظر إليها عل أنها دعوى مستقلة عن الدعوى الجنائية و تعامل معاملة الحقوق المالية الخالصة الأمر الذي يترتب عله قفل باب الادعاء المدني أمام المستفيد من الشيك إذا اتفق بشأنه على اللجوء إلى التحكيم
الفرع الثاني
أثر شرط التحكيم ف الشيك
على الدعوى الجنائية
إن المسألة التي تثير خلافا في هذا الصدد هي : هل الاتفاق على التحكيم بشأن المنازعات الناتجة عن الشيك يؤدي إلى غلق باب الطريق الجنائي أمام المستفيد أم لا ؟ بتعبير أخر هل الاتفاق على التحكيم المبرم بين المستفيد و الساحب يحظر المستفيد من اللجوء إلى القضاء الجنائي لإقامة جنحة شيك بدون رصيد سواء عن طريق النيابة العامة أو عن طريق الادعاء المباشر ؟
في الحقيقة إن هذه المسألة لم تثر إلا عد صدور قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 الذي أجاز النصائح في الشيك 0 فهذا الوضع لم يكن موجودا قبل صدور هذا القانون و من ثم فلم يكن للسؤال المطروح سلفا محل أما في قانون التجارة الجديد فد نصت المادة 534 فقرة 4 على أنه " للمجني عليه و لوكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة حسب الأحوال و في أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات صلة مع المتهم "
و يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية و لو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر
و تأمر النيابة العامة وقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها و لو بعد صيرورة الحكم باتا "
أن مؤدى هذا النص أن المشرع في قانون التجارة الجدي قد أجاز التصالح في الشيك أمام المحكمة و في أي مرحلة كانت عليها الدعوى و الأثر الذي يرتبه هذا التصالح أثر هام له مغزاه في المسألة التي يناقشها و هو أن التصالح يؤدي إلى وقف تنفيذ العقوبة حتى و لو أصبح الحكم بها باتا 0 و تلك الآثار التي يحدثها التصالح بشأن تنفيذ العقوبة الصادرة فه هو الذي دفع بنا إلى اللجوء إلى متناقشة موضوع أثر الاتفاق على التحكيم إلى اللجوء إلى القضاء الجنائي
فمن المعروف أن القاعدة العامة الموجودة في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أن كل ما يجوز فيه الصلح يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجنائية و وقف تنفيذ العقوبة فهل هذا معناه أن التحكيم جائز حتى بشأن المسائل الجنائية الناشئة عن عدم الوفاء بقيمة الشيك أم لا ؟
في حقيقة الأمر فإن مناقشة هذه المسألة يجعلنا نتطرق إلى موضوع آخر و لكنه مرتبط بتلك المسألة ارتباطا لا يقبل التجزئة و هو طبيعة الحق محل مباشرة الدعوى الجنائية في هذه الحالة هل لا زلنا أمام حق النيابة العامة بصفتها الأمينة على الدعوى كمنا هو الحال في شأن كافة الجرائم أم أننا أصبحنا بهذا النص و بهذا الحق في التصالح أمام حق خاص بالمستفيد يستطيع أن يتنازل عنه و تنقضي به الدعوى فإنه هنا قد اقتربنا إلى حد كبير من الدعوى المدنية حيث إنه من حق المدعي ف الدعوى الجنائية هنا يجوز للمستفيد أن يتصالح بشأن قيمة الشيك
و هذا الأمر يجعلنا نلقي الضوء على فكرة النظام العام و ما طرأ عليها من تطور فلنم تعد تلك الفكرة كما كانت من قبل تقضي بأن كل قاعدة آمرة تعد من النظام العام و لا يجوز مخالفتها فالآن نظر إلى النظام العام على أنه يشمل الأسس الجوهرية للمجتمع , مثل كون اللغة العربية هي اللغة الرسمية و إن نظام الدولة هو النظام الجمهوري و غير ذلك من أسس المجتمع الرئيسية أما غيرها فيجب النظر إلى مدى تعلق القاعدة بالنظام العام من عدمه من منظور الحق الذي تحميه فإذا كان هذا الحق يجوز التنازل عنه أو التصالح بأنه أضحت القاعة و لو كانت ضمن قواعد القانون الجنائي غير متعلقة بالنظام العام
