الجيومورفولوجيا ( Geomorphology )
مقدمة عامة:
قبل أن نعرف هذا العلم نعود إلى اصل الكلمة حيث أن كلمة جيومورفولوجيا Geomorphology تتكون من ثلاثة مقاطع يونانية تعني حرفيا علم أشكال سطح الأرض وهي:
Geo وتعني ارض,
وMorpho وتعني شكل,
وLogy وتعني علم.
وهذا المصطلح أمريكي ادخل لأول مرة من قبل مدرسة جغرافيا في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر وحتى أن هذا المصطلح هو الأقرب مع أن باحثين جغرافيين آخرين يفضلون كلمة Land forms ( أشكال الأرض ) , لان جيومورفولوجيا ربما تكون اقرب إلى الجيولوجيا .
وللتأكد من سعة انتشار التعريف الأول بين الباحثين نستعرض ما قدم من تعاريف كبار علماء الجغرافيا والجيولوجيا مثل:
بنك Penck , الذي وصفة بأنه يدرس أشكال الأرض من حيث النشأة والمظهر.
في حين أن فيلبسون Philipson قال انه دراسة سطح قشرة الأرض الصلبة.
ووصفة زولش بأنه علم أشكال الأرض من حيث دراسة مظهر الأرض الحالي والماضي والمستقبل.
ووضع ريشتهوفين تعريف يقول هو العلم الذي يحاول التعرف على الأشكال الأرضية من حيث تمييزها ووصفها وتوزيعها, ثم تجميعها في أقاليم أرضية, أي بشمولية اكثر هو علم أشكال قشرة الأرض والعوامل الطبيعية المنشئة ( المكونة ) لتلك الأشكال, وهنا يهمنا تجنب دور الإنسان وفعله وتأثيره في تشكيل وتعديل الأشكال الأرضية, أي أن هذا العلم هو علم تشكيل أشكال سطح الأرض.
وبناء على ما ذكره الباحثين اعلاة ومن خلال التطور لعلم الجيومورفولوجيا حديثا, نستطيع وضع تعريف شامل لهذا العلم, على انه هو ذلك العلم الذي يقوم :
بوصف مظاهر وأشكال سطح الأرض من حيث الارتفاع والانخفاض
والأصل والنشأة
والتكوين الجيولوجي,
ودراسة العمليات الجيومورفولوجية التي أسهمت في صياغة وتشكيل أشكال الأرض مثل الانجراف والتعرية والتجوية
واستخدام المعايير والمقاييس المختلفة بدقة, لقياس العمليات الجيومورفولوجية ومسح مظاهر الأرض للاستفادة منها في التنقيب عن الثروات المعدنية والطبيعية ومعالجة الأخطار الطبيعية المتعددة.
وبذلك فالجيومورفولوجيا ليست مجرد فرع من فروع الجغرافيا بل هي الفرع الأساسي لعلم الجغرافيا, حيث أن جميع الأحداث والظواهر الأخرى على سطح الأرض تتصل اتصال مباشر بسطح الأرض والذي يوضح هذه الظواهر هو البحث في الجيومورفولوجيا, فمثلا رغم وجود الغلاف الجوي والذي يحكمه قوانين خاصة إلا أن عناصره وظواهره المناخية مثل الحرارة والرياح والأمطار تتصل اتصال وثيق بالظواهر الجيومورفولوجيه, وكذلك النبات والحيوان يتأثر وهكذا.
ومن هنا فالجيومورفولوجيا كما قال العالم بنك هي جوهر الجغرافيا وروحها, لان الجيومورفولوجيا تدرس المجالات الطبيعية الثلاث للكرة الأرضية: وهي اليابس والغلاف الغازي والمحيطات. وبذلك تدرس الجيومورفولوجيا جميع معالم سطح الأرض, كبيرها وصغيرها من محيطات وقارات إلى جبال وتلال وأحواض ووديان وسواحل وغيرها. والهدف من ذلك هو التعرف على صيغها وظروف نشأتها والعوامل التي اشتركت في تشكيلها وتتبع مراحل تطورها.
وبهذا المعنى فان هذا العلم مبني على مجموعه هائلة من الحقائق, وهو علم حدي بين الجغرافيا والجيولوجيا, حتى أن تطور الجيومورفولوجيا جاء مع تطور الجيولوجيا, وان اكبر الجغرافيين الذين تخصصوا ودرسوا هذا العلم في أميركا وقدموا له الكثير هم متخصصين في الجيولوجيا, وخاصة العالم ويليام موريس ديفز (W.M Davis) وسوف نرى فيما بعد ما يعرف بالمدرسة الديفيزيه نسبه إلى هذا العالم في دراسة تطور أشكال سطح الأرض .
ويهتم علم الجيومورفولوجيا بنشأة وتطور الأشكال ألا رضيه,
أي بالبعد الزمني المتمثل في الرد على أسئلة تبدأ بـــ ( متى وكيف )
والتوزيع المكاني بكلمتي ( أين ولماذا )
حيث يتكون سطح الأرض في أي مكان من صور شتى ومختلفه, ولو
تتبعنا ساحل الخليج ركوبا بالطائرة من الشمال إلى الجنوب نرى ظواهر ارضية مختلفه, وعمل على تطوير هذه الظواهر عوامل وعمليات جيومورفولوجية مختلفه.
العامل الجيومورفولوجي هو الطاقة مثل المطر
والعملية هي الوسيلة مثل الانجراف بمختلف أشكاله
وكأمثله على العوامل والعمليات نورد ما يلي:
1- السيل عندما يجري ويجيش على شكل مجاري ( عامل ) يجرف وينقل ويرسب (عمليه ).
2- الرياح ( عامل ) تعمل بدورها على نقل الرمال وتجميعها ( عمليه ).
3- أمواج البحر ( عامل ) تضرب وتنحت السواحل ( عمليه ) وتكون جروف صخرية.
وباختصار فانه عند النظر إلى أشكال الأرض والتي تبدوا على شكل حقائق بديهية فأنها لم تكن كذلك قبل فتره من الزمن, حيث انه حتى لو سألنا أحد العامة عن سر وجود الجبال مثلا وكيف ومتى نشاءت سنرى رد فعل معين, تطور هذا الرد من القدم من الأوهام والخرافات إلى حقائق العلم الذي نحن بصدد دراسته في هذه المادة بالتفصيل.
تطور علم الجيومورفولوجيا:
ركزت الدراسات القديمة على دراسة الزلازل والبراكين والتغيرات الساحلية والسهول الفيضيه والأنهار في دراسة تطور أشكال الأرض, وهكذا بدا التطور في العصور الوسطى والحديثة بأفكار غير مترابطة ووصفيه.
