جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
اقتصاد العالم يمر من مضيق هرمز
اقتصاد العالم يمر من مضيق هرمز
تتمركز معظم مناطق إنتاج النفط في العالم بالقرب من المضايق البحرية؛ لذلك فهي تشكل صمامات لإمدادات العالم والدول الصناعية تحديدا بالطاقة، وكثيرا ما يتسبب ذلك في نشوب صراعات بين الدول للهيمنة على هذه الممرات البحرية؛ لضمان عدم تعرض مصالحها للتوقف في حالة السيطرة عليها من قبل الأعداء.
يوجد في العالم حوالي 43 مضيقا مائيا تجوبها السفن التجارية، وناقلات النفط العملاقة ويهددها القراصنة.
نشرت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريرا حول أهمية مضيق هرمز، ووصفته كأحد أهم الممرات المائية في العالم باعتبار أن الاقتصاد العالمي يمر من خلاله، إذ يعبره أكثر من 3020 ناقلة نفط يوميا بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة.
يقع مضيق هرمز في منطقة الخليج، ويفصل بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال جمهورية إيران الإسلامية، ومن الجنوب سلطنة عمان التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.
ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.
ويكتسب مضيق هرمز أهميته؛ لكونه يعد بمنزلة عنق الزجاجة في مدخل الخليج الواصل بين مياه الخليج العربي شبه المغلقة والبحار الكبرى على المحيط الهندي، وهو المنفذ الوحيد للدول العربية المطلة على الخليج عدا المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.
الأطماع التاريخية
ونظرا لموقع المضيق الإستراتيجي؛ لم يستطع الإفلات عبر التاريخ من الأطماع الاستعمارية وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وهو يلعب دورا دوليا وإقليميا هاما أسهم في التجارة الدولية.
وقد خضع المضيق للاحتلال البرتغالي، ثم سائر الدول الأوروبية، خصوصا بريطانيا التي اعتبرت مضيق هرمز مفترق طرق إستراتيجية، وطريقا رئيسيا إلى الهند، فتدخلت بأساليب مباشرة وغير مباشرة في شئون الدول الواقعة على شواطئه لتأمين مواصلاتها الضرورية، فارضة الاحتلال، ومتصارعة مع الفرنسيين والهولنديين لسنوات طويلة.
إضافة إلى صدامها مع البرتغاليين ابتداء من عام 1588 بعد معركة “بالارمادا” وإثر إنشاء شركة الهند الشرقية، وبذلك ضمنت بريطانيا السيطرة البحرية على هذه المنطقة.
ولم تكن الملاحة يوما عبر هذا المضيق موضوع معاهدة إقليمية أو دولية، وكانت تخضع الملاحة في مضيق هرمز لنظام الترانزيت الذي لا يفرض شروطا على السفن ما دام أن مرورها سيكون سريعا، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه.
وقد بقي المضيق موضوع رهان إستراتيجي بين الدول الكبرى، حيث ترى الدول المستهلكة للبترول أن سلامة المضايق أمر في غاية الأهمية للوصول إلى منابع النفط، وأنه الطريق الأهم لإمدادات النفط العالمية، حيث تنتج الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي
(السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، وسلطنة عمان، والبحرين) حوالي 15 مليون برميل يوميا، وتعبر أغلب صادراتها مضيق هرمز.
ضرب الاقتصاد العالمي
أجمع خبراء اقتصاديون وأمنيون أن أي تدخل عسكري في المضيق الإستراتيجي الواقع عند مدخل الخليج قد يضاعف أسعار النفط خلال ساعات قليلة، ويوجه ضربة للاقتصاد العالمي.
ولو حدثت هجمات على الملاحة التجارية في الممر المائي الدولي الذي تتقاسم إيران سواحله فسيعطل صادرات النفط من أكبر منتجي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ويضرب الاقتصاديات المنتعشة لدول الخليج، وأن أي محاولة لإعاقة تدفق النفط عبر الممر سيكون لها ارتدادات في جميع أنحاء العالم.