من هذا المنطق فإنه يجب النظر إلى مسألة التحكيم في المسائل الجنائية بشكل مختلف و ذلك في ضوء الآتي :
إذا كان الحق الذي تحميه القاعدة الجنائية حق خاص و يجوز التصالح بشأنه من قبل صاحبه فإن هذا الحق يجوز أن يكوم محلا للتحكيم 0 و تلك قاعدة تستقر على كل جريمة يجوز التصالح فيها لأن هذا التصالح د حولها إلى حق خاص محض و لا يوجد فيه أي صفة للحق العام
و لا شك أن هذا القول ينطبق تماما على جريمة الشيك بدون رصيد فطالما أن المشرع قد أجاز التصالح بشأنها أمام المحكمة و في أي حالة كانت عليها الدعوى و قضى بأن التصالح يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجنائية فقد جعل هذه الدعوى حقا خالصا للمجني عله و هو المستفيد الأمر الذي نرى معه أن الاتفاق على التحكيم بشأن المنازعات الناشئة عن الشيك يغلق أيضا طريق القضاء الجنائي لا يجوز للمجني عليه أي المستفيد من الشيك أن يقيم جنحة شيك بدون رصيد سواء بالادعاء المباشر أو عن طريق النيابة العامة
و تجدر بنا الإشارة في هذا الصدد إلى أن قفل الطريق الجنائي بموجب اتفاق التحكيم لا يرتبط بمصير الدعوى المنظورة أمام هيئة التحكيم معنى أنه لو قضى في هذه الدعوى بأحقية المستفيد من الشيك فلا يجوز له بموجب هذا الحكم أن يلجأ إلى الطريق الجنائي حيث إنه منذ أن وافق على طرح كافة منازعات الشيك على هيئة لتحكيم قد تنازل و برضاه عن اللجوء إلى القضاء سواء المني أو الجنائي و بالتالي نشير في هذا الخصوص إلى مسألة عملية هامة يجل الانتباه إليها و هي ذكر الشيكات بأرقامها و قيمها ضمن العقد المتضمن شرط التحكيم إن ذكر هذه الشيكات في العقد يخضع منازعاها قولا واحدا إلى التحكيم دون القضاء
و بالتالي فسيكون هناك مصلحة مباشرة للساحب في أن يضمن العقد تلك الشيكات لنه يستوفي بذلك أن ترفع ضده جنحة شيك بدون رصيد من قبل المستفيد و في المقابل فإن ورود ذكر الشيكات في العقد يعد ذات أثر سلبي على المستفيد لأنه سيفتقد جانبا هامت من جوانب حماية الشيك و هي الحماية الجنائية و لذلك فإن الحرص مفروض في مثل هذه الحالة سواء من قبل المستفيد أو من قبل الساحب
و هنالك مسألة أخرى يجب التطرق إليها لإيضاحها و هي مدى تأثير ذكر الشيكات ضمن العقد الوارد فيه شرط التحكيم عل مبدأ استقلال الشيك عن علاقة الأساس التي صدر بمناسبتها 0 حيث إنه معروف عن الالتزام الوارد في الشيك هو التزام مجرد عن سبه و الشك ورقة مستقلة عن علاقة الأساس التي صدرت بمناسبتها و لكت إذا ما وضعت تلك الشيكات ضمن العقد بقيمها و أرقامها و اتفق في هذا اعقد على أن هذه الشيكات و منازعاتها تخضع للتحكيم فهل من شأن ذلك أن يفقد الشيك لمبدأ استقلاله عن علاقة الأساس أي أن ورود شرط التحكيم في هذا العقد و تضمين العقد لتلك الشيكات يعني اتفاق الأطراف على اربط ما بين علاقة الأساس و هي العقد و بين الشيك ؟ و بتعبير أخر هل هذا الاتفاق من قبل الأطراف على وضع الشيكات في العقد و الاتفاق بشأنها على التحكيم يعني التفاهم على جعل الالتزام المارد في الشيك مسببا و ليس مجردا عن سببه و يعد عقد الأساس في هذه الحالة هو سبب الالتزام بدفع قيمة الشيك , أم أن مبدأ الاستقلال هذا متعلق بالنظام العام و لا يجوز الاتفاق على مخالفته