وكما ذكرنا أول من طور الجيومورفولوجيا هم المتخصصين بدراسة الجيولوجيا والمياه في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر, وظهرت ما يسمى بالنسقيه Uniformitanism والذي وضعها مجموعه من العلماء أهمهم شورلي Chorley وتستند هذه الفكرة إلى أن الحاضر في شكل الأرض هو مفتاح الماضي, وان التغيرات التي تعمل في الوقت الحاضر قد عملت أيضا خلال الازمنه الجيولوجية, وان التغيرات التي تحدث في أشكال سطح الأرض رغم أنها بطيئة فأنها بالواقع تكون فعاله, فعند توفر الوقت اللازم فان مظاهر سطح الأرض برمتها يمكن أن تنشا وتتلاشى مره ثانيه بواسطة قوى بطيئة العمل إلا أنها مستمره في هذا المجال, وهكذا كانت فكرة النسقيه تقدما واضحا على حساب الاعتقاد الخاطى بالحركات الفجائية Catastrophic والتي طغت عليها النسقيه , حيث انه من السهل الاعتقاد أن الفيضانات الشديدة التي تحدث بشكل نادر , تغير في وديان الأنهار اكثر مما يغيره جريان المياه بشكل اعتيادي في السنوات الواقعة بين فيضانين من هذا النوع .
ونتج عن دراسات العلماء نظريات هي التي ساهمت في تطور هذا العلم حديثا والتي كان أهمها هو العمل بخطوات تقوم على الملاحظة وتنظيم الملاحظات وتفسيرها واستخلاص النتائج ومقارنتها ببعضها البعض وخاصة العالم ديفز ) في دراسة ما يسمى بدورة التعرية على شكل مراحل متتابعة سميت بالدورة العادية ( Normal Cycle ) أو الدورة المائية. وانطلق العالم في تطويره لعلم الجيومورفولوجيا من خلال التأكيد على ثلاثة عوامل يعتمد عليها تكوين المظهر وهي:
أ – البنية Structure
ب – العملية process
جـ - الزمن Time
وأدت هذه الأمور إلى الوصول لما يسمى بالمعالجة الوراثية للتضاريس ( مثل عمر الكائن الحي مرورا بالشباب والنضج والشيخوخة ), وظهرت عدة مدارس جيومورفولوجية يمكن أن نذكر منها مدرسة الأفكار الحركية والمدرسة المناخية ومدرسة الارتباط, ولكن أقوى هذه المدارس هي مدرسة المناخ كأحد أهم العوامل في تحديد المظهر الأرضي. وتشير دراسات ديفيز إلى انه بحق من طور الجيومورفولوجيا الحديثة وتمكن من ابتداع مصطلحات علمية ذكية زود بها دراساته, مثل مقارنته للظواهر التي تحدث في منطقة معينة بمراحل عمر الكائن الحي مثل مرحلة الشباب والنضج والشيخوخة.
حيث أن الأشكال الأرضية الشابة هي الموجودة في منطقة تشكلت حديثا, أما الناضجة فهي الأشكال التي وصلت إلى التضاد بين الارتفاع والانخفاض وقد يوجد نضج مبكر أو نضج متأخر, أما الشيخوخة فهي وصول الأشكال إلى مرحلة لا تتلاشى فيها. وهكذا نلاحظ أن التطور سار من مرحلة الوصف أولا ثم الوصف الإيضاحي ( ديفز ) والتجريبي عن طريق التحليل المورفومتري ( معادلات زوايا الانحدار, والكثافة التصريفية وغيرها ), والمقياس المباشر مثل سرعة المياه في دفع الرواسب, والاختبار والذي يبقى صعب لصعوبة تتبع ظواهر الطبيعة في المختبر لذا يستعمل هذا الأسلوب للأمور البسيطة. أي أن الجيومورفولوجيا انتقلت من الوصف إلى التحليل في تطورها
مجال علم الجيومورفولوجيا:
ذكرنا أن أهم العلم يدرس أشكال وهيئات سطح الأرض, وبذلك فمجاله الأساسي هو دراسة قشرة الأرض والغلاف الصخري وقيعان المحيطات ( أو دراسة ما يسمى بالغلاف الصخري Lithosphere.
وكلمة Litho كلمة يونانية تعني صخر ونعني بها المواد المشكلة لقشرة الأرض والتي تتكون من مجموعة هائلة من المعادن. وينفرد هذا العلم بهذا المجال بحيث يقدم التصوير والتفسير الكامل لإشكال سطح الأرض للمتخصصين في الدراسات المختلفة عن طريق تطبيقات هذا العلم فيما يعرف بالجيومورفولوجيا التطبيقية ( التي تدرس في خطة قسم الجغرافيا / جامعة مؤته على شكل مادة اختيارية ). وكما قلنا فانه عندما انتقلنا من الوصف إلى التحليل في الجيومورفولوجيا فان نتائج التحليل أصبحت توفر اكثر من التطبيقات لهذا العام وذلك باستخدام المقاييس الدقيقة عن طريق الميدان مباشرة. أهم الجوانب التطبيقية للجيومورفولوجيا ما يلي:
1- الكشف عن الثروات الطبيعية وتطوير المساحات الزراعية والمعادن والغاز والصخور المفيدة.
2- دراسة أحواض الأنهار وبناء الخزانات والسدود المائية وتوليد الطاقة وكشف الموارد المائية السطحية والجوفية وصيانتها.
3- دراسة انجراف وتعرية التربة بالمياه والرياح ومعالجة هذه المشاكل.
4- تتبع تغير مجاري الأنهار والقنوات وأثار هذا التغير.
5- دراسة الانهيارات والانزلاقات الأرضية والصخرية ككوارث طبيعية ومواجهتها.
6- استخدامه في النواحي العسكرية والحروب.
7- دراسة التربة وأعماقها وصلاحيتها للإنتاج الزراعي.
8- دراسة السواحل البحرية والموانئ وأثرها في الملاحة, وعلاقة
التيارات البحرية بذلك.
9- استخدامه في عمل الخرائط الجيوموفورلوجية لتطبيقها في شتى المجالات.
10- استخدامه في دراسات البناء والطرق والسكك الحديدية.
11- تتبع تطور الأقاليم واستقرارها الجيومورفولوجيا
12- استغلال الصحاري والأراضي الجافة وشبه الجافة وتتبع العواصف الرملية فيها أثرها على نشاط الإنسان.
