رغم أنه فقد ساقيه وهو طفل فى حادث أليم إلا أن بطل مصر الرياضى الكبير مصطفى خليل قد منحه الله عوضا عن ساقيه الإيمان والإرادة والإصرار علي النجاح الذي جعله يحقق المستحيل , وينال إعجاب العالم كله , فقد عشق التحدى منذ نعومة أظافره , واختار النجاح طريقه الوحيد فى الحياة , وجعل من التفوق هدفه الذى لا يخطأه , ولم يرضى بأقل من لقب الأول بديلا فى كل ما سعى لإنجازه من أهداف , رغم بتر ساقيه راح يمارس رياضة السباحة التى أحبها , وبكفاح مرير وصبر وإصرار راح يحصد البطولات فى هذه الرياضة ليصبح أول سباح في العالم مصاب ببتر مزدوج ينجح في عبور المانش وذلك فى العام 1992.. ويبهر العالم كله بإرادته الفولاذية حين لم يتوقف عند ما أنجزه فيصر على عبور المانش للمرة الثانية عام 1994 ولكن هذه المرة ضد التيار ويحقق هدفه وبإنجاز عالمى جديد أيضا , ويعشق الشاب المثابر النجاح أكثر وأكثر فيقرر أن يعبر المانش للمرة الثالثة متكأ على إرادته الحديدة وعزيمته الفولاذية, وتصدقه العزيمة وتدفعه الإرادة إلى تحقيق إنجازه للمرة الثالثة عام 1998 ليصبح أول سباح على مدار التاريخ معاق ببتر ساقيه يعبر المانش ثلاثة مرات من بينها مرة ضد التيار . ويأبى الشاب المكافح أن ينتهى سجل إنجازاته عند هذا الحد فيشارك فى العديد من البطولات العالمية الاخرى ويحصد فيها النجاح تلو الآخر وينال يوما بعد يوم تكريم وإعجاب العالم كله.
حكاية مصطفى خليل مع النجاح الكبير الممزوج بطعم التحدى ورائحة الكفاح بدأت قبل أكثر من أربعين عاما عندما كان طفل صغير يملئ الدنيا لعبا ولهو و تراوده الأحلام العريضة فى أن يصبح طيارا أو بالأقل ضابط شرطة , وان يصبح لاعب كرة قدم شهير , ويقترب حلمه الأخير من التحقيق حين يلتحق بفريق أشبال نادى الزمالك المصرى لكرة القدم بعد ثبوت براعته ومهارته الفائقة فى هذه اللعبة , لكن القدر يختار له طريقا أخر حين يتعرض فى 8مارس 1971 إلى حادث اليم وهو ما زال بالصف الأول الاعدادى , فأثناء عبوره "مزلقان" ناهيا بحى بولاق الدكرور العتيق بالجيزة يلتهم قطار الصعيد ساقيه.
يتذكر مصطفي الفترة التي عاشها عقب الحادث قائلا: مرت الأيام الأولى بعد الحادث ثقيلة محمومة بالحسرة واليأس فقد أحسست رغم طفولتى أن القطار التهم مع ساقى احلامى وطموحاتى فى مستقبل باهر مثل باقى اقرانى, لكن أيام اليأس لم تطل كثيرا فقد رزقنى الله سبحانه وتعالى بأب يحمل فى قلبه إيمان المؤمن بقضاء الله وقدره , واليقين بان الله سبحانه وتعالى له حكمة عظيمة فى ابتلاء ابنه بهذه الإعاقة , فوجدت والدى يتغلب على أحزانه كأب ويزرع بداخلى إرادة حديدية، ولا يكل أن يؤكد لى أن ما حدث، ما هو إلا قضاء وقدر، وان العبد المؤمن لابد أن يتقبل هذا القضاء، وإذا كان الله قد اخذ ساقي، فقد عوضنى وفي نفس اللحظة بشيء بديل ولكنه سوف يظهر في يوم من الأيام. وان دورى هو البحث عن طاقاتى الكامنة الأخرى وتفجيرها بداخلى , وبفضل كلمات أبى تسلحت بالإيمان القوى بقضاء الله وقدره , ولم أتخيل نفسى أعيش باقى حياتى منزويا في احد أركان غرفتى ، ابكي ما اصابنى ، فشعلة الإيمان التي زرعها والدى في قلبى أنارت لى الطريق وبدأت استأنفت حياتى سريعا فانتهيت من دراسة المرحلة الإعدادية بتفوق , وتلتها المرحلة الثانوية, ثم التحقت بالجامعة لأدرس بكلية التجارة محملا بأحلام كبيرة فى أن أصبح معيدا فأستاذ بالكلية يوما من الأيام, وفى تلك الأثناء كان أبى قد احضر لى "موتسكيل" معاقين بثلاث عجلات, وكانت معاناتى كبيرة فى تصليح وصيانة "الموتسكيل" حتى انه لم يمر يوم دون أن أضيع ساعة أو أكثر فى صيانة "الموتسيكل " وتحطمت احلامى فى أن أصبح معيد بالكلية عندما رسبت فى العام الأول فى الكلية , وعندها تذكرت كلامات والدى فى أن ابحث عن طاقات جديدة كامنة داخلى أفجرها لأحقق ذاتى, فتقدمت باوراقى للتعيين فى إحدى الشركات كى احقق اكتفاء مادى لنفسى ,وفى نفس الوقت كان أبى قد انشأ ورشة صغيرة لصناعة السفن كنت أديرها له بكفاءة هذا بالإضافة إلى استكمالى دراستى بالكلية ووفقنى الله سبحانه وتعالى لان انجح فى إنجاز كل هذه المهام فى وقت واحد فقد حققت فى عملى تقدما واضحا شهد به كل رؤسائى واستطعت الحصول على بكالوريوس التجارة بتفوق , ونجحت ورشة أبى أكثر فأكثر
ساحة النقاش