نحن في ضوء ما ذكرناه بخصوص التطور الذي لحق بفكره النظام العم في الآونة الأخيرة , أن مبدأ تجرد الالتزام الوارد في الشيك عن سببه و مبدأ استقلال الشيك عن علاقة الأساس إنما هي مبادئ تقررت لصالح المستفيد من الشيك حتى يكون الشيك أداة وفاء , و من ثم فإذا تنازل المستفيد عن هذا الحق الخالص له و وافق على إدراج تلك الشيكات في العقد و ضمن هذا العقد شط تحكيم فإنه بذلك يكون د تنزل عن حق منحه له القانون , و هذا الحق كما ذكرنا لا يتعلق بالنظام العام و يجوز الاتفاق على مخالفته و إذا كانت هذه الفكرة ستثير الجدل و النقاش إلى وقت طويل 0 و هي ف جن\ميع الأحوال معروضة على البحث لكي يقول فيها الفقه كلمته
الفرع الثالث
صور الاتفاق على التحكيم
في الشيك
إن صور الاتفاق على التحكيم في الشيك متعددة فيمكن الاتفاق على التحكيم في الشيكات بموجب اتفاق مستقل عن العقد الذي صدرت الشيكات استنادا عليه و كذلك من الممكن أن يتم هذا الاتفاق في صورة بند من بنود عقد الأساس بشرط أن يرد ذكر الشيكات بأرقامها وقيمها ضمن بنود هذا العقد 0 أما إذا اتفق في عقد الأساس بشرط أن يرد ذكر الشيكات بأرقامها و قيما فإن شرط التحكيم لا يسري بشأن المنازعات التي تنشأ عنها 0 لأن عدم تضمين العقد لها عني أن الأطراف قد تركوا مجال القضاء مفتوحا عند نشوء أي منازعة خاصة بتلك الشيكات
و تجدر الإشارة أيضا إلى أن الاتفاق على التحكيم بشأن الشيكات ممكن أن يتم قبل نشوء النزاع أو بعده 0
و قد يرد شرط التحكيم على الشيك ذاته و هنا سري أثر هذا الشرط بالنسبة لجميع أطرافه و كل الموقعين عليه من مظهرين و ضمنا غيرهم 0
المبحث الثاني
أثر اتفاق من حيث الأشخاص
يرتب اتفاق التحكيم أثره فيما بين طرفيه اللذان وقعا عليه , و ذلك إعمالا لحكم المادة 12 من قانون التحكيم رقكم 27 لسنة 1994 التي تقضي بأن اتفاق التحكيم يجب أن يكون مكتوبا و إلا كان باطلا فالكتابة قد تطلبها المشرع هنا للانعقاد و ليس لمجرد الإثبات و من ثم لا يسري اتفاق التحكيم إلا بالنسبة لمن وقعوا عليه و قبلوه صراحة
و على ذلك فإن سريان اتفاق التحكيم في الشيك في مواجهة الساحب و المستفيد لا يثير مشكلة فهما طرفا علاقة الأساس التي تضمنت ذكر الشيكات بأرقامهن و قيمها و احتوت على بند التحكيم
و لكن الصعوبة تثور بالنسبة للمظهر إليهم ( الفرع الأول ) و الضمان الاحتياطيين ( الفرع الثاني )
الفرع الأول
أثر اتفاق التحكيم بالنسبة
للمظهر إليهم
قد يتم تظهير الشيك تظهيرا ناقلا للملكية ( أولا ) أو تظهيرا توكيليا ( ثانيا ) فما أثر اتفاق التحكيم على المظهر إليهم في الحالتين :
أولا : المظهر إليهم في التظهير الناقل للملكية :
يعتبر المظهر إليه في الشيك تظهيرا ناقلا للملكية من الغير بالنسبة لعقد الأساس الذي اتفق فيه على التحكيم و تم التوقيع عليه من قبل السابح و المستفيد و لذلك فإن إعمالا لحكم المادة 12 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 التي تستلزم أن يكون لاتفاق التحكيم مكتوبا و إلا كان باطلا لا يسري شرط التحكيم بشأن الشيكات على هؤلاء المظهر إليهم لأن هم لم يوقعوا عليه و هذا السبب في ذاته يكفي لعدم سريان شرط التحكيم في مواجهتهم بعيدا عن الدفوع الأخرى المتمثلة في إعمال مبدأ نسبية ثر العقد و في تطبيق قاعدة تطهير الدفوع بالنسبة للحامل حسن النية في الشيك باعتباره ورقة تجارية
ثانيا : المظهر إليهم في التظهير التوكيلي :
