إن أردت حب الله فاتقن عملك
خطبا رنانه ، ومنابر تكاد تتصدع من صوت خطبائها ، وكلام كثير نرمى به كل يوم فى أذن البشر ، فلا الأذن تسمع ، ولا المرء يعمل ، ولا يعلمون بأن أحد صور عقاب الله أن يورث الجدل والكلام ويقطع عنهم نعمة العمل ! ، فالعمل نعمة لا تباريها نعمة ، فالعمل ينم عن وجود صحة وعافية ، وعقل ورأى ورؤية ، وللمحافظة على نعمة العمل ، أن نتقن ما نعمله .
" إن الله يحب أحدكم إن عمل عملا أن يتقنه "
هكذا قالها من أتاه الله جوامع الكلم وما ينطق عن الهوى ، النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، كلمات قليلة ولكنها أساس التقدم للأمم ن ونهضة الشعوب إن عملوا بها ، وصارت جزءا لا يتجزأ من سلوكهم ، وطقسا من طقوسهم.
فالإتقان أن تجود وتجود فى عملك ، تحترمه وتحترم مواعيده ، وتنهض به وتبدع ، وتلم بكل ما يحتاجه من علم وثقافة ، وتعرف حدوده التى يقف عندها ، وحدود غيرك التى تتقاطع وتتماس مع محيط دائرة عملك ، وتصلح ما أفسده غيرك فيه ، وتزيده إصلاحا على صلاحه الذى ورثته من غيرك أو من سبقك فيه ، وان تعى لكافة القوانين واللوائح والمنشورات والكتب الدوية والأوامر الإدارية المنظمة له ، وأن تكون هينا ولينا بلا إفراط ، وسهلا ومسهلا بلا تفريط ، وأن تربط ما لم يرد فيه نص بما ورد فيه نص بالقياس ، وان تسأل من هم أهل خبرة فى مجال عملك ، فالعلم يضيع بأن تستحى أن تسأل أو تتكبر عن سؤال غيرك ، وأن تستعمل قاعدة لا ضرر ولا ضرار إستخداما صحيحا ، وألا تخاف من رقيب سوى رقيب ضميرك عليك ، فالأعمال بغايتها وما يترتب عليها من أثار ، فإن فعلت فعلا لم يرد فيه نص ، فلترى غاية النص وتمشى وتتماشى معها ، فإن وصلت لغاية النص مع أى أمر لم يرد فيه نص فافعله بلا خوف أو تردد ن طالما عملك لا يكتمل إلا به .
الإتقان أن تعمل بمنطق أن الله إستخلفك فيما تعمله ، ووكيلا عنه فى هذا العمل ، وألا تعمل بمنطق " على أد فلوسهم " !! ، وأن تكون أول من يحضر واخر من ينصرف ، فكلنا أمام الله سنقف ويحاسبنا عما قدمنا وأتقنا فيما قدمناه ، وما نحسبه هينا هو عند الله عظيم ، فلا تعمل لوجه رئيس أو وزير أو مدير أو من أجل ان يقال ، ولكن فليكن عملك موجها بوحى من ضميرك حتى وإن غابت عنك عين رؤساءك ومدراءك فعين الله لا تأخذها سنة ولا نوم ، فالدين سواده الأعظم عمل ومعاملة ، والنذر اليسير منه عبادة ، فالعمل كل ما فيه عبادة إن خلصت النية وتوجهت إلى الله وأخلصت له وحده دون غيره ،فالإتقان أساس صلاح العمل ، ومن ثم إصلاح المجتمع ، وعليه تنهض الشعوب وتتقدم ، هكذا إن أردت حب الله فاتقن عملك .