علاقة الجيومورفولوجيا بالعلوم الاخرى:
لقد قال لوبيك Lobeck أن الجيومورفولوجيا هي أيضا فرع أساسي من الجيولوجيا وخاصة علم دراسة المعادن والصخور وجيولوجية البنية والجيولوجيا الديناميكية التي تسهم في فهم علم الجيومورفولوجيا لأنها تفسر تطور معالم سطح الأرض, ولهذه الموضوعات الارتباط الوثيق مع الجغرافيا التي تدرس العلاقة بين الإنسان وبيئته الطبيعية من خلال الجغرافيا الطبيعية في دراسة المناخ والمياه والنبات. علاوة على ذلك يحتاج من يدرس الجيومورفولوجيا الرياضيات والعلوم الطبيعية. أي باختصار يشمل هذه العلم مواضيع تخص الجيولوجيا وعلم المياه والهندسة والرياضيات والفيزياء والجغرافيا وعلم التربة, حيث انه لا يوجد علم من العلوم يتقوقع ضمن حدود معينة, إلا انه يكون في تطور مستمر بحيث ينتقي ما يراه مناسبا من العلوم الأخرى التي تساعد على تطوره وشموله.
وهكذا فان الجيومورفولوجيا لا ترتكز على القاعدة الجغرافية وحدها بل يوجد خمسة علوم أرضية أساسية ومجاورة ذات صلة وثيقة بالجيومورفولوجيا. وتعنى هذه العلوم الخمسة بدراسة الشكل العام للأرض وبحالتها ونشأتها وبنائها وموادها, واول هذه العلوم هو الجيوديسيا ( Geodesy ) وهي علم قياس الأرض لتحديد المواقع والارتفاعات لنقط معلومة على سطح الأرض مع الأخذ بالاعتبار عند القياس الشكل الحقيقي للكرة الأرضية ( كروي ), أما العلم الثاني فهو الجيوفيزياء إن علم الطبيعة الأرضية Geophysics والذي يوضح للجيومورفولوجيا خبايا القوى التي تسكن باطن الأرض والتي ينتج عنها الزلازل والبراكين , والثالث هو الجيولوجيا , حيث انه يجب على الجيومورفولوجي أن يدرس منطقة البحث جيولوجيا إذا لم تكن مدروسة جيولوجيا بشكل مسبق من قبل آخرين . وبالتالي فان الجيومورفولوجيا هي همزة الوصل بين الجغرافيا والجيولوجيا, أو نطاق الحدود بينهما. والعلم الرابع هو علم البيتروجرافيا Petrography أو علم الصخور الذي يدرس قشرة الأرض السطحية من خلال تنظيمها في وحدات زمنية وأعمار محددة . قد يضاف إلى هذه العلوم علم خامس هو علم الكارتوغرافيا ( الخرائط cartography ) وهكذا نلاحظ انه لا يمكن الحديث عن البناء العلمي الجغرافي إلا إذا بدأنا أولا بدراسة علم الجيومورفولوجيا.
العوامل والعمليات الجيومورفولوجية:
كما ذكرنا فان العملية الجيومورفولوجيه ( Geomorphic Proccess ) هي وسيلة التأثير على صخور الأرض وما يتكون عليها من أشكال وتشمل كل عملية التغيرات الفيزيائية والكيميائية التي يكون لها دور في تغير وإزالة أو تكوين أشكال الأرض.
أما العامل الجيومورفولوجي ( Agent ) فهو الذي تصبح العملية مؤثرة بموجبها فانه وهو يعني أي وسيط طبيعي قادر على نحت ونقل وترسيب المادة التي تتكون منها قشرة الأرض والصخور على اختلاف أنواعها, وبناء على ذلك فان المياه الجارية والباطنية والأمواج والتيارات هي عوامل جيومورفولوجيه, وأحيانا تسمى بالعوامل المتحركة لأنها تقوم بتحريك المواد وتنقلها وترسبها في مكان أخر. والذي يوجه هذه العوامل هو الجاذبية الأرضية ولكن الجاذبية لا تعتبر عامل جيومورفولوجي ( وقد تسمى هذه العوامل أيضا بالعوامل الظاهرية ) ويمكن تلخيص مجمل العمليات الجيومورفولوجية التي تحدث في القشرة الأرضية على الوجه التالي:
1- التجوية Weathering
2- الانهيال Mass Wasting
3- التسوية Gradation
4- النحت (الهدم) Degradation
5- التعرية (الانجراف) Erosion وتشمل المياه الجارية + المياه الباطنية + الأمواج والتيارات البحرية والمد والأمواج البحرية العظمى + الرياح + الثلاجات.
6- البناء Aggradation وتشمل المياه الجارية + المياه الباطنية + الأمواج والتيارات والمد والأمواج البحرية العظمى والرياح والثلاجات وكل الكائنات العضوية بما فيها الإنسان, والعمليات الباطنية.
7- حركات القشرة الأرضية Diastrophisim ( الانزياح والزحف )
8- النشاط البركاني Vulcanism
9- العمليات التي تنشأ خارج الغلاف الغازي Extraterrestrial مثل سقوط الشهب والنيازك.
ولا بد من التأكيد على انه قد يحدث التباس باستخدام المصطلحات التي تسمى بها العوامل والعمليات الجيومورفولوجية الشائعة.
ويرجع الالتباس إلى حد ما إلى اختلاف الرأي عما يجب أن تشمله عملية جيومورفولوجية معينة. ولذا تستعمل كلمة التسوية ( Gradation ) لتشمل جميع العمليات الجيومورفولوجية التي تعمل على جعل سطح قشرة الأرض بمستوى واحد, وتشمل عملية التسوية مجموعتين من العمليات: الأولى تعمل على تخفيض مستوى قشرة الأرض وتسمى عمليات الهدم, والثانية تعمل على رفع مستوى قشرة الأرض وتسمى عمليات البناء.
أما بالنسبة لعملية التعرية ( الانجراف ) فقد تكون مرادفة للتسوية وتشمل هذه العملية إزالة المادة لذا لا يدخل بها الإرسال مع انه جزء متمم للتعرية. أما كلمة الانهيار (الانهيال) فتدل على نقل كتلة كبيرة الحجم من المفتتات الصخرية بفعل الجاذبية المباشر نحو اسفل المنحدرات, ويساعد وجود الماء على حدوث الانهيار. في حين أن عملية التجوية توسع مفهومها إلى درجة كبيرة لكي تعبر هذه العملية جزءا من التعرية مع أنها قد لا يتشاركان في العمل فقد تحدث التجوية دون حدوث التعرية, والتعرية ممكنة دون تجوية سابقة, لذا فالتجوية عملية سابقة وعملية إعداد للتعرية إلا أنها ليست متطلب أساسي لحدوث التعرية.
