تشكل الكوارث البيئية التي تعزى أسبابها إلى زيادة انتهاكات الإنسان للطبيعة، احد اكبر الهواجس، بحيث أنها أصبحت تستخدم على مستوى المتنبئين الذين لطالما توقفوا أمام غرائب الطبيعة متكهنين بنهاية العالم.
النبوءة عادة، تحتل مستوى شائعا عند الناس، خاصة في الخطاب والتراث الديني للإنسانية، ولعل نبوءة نهاية العالم هي أكثر النبوءات الممتدة والمشتركة في التاريخ الإنساني، والتي أعيد إنتاجها مع اختلافات طفيفة في التفاصيل والصياغات والسياقات التاريخية، منذ فجر التاريخ وإلى عصرنا الحالي، بحيث يمكن تصور نموذج موحد لنبوءات نهاية العالم في التراث الديني للإنسانية على اختلافه.
من المفترض أن نبوءة نهاية العالم تقوم على أساس تقديم رواية ماضوية يقينية لأحداث المستقبل بحيث تصبح أقرب للماضي المتحقق منها إلى الغيب المجهول.. والمعنى اللغوي "النبوءة" قريب الصلة بما يجسده المفهوم؛ فالنبوءة في اللغة من نبأ، ونبأ الشيء نبأ ونبوءًا أي ارتفع وظهر، وتنبأ بالأمر أي أخبر به قبل وقته.. ومن معانيها "في المعجم الوسيط" الإخبار عن الشيء قبل وقته حزرًا وتخميناً.
وعلى ذلك، فيمكن تعريف النبوءة بأنها: رؤية المستقبل في صورة ماضوية متحققة ويقينية وليست غيبًا مجهولاً كما هو المفترض.
من الظواهر الجديدة للطبيعة، اختفاء النحل في مناطق عدة في العالم، كان آخرها في لبنان، إذ تبين أن أكثر من 40 من القفران في أكثرية المناطق تلفت و 20 منها ضعفت، والواقع أن السنوات الثلاث الأخيرة، شهدت ظاهرة ما سمى "القفران الفارغة"، حيث ظهرت هذه المشكلة في أمكنة متعددة في العالم، وشغلت بال المربين والعلماء.
بدأت القصة مع أحد النحالين في فلوريدا الأمريكية عام 2006 عندما اكتشف أثناء تفقده قفرانه "3000 قفير" أنها في أكثريتها فارغة، إلا من الملكة التي بقيت في انتظار عودة العاملات، وتوسعت الكارثة في كل الولايات المتحدة حتى وصلت إلى مليون ونصف مليون قفير خلال أشهر قليلة، وقد تزامنت هذه الحالة مع حوادث اختفاء للملقحات في كل من فرنسا واستراليا، دون معرفة هذا اللغز الذي سمي "تناذر انهيار المستعمرات".
احتار الخبراء والعلماء في تفسير هذه الظاهرة، لاسيما مع عدم وجود أية آثار أو دلائل تفسر ذلك، وقد وضعت احتمالات شتى من بينها إمكان أن تكون الموجات المشفرة المنبعثة من التلفون المحمول سببا للتشويش على النحل، مما يتسبب لها بالضياع وعدم إيجاد طريقها والعودة إلى القفران، والاحتمال الثاني هو اكتشاف فيروس الشلل الحاد "عام 2004"، الذي فتك بأعداد كبيرة من النحل في "منطقة الشرق الأوسط".
الظاهرة هذه، ذكرت احد المتنبئين بقول "انشتاين" والذي أشار إلى أنه "إذا اختفى النحل يوما ما عن وجه الأرض فلن يبقى للإنسان إلا عددا قليلاً من السنين: من دون النحلة، يصبح التلقيح محدودا، فتختفي النباتات ومن ثم الحيوان.. فيتأثر الإنسان بشكل حاد"، فخرج علينا في نبوءته، مستندا إلى العلم في هذه المرة.
يلعب تلوث البيئة، وانحسار المساحات الخضراء وانخفاض أعداد النباتات الغنية بالرحيق والانحباس الحراري، دورا إضافيا وأساسيا في ضعف النحل وانخفاض أعدادها. ومن المعروف أن النحل هو أكثر حساسية تجاه المواد المسممة من الذباب أو باقي الحشرات، من هنا، فإن كثيرا من العلماء والمختصين، يحذرون من ظاهرة تضاؤل أعداد النحل على الكرة الأرضية، مؤكدين أنها يمكن أن تترك تأثيرا على البيئة وعلى الحياة برمتها.
تلقب النحلة بأنها حارسة البيئة، إذ عندما تغيب عن منطقة ما، فإن ذلك يعني أن المنطقة ملوثة، ومع انتشار مناطق التلوث في شتى أنحاء العالم، فإن البعض يتنبأ بانقراض النحل، وبالتالي نهاية العالم، فهل يفعلها النحل بنا؟
ساحة النقاش