استعمل البصل مند 1552 سنة قبل الميلاد في تحنيط الفراعنة ومنح الطاقة لبناء الأهرامات. والبصل من أقدم الخضر التي عرفها الإنسان، وهي الخضرة التي تنبت في كل بقاع العالم وتتحمل الطقس البارد والحار على حد سواء. أما أصوله التاريخية فتعود إلى عصور سحيقة، فقد اكتشف نبات البصل مدونا ب "بردية إيبرز" الفرعونية عام 1522 قبل الميلاد، والتي تعد أقدم الدساتير للأدوية، وقد سميت باسم جورج إيبرز عالم الآثار الألماني الذي اشتراها من أعرابي وجدها بين ركبتي مومياء مدفونة في إحدى مقابر طيبة، كما عثر الأطباء على بصلتين في جثة رمسيس الثالث، الأولى كانت موضوعة في تجويف العين والأخرى تحت الإبط الأيسر، وكان البصل من الحصص اليومية التي تصرف لعمال بناء الأهرامات لمنحهم القوة والصحة لاستكمال البناء. كل هذه المعطيات التاريخية تدل على أن للبصل فوائد جمة اكتشفها الإنسان مند القدم.

تشترك الخضر في كثير من العناصر، ويمتاز بالمقابل كل نوع منها بميزة غذائية وطبية معينة. والبصل الأحمر أحد هذه الخضر التي يعرف الجميع أنها تسيل الدموع من أعين ربات البيوت. والبصل لا يستعمل كخضرة أساسية في الطبخ العربي وإنما يستعمل كخضرة ثانوية لتنويع الطبق، لكنه يستهلك طازجا على شكل سلطات وأهميته طازجا أكثر من أهميته مطبوخا. ويستحسن أن يستعمل البصل الأحمر كخضرة أساسية بمعنى يجب استهلاكه بكثرة.


أما فوائد البصل فلا تحصى ولا تعد، فالبصل أصلا يستعمل للدواء أكثر من الغذاء، وقد اكتشف البصل قديما في الطب الطبيعي وكان يوصف لخفض الحمى وعلاج الأنفلونزا والسعال الديكي والتهاب الرئة والتعفنات والإسهال وسل الكبد والتهاب المرارة، وما أضافه الطب الحديث الذي برهن على هذه النتائج هو المكونات الكيماوية مثل السولفيدات، وهي عبارة عن زيوت طيارة تحوي على مركبات الكبريت المسؤولة عن تهييج إفراز الدموع، ويحتوي البصل على مادتي الفولاسين والكليكونين اللتان لهما مفعول الأنسولين بالنسبة للمصابين بداء السكري. هذه هي العناصر التي ينفرد بها البصل عن باقي الخضر، بالإضافة إلى مادتي الدياستيز والأوكسيديز وهما مادتان ملينتان للجهاز الهضمي والمقوتان للأعصاب. والأهم أن البصل يحتوي أيضا على هرمونات لها مفعول تماما كالهرمونات الجنسية الموصوفة طبيا، وفعالية البصل مضمونة لعلاج سرطان البروستات كما يمنع تكون الكوليستيرول في الدم، ويساعد على التخلص من الاضطرابات البولية خصوصا عند الأطفال.


أما أنواع البصل فعدد بتعدد المناطق وكذلك بعض العوامل البيئية، ولو أن هذه الأنواع تختلف في اللون والحجم والمذاق والشكل فإن المكونات تقترب من حيث الطبيعة والتركيز. والنوع المفضل هو البصل الأحمر خصوصا المسطح منه، وهناك أيضا البصل الأصفر والأبيض، وقد مال المنتجون إلى الصل الأفر نظرا للمردودية العالية الناتجة عن الكل لضخم الذي يأخذه هذا النوع من البصل ولم نكن نعرف في القديم البصل الأصفر، وتناول ابصل طازجا أحسن من تناوله مطهيا، وتكون الاستفادة أكبر لما يستهلك البصل على شكل عصير بطحن البصل مع الماء ثم تصفيته وشربه، أو الاكتفاء بنقع البصل في كوب ماء وتركه ساعتين ثم شربه فمفعوله مضمون على الحمى. عصير البصل الممزوج بالعسل يعالج أيضا نوبات الربو بطرد البلغم من الشعب الهوائية، الذي يتسبب في ضيق هذه الشعب وهو ما ينتج عنه صعوبة التنفس وحدوث أزمات الربو.


وإنتاج البصل سهل للغاية ومردوديته مضمونة، ولا يعاني إنتاج البصل في جل الدول المنتجة من أي مرض، وحتى بعض الفطريات التي تفسد البصل لا تصيب المستهلك ومردوديته عالية، والغريب لا يحتاج حتى إلى التربة لإخراج الأوراق إذ يمكن أن يخرجها وهو معلق في البيت إلا أنها بالمقابل خضرة عنيدة لأنها لا تنتج في غير موسمها بين مارس و ماي، ولو في الدور الزجاجية أو في مكان آخر، فالبصل يخرج فقط في موسمه، أما خارج هذا الموسم فنحن نأكل بصلا مخزنا، وهو يخزن في مناخ جاف بعيد عن المدن الساحلية إذ يوضع في عرائش ويغطى بالتبن ويخطى بالطين ليحفظ من الرطوبة. ولحسن الحظ أن البصل يحتفظ بنفس المكونات ولو كان مخزنا.


وقد بينت الأبحاث المخبرية أن البصل كابح للجراثيم وقد توصل الباحث الروسي (توكين)، الذي درس  150 صنفا من النباتات، إلى أن البصل أقوى من كل هذه الأصناف على إبادة الجراثيم. كما اكتشف الطب الحديث في أمريكا في الآونة الأخيرة مادة الكيرستين الموجودة في ثماني خضر من جملتها البصل، هذه المادة استخرج منها دواء يستعمل في طب الهوميوباتي، ومجموعة الأدوية المستخرجة من هذه المادة توجد فقط في الصيدليات الأمريكية وبعض الدول الأخرى. أشير أيضا إلى أن مادة الكيرستين توجد كذلك في أورق كثير من الأشجار وأكثرها شجر البلوط .


وليس للبصل أية أضرار إطلاقا ولا أي آثار جانبية وأنصح النساء في البداية بعدم الانسياق وراء النكهة وجمالية الأطباق المطبوخة، فبعض النساء يقبلن على طهي البصل الأبيض رغم أنه غال الثمن وبعضهن لا تحب البصل الأحمر لأنه يأخذ لونا أزرق أتناء الطبخ رغم أنني أعيد أنه هو الأهم في التغذية السليمة. ولتفادي الدموع يمكن تقشير البصل تحت الماء. والبصل لا حفظ في الثلاجة، لأن المواد الطيارة الموجودة فيه تمتصها المواد الغذائية الأخرى المتواجدة في الثلاجة وعلى رأسها اللحم والحليب، أما خارجها فلا خوف على البصل ويمكن أن يبقى مقشرا لأنه لا يحتوي على البوليفينولات مثل البطاطس والخرشوف التي تجعل لون هذه الخضر يميل إلى السواد بعد التقشير، وعلى العموم يستهلك أيضا مجففا.

hedralandscape

....

  • Currently 112/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
37 تصويتات / 1168 مشاهدة
نشرت فى 20 أغسطس 2010 بواسطة hedralandscape

ساحة النقاش

شركة هيدرا لاعمال اتصميم الحدائق

hedralandscape
»

البحث في الموقع

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,107,710

Sciences of Life


Sciences of Life