إذا أردنا أن نحفظ ما بأيدينا ولا نهدره فعلينا بوضعه بأوعية محكمة ، تتوافر لها الصيانة الدائمة إذا أردنا أن نحتفظ به لمدة قد تطول ولا يصاب بالتلف ، فما بالنا وإذا كان ما نريد أن نحفظه هو مال عام تصل قيمته مليارات من الجنيهات .
إن المال العام فى مصر والتى تصل قيمته بالمليارات لم تتوفر له تلك الأوعية التى تعمل على حفظه وصيانته من تلف أو هدر ، فالمخازن الحكومية المصرية فى أغلبيتها تشبه الأوعية المثقوبة التى نريد ملئها بالماء ولا نرى لها إمتلاءا بل يتسرب بأرض رملية سرعان ما تجف ، ولانرى فيها نموا ولا إزدهارا .
وإن كان ذلك كذلك فما هو السبب فى فيما آلت إليه حال المخازن الحكومية المصرية وأن تكون كالأوعية المثقوبة ؟.
ولعل أسباب ذلك يمكن أن نرجعها إلى فيما يلى :
1- سوء المخازن الحكومية وعدم الإهتمام بصيانتها .
2- عدم توافر العنصر البشرى المدرب على أعمال المخازن .
3- عدم توافر ثقافة الوعى بالمال العام لدى القائمين على حفظه .
4- عدم الإهتمام بلائحة المخازن الحكومية المنظمة للعمل بالمال العام للدرجة التى يمكن القول معها : أن المخازن الحكومية أصبحت تعمل بما يمكن أن نسميه " بالعرف السلبى لأعمال المخازن " والواقع العملى قد تخطى لائحة المخازن الحالية .
5- إستمرار إستخدام إدارة المخازن لدى السلطات المختصة كأحد الأدوات العقابية للموظفين الغير مرضى منهم .
6- عدم توافر الحوافز المادية للقائمين بالأعمال المخزنية ، فإدارة المخازن تعد من الإدارة الطاردة وليست من الإدارت المرغوب العمل بها .
7- عدم وجود تشريعات خاصة بل - محاكم خاصة - ورادعة لمن تسول نفسه إنتهاك والإعتداء على المال العام وسرعة البت فى قضاياه .
8- عدم توافر نظرة الإحترام من قبل الأجهزة الرقابية لمن يعملون بالمخازن ، فالنظرة المتوفرة هى نظرة ( التربص ) وليس العكس .
9- تغليب المصالح الخاصة لدى الأجهزة الرقابية فى الجهات الخاضعة فى دوائر رقابتهم ونرى هذا فى المستشفيات والمراكز الطبية .
10- ضعف صلاحيات مدراء المخازن فى مواجهة رؤساء المصالح .
لكل هذه الأسباب أضحت المخازن الحكومية أوعية مثقوبة يتسرب منها المال العام ولا يؤدى وظيفته التى تم جلبه من أجلها للدرجة التى يصدق عليها مقولة أحد القائلين ( 1) : المال العام هو الذى إذا أجتهدت بالمحافظة عليه لا تجد من يشكرك ، وإذا قمت فى ليلة ظلماء غاب فيها القمر وضميرك بالسطو عليه لا تجد من يحسابك . والله اعلم