عامل الزمن في العمليات الجيومورفولوجيه ( الزمن الجيولوجي ):
أن دراسة بعض أشكال سطح الأرض حالياً تتطلب بعض المعرفة البسيطة للازمنه الجيولوجية السابقة, حيث أن العامل أو العملية الجيومورفولوجية لا يتمكن من إنجاز دورة إلا في مدى زمني طويل يسمى بالزمن الجيولوجي. وفي العادة فان هذا المقياس يتعدى مدى عمر الإنسان إلى حدا كبير, من هنا لا بد من اخذ عامل الزمن بعين الاعتبار عند دراسة مظاهر سطح الأرض, ولذا فالمقياس الزمني هنا يجب أن يختلف عن المقياس المستعمل في الأحداث البشرية, حيث انه على الرغم من أن بعض العمليات الجيومورفولوجية تحدث بصورة سريعة وفجائية مثل البراكين والهزات الأرضية إلا أن هذا هو الشذوذ وليس القاعدة, ذلك لان معظم مظاهر وأشكال سطح الأرض تتشكل بطريقة بطيئة وبمرور حقب جيولوجية بحيث لا يتمكن الإنسان من أن يلحظ التغيرات التي تحدث خلالها.
ويقدر علماء الجيولوجيا عمر الأرض من أن أصبحت كوكبا صلبا له باطن وقشرة بحوالي 3000 مليون سنه, وان حوالي 85% من هذه المدة يكاد يكون غامضا ولا يعرف عنه سوى النزر القليل من المعلومات, علما أن هناك وفرة من المعلومات عن الأرض في الفترة الأخيرة من تاريخها وهي المدة التي تبلغ 500 مليون سنه, كما أن معظم مظاهر سطح الأرض البارزة ترجع إلى هذه الفترة المتأخرة من تاريخ الأرض, ويوجد جداول زمنية مثل جدول نتال, ولا بد من الرجوع إلى هذه الجداول لتتبع الحوادث الجيولوجية المختلفة, ولقد قدرت الأعمار الجيولوجية في هذه الجداول وفقا لتحاليل كيماوية ومواد معدنية شعاعية قام بها الجيولوجيين مع انه فيها نسبة من الخطأ في التقدير.
وتقسم الجداول الجيولوجية الفترات الزمنية إلى: زمن ( عصر ) جيولوجي مثل الباليوزيك والذي يحتوي على حقب ( مراحل ) وتقسم الحقب إلى فترات وهكذا ( هنا يطلب من الطلبة الرجوع إلى أحد الجداول الجيولوجية من اجل تتبع العمر أو السلم الجيولوجي, ويوجد أدناه نسخة من أحد الجداول الجيولوجية يجب على الطلبة دراسته ).
الأفكار الأساسية في توجيه العمليات الجيومورفولوجية:
حدد العالم الجيومورفولوجي ثورنمبري (Thornnmbry) العملية الجيومورفولوجية والتي تبدأ وتحدث وتكتمل بفعل عوامل جيومورفولوجية معينة تؤدي إلى تغيير أشكال سطح الأرض من حيث التغير ضمن مدى زمني جيولوجي معين, حددها بأنها تسير على صورة الأفكار التسعة التالية:
1- ( إن بعض العمليات والقوانين الطبيعية التي تعمل ألان هي نفسها قد عملت خلال الأزمنة والعصور الجيولوجية, إلا انه ليس من الضروري أن يكون عملها بنفس الشدة الحالية دائما ), حيث أن أي وادي لا يوجد شك بأنه يشق مجراه حاليا مثل ما كان يشقه في الزمن الماضي, وان الاختلاف فقط هو في الشدة والذي قد يكون سببه التغيرات المناخية على سطح الأرض.
2- ( ترتبط تضاريس سطح الأرض إلى حد كبير مع اختلاف سرعة العمليات الجيومورفولوجية )، أن أحد أسباب تباين مقدار نحت سطح الأرض هو تباين طبيعة الصخور المكونة لها, مثلا الصخر الجيري اسهل من الجرانيت, والمناطق المرتفعة قاعدتها صلبة والمنخفضة كالسهول صخورها لينة. أي أن درجة مقاومة الصخر هي التي تؤدي إلى تباين النحت, ولكن يبقى اختلاف عناصر الحرارة أو الرطوبة والغطاء النباتي السبب الرئيسي في اختلاف شدة العمليات الجيومورفولوجية من فترة لأخرى, وهذا معناه وجود الاختلاف من مكان لأخر حتى على نطاق ضيق.
3- ( تترك العمليات الجيومورفولوجية آثارها الواضحة على أشكال اليابسة وتقوم كل عملية جيومورفولوجية بتطوير أشكال اليابس الخاصة بها ), ولذا لكل مظهر من مظاهر الأرض صفات مميزة تعود إلى طبيعة العملية التي أظهرت هذا الشكل. فالسهول أشكال كونتها الأنهار. ولكون كل عملية جيومورفولوجية تعمل على انفراد في تكوين معالم أرضية متميزة فانه بالإمكان تصنيف أشكال اليابسة على أساس نشأتها. ولذا يصبح تفسير وجود شكل معين سهل على المتخصصين في هذا العلم, وحتى انه يمكنهم توقع وجود أشكال أخرى بناء على علاقة ونشأة هذه الأشكال, حيث مثلا تعود معظم مظاهر الأرض إلى تغيرات مناخية حدثت في زمن البلايستوسين.
4- ( يظهر تعاقب منظم الأشكال اليابس عندما تعمل عوامل تعرية مختلفة على سطح الأرض ), أي انه يوجد تطور متعاقب ومنتظم لأشكال الأرض حسب اعتقاد المتخصصين, ورغم أن يفز هو الذي وضع فكرة مرور الأشكال الأرضية بمراحل الشباب والنضج والشيخوخة والتي سميت بالدورة الجيومورفولوجية, إلا أن هذا لا يعني وجود دورة حقيقية في الطبيعة, ولكن يبقى وجود تطور منظم ومتعاقب وليس من الضروري وجود تماثل في مراحل وخصائص طبوغرافية كل إقليم. كما يختلف الزمن, حيث أن وجود منطقتين متشابهتين في مراحل تطورهما لا يعني انهما استغرقتا نفس الفترة الزمنية. ومن هنا لا بد من تتبع دورات تطور كل إقليم أو شكل على انفراد للوصول إلي تطوره الحقيقي.
5- ( أن التطور الجيومورفولوجي المعقد اكثر شيوعيا من بسيطة – أي التطور البسيط منه ), حيث أن التوضيح البسيط لإشكال سطح الأرض قد لا يكون صحيحا. ولهذا وجدت التناقضات بسبب الاعتماد على الإيضاح البسيط, حيث انه عندما نتعمق في تفسير أشكال الأرض نجد أن التطور قد يكون نتيجة لعملية جيومورفولوجية واحدة وبناء على ذلك صنف هوربرج عام 1952 أشكال اليابسة في خمسة مجموعات كما يلي:
أ- البسيط: وهي الأشكال التي تكونت بفعل عملية ( دورة ) جيومورفولوجية تطغى على عمليات أخرى سابقة أن وجدت.
