<!--<!--<!--
هل تعلمون أن القدرة علي النزول لصلاة العيد نعمة من الله؟ أيوه والله نعمة فعلاً قد لا نشعر بها عندما لا نُحرَم أو نكاد نُحرَم منها كما حدث معي اليوم.
كانت النية لدي الأسرة أن نصلي بمسجد أنس بن مالك لنصلي ثم نشاهد ذبح الأضاحي لدي الجزار المجاور للمسجد. وبالصباح شعرت ببعض التعب، وظللت أدعو الله أن يعافيني حتي أتمكن من النزول للصلاة. والحمد لله المجيب.
وفي الحقيقة أنا أحب الصلاة بمسجد مصطفي محمود لأنها تكون في الهواء الطلق ووسط جموع كبيرة من المسلمين (رغم بعض التحفظات).
ولكن لأنني تأخرت في الاستعداد للصلاة بسبب تعبي، فلم يكن الوقت يسمح بالصلاة في مسجد أنس بن مالك ولا في مسجد محمود.
فقررنا الصلاة في المسجد المجاور الذي كنت أصلي فيه في طفولتي. وبصراحة، كنت أتمني أن أصلي في مسجد محمود للاستمتاع بنسمات البكور الصافية.. ولكن مع ضغط الوقت، ومع تفضيل أمي للمسجد المجاور علي مسجد محمود استسلمت للأمر الواقع.
وما إن دخلت المسجد حتي شعرت بالفرق بين الهواء داخي مكان مغلق (ملحوظة: المسجد نظيف) وبين الهواء البارد النقي خارج المسجد. فظللت أصعد وأنزل السلالم باحثة عن مكان جيد التهوية وفي نفس الوقت في وسط الناس لأن التواجد وسط الناس يضفي علي الصلاة جواً آخر من السعادة. وأخيراً قررت الجلوس علي السلم بجوار الشباك، فهو مكان أفضل تهوية من داخل المسجد وفي نفس الوقت ليس منفصلاً عن الناس.
جلست أردد التكبيرات (التي أعشقها) وأنظر من الشباك أتأمل الأشجار وأشاهد المصلين وهم يدخلون المسجد. وأثناء ذلك، راودتني نفسي أن أنزل وأجلس بحديقة المسجد ولكنني تراجعت لأنها كانت خالية تماماً فشعرت أن شكلي سيكون مستغرباً، ثم رأيت خدام المسجد يفرشون الحصير في الحديقة فقلت في نفسي: لعل المكان المخصص للرجال ضاق بهم ففرشوا الخصير لاستيعاب الأعداد الزائدة من المصلين، ثم رأيت مجموعة من النساء دخلوا المسجد ولأنني أجلس علي السلم فلابد أن تمر عليً كل امرأة تدخل المسجد ولكنهن لم يصعدن، فقلت: لعلهن ذهبن للصلاة في دار المناسبات. وبعد ذلك رأيت إحدي النساء الداخلات إلي المسجد تنظرنحو الحديقة وتوميء برأسها وتشاور بيديها... فمددت رأسي لأري من توميء له (فضول بأي معلش :))) فوجدت مجموعة النساء اللاتي دخلن منذ قليل يجلسن في الحديقة.
سعدت جداً وقررت النزول للحديقة. وكانت الصلاة في جو مختلف عن الصلاة في كل سنة: فأنا أصلي لا في الهواء الطلق فحسب ولكن وسط الخضرة، وشعرت أنني وسط الناس وفي نفس الوقت أجلس في هدوء.
أخذت أشاهد الناس وهم يدخلون، فمنهم من يمشي بنشاط ومنهم من يمشي بكسل، ومنهم من يجري ومنهم من يسير الهويني.. وأخذت أتأمل الأشكال والألوان المختلفة لأوراق الأشجار، ومن الأوراق التي لفتت انتباهي جداً ورقة شجر علي شكل قلب.. فقلت: سبحان الله.. إن الإبداع لا حدود له!
وبعد الصلاة، تمكنت من الاستماع إلي الخطبة وهو الشيء الذي لم أستطع فعله لمدة سنوات للزحام أو لعدم وضوح الصوت.
وتمنيت لو أنني أستطيع أن أستلقي بظهري في هذا الجو الرائع، فرفعت رأسي ونظرت إلي السماء لأري المنظر الذي كان يمكن أن أراه وأنا مستلقية، وكان مشهداً بديعا يبعث علي السكينة والهدوء.. مشهد السماء الصافية.. لعله مشهد طبيعي ولكنها قد تكون أجواء العيد وأجواء الصلاة وأجواء الأيام المباركة من عشر ذي الحجة الأوائل التي أحدثت هذا الفرق.
ثم عدنا إلي المنزل وتناولنا الشاي باللبن :)
وهكذا كانت صلاة العيد هذا العام مختلفة جداً، وجميلة جداً.. والحمد لله الذي أعاننا عليها ويسرها لنا، ونسأله ألا يحرمنا إياها ولا يحرمنا فضلها.
والحمد لله الذي منح عقلي المرونة ليري الجمال ولا يتوقف عند التحسر علي ما كان يتمناه ولم يرده الله له.
وكل عام وأنتم بخير :)
ساحة النقاش