حكم قول: (الله ورسوله أعلم) (دراسة تأصيلية فقهية)
 عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
 بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
 فهذا بحث موجز في قول القائل: (الله ورسوله أعلم) بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ومما دفعني للكتابة في ذلك ما رأيته من تشدد من قبل البعض في النهي عن ذلك, حتى كأن أهل العلم مجمعون على ذلك, مع أن أهل العلم على مر الزمان قد جَرَوا على ذلك قولا وعملا, وقد درج على ذلك السلف ومن بعدهم من أهل العلم, ولم يخالف في ذلك إلا بعض المتأخرين كما سنرى إن شاء الله
 وقد جعلت الموضوع في مباحث:
 المبحث الأول: بعض من ورد عنهم فعل في ذلك
 المبحث الثاني: من أقوال أهل العلم في مشروعية ذلك
 المبحث الثالث: ذكر من نهى عن ذلك
 المبحث الرابع: ذكر أدلة من قال بالمشروعية وأدلة من نهى عن ذلك
 
 المبحث الأول:
 بعض من ورد عنهم فعل في ذلك
 في مستدرك الحاكم [3 / 625 ] : (عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلا هذه الآية (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات) فسأل عنها القوم، وقال: « فيما ترون أنزلت: (أيود أحدكم أن تكون له جنة..)؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم، فغضب عمر وقال: «قولوا: نعلم أو لا نعلم»)اه قال الحاكم عقبه: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين).
 فقد قالوا: الله ورسوله أعلم, وإنكار عمر ليس هو لأجل ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر, وإنما يريد منهم أن يجيبوا إن كان عندهم جواب أو يقولوا: لا نعلم الجواب, إن لم يكن عندهم الجواب, فلو قالوا: الله أعلم, فحسب لأنكر عليهم أيضا كما ورد في رواية البخاري أنهم قالوا: الله أعلم, وهذا رأي لعمر رضي الله عنه قد خالفه عمل الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده وعمل الأمة جميعا فإنهم يقولون جميعا: الله أعلم أو الله ورسوله أعلم
 وفي سنن الترمذي (ج8/ص51) والقضاء والقدر للبيهقي (ج1/ص482): (عن عبد الواحد بن سليم قال قدمت مكة فلقيت عطاء بن أبي رباح فقلت: له يا أبا محمد إن أهل البصرة يقولون في القدر, قال: يا بني أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم, قال: فاقرأ الزخرف, قال: فقرأت: {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}
 فقال: أتدري ما أم الكتاب؟ قلت: الله ورسوله أعلم, قال: فإنه كتاب كتبه الله قبل أن يخلق السماوات وقبل أن يخلق الأرض)اه
 وفي المعجم الأوسط للطبراني (ج 9/ص 284) : (عن عمرو بن الحمق... فلما وقعت الفتنة، ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففررت من آية النار إلى آية الجنة، وترى بني أمية قاتليَ بعد هذا؟ قلت: الله ورسوله أعلم ...) اه
 وفي السنة لمحمد بن نصر المروزي (ج1/ص48): (عن زاذان أبي عمر قال: قال علي: يا أبا عمر أتدري على كم افترقت اليهود؟ قال : قلت: الله ورسوله أعلم، فقال: افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية والنصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة هي الناجية ، يا أبا عمر أتدري على كم تفترق هذه الأمة ؟ قلت: الله ورسوله أعلم... ) اه
 وفي نيل الأوطار أيضا (ج 13 / ص 195): (قال ابن العربي: إن توقف فيه متشرع قلنا له: الله ورسوله أعلم وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة) اه
 وفي كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (ج 1 / ص 916): (ويكون تخصيص موسى بالذكر دون غيره من الأنبياء لأنه أول نبي جاء بالتكاليف الشديدة وهذا وإن احتمل فالأول أولى لكونه حقيقة والله ورسوله أعلم بالمراد) اه
 وفي الكشكول للبهاء العاملي (ج 1 / ص 212): (قال بعض المحدثين في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم " الشقي من شقي في بطن أمه " : إن المراد -والله ورسوله أعلم- إن الشقي من كان في النار، أي الشقاء الأعظم ذاك وكل شقاء سواه، فبالنسبة إليه ليس بشقاء.) اه
 وفي المخصص لابن سيده (ج 3 / ص 214): (وعلى المذهب دُعي علي بن أبي طالب -صلوات الله عليه- بأبي تراب وذلك لأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم رآه راقداً في التّراب فناداه: يا أبا تراب, وقد ذهب قوم إلى أنه كُني أبا تراب على المعنى الأول، والله ورسوله أعلم) اه