ب- المركب: تتعرض إلى دورتين ( عمليتين ) أو اكثر, ومعظم الأشكال مركبة
ج- أشكال تنتج عن دورة واحدة: تظهر على الأشكال أثار هذه الدورة
د- أشكال تنتج عن دورات متعددة: تحمل أثار هذه الدورات.
هـ- مجاميع الأشكال المنكشفة: أي تطور الشكل بوجود ظروف مناخية واحدة وما صاحبها من تباين في العمليات الجيومورفولوجية السائدة, كما ان هذا النوع من الأشكال تكون خلال فترات جيولوجية سابقة وانطمر تحت كتل من الصخور وعاد وظهر بعد زوال ما كان يغطيها من صخور.
6-( إن قليلا من طبوغرافية الأرض اقدم من الزمن الجيولوجي الثالث في تاريخ تواجدها ولا يتجاوز قدم غالبيتها عصر البلايستوسين ), ولقد قدر أشلي ( Ashly ) بان 90% من سطح اليابس في الوقت الحاضر تكون بعد الزمن الثالث وإن 99 % من هذه الأشكال تطور بعد عصر الميوسين. وليس بالضرورة أن تكون هذه التقديرات صحيحة إلا أنها تبقى فكرة مقبولة لدى المتخصصين.
7-( لا يمكن تفسير المعالم التضاريسية تفسيرا صحيحا دون أن تقدر التغيرات المناخية والجيولوجية المتعددة التي حدثت خلال البلايستوسين تقديرا كاملا ), حيث أن معظم المظاهر الطبوغرافية في العالم نشأت في فترة حديثة وان التغيرات المناخية والجيولوجية التي حدثت في البلايستوسين تركت أثارا واضحة على الوضع الطبوغرافي الحالي لان البلايستوسين تميز بوجود فترات مطرية وبغزارة شديدة.
8-( أن تقدير مناخات العالم حق قدرها أمرا ضروريا لفهم الأهمية المتباينة لمختلف العمليات الجيومورفولوجية فهما صحيحا ). وهنا نركز على فهم عناصر المناخ وخاصة الحرارة والأمطار والتبخر وسرعة الرياح والتجمد والتي تؤثر جميعها بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات الجيومورفولوجية لاثر المناخ حتى الآن.
9-( مع إن اهتمام الجومورفولوجيا ينصب بالدرجة الأولى على معالم سطح الأرض الحالية, ألا إن هذه الدراسة والاهتمام تبلغ ذروة فائدتها إذا توسعنا بدراسة معالم السطح من الناحية التاريخية), حيث توجد أشكال أرضية تعود لحقب جيولوجية سابقة, لذا لا بد من الرجوع لها, وهذا يسمى بالجيومورفولوجيا القديمة (Palaogeomorphology). وهذا يوصلنا للتعرف على أشكال أرضية نتجت بفعل عمليات لا تعمل في الوقت الحاضر.
شكل الأرض وبناء الأرض، وفكرة عامه عن الأرض بشكل عام:
لقد أصبح من الثابت أن الأرض شكلها كروي ( على شكل الأجاص ) وطول قطرها الاستوائي 7926.7 ميل (12754.1كم) وقطرها 7899.9 ميل (12710.9كم ) أي أن الاستوائي يزيد عن القطبي بحوالي 43.2 كم. ويوجد عدة مرتفعات تحيط بالكرة الأرضية، وهذا يترتب علية إختلاف نصف القطر من منطقة إلى أخرى، ويبلغ محيط دائرة الأرض عند خط الاستواء حوالي 40225 كم. ويهمنا هنا اليابس الذي يحتل حوالي 29.2% والباقي مغطى بالمياه السائلة والمتجمدة. ويقدر متوسط ارتفاع الأرض بحوالي 840 م فوق مستوى سطح البحر, أما البحار فمتوسط عمقها هو 3800 م ( أي أن البحار أكثر عمقاً من ارتفاع اليابس). ومن ناحية جيومورفولوجية إذا نظرنا إلى توزيع اليابس والماء نلاحظ ما يلي:
1- تركز اليابس في نصف الكرة الشمالي.
2- تركز المحيطات في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
3- تجمع والتفاف الماء حول القطب الشمالي.
4- امتداد أجزاء قارية كثيرة في نصف الكرة الجنوبي.
5- الشكل المثلثي لمعظم القارات.
6- وجود قارة مرتفعة ومنعزلة في القطب الجنوبي, القطبية الجنوبية ( انتاراكتيا ).
7- الوضع المتعاكس بين اليابس والماء بين القطبين (للتوازن).
8- اليابس يتكون من تضاريس وطبوغرافيا متنوعة, وهذا الاختلاف يعود إلى البنية ونوعيه الصخر.
تضاريس الأرض:
تبين لنا من خلال دراستنا للأفكار الأساسية في العمليات الجيومورفولوجية أنه ما من شيء ثابت على سطح الأرض غير أن هذا التغيير لا يكون ملحوظا قي كثير من المناطق بسبب بطيء اثر عمليات التي تؤدي إلى حدوثه ويعتقد بعض سكان الإقليم التي يحدث فيها نشاط بركاني أو التي يتكرر حدوث الزلازل فيها إن معظم النشاط الأرضي يكون بشكل فجائي وبعنف شديد. ألا إن الحقيقة أن معظم العمليات الأرضية تكون بطيئة جدا فقد استغرق تكوين جبال روكي الحالية فترة تزيد عن ستة ملايين سنة. كما استطاع نهر كولورادو أن يحفر الخانق العظيم Grand Canyon في خلال ملايين عديدة من السنين ولم يكمل عملة إلى حد ألان.
يؤلف كل من الغلاف الصخري والمحيطات غلافا تاما يحيط بالكرة الأرضية التي تتفلطح قليلا عند خط الاستواء وتنبعج عند القطبين، ولا يكون سطح الأرض ناعما ولكن وعلى الرغم من ضخامة التفاوت بين تضاريس الأرض ( أي بين أعلي مناطقها فوق مستوى سطح البحر واخفض مناطقها دون مستوى سطح البحر ) فان تلك التضاريس لا يمكن أن تقارن بأي شكل من حجم الأرض العظيم.
وتقسم تضاريس الغلاف الصخري إلى ثلاث مجموعات أو رتب أو درجات هي تضاريس الدرجة الأولى First Order وتشمل القارات وأحواض المحيطات وتضاريس الدرجة الثانية Second Order وتضم الحبال والهضاب والسهول . وأما تضاريس الدرجة الثالثة Third Order فإنها تشمل التلال والوديان ... الخ وبعبارة أخرى تعني هذه التضاريس أنها تلك التي توجد فوق تضاريس الدرجة الثانية على القارات فقط تقريبا.
تضاريس الدرجة الأولى:
تبلغ مساحة الأرض حوالي 510320000 كم مربع تحتل المحيطات حوالي 365190000 كم مربع منها. ويوجد في المحيطات الحالية كمية هائلة من المياه التي تشغل أحواضها فقط بل طغت على الأرصفة القارية مغطيتا مساحة تقدر بـحوالي 25900000 كم مربع منها، إذ تقدر كمية المياه التي توجد في أحواض المحيطات بحوالي 1370000 كيلو متر مكعب من المياه. وتحتل أحواض المحيطات الأجزاء المنخفضة من الغلاف الصخري إذ يبلغ معدل عمق المحيط العالمي 3800 مترا دون مستوى سطح البحر.
ولا يكون قاع المحيط مستويا أو منظما إذ تنتشر فوقه كثير من المناطق التي يزيد ارتفاعها عن المستوى العام لعمق القاع مثل الحافات المحيطية الوسطى والتلال والجبال البحرية التي ترتفع حوالي 1000 متر فوق مستوى القاع وقد تزيد عن ذلك أحيانا كثيرة. وتوجد في بعض الجهات من قيعان المحيطات مناطق تنخفض كثيرا عن المستوى العام لعمق القاع كما في الخنادق المحيطية ( الأغوار ) التي يبلغ طول البعض منها عدة ألاف من الكيلومترات كما يزيد العمق في البعض منها عن 11000 متر دون مستوى سطح البحر.
تمثل القارات الأجزاء المرتفعة من تضاريس الدرجة الأولى على خلاف الأحواض المحيطية التي تمثل الاجزاء المنخفضة منها. ويمكن أن نظم للقارات بموجب هذا التعريف جزرا عديدة مثل تلك التي تقع إلى الشمال من قارة أمريكا الشمالية مثل الجزر البريطانية. وهي تصف سطح القارات بعدم انتضامه على خلاف ما يوجد على قيعان المحيطات بحيث تكون المحيطات أكثر عمقا من ارتفاع القارات فوق مستوى سطح البحر، فبينما لا يرتفع إلا ما مقدرة 11 % من سطح اليابسة اكثر من 2000 متر فوق مستوى سطح البحر ينخفض حوالي 84 % من مساحة قاع المحيط اكثر من 2000 متر دون مستوى سطح البحر، في الوقت نفسه يكون ارتفاع أعلى قمة على اليابسة 8840 متر عند افرست بينما سجل عمق مقداره 11524 متر دون مستوى سطح البحر عند خندق مارينا.
هذا ويرتبط تفسير كيفية تكون تضاريس الدرجة الأولى ارتباطا كليا بطريقة تكوين الكرة الأرضية نفسها والتي ما زالت الآراء والنظريات متضاربة حولها بشكل كبير، مثل نظرية الكويكبات لتشمبرلين ونظرية انفصال القمر ونظرية التقلص التي جاء بها لابورث والعقد النووية لديلورد كالفن وكذلك زحزحة القارات لفجنر.
ويتكون باطن الأرض ( اللب core ) بشكل رئيس من الحديد المختلط مع السليكون والكبريت وتبلغ درجة حرارته أكثر من 5500م5 ووزنه النوعي حوالي 13 بالمقارنة مع 2.8 كمعدل للوزن النوعي لصخور القشرة الأرضية. أما نطاق المانتيل mantle فهو يشكل القسم الأعظم من كتلة الأرض ويحيط باللب ويبلغ
مقدار سمكه 2800كم, ويتراوح الوزن النوعي لصخور المانتيل الخارجية بين 3 إلى 3.5 وتتزايد هذه القيمة إلى 4.5 وأكثر مع زيادة العمق. ويتصف المانتيل بأنه صلب بالدرجة الاساسية ومن المحتمل انه يتكون من معادن ثقيلة غنية بالمغنيسيوم والحديد, وتتراوح درجات حرارته بين 657 إلى 2750 درجة مؤية، هذا وتكون ألقشره Crust ألطبقه ألسطحيه للأرض وهي غشاء رقيق يتراوح معدل سمكه بين 24 إلى 32 كم في حين يزداد ذلك السمك أسفل القارات فيبلغ بين 30 إلى 65 كم.
ويظهر انقطاع واضح في البنية ودرجة البلورية والتركيب الكيماوي بين القشرة ألارضيه وبين طبقة المانتيل الواقعة أسفلها وتقسم القشرة الأرضية نفسها إلى طبقتين هما:
1- النطاق العلوي الغير متصل الذي يتطابق مع خطوط القارات ويكون وزنه النوعي 2.65 ويعرف بالسيال Sial ويتكون معظمه من عنصري السيليكون والالمنيوم.
2- النطاق الأسفل المتصل الذي ينكشف عند قيعان المحيطات ووزنه النوعي 3 ويعرف بالسيما Sima الذي ويتكون في معظمه من عنصري السيليكون والمغنيسيوم.
تضاريس الدرجة الثانية:
يوجد هذا النوع من التضاريس فوق تضاريس الدرجة الأولى فوق أسطح القارات مثل الهضبات والسلاسل الجبلية والسهول كما يوجد على قيعان المحيطات، وتتصف أنواع التضاريس الموجودة فوق قيعان المحيطات بأنها في العادة اكثر سعة وامتدادا مما علية فوق القارات، فقد أمكن العثور على الجبال فوق قيعان المحيطات ويرتفع بعض هذه الجبال إلى ما فوق مستوى البحر كثيرا في بعض الحالات.
وتعتبر جزر هاواي مثلا جيدا على ذلك فهي تتكون من خمسة جبال بركانية تكونت خلال حوالي مليون سنة، وترتفع الجزيرة إلى حوالي 4000 متر فوق سطح البحر واكثر من 9000 متر فوق قاع المحيط. ومن المفيد إن نذكر هنا أن الهضبات والسلاسل الجبلية تقع في أماكن معينة ضمن مختلف القارات إذ توجد معظم السلاسل الجبلية على مقربة من حواف القارات.
وتقع معظم السهول العظمى في داخل عدد من القارات في الوقت نفسه التي تمتد فيه على مقربة من سواحلها. ونستطيع أن نعتبر تضاريس الدرجة الثانية أشكالا أرضية ناتجة عن عمليات جيومورفولوجية إنشائية ( بنائية ) Constructional وهي العمليات الداخلية Internal.
وتتباين هذه الأشكال في أحجامها كثيرا من السهول والسلاسل الجبلية والهضبات الواسعة التي تنتج عن عمليات بنائية كبيرة التأثير كعمليات الالتواء و الانكسار، إلى بعض الكتل الجبلية والتلال الصغيرة التي لا يزيد امتدادها عن عدة كيلومترات امثال الجبال البركانية والقبابية.
