كانا في ثلاجة واحدة لا يفترقان ليلا أو نهارا إلا عندما يخرج أحد اللبن ليشرب منه ثم يعيده، ولكنهما لم يكونا متجاورين: فقد كان اللبن بالرف الأعلي للحفاظ عليه من الفساد، وطبق القراولة في الرف الأسفل حتي لا تتجمد.
ظلا زمنا يتوقان إلي التحدث مع بعضهما، فكانت الفرولة تنظر إلي اللبن وتقول: يالصفاءه! وينظر هو إلي حمرتها ويقول: يالجمالها!
ظل اللبن يسأل نفسه: هل ستقبل صداقتي؟ وظلت الفراولة تقول لنفسها: لو يأتي إلي جواري حتي أستطيع التعرف عليه!
كل يوم يخرج اللبن مرات ومرات، ويعود كل مرة وقد نقصت كميته عما كانت عند خروجه. وفي كل مرة، يقول: سينتهي عمري قبل أن نكون أصدقاء. كادت حياته أن تنتهي، كما أوشكت حياتها علي الانتهاء أيضا.
وفي آخر يوم من حياة اللبن، فتحت صاحبة المنزل الثلاجة وبيدها الملعقة، تناولت علبة اللبن، وفتحت الغطاء، وأفرغت آخر قطرات في العلبة علي الملعقة، وكانت جميع الفراولات ينظرن يائسات إلي قطرات اللبن الأخيرة وهي تتحدر علي الملعقة. وفي هذه اللحظة الحاسمة، قالت إحداهن لنفسها: الفرصة مازالت موجودة، فقفزت علي الملعقة!
تعجبت السيدة من هذا التصرف الغريب من حبة الفراولة، وتعجبت أكثر عندما رأت اللبن وقد قفز من الفرحة، وسمعت هتاف الفراولات اللاتي مازلن في طبق الفراولة وهن يهتفن بصديقتهن المبادرة سعيدات بما فعلت.
وقد كانت هذه السيدة رقيقة الحس، فقررت أن تترك قطرات اللبن الأخيرة مع حبة الفراولة المبادرة ليتعرفا علي بعضهما.
فماذا قالا لبعضهما يا تري ؟؟
ساحة النقاش