الحاجة تبرر الوسيلة، والحاجة ملحة في ضمان استقرار أسري عند عمل الزوجة، فتواجدها في مقر عملها طيلة اليوم يحول دون رعايتها لأطفالها بشكل مستمر، الشيء الذي يستدعي تشغيل خادمة ترعى شؤون البيت ومن فيه، لكن الحدث الأبرز هو تشغيل خادمات أجنبيات والإستغناء عن الخادمات المحليات، لكن الوضع والحال سواء...وتبقى الكلمة راسخة "خادمات" سواء كانت أجنبية ام محلية... لكن مايدعو للتساؤل وهي الإشكالية التي تحتاج لجواب شاف ، لما يتم تشغيل خادمات أجنبيات يقمن برعاية بيوت بيوت بأكملها ،مقابل لقمة عيشهن وسد رمق الجوع وإعالة أسره وأهاليهن من الفقر والعوز في حين تقابل خدمتهن بسوط يلون أجسادهن بألوان مختلفة زرقاء وصفراء ونار ملتهبة تكوي أياديهن فتخلف بذلك حروقا تشوه أجسادهن النحيلة... فلبينيات وأسيويات يستقطبن من الخارج من طرف أسر عربية أغلبها غنية، قد يطرح السؤال لماذا الأجنبيبات عوض المحليات...؟ عوامل عديدة وأسباب كثيرة ترجح كفة تشغيل خادمات من الخارج بدل خادمات من نفس البلد، وذلك بغية استغلال وضعهن المادي وحاجتهن الملحة لكسب قوتهن اليومي دون شروط يفرضنها على مستخدميهن ومشغليهن كإعطائهن مقابل خدمتهن مبلغا شهريا محترما، ليضمن لهن العيش بكرامة دون حاجتهن لمد يد العون من الغير، لأننا نجد وللأسف في مجتماعاتنا العديد من الأسر، التي تستغل ظروف تلك الخادمات الأجنبيات الصعبة من عوز وفقر وحاجة ووجودهن في بلد غير بلدهن، وتكلمهن لغة مختلفة بالإضافة لجهلهن لتفاصيل البلد المستضيف، الشيء الذي يسهل على الأسر التي تشغلهن إمكانية توظيفهن دون عناء يذكر ودون تكاليف باهضة تفرضها الخادمات المحليات، كمبلغ شهري مناسب، بالإضافة حصولهن على إجازة وعطلة كل أسبوع ، ويقتصر عملهن على ساعات محددة كل يوم، في حين نجد الخادمات الأجنبيات تحرم من كل هذه الإمتيازات ويتم استغلالهن بأبشع الطرق ويتقاضين مبالغ زهيدة جراء خدمتهن، ويقمن بالعمل بشكل يومي دون توقف حتى تنحل أجسادهن وتصبح أشباه وأشباح أجساد... ومازاد الطين بلة هو العنف الجسدي والمعنوي الذي تتعرض له هذه الخادمات الأجنبيات ،من ضرب مبرح بالأيادي وبالعصي وبمختلف الأدوات والوسائل، لتترك على أجسادهن ملامح العنف الذي يتنافى مع صفة البشر والذي يلونها بألوان الطيف السبعة حتى أصبحت أجسادهن دون لون يعرفها ويعطيها هوية موحدة... تلك الخادمات اللواتي يحرمن حتى من الأكل ويعانين الأمرين سوء التغذية والضرب، ليصل جرم تلك الأسر المتحجرة لكيهن بالنار بسبب أو بدون سبب وحرمانهن من المأكل والراحة وأبسط حقوقهن كنساء وأفراد وأشخاص وإنسان له حقوقه التي يستحقها...
وقد صرنا نشاهد ونسمع بشاعة العنف والظلم والمعاملة السيئة، التي تتعرض لها تلك الخادمات، اللواتي جلبهن الفقر والحاجة والعوز ورغبتهن في كسب قوتهن بعرق جبينهن وإعالة أسرهن، إلى بلدان تأويهن و حلمن بأن تفرش لهن أرضها وردا وتغطيهن سماؤها دفءا لكن تذهب الرياح بما لاتشتهي السفن ،وهربن من براثن الجوع ليقعن في براثن الضرب والعنف فلم يسلمن من قساوة الأيام ليقسو عليهن بشر تحجر قلبه فصار للإنسانية لايحمل سوى الإسم، فتحملت ومازالت تتحمل تلك الأجساد وتمتص عنفا شديدا بدل حب يدغدغ الحرمان الذي يعتصرها ويرسم بداله بسمة دائمة... وللأسف قد يؤدي ذلك الضرب والعنف على أجساد نحيلة إلى موت محقق... فلماذا هذا الإستغلال لظروف وجهل وحاجة خادمات يبحثن عن عيش كريم ويحلمن بكسب مال يقتنين منه ضروريات الحياة ويعيلن أسرهن التي تنتظر لقمة حتى لو كانت جافة تسكت أصوات الجوع والحرمان والعوز المتعالية... فأين هي حقوقهن المغتصبة؟؟ أين هي حريتهن وحقوقهن الإنسانية فقد ولى عصر العبيد والجواري والتعذيب؟ اسئلة تحتاج لتنقيب عميق ولوقفة حاسمة لرد حقوق تلك الفئة من البشر خادمات أجنبيات مهما كانت التسمية الأهم أنهن إنسان نتقاسم جميعا في نفس الحقوق الإنسانية...