 وفي سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي للعصامي (ج 1/ص 320): (فلما كان يوم الفتح، أسلموا كلهم، لما كان قد تمهد لهم من الميل، وكانت العرب غير قريش في البوادي؛ قال الله تعالى: "إِذَا جَاءَ نصرُ الله وَالفَتحُ وَرَأيت الناسَ يَدخلوُنَ في دِينِ الله أفوَاجاً" فالله ورسوله أعلم )اه
 وفي مقدمة ابن خلدون (ج1/ص16): (وتبقى في أسفل ذلك الجانب قطعة من بلاد الصين فيها مدينة شيغون، ثم تتصل بلاد الصين في الجزء العاشر كله إلى البحر المحيط، والله ورسوله أعلم) اه
 وفي مقدمة ابن خلدون أيضا (ج1/ص66): (وهذا حال بني برمك، إذ المنقول أنهم كانوا أهل بيت في الفرس من سدنة بيوت النار عندهم، ولما صاروا إلى ولاء بني العباس لم يكن بالأول اعتبار، وإنما كان شرفهم من حيث ولايتهم في الدولة واصطناعهم. وما سوى هذا فوهم توسوس به النفوس الجامحة ولا حقيقة له والوجود شاهد بما قلناه. و" إن أكرمكم عند الله أتقاكم " والله ورسوله أعلم)اه
 وفي إعلام الموقعين عن رب العالمين (ج2/ص 419): (فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن } يريد - والله ورسوله أعلم - بكتاب الله قوله تعالى: {ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله}) اه
 وقال ابن القيم في نونيته:
 (واللهُ أعلم بالمراد بقوله ورسولُهُ المبعوث بالفرقان) اه
 وفي التحرير والتنوير لابن عاشور (ج2/ص315): (وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه شَهْراً، قيل: لمرض كان برجله، وقيل: لأجل تأديبهن؛ لأنهن قد لقين من سعة حلمه ورفقه ما حدا ببعضهن إلى الإفراط في الإدلال، وحمَل البقية على الاقتداء بالأخريات، أو على استحسان ذلك والله ورسوله أعلم ببواطن الأمور!) اه
 
 المبحث الثاني:
 من أقوال أهل العلم في مشروعية ذلك
 في العلو للعلي الغفار للذهبي (ص107): (من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله ورسوله أعلم)اه وفي إعانة الطالبين للدمياطي (ج4/ص123): (ويسن لمن سئل عما لا يعلم: أن يقول: الله ورسوله أعلم.) اه
 وفي تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي (ج1/ص223): (ومما يؤيده أيضا قولهم: يسن لمن سئل عما لا يعلم أن يقول: الله ورسوله أعلم) اه
 وفي نيل الأوطار للشوكاني (ج 8 / ص 40): (قوله : ( الله ورسوله أعلم ) هذا من حسن الأدب في الجواب للأكابر والاعتراف بالجهل) اه
 وفي دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (ج 1 / ص 276): (قلت: الله ورسوله أعلم) فيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من حسن الأدب معه يرد العلم إلى الله وإليه، وأنه ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول ذلك) اه
 وفي كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب: في فوائد حديث معاذ : ( أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال الشيخ: (التاسعة عشرة: قول المسئول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم)اه
 وفي (فتح المجيد) ص28: (قوله: "قلت: الله ورسوله أعلم" فيه حسن الأدب من المتعلم، وأنه ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول ذلك، بخلاف أكثر المتكلفين.) اه
 وفي (تيسير العزيز الحميد) ص402: (قوله: "قالوا: الله ورسوله أعلم"فيه حسن الأدب للمسئول عما لا يعلم، وأنه يقول ذلك أو نحوه، ولا يتكلف ما لا يعنيه) اه
 وفي موسوعة المؤلفات العلمية لائمة الدعوة النجدية (ج12/ص164) من رسالةٍ لحمد بن ناصر: (والواجب على الإنسان أن يتلكّم في دِين الله بما يعلم فإن لم يكن عنده علم فليقل: الله ورسوله أعلم، ولا يستح من قول: لا أدري) اه
 وفي بريقة محمودية للخادمي (ج5/ص27): (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه {جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فكلمه في بعض الأمر فقال الرجل: ما شاء الله وشئت فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: أجعلتني لله تعالى عدلا قل: ما شاء الله وحده}... لا يخفى أنه يقرب إليه قول الأصحاب في أكثر الأحوال: الله ورسوