ولو أن القزبر اعتاده الناس كنبات للنكهة والطبخ وتزويق الأطباق، أو خضرة ورقية، فهو يعطي حبوبا لما ينضج تصلح كذلك للاستعمالات الغذائية الواقية أو الحافظة من بعض الأمراض، وحبوب القزبر تكون مدورة وجوفاء من الداخل ولا تحتوي على لب، ولا أي شيء داخلي، ووزنها خفيف جدا نظرا للمكونات التي تحتوي عليها، لكنها مفيدة جدا لأهميتها، وربما يحتقرها المزارعون لأنها خفيفة الوزن، ولا تصلح للأكل بل كانوا يعتبرونها من الحبوب التي لا تصلح إلا للبيع والحصول على بعض المال فقط. ولم يكن استهلاك هذه الحبوب معروفا في الوسط الريفي إلا ناذرا، لأن ليس فيها ما يستهلك، فهي لا تحتوي على دقيق، ولا على أي شيء، وإنما تكون الحبوب على شكل غلاف أو قشور تكون حبة فارغة من الداخل أو جوفاء.
والقزبر هو نبات موسمي يزهر في بداية فصل الربيع، ويعطي زهرة يرعى عليها النحل، وقد يعطي عسلا أسودا من أرفع أنواع العسل. والذي قد يصلح لضبط بعض الوظائف الفايزيولوجية، لأنه يحتوي على مركبات طيارة وفيتوستروجينات. ويلاحظ أن القزبر له رائحة قوية أثناء فصل الربيع، لكنه لا يكاد تكون له رائحة خارج هذا الفصل، ولذلك يستحسن استهلاك الحبوب بدل الأوراق خارج فصل الربيع.
والقزبور رغم بساطته البنيوية وشكله الغريب، فإنه من الحبوب الطبية الممتازة، وقد حير الباحثين من حيث التركيب فهو لا يحتوي على مكونات متنوعة، وإنما ألياف خشبية ومنغنيز وحديد ومغنيزيوم، وربما بعض الهرمونات أو المكونات الأخرى التي يصعب تحليلها، وقد بدأت بعض الدراسات تكتشف خصائص هذا النبات العجيب الذي ظل يقترن بطرده للجن لدى بعض الناس، إذ كانت النساء تحرق حبوب القزبر لما يبكي الأطفال ليلا، أو مع غروب الشمس لطرد الجن وجعل الطفل ينام. وهو طبعا شيء يرتبط بخاصية القزبر الكيماوية أكثر ما يتعلق بخاصيته الميطافيزيقية. فالقزبر لما يحرق تتبخر الزيوت والمركبات الطيارة، والتي يتسنشقها الطفل فتساعده على النوم والاسترخاء فقط، وليس لأنها تطرد الجن. وربما كانت هناك حالات من الربو يختنق فيها الطفل، ثم تظن النساء أنه جن، فتعمد إلى حرق القزبر، وطبعا لما يستنشق الطفل هذه المركبات التي توجد في القزبر يرتاح كما لو استعمل بخاخ الربو فقط.
من المزايا الصحية الهائلة للقزبر أنه يضبط السكر بالدم، وقد كان يعرف القزبر في القديم بدول أوروبا بالحافظ من السكري، رغم أن أوروبا ليس لديها قزبر، لأنه لا ينبت في البلدان الباردة. ونجد أن الطب الهندي استعمله كمزيل للألم وكمسكن للالتهابات، وبدأ يستعمل في أمريكا كمخفض للكوليستيرول نظرا لاحتوائه على ألياف خشبية من نوع خاص، وربما تكون بعض المكونات الهرمونية كذلك داخلة في هذه الخاصية.
القزبور أو الأنسولين النباتي
يؤدي استهلاك حبوب القزبر إلى تنشيط وتسهيل إفراز الأنسولين في الجسم، ويجب أن تطحن حبوب القزبر أثناء تناولها، لأنها إذا طحنت قبل ذلك تفقد قوتها العلاجية. وخاصية تحفيز إفراز الأنسولين من الخصائص الفايزيولوجية المهمة بالنسبة للجسم. وقد لاحظ الباحثون أن استهلاك القزبر له علاقة كذلك بخفض المكونات التأكسدية الخبيثة على مستوى غلاف الخلايا، وهي التأكسدات التي تؤدي إلى سرطان. والمعروف كذلك عن حبوب القزبر أنها تخفض الكوليستيرول بسرعة فائقة لكن مع حمية مضبوطة، ويعزى هذا الحادث إلى الألياف الخشبية التي يحتوي عليها القزبر بنسبة عالية.
المكونات الأوستروجينية
يحتوي القزبور على فيتوستروجينات طبيعية تجعله يرقى إلى مادة علاجية أكثر من مادة غذائية، وتكون هذه المكونات على شكل مركبات طيارة أو متبخرة متنوعة جدا، لأن اللائحة طويلة ومنها الكارفون والجيرانيول والليمونين والبورنيول والكامفور والإليمول واللينالول. كما أن القزبر لا يستهان به من حيث الفلافونويدات المتنوعة كذلك ومنها الكويرستين والكيمفيرول والرامنتين والإبجينين، وكمية كذلك من البوليفينولات ومنها حمض الكافيك وحمض الكلورجينيك. وتعمل هذه المكونات كمحفزات وكضوابط للأنزيمات والهرمونات داخل الجسم ومنها هرمون الأنسولين، والهرمونات التناسلية، ونلاحظ أن تركيب القزبر الكيماوي يقترب من كونه دواء، لأن الألياف والمعادن مثل الحديد والمنغنيز والمغنيزيوم، تعمل مع الجهاز الهرموني وتحكم الاستقلاب أكثر من أي دواء. فتناول الفيتوستروجينات مع الألياف الخشبية والمعادن التي ذكرنا يجعل التأثير على الوظائف بشكل مضبوط، ويتحقق ما يمكن للقزبر أن يعمله كالزيادة في إفراز الأنسولين، وخفض الكوليستيرول عبر الألياف الخشبية التي تشد الصفراء المنحدرة من المرارة ليستنفد الجسم الكوليستيرول الموجود في الدم.
ويمتاز القزبر بخاصيته الكابحة للجراثيم وخصوصا العصيات السالبة Gram negative bacteria ويعرف القزبر بقضائه على عصيات حمى التايفويد. وقد شخص بعض الباحثين مكون الدوديسنال، وهو المكون المضاد لجرثم حمى التايفويد أو السالمونيلا. وتبين الأبحاث أن قوة الدوديسينال أكثر من قوة الجانطمسين بثلاثة أضعاف.
ساحة النقاش