ومن شأن إغلاق الممر أمام الملاحة التجارية أو شن هجمات على ناقلات نفط مارة فيه أن يرفع أسعار النفط لتقترب من أعلى معدلاتها.
ويعتقد خبراء نفط كثيرون أن الأسعار في مثل هذه الحالة يمكن أن تتضاعف بسهولة إلى أن يعاد فتح الممر، وتقول مؤسسة “ستاندرد أند بورز” لتقييم المخاطر والائتمان أن الأسعار قد تقفز إلى 250 دولارا للبرميل نتيجة أي إغلاق.
بينما يقول اللواء حسام سويلم الخبير الإستراتيجي والعسكري: “إيران هي أكثر دولة تعتمد على الممر لتصدير منتجاتها؛ لذلك فإن المنطق يغيب بشكل صارخ في هذا الصدد، وسبق أن هددت إيران صراحة بإغلاق الممر من قبل خلال الحرب العراقية الإيرانية من 1980 إلى 1988 عندما بدأ الغرب خاصة الولايات المتحدة في مساندة العراق”.
وأضاف اللواء سويلم أنه خلال الحرب هاجم كل من العراق وإيران الملاحة التجارية في الخليج، وفي ذلك سفن تابعة لدول محايدة، وأن الحرب التي سميت وقتها “بحرب الناقلات” تعيد إلى الأذهان ما يمكن أن يحدث، حيث هوجمت أكثر من 500 سفينة، وقتل أكثر من 400 مدني، وانخفضت الصادرات الإيرانية بنسبة 50%.
وتأثير أي نزاع عسكري في الممر أو قريبا منه على اقتصاديات الخليج سيكون كارثيا، بينما ستكون إمدادات النفط إلى اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأكثر تضررا.
وطبقا لذلك فإن الإغلاق سيضر بما يقرب من 88% من صادرات النفط الخام السعودية المحمولة بحرا، وكل الإمدادات القادمة من الإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر، وكل الصادرات العراقية تقريبا، و90% من شحنات النفط الإيرانية.
وستكون اليابان التي تحصل على 26% من النفط الخام عن طريق الممر هي الأكثر تضررا، إذ تغطي الشحنات 85% من احتياجاتها النفطية.
دكتور حسين طوبار، الخبير الاقتصادي، أوضح أن هذا المضيق يكتسب أهمية بالغة، إذ يمر من خلاله ما يقرب من 19 مليون برميل نفط خام يوميا، إضافة إلى المشتقات النفطية الأخرى، وهذا يعني أن إغلاق المضيق سوف يحرم العالم من كل هذه الكميات، ومن ثم يتسبب بكارثة في أسواق الطاقة العالمية أو شلل تام سوف يصيب اقتصاد المنطقة والاقتصاد العالمي بأكمله.
هل من بديل؟!
بينما يعتبر الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، أن البدائل المتاحة أمام دول الخليج ودولة الكويت بشكل خاص محدودة للغاية، مشيرا إلى أن الكويت لا تمتلك منافذ بحرية إلا على الخليج العربي، ولا تستطيع تصدير نفطها إلا من خلال مضيق هرمز، كما أنها تستورد أغلبية احتياجاتها من الخارج عبر المضيق نفسه.
وتوقع أن يكون من تداعيات إغلاق المضيق أيضا ارتفاع حاد في الأسعار بسبب زيادة مصاريف الشحن والنقل وارتفاع تكاليف التأمين، بالإضافة إلى احتمالات نشوء حالة شح كبيرة في كثير من المواد المستوردة.
وقد عمدت الدول المنتجة للنفط والغاز إلى التوجه نحو مد خطوط الأنابيب لنقل منتجاتها من النفط والغاز لتفادي مشكلة المضايق البحرية، التي عادة ما تكون عرضة للخطر في حالة نشوب خلافات سياسية، ووقوع هذه الممرات المائية تحت التهديد عندما تشب الحرب.
وقد نجحت الدول المنتجة بالفعل في فتح منافذ جديدة لانسياب منتجاتها من الطاقة إلى أسواق الاستهلاك دون المرور في الأعناق المعرضة للاختنا