تضاريس الدرجة الثالثة:
نعني بها الأشكال الأرضية الناتجة عن عمليات الهدم Destructional وهي العمليات الجيومورفولوجية الظاهرية External. وتوجد هذه الأشكال الأرضية عادة فوق تضاريس الدرجة الثانية على القارات فقط رغم أن بعض جهات الرصيف القاري
والمنحدر القاري فيها بعض المظاهر التي ترجع إلى هذه الدرجة. ويعود السبب في ذلك إلى أن قيعان المحيطات محمية من التأثير للعمليات الظاهرية بواسطة الغلاف المائي السميك الذي يوجد فوقها. أن ما نراه من التضاريس على سطح القارات اليوم لا يتعدى كونه صورة لكل تضاريس الدرجة الثالثة الموجودة فوقها وان غاية ما يقوم به علم الجيومورفولوجيا لا يتعدى دراسة تلك التضاريس أو الأشكال، والتي تكون في العادة ثلاثة أنماط هي: أشكال تعرية, أشكال متخلفة, أشكال ترسيبية.
ولكل عملية جيومورفولوجية ظاهرية, مجموعة خاصة بها من هذه الأشكال كما بينا ذلك فيما سبق، فالأنهار على سبيل المثال تكون أشكال تعرية خاصة بها مثل الوديان والخوانق والأخاديد. وينطبق الشيء نفسه على بقية العمليات الجيومورفولوجية الظاهرية كالجليد والأمواج والمياه الباطنية والرياح وعوامل الجو.
الصخور ومظاهر ضعفها:تكون الجزء اليابس من الأرض من أنواع مختلفة من الصخور ويمكن تعريف الصخر بأنه كل مادة تتكون أساسا من معدن واحد أو خليط من معادن عديدة وتشترك في بناء جزء أساسي من القشرة الأرضية. وتوجد أيضا بعض الصخور التي تتكون من اصل عضوي ( غير معدني ) مثل صخور الفحم والصخور العضوية المتكونة من تكدس بقايا الهياكل العظمية للكائنات الحية.
وعلى هذا الأساس فان الصخور تختلف اختلافا بينيا اعتمادا على نوع المعادن ألمكونه لها وعلى نسبة المعادن المشتركة في تكوينها إضافة إلى كيفية نشأتها وطريقة تواجدها Mode of Ocurresence.
إن بعض هذه الصخور تشكل كتلا قوية كما أن بعضها يكون قليل المقاومة وتكون بعض الكتل الصخرية كبيرة واسعة في حين تكون أخرى صغيرة لذلك فان طبيعة الصخر وانتظامة ووضعه وبنيته تشكل عوامل مهمة في التأثير على سلوكية الأنهار والعوامل الظاهرية الأخرى خلال عملية تعرية كتل اليابس.
تؤثر نوعية الصخر LITHOLOGY في نشأة وتطور كثير من العمليات والأشكال الأرضية , مما أمكن تصنيفها حسب أنواع الصخور التي تتكون عليها , كتلك الأشكال التي ترتبط بالصخور الجيرية ( طبوغرافية الكارست ) , وأشكال الصخور الجرانيتية والصخور الرملية . فالمعالم السطحية التي تكونها عوامل النحت والارساب تعتمد إلى حد كبير على طبيعة الصخور التي تقع تحت المنطقة المعنية. وقد تناول كثير من الدارسين موضوع العلاقات الصخرية- الجيومورفولوجية في مناطق مختلفة, كالدراسات التي قام بها كل من: توماس وجننج وتوايديل، وركز بعضهم على إبراز دور نوعية الصخر في تطوير الأشكال الأرضية بصورة عامة, وذلك على حساب العوامل الجيومورفولوجية الأخرى مما آثار جدلا غير ضروري حول أولوية وأهمية أي من هذه العوامل. ففي الواقع, تتداخل العوامل البيئية معا, ومنها العوامل الجومورفولوجية, في إنتاج أية مجموعة من الأشكال الأرضية في الأماكن المختلفة, وان برز بعضها كعامل رئيسي أو سائد Prevailing Factor في بيئة محددة . وقد تكون نوعية الصخر هي العامل السائد في منطقة ما, في حين تفسح المجال للمناخ أو البنية الجيولوجية أو الإنسان في مناطق أخرى.
وفي هذه الحالة, تعكس الأشكال الأرضية المتطورة فوق نوع معين من الصخور تأثير هذه العوامل, تماما كما يحدث بالنسبة لأشكال سطح الصخور الجيرية المتطورة في كل من المناطق الجافة والمناطق الرطبة, لاختلاف وتعقيد الصخور الموجودة حتى في المناطق المحدودة, أو نتيجة الخصائص الطبيعية والكيماوية في الصخر نفسه. ويعتبر الحجر الجيري من اضعف الصخور وذلك بسبب قابليته الشديدة على الذوبان إلا انه يكون ذو مقاومة واضحة في المناطق الجافة وذلك لقلة احتمال تغيره عند التغير في درجات الحرارة, كما لا يحدث للصخور الأخرى.
أنواع الصخور:
يمكن تقسيم الصخور حسب طريقة نشأتها إلى ثلاثة أقسام هي:
1- الصخور النارية
2- الصخور الرسوبية
3- الصخور المتحولة.
ويطلق على الصخور النارية والمتحولة أحيانا اسم الصخور البلورية.
كما يمكن التمييز بين هذه الأنواع الرئيسية الثلاثة من الصخور بشكل مبدئي على اساس ان الصخور الرسوبية تكون في الغالب على هيئة طبقات قد تكون متجانسة أو متباينة وقد تحتوي كل طبقة من هذه الطبقات على بقايا حيوانية ونباتية قديمة تسمى الحفريات (Fossils) وتنعدم هذه الميزة تماما في الصخور النارية ومن النادر أن توجد هذه الحفريات في الصخور المتحولة وذلك لأنها تتحلل وتزول نتيجة للضغط والحرارة, وتتميز الصخور النارية بهيئة كتلية لا طبقية ولكن غالبا ما تكون في حالة متبلورة في حين يندر وجود مثل هذه المكونات المتبلورة في الصخور الرسوبية كما تظهر البلورات في كثير من الصخور المتحولة.
اولاً: الصخور الرسوبية:
وإذا أخذنا سطح الأرض بنظر الاعتبار وبشكل كلي فان الجزء الذي يتكون من صخور رسوبية يكون أوسع بكثير من الجهات التي تتواجد فيها الصخور النارية والمتحولة بصورة مجتمعة. ويشير هذا إلى أن مناطق واسعة جدا من الجهات القارية كانت في وقت من الأوقات مغمورة تحت سطح البحر ومع ذلك هناك تكوينات رسوبية واسعة لم تتكون بفعل الارساب تحت الماء. ومن أمثلة ذلك السهول الرسوبية الواسعة تصل إلى مئات الأميال التي تكونت عند أقدام الجبال. وقد يبلغ سمك رواسبها في بعض الأحيان إلى ألاف الإقدام.
