كنت أتصفح موقع محيط فوجدت فيه مقالا يتحدث عن الحجاب والنقاب ورأيه فيهما (لا أدري بأي وجه يحق لأي إنسان أن يعبر عن رأيه في شرع الله). فضغطت علي الرابط لقراءته كاملا.
ملخص رأيه أن الحجاب أصبح الزي الشعبي للفقيرات، وأن النقاب يهين المرأة ويمنعها من المشاركة في الحياة، وأن معظم العشيقات علي النيل من المحجبات، وأن ملابس المحجبات مثيرة وهي أشياء لا يرضاها الإسلام. كذلك، إن الله خلق الإنسان جميلا وعليه أن يظهر هذا الجمال! هذا عن رأيه في الحجاب. وعن رأيه في ربط السياسة بالدين، فهو لا يريد أن يلوث الدين بالسياسة! كما أعرب السيد الوزير عن انبهاره بالحضارة الأوروبية، وأن الرجل الشرقي أناني لأنه لا يرضي أن تظل زوجته خارج البيت طوال النهار بسبب العمل.
وأود أن أرد علي السيد الوزير في النقاط التالية:
أولا، الحجاب ليس زيا لطبقة بعينها دون طبقة أخري، ولكنه زي المسلمة بغض النظر عن مستواها الاجتماعي أو المادي، وانتشاره بين الفقراء لا يعني أنه الزي الشعبي للفقيرات. فهؤلاء الفقيرات لا يرتدينه لأنهن فقيرات ولكن لأنهن مسلمات. وكما أن هناك هناك فقيرات محجبات، فإن هناك محجبات من الطبقات المتوسطة والغنية أيضا.
ثانيا، ليس من حق أحد أن يهاجم النقاب، فقد أبدي أهل الذكر رأيهم في هذه المسألة -وأهل الذكر في مثل هذه المسائل هم الفقهاء ولا أحد غير الفقهاء- فقال بعضهم بوجوبه باعتبار أن وجه المرأة عورة في رأيهم، الذي استندوا فيه علي أدلة من الشرع. وقال فريق آخر بعدم وجوبه باعتبار أن وجه المرأة ليس عورة ، معتمدين في ذلك أيضا علي أدلة شرعية. إذن هي مسألة خلافية، ولا إنكار في المسائل الخلافية ولكن الإنكار في المتفق عليه. وعلي ذلك، فعلي كل فريق أن يعمل بالرأي الذي يناسبه، وفي نفس القت يحترم الرأي الآخر ومن يعمل به احتراما كاملا. ولا يمنع النقاب المرأة من المشاركة في الحياة، فمن حقها أن تعمل، وتتعلم، وتتنزه وتمارس حياتها بشكل طبيعي جدا. وكفانا جدال في هذه المسائل الخلافية ولنلتفت إلي ما يهم الأمة.
ثالثا، كون أن معظم العشيقات علي النيل من المحجبات لا يعني أن الحجاب هو السبب. فالمشكلة هي في التربية وضعف الوازع الديني. وإذا سرنا علي المنطق الذي يسير عليه السيد الوزير، لقلنا لا داعي للصلاة ولا داعي لصيام رمضان لأننا نري الصائمين يسبون ويتشاجرون، فهل المشكلة في الصيام أم في عدم فهم الصائمين لحكمة الصيام؟ وكذلك سوء سلوك بعض المحجبات. وكما أن هناك بعض المحجبات سيئات السلوك، فإن بعضهن أيضا علي خلق.
رابعا، أتفق أن ملابس بعض المحجبات مثيرة، ولكن المشكلة ليست في الحجاب ولكنها في المحجبات. والصواب أن الرجال يعرفون بالمباديء ولا تعرف المباديء بالرجال. فإذا عدنا إلي الدين الإسلامي، لوجدنا أن شروط الزي الشرعي للمرأةالمسلمة ألا يصف ولا يكشف ولا يشف. وبالطبع، فإننا نري ملابس الكثيرات –للأسف- لا تتفق وهذه الشروط، ولكن المشكلة في عدم الالتزام بالمعايير، لا في المعايير أو الشروط نفسها. وإذا قلنا بإلغاء الحجاب لعدم التزام البعض بشروطه، فهل يمكننا أن نبيح القتل مثلا لانتشاره؟!
خامسا، بالطبع خلق الله الإنسان جميلا، ولكن هذا الجمال يتم إظهاره بمقادير محددة تختلف حسب الشخص الذي سيتم إظهار هذا الجمال له، وإلا انقلب الأمر إلي فوضي.
سادسا، ديننا الذي شرعه الله جاء لينظم حياتنا كلها، ولماذا يفترض أن يتلوث الدين بالسياسة.. أليس من الممكن أن ينظف الدينُ السياسةَ؟؟
سابعا، من المؤكد أن بعض جوانب الحضارة الأوروبية مبهرة، ولكن حضارتنا الإسلامية لا تقل إبهارا عنها، إن لم تزد عليها.. ولننبهر لا ينقصنا إلا أن نعلم.
وأخيرا، كون أن الرجل الشرقي لا يقبل أن تتركه زوجته طوال النهار بسبب عملها وأنه يريدها أن تخصص وقتا لبيتها هو أمر طبيعي جدا وليس أنانية. لماذا تزوج إذن؟ وأليس دور المرأة كزوجة وأم هو من أهم أدوارها في الحياة؟ إن هذه المرأة الزوجة والأم هي صانعة الأبطال، وراجعوا تاريخ الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي، وإديسون، وغيرهم وغيرهم...
ساحة النقاش