يعتبر المظهر إليه في الشيك تظهيرا توكيليا من الغير أيضا بالنسبة لعقد الأساس الذي اتفق فيه على التحكيم إلا أن مركزه القانوني يختلف عن المركز القانوني للمظهر إليه تظهيرا ناقلا للملكية ففي حين يباشر هذا الأخير الدعاوى الناشئة عن الشيك بصفته أصلا , فإن المظهر إليه توكيليا يباشر الدعاوى الناشئة عن الشيك بصفته وكيلا عن المظهر و من ثم فإنه لا يستطيع أن يسلك بشأن هذه الدعاوى سوى الطريق الذي يستطيع أن يسلكه موكله ( المظهر أو المستفيد )
فإذا كان التظهير التوكيلي قد تم إلى المظهر إليه من مظهر آخر فلا يسري في مواجهته شرط التحكيم أنه لا يسري في مواجهة هذا المظهر الآخر أما لو كان التظهير قد تم إليه من المستفيد الأول فإن شرط التحكيم الذي يلتزم به يسري في مواجهة المظهر إليه الوكيل 0
الفرع الثاني
أثر اتفاق التحكيم بالنسبة
للضمان الاحتياطيين
إذا وقع شخص على الشيك كضامن احتياطي للوفاء بقيمته , و لم يكن شرط التحكيم واردا على الشيك ذاته و إنما في عقد الأساس الذي تضمن ذكر الشيك فلا يسري عليه شرط التحكيم الوارد في هذا العقد لأنه لم يرتضيه صراحة حيث لم يوقع عليه
و ذلك إعمالا لحكم المادة 12 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994
الفصل الثاني
تعليق على حكم المحكمة الدستورية العليا
الصادر في القضية رقم 8 لسنة 22 ق " تنازع "
في 4 أغسطس سنة 2001
لقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما هو الأول من نوعه في مسألة تعارض حكمين أحدهما صادر من هيئة تحكيم و الأخر صادر من محكمة جنح مستأنفة و كانت محل كلاهما شيء واحد و هو الشيك
و قبل التعارض للتعليق على هذا الحكم فسوف نسرد وقائعه و نبين أهم المسائل التي فصل فيها ( المبحث الأول )
ثم عد ذلك نورد رأينا فيما تضمنه هذا الحكم من حلول و مبادئ قانونية ( المبحث الثاني )
المبحث الأول
واقعات الدعوى التي صدر فيها الحكم
و المسائل القانونية التي فصل فيها
نورد أولا تفصيلا لوقائع تلك الدعوى ( المطلب الأول ) ثم نبين أهم المسائل التي فصلت فيها المحكمة ( المطلب الثاني )
المطلب الأول
واقعات الدعوى
بتاريخ 8/4/2000 أودع المدعي صحيفة دعواه ضد كل من :
السيد / المستشار وزير العدل
السيد/ المستشار النائب العام
الممثل القانوني لشركة إسكندرية للتبريد و طلب فيها وقف تنفيذ الحكم الصادر في الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 جنح قصر النيل و المؤيد بالحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 6228 لسنة 1995 وسط القاهرة 0 و في الموضوع بتنفيذ الحكم الصادر من هيئة التحكيم في الطلب رقم 4 لسنة 1994 فيما تضمنه من إلزام الشركة المدعي عليها الثالثة بأن ترد لمدعي بصفته الشيك رقم 678144 مبلغ 259200 دولار أمريكي
و بتاريخ 1/10/2000 أمر المستشار رئيس المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ و عد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
و تتمثل وقائع الدعوى فيما يلي :
- أبرمت شركة " أند كونستلد " عقد توريد صفقات من الجبن الشيدر من الولايات المتحدة الأمريكية و توزعها في مصر مع شركة إسكندرية للتبريد و أصدرت شركة " أند كونستلد " كانت هي الساحب للشيكات و كانت شركة الاسكندرية للتبريد هي المستفيدة من تلك الشيكات
و أثناء تنفيذ العقد المبرم بينهما ثار خلال حول استحقاق الشيكات فقامت الشركة المستفيدة من الشيك و هي الشركة الاسكندرية برفع الجنحة المباشرة رقم 8484 لسنة 1994 أمام محكمة جنح قصر النيل ضد شركة " أند كونستلد " متهمة ‘إياها بتحرير الشيك رقم 678144 بتاريخ 20/10/1992 بمبلغ 259200 دولار دون أن يكون له رصيد قائم و قابل للسحب