تتكون الصخور الرسوبية من تجمد وتماسك الرواسب الصخرية وذلك بالتحام مكوناتها مع بعضها تحت تأثير الضغط الناشىء من ثقل الرواسب الأخرى التي تعلوها, أو قد يتم التماسك والتجمد بواسطة مادة لاصقة أو لاحمة مثل كاربونات الكالسيوم أو السيليكا أو اكاسيد الحديد التي قد تتواجد بين هذه الرواسب، وتتكون الصخور الرسوبية من مواد ذات اصل متعدد وتركيب كيماوي أو معدني متباين وتحت ظروف متنوعة وبيئات مختلفة, وتؤدي مثل هذه الوضعية إلى تعدد أنواع هذه الصخور وتقسم الصخور الرسوبية حسب طريقة تكوينها وظروف نشأتها إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:
أ- صخور رسوبية ميكانيكية النشأة:
وتشمل هذه المجموعة كل الصخور الرسوبية التي تتكون من قطع ومفتتات الصخور السابقة والتي تم نقلها بواسطة المياه والرياح أو الثلاجات أو بفعل الجاذبية الأرضية, دون أن يطرأ عليها أي تغير كيماوي ومن ثم ترسب بطريقة آلية وتتماسك وتلتحم، مثل الحجر الرملي والطفل والمجمعات الصخرية وأنواع معينة من الحجر الجيري. وتقسم الصخور الرسوبية ميكانيكية النشأة من حيث حجم الحبيبات إلى:
1- صخور رسوبية ميكانيكية النشأة كبيرة الحبيبات وتتكون هذه من حبيبات كبيرة الحجم وذات قطر لا يقل عن 2 ملم وقد يصل أحيانا إلى بضعة سنتيمترات وتعرف هذه عامة بالحصى ومن أهم هذه الصخور الكونجلوميرات Conglomerate وصخور بريشيا.
2- صخور رسوبية ميكانيكية النشأة متوسطة الحبيبات وهنا يختلف حجم الحبيبات ويتراوح قطرها ما بين 2 إلى 1 / 16 من المليمتر. وتعرف هذه الصخور عامة بالصخور الرملية حيث انها تتكون من حبيبات معدنية يسودها الرمل الذي يصحب تأثره بعوامل التعرية, ومن أهم أنواع الصخور الرملية الحجر الرملي والحجر الرملي الجيري والحجر الرملي الكلسي والحجر الرملي الحديدي.
3- صخور ميكانيكية النشأة دقيقة الحبيبات, تتكون هذه الصخور من حبيبات دقيقة لا يزيد قطرها على 1 / 16 ملم. تنتج هذه الحبيبات من تحلل وتفتت المعادن وخاصة معادن السيليكات ومنها سيليكات الامونيا المائية ويمكن تمييز نوعين من هذه الحبيبات حسب حجمها أو قطرها هما: الغرين أو الطمي وحبيباته كبيرة نسبيا يتراوح قطرها بين 1 / 16 إلى 1 / 256 ملم والطين وهو عبارة عن حبيبات دقيقة جدا لا يزيد قطرها عن 1 / 256 ملم وقد تحتوي الصخور الطينية على بعض البقايا العضوية المتحللة مثل الدبال أو بقايا نباتات متفحمة ومن أهم أنواع الصخور الطينية هي الطين والحجر الطيني ويتحول الطين إلى حجر طيني عندما يفقد الجزء الأكبر من محتوياته المائية نتيجة للجفاف أو زيادة الضغط.
ب- صخور رسوبية كيماوية النشأة:
تتكون هذه الصخور نتيجة ترسبها من محاليل تحتوي على مواد مذابة وذلك عندما ترتفع درجة تركيزها وفقا للظروف الطبيعية المحيطة بها. أو قد تتكون من الرواسب نتيجة تفاعل كيماوي يجري بين مكونات هذه المحاليل. ويمكن تمييز الأنواع التالية من هذه الصخور وذلك على أساس تركيبها:
1- الصخور الرسوبية الجيرية: وتتكون هذه الصخور نتيجة ترسب كاربونات الكلسيوم من المحاليل الجيرية المحتوية على بيكاربونات كالسيوم ذائبة من هذه الصخور، الحجر الجيري غير العضوي وصخر الترافرتين ( Travertine) وحجر الدولومايت ( Dolomite ) الذي يتكون من كاربونات الكالسيوم وكاربونات المغيسيوم بنسب مختلفة.
2- صخور رسوبية سيليكية: وتتكون هذه الصخور من ترسب مادة السيليكا مثل حجر الصوان (Flint) وهذا خليط من السيليكا المتبلورة وغير المتبلورة تكون على هيئة عقد، وكذلك حجر شيرت ( Chert ) وهو نوع من الصخور السيليكية غير النقية لأنها تحتوي على نسبة عالية من الجير.
3- صخور رسوبية ملحية: حيث أن تبخر مياه البحيرات والبحار المغلقة يؤدي إلى تركيز المحاليل الملحية الموجودة فيها ثم ترسيبها في هيئة طبقات متعاقبة ومن أهم الصخور الرسوبية الملحية هو صخر الجبس (Gypsum ) ويتكون هذا الصخر من حبيبات دقيقة من كبريتات الكالسيوم المائية التي تترسب في هيئة طبقات أو صفائح ويدخل ضمن هذا النوع كذلك صخور انهايدرايت (Anhydrite) ويترسب هذا الصخر الأخير من ترسبات كبريتات الكالسيوم اللامائية إضافة إلى الصخور الملحية الأخرى مثل الجبس وملح الطعام والملح الصخري.
ج- صخور رسوبية عضوية النشأة:
تنشأ هذه الصخور نتيجة تكدس او تراكم بقايا الكائنات الحية الحيوانية والنباتية (أوراق النباتات وجذوع الأشجار وأغصانها) بعد موتها والمحارات والاصداف الحيوانية على شكل طبقات سميكة ومن ثم تحلل هذه البقايا بفعل وتأثير الفطريات والبكتيريا خلال مدة زمنية طويلة, ثم تعود هذه المواد فتتماسك مع بعضها في هيئة صخور, نتيجة الضغط والتفحم، وهناك نوعان من هذه الصخور:
1- صخور عضوية حيوانية: وتتكون هذه الصخور من مواد عضوية جيرية سيليكية أو فوسفاتية مثل الحجر الجيري العضوي والأخير صخر واسع الانتشار يتكون من تحلل قشور وهياكل الحيوانات البحرية وتراكمها وتسمى الصخور الجيرية حسب نوع الحفريات التي قد تكون سائدة الانتشار فيها مثل، الحجر الجيري الصدفي (Shelly Limestone).
2- صخور عضوية نباتية: وتنتج هذه الصخور عن تكدس البقايا النباتية ثم تعفنها وتحللها وتفحمها