ظللت أتلفت حولي وأنا أمشي فيها... ظللت أتلفت كالسائحة ولست بالسائحة... ظللت أتلفت وأتذكر. هل تذكرين يا هدي؟ هل تذكرين عندما أتيتِ إلي هنا منذ سنوات بعد الحصول علي الثانوية العامة ولك هدف واضح هو الالتحاق بكلية الإعلام، قسم الصحافة لتعملي كصحفية؟ ومع إنني حدت عن هذا الهدف إلي غيره (حيث إنني التحقت بقسم العلاقات العامة والإعلان، واتجهت إلي مجال التدريب)، إلا أنني أسأل نفسي الآن: هل كان اختياري الأول هو الأنسب؟!

لعلكم عرفتم المكان.. جامعة القاهرة، فقد ذهبت اليوم إلي الكلية لاستخلاص بعض الأوراق. ولأن المواصلات التي أستقلها إلي الجامعة توصلني عند الباب الرئيسي للجامعة، ولأن كليتي تقع في الطرف الآخر من الجامعة بجوار محطة المترو، فقد أتاح ذلك لي الفرصة أن أتمشي وأتذكر. وإنني لأستمتع حقا بهذه التمشية منذ أن كنت طالبة بالكلية.

أخذت أتذكر عندما حصلت علي الثانوية العامة وجئت إلي الجامعة مع أمي حيث ذهبنا إلي كليتي الاقتصاد والعلوم السياسية، والإعلام، لنسأل الطلاب عن طبيعة الدراسة في الكليتين... أخذت أتذكر عندما كنت أمشي في هذا الطريق وأنا طالبة، في الصباح الباكر، أسرع الخطي كي أحضر المحاضرة (طبعا كان هذا في السنوات الأولي :)

تذكرت الحرب الأمريكية علي العراق، وتذكرت عندما كنت أشتري جريدة الأهرام في الصباح وأنا ذاهبة إلي الكلية لأطالع أحدث تطورات الأمر، ثم مررت من أمام المكتبات.. نعم هذه المكتبات التي كنت أشتري منها الكشاكيل والكتب.

أنا الآن أمشي والمكتبة المركزية في مواجهتي، المكتبة المركزية التي كانت تحت الإنشاء قبل سنوات قد اكتمل بناؤها. وفي هذا المكان بالذات، تذكرت مشيتي: مفرودة القامة، سريعة الخطي، ناظرة أمامي ..فامتلأت بالنشاط، وأسرعت في مشيتي، ولا أدري لماذا تذكرت نفسي وأنا أرتدي التونيك الكركمي (نسبة إلي الكركم في لونه)، والبنطالون الهافان، وأحمل حقيبتي علي ظهري، قد يكون لأني كنت أحب هذا اللبس.

وعندما مررت بجوارالمكتبة المركزية، تذكرت العمال الذين كانوا يعملون بهذا المكان، وتذكرت يوم أن نزلت من بيتي بماء مثلج في الصيف، فأعطيت أحدهم إياه. شعرت بالسعادة عندما تذكرت ذلك، ثم كادت بعض الذكريات المؤلمة تتوارد علي خاطري فدفعتها لأنني لا أريد أن أفسد علي نفسي هذه اللحظات.

اقتربت من كليتي أكثر.. آراها أمامي الآن.. أخذت أنظر حولي، إلي الدكك التي كنت أجلس عليها مع صديقاتي، ثم نظرت إلي أعلي.. إلي الشبابيك.. هذه الشبابيك التي كنا نطل منها بين المحاضرات..

اقتربت من السلم المؤدي إلي داخل الكلية، هأنذا سأضع قدمي علي أول درجة منه.. هذا السلم الذي كنت أجلس عليه ... لا لا، هكذا قلت لنفسي، فلم أكن من محبي الجلوس علي السلم، ولكنني كنت أقف هنا علي أعلي درجة من السلم وأتفرس الواقفين لأبحث عن فلان أو علان.

دخلت إلي الكلية، هذه الكراسي التي كنت أجلس عليها في انتظار الدكاترة أحيانا... ثم نزلت السلم متوجهة إلي شئون الخريجين، وما إن اقتربت من الغرفة حتي تذكرت مدام آمال، إحدي الموظفات المحنكات.

دخلت الغرفة، فتوقفت عن تذكر الماضي وانتقلت إلي الحاضر كي أنهي المصلحة التي أتيت من أجلها...

  • Currently 94/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 330 مشاهدة
نشرت فى 7 مايو 2010 بواسطة hoda-alrafie

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

50,724