و بتاريخ 12/2/1995 حكم في تلك الجنحة غيابيا بحبس رئيس مجلس إدارة الشركة السياحية " أند كونستلد " ثلاث سنوات و بإلزامه بأن يؤدي للشركة المستفيدة ( شركة الاسكندرية ) مبلغ 501 على سبيل التعويض المؤقت 0
و بتاريخ 25/9/1995 عارض رئيس مجلس إدارة شركة " أند كونستلد " في هذا الحكم و قضي في المعارضة الاستئنافية بالفرض و التأييد و كان العقد المبرم بين الشركتين متضمن لشرط تحكيم
و إعمالا لهذا الشرط كانت شركة " اند كونستلد " قد أقمت التحكيم رقم 4 لسنة 1994 أمام الاتحاد العام للغرف التجارية و غرفتي القاهرة و الاسكندرية
و بجلسة 31/10/1995 قضت هيئة التحكيم بإلزام الشركة المستفيدة من الشيكات و هي شركة " أند كونستلد " الشيك رقم 678144 المتنازع عليه 0
و أصبح هذا الحكم واجب النفاذ برفض الدعوى ببطلانه
فمن الواضح إذن أننا أصبحنا أمام حكمين نهائيين حكم صادر من هيئة التحكيم لصالح الساحب يلزم المستفيد برد الشيك إليه و إبراء ذمته من قيمة هذا الشيك و حكم أخر من محكمة الجنح المستأنفة يقضي معاقبة الساحب عن جنحة شيك بدون رصيد 0 و هذا التعارض بين حكمين يتعين فضه , فكان التساؤل ما هي الجهة التي تختص بفض التنازع بين هذين الحكمين ؟ و كذلك ما هو الحكم الذي سيتم تغليبه على الأخر ؟ و هذا سوف يكون موضوع المطلب الثاني
المطلب الثاني
المسائل القانونية التي
فصلت فها المحكمة
لقد تعرضت المحكمة الدستورية العليا في الحكم لمسألتين :
الأولى : هي الاختصاص برفع التعارض بين حكم صادر من هيئة التحكيم ( الفرع الأول )
الثانية : حجية حكم التحكيم و بنطاق تلك الحجية ( الفرع الثاني )
الفرع الأول
الاختصاص برفع التعارض بين حكم صاد
من القضاء و حكم صادر من التحكيم
لقد قضت المحكمة الدستورية العليا في الحكم محل التعليق الماثل بأنه :
" و حيث إن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق و تكييفها القانوني الصحيح على ضوء طلبات رافعها , بعد استظهار حقيقة أبعادها و مراميها دون التقيد بحرفية ألفظها و مبانيها , و كل ما يهدف إليه المدعي من دعواه هو فض التناقض بين الحكم الصادر في قضية الجنحة المباشرة في شقيه الجنائي و المدني المتعلق بالتعويض المؤقت و بين حكم هيئة التحكيم و الاعتداد بالحكم الأخير دون الحكم الأول فإن الدعوى الماثلة – في تكييفها الصحيح – تعد من المنازعات المنصوص علها في البند " ثالثا " من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 مما يستنهض ولاية المحكمة للفصل فيها
و حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكميين قضائيين نهائيين متناقضين , طبقا للند الثالث المشار إليه هو أن يكون أحد الحكمين صادرا من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي و الثاني من جهة أخرى منها , و أن يكونا قد تصادما ليغدو متعذرا عقلا و منطقا اجتماع تنفيذهما معا مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى و أحقهما بالتالي بالتنفيذ "
فالمحكمة الدستورية العليا على هذا النحو قد أعطت لنفسها الاختصاص برفع التعارض ين حكم نهائي صادر من القضاء و حكم صادر من هيئة التحكيم طبقا للبند الثالث من المادة 25 من قانونها حيث إن المحكمة ترفع التناقض بين الأحكام الصادرة سواء من جهتين قضائيتين أو من جهة قضائية و هيئة ذات اختصاص قضائي أو من هيئتين ذات اختصاص قضائي و الواضح هنا أن هناك حكمان أحدهما صادر من التحكيم باعتباره هيئة ذات اختصاص قضائي و الآخر صادر من القضاء و هنا قد فصلت المحكمة في مسألة كانت محلا للخلاف ‘إلى وقت قريب و هذا الحكم كما ذكرنا هو الأول من نوعه في هذا الخصوص
الفرع الثاني حجية حكم التحكيم و نطاق تلك الحجية
و قد وضعت المحكمة في خصوص حجية حكم التحكيم و نطاق هذه الحجية بقولها :
" و حيث أن الموضوع في الدعويين إنما يتعلق بمحل واحد هو الشيك المتنازع عليه فالحكم الصادر من المحكمة الجنائية ينصب على تحرير هذا الشك بغير رصيد و حكم هيئة التحكيم يقضي برد ذات الشيك ‘إلى مصدره و من ثم فقد تعامد الحكمان على محل واحد و تناقضا مما يتعذر معه تنفيذهما معا 0
و حيث إن البين من الأوراق أن رحى النزاع قد احتدمت بين الطرفين خول أحقية المدعي عليه الثالث في الاحتفاظ بالشيك رقم 678144 المشار إليه و اتخاذ إجراءات صرفة عند حلول أجل استحقاقه مما حدا بالمدعي إلى إقامة طلب التحكيم لبراءة ذمته من مقابل الوفاء به فواجهه المدعي عليه الثالث بالادعاء المباشر موضوع الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 قصر النيل طالبا عقابه جنائيا فضلا عن إلزامه بالتعويض المؤقت , و لما كتان ذلك و كان الفصل في طلب براءة الذمة من الدين استصحابا للأصل فيها و لو كان هذا الدين يمثل مقابل الوفاء في ورقة تجارة ورد سند الدين إلى محرره هو من اختصاص هيئة التحكيم التي ارتضاها الطرفين للفصل فيما يثور بينهما من منازعات فإن جهة القضاء العادي إذ عادت و هي بصدد الفصل في الادعاء المباشر إلى بحث انشغال ذمة المدعي بمقابل وفاء الشيك رقم 678144 محل الدين ذاته , بعد صدور قضاء نهائي من الجهة المختص برد ذلك الشيك إلى صاحبه و صيرورة يد المستفيد عليه يدا عارضة بما لا يبيح له التقدم لصرف قيمته ف ميعاد استحقاقه تكون قد سلبت اختصاصا محجوزا لهيئة التحكيم برضاء طرفي مشارطته و في حدود القانون , و من ثم فإن قضاء هيئة التحكيم – دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي – يكون هو الأحق بالتنفيذ 0
فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة بالاعتداد بالقضاء الصادر منت هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد العام للغرف التجارية و غرفتي القاهرة و الاسكندرية في طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994 "
من الواضح عد استعراض ما قضت به المحكمة الدستورية العليا أنها فصلت في المسائل الآتية :
1- أنها رفضت طلب وقف تنفيذ الحم الجنائي الذي صدر ضد الساحب من محكمة الجنح المستأنفة 0
2- أنها قضت بأن الشق المحجوز للتحكيم بموجب اتفاق التحكيم هو الشق الخاص بانشغال ذمة الساحب بقيمة مقابل وفاء الشيك و بالتالي فإنها لم تجعل الشق الآخر الخاص بالجانب الجنائي محجوزا للتحكيم بموجب اتفاق التحكيم و هذا ما دفع رئيس المحكمة إلى رفض الطلب المستعجل بوقف تنفيذ الحكم الجنائي
3- أنها اعتبرت أن يد المستفيد على الشيك أصبحت يد عارضة عد صدور حم التحكيم بعدم أحقيته في مقابل وفئه , و بالتالي قضت بشأن هذا المستفيد لا يجوز له التقدم لصرف قيمته في ميعاد استحقاه فكأن نهائية حكم التحكيم و صيرورة يد المستفيد على الشيك يد عارضة هو السبب في تغليب حكم التحكيم على حكم القضاء
4- أنها اعتبرت محكمة الجنح المستأنفة لبحث موضوع انشغال ذمة الساحب بمقابل و�
المستشار القانوني إبراهيم خليل
محام بالنقض والدستورية والإدارية العليا
عضو اتحاد المحامين العرب
عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي
عضو جمعية الضرائب المصرية
عضو جمعية إدارة الأعمال العربية والأستاذ خالد إبراهيم المحامي بالاستئناف
موبيل 01005225061 - 01021141410
القاهرة مصر
ساحة النقاش