<!--<!--<!--[if gte mso 10]>
<style>
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}
</style>
<![endif]-->الغيرة ليست انفعالاً بسيطًا، ولكنها انفعال مركب من عدد من الانفعالات، فهي تنشأ من تفاعل الإحباط والقلق، والإحباط هو الفشل في تحقيق الرغبة، ويمتزج هذا الفشل بالقلق من فقدان حب الوالدين وعطفهما، ويرى البعض أن الغيرة انفعال يترتب على درجة عالية من "حب التملك" لشيء معين، ثم "الشعور بالغضب" للفشل في الحصول على هذا الشيء، وإذا ما حدث هذا الفقدان على أرضية من "ضعف الثقة بالنفس" أو الشعور بالنقص تولد الشعور بالغيرة، أي أن الغيرة تجمع بين الثلاثي: حب التملك والشعور بالغضب والشعور بالنقص معًا.
وغالبًا ما تثور الغيرة عندما يشعر الطفل أن مكانته عند والديه مهددة، أو حقًا من حقوقه أو ما يعتقد أنه حق من حقوقه قد سُلب منه وأعطى لآخر. والغيرة شعور داخلي يشعر به صاحبه، وقد ينجح الفرد في إخفائها، وقد لا يستطيع، ويظهر على سلوكه الخارجي ما يدل عليها. والغيرة عنصر متضمن في كثير من المشكلات التي يتعرض لها الأطفال.
فكل المشكلات التي سيتعرض لها الطفل وتشعره أنه دون غيره أو أنه أقل من الآخرين تتضمن الغيرة. فالطفل الذي يفشل في ضبط عمليات التبول والتبرز، والطفل الذي يفشل في التعبير عن نفسه عن طريق النطق الصحيح بالألفاظ، كل منهما يشعر بالغيرة. كذلك فإن الطفل الذي يعبر عن نزعة عدوانية غالبًا ما يعاني من شعور بالغيرة، والطفل الذي يميل إلى السلوك التجريبي يشعر كذلك بالغيرة.
ويرى معظم علماء النفس الذين يهتمون بالنمو النفسي للطفل أن الشعور بالغيرة شعور يكاد يكون طبيعيًا عند طفل ما قبل المدرسة (قبل سن السادسة). فليس هناك طفل لم يشعر بمشاعر الغيرة في بعض المواقف. ولكن مع استمرار نمو الطفل معرفيًا وانفعاليًا واجتماعيًا وزيادة إدراكه لما حوله من مواقف وأحاكم وأوضاع وحقوق وواجبات للآخرين، تختفي مشاعر الغيرة. ويحل محلها إدراك واقعي للأمور. ولكن بعض الأطفال؛ لعوامل تربوية ولظروف تنشئة معينة - سنتعرض لها في القسم القادم من هذا الحديث - تبقى معهم مشاعر الغيرة، وتصبح صفة مميزة لهم.
والشعور بالغيرة شعور مؤلم، ويجعل صاحبه شاعرًا بعدم الارتياح. ويُلاحَظ عادة أننا لا نجد من يعترف بالغيرة صراحة، ويعبر عن هذه المشاعر بطريقة لفظية صريحة، بل الأقرب إلى المشاهد أن من يغار ينكر هذا الشعور؛ وذلك لأن الاعتراف بالغيرة يتضمن الاعتراف بالحطة والضعة وانخفاضًا في قيمة الذات،وهو الشعور الكريه الذي لا يريد أن يعترف أحد به، صغيرًا كان أم كبيرًا. وإذا كانت الغيرة تجعل الطفل شقيًا بعيدً عن الشعور بالسعادة وبعيدًا عن الصفاء والنقاء، فإن استمرار هذه المشاعر يجعل منه راشدًا تعيسًا أيضًا، ويضع العراقيل أمام قدرته على التوافق في حياته المهنية والاجتماعية، بل والشخصية، ولذلك فإننا نقول إن الاستعداد للغيرة عند الكبار ينشأ في الصغر.
قلنا إن الطفل يحاول قمع الغيرة وعدم الاعتراف بها؛ لأن الاعتراف بها اعتراف بما يكره وبما يشعره بالذلة والهوان، وهو ما نستدل منه على وقوع الطفل في مستنقع الغيرة. ويمكن أن يعبر الطفل عن غيرته بأي من الأساليب السلوكية التي تدل على الغضب والعدوانية من صراخ وضرب وسب، كما يمكن أن يعبر عن الغيرة بالصمت أو التهجم، وقد يعبر عنها بالخجل والشعور بالحرج، وقد يعبر عنها بالامتناع عن الأكل أو فقدانه للشهية للطعام بالفعل، وقد يعبر عنها بالسلوك المضاد لما يرغب، مثل الطفل الذي يحاول تقبيل أخيه الأصغر وملاطفته أمام أمه؛ ليريها أنه يحب الأصغر كثيرًا. وقد الحالات التي تتمكن الغيرة من الطفل في الوقت الذي يستطيع فيه أن يعبر عنها بشكل ما، قد تترك الغيرة علامات على الطفل على شكل أعراض جسمية، مثل الشعور بالصداع أو التعب أو حتى نقصان الوزن.
وإذا أردنا أن نشير إلى الفروق الجنسية بين أطفال ما قبل المدرسة في الشعور بالغيرة والتعبير عنها، فإننا نتوقع أن تشيع الغيرة بين البنات أكثر مما تشيع بين الصبية. وهذا التوقع يعتمد على أن البنات في مجتمعاتنا ما زلن أقل استقلالية عن الأسرة وأكثر اعتمادية على الوالدين من البنين. ومن ثم فهن أقرب إلى الشعور بالغيرة. إضافة إلى أن البنين في كثير من المجتمعات - ومنها مجتمعاتنا الشرقية - يحصلون على حقوق ومزايا أكثر مما يحصل البنات؛ مما يجعلهن أكثر عرضة للشعور بالغيرة قياسًا إلى البنين. وحديثنا عن الاستقلال والاعتمادية وعلاقته بالغيرة يجعلنا نتوجه بالسؤال عن كيفية نشأة شعور الغيرة، أو عن العوامل التي عساها أن ترتبط بنمو هذا الشعور، وهو موضوع القسم التالي من الحديث.
المصدر: أ. د. علاء الدين كفافي- أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي بمعهد الدراسات والبحوث التربوية - جامعة القاهرة
نشرت فى 11 يناير 2013
بواسطة hudaenshasy
نور الفجر
موقع يهتم برعاية او تاهيل لمكفوفين في المجال التربوى تقدمه هدى الانشاصى اخصائي نفسي اكلينيكي بالتربية و التعليم مسؤل دعم فني جودة بادارة النزهة التعليمية عضو مجلس ادارة اتحاد رعاية هيئات ذوى الاعاقة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
217,006
ساحة النقاش