حسين عبد العزيزعبده الحسانين

المال العام وكيفية الحفاظ عليه - الجودة وإدارة المستشفيات - وخواطر أدبية - وقضايا الوطن

 

الإدارة  و المعيار وعلاقتها بالنحو والصرف !!

بعيدا عن تعاريف الإدارة وإختلاف الأراء لعلماء الإدارة حولها ، نرى أن الإدارة ما هى إلا كيفية تحقيق الأهداف المرجوة فى ظل الموارد المتاحة أمام الفرد أو المؤسسة ، وما ينجم عن ذلك من تخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعة وإعادة توجيه ، فى ضوء ما يستجد من معلومات أثناء ممارسة الأعمال فى بيئة العمل .

بيئة العمل مثل الأرض تحوى مواردا بشرية تتمثل فى الرجال والنساء الذين يعملون ، ومواردا طبيعية تتمثل فى كافة الأدوات المتاحة ، ألات ومعدات وأجهزة وأثاث ... إلخ ، وهنا تأتى أهمية الإدارة من حيث عمل التوليفة المثالية التى تمتزج فيها الموارد البشرية والطبيعية ، ومن خلال هذه التوليفة المثالية يتم تحقيق الأهداف المرجوة والأمال المعقودة أمام الفرد او المؤسسة أيا كان النشاط لهما إنتاجيا كان أو خدميا .

والموارد الطبيعية المتوفرة فى بيئة العمل لا تعمل بذاتها ، ولكن من خلال تفاعل الموارد البشرية معها وتوظيفها لمهامها التى وجدت من أجلها ، والحفاظ عليها وإستمرارية صيانتها لتحقيق المطلوب منها ، فالموارد الطبيعية صماء تعمل وفق إرادة من يعمل عليها ، فلا تثير لك مشاكل فى بيئة العمل طالما تعمل بحكمة من يشغلها رجلا كان او إمرأة ، ولا تنجم المشاكل فى بيئة العمل إلا من خلال الموارد البشرية ، حيث الطبائع المختلفة ، والأراء المتباينة ، والسلوكيات المتعددة على مستوى الفراد كأحاد أو جماعات ، ينعكس ذلك كله بالسلب أو الإيجاب على كيفية إستخدام الموارد الطبيعية المتاحة ببيئة العمل .

وأمام تلك الطبائع المختلفة ، والأراء المتباينة ، والسلوكيات المتعددة ، تأتى أهمية الإدارة فى التوفيق بين تلك الطبائع والأراء والسلوكيات بما ينعكس على الإستخدام الكفء للموارد المتاحة ببيئة العمل ، ويحقق الأهداف المرجوة فى تناغم وتناسق ، بين الطبائع والأراء والسلوكيات وبدلا من تضاربها فى إتجاهات شتى ، تعمل الإدارة على توحدها وتوافقها نحو الأهداف المنشودة أمام الفرد أو المؤسسة .

والإدارة فى سبيل تحقيق ذلك لابد وأن تتعامل مع الموارد البشرية وفق " معيار " ثابت يكون الجميع منه على " مسافة " واحدة ، معيار يتوافق عليه جميع الأشخاص ويكون مشخصا بصورة واضحة وشاخصا أمام أعينهم ، فإن شذ فرد ما عن المعيار ، نبذه زملاء العمل قبل الإدارة بل قاموا بتقويمه وتقريعه ، طالما أن الجميع على مسافة واحدة منه ومن الإدارة .

والمعيار بهذا المفهوم ، يعصم الإدارة من زلل التعامل بالأهواء مع الموارد البشرية المتاحة ببيئة العمل ، وطالما هناك أهواء فى التعامل ، تكون النتيجة خلل فى المسافة بين الإدارة وبين من يعملون فى كنفها ، ويكون هناك مقربون منها وأخرون مبعدون عنها ، وتكون بيئة العمل أرضا خصبة لل ( القيل ) و ( القال ) ، و( الشائعات ) بصوة ينجم عنها تنافر فى سلوكيات من يعملون ، وذلك لأن الإدارة فقدت المعيار الذى توافق عليه الجميع وأرتضوه حكما ومرجعية يرجع إليها للحكم على الأشخاص ، وبدلا من تشخيص المعيار تمت شخصنته ، وبدلا من جعله شاخصا وواضحا ضببته ! وجعلته غائما ، فكما أن النحو والصرف وضع لضبط اللسان ، والسلم الموسيقى لضبط اللحن ، والمنطق لضبط العقل ، والجرام لضبط الوزن ، والمتر لضبط المسافة ، هكذا المعيار لابد من وضعه لضبط الإدارة . والله أعلى وأعلم      

 

 

المصدر: مقالة " الإدارة والمعيار وعلاقتها بالنحو والصرف " بقلم حسين عبد العزيز عبده
husayn-abdelazi

حسين عبد العزيز عبده ..مجرد إنسان دائم البحث عن الإنسان بداخله والحفاظ عليه

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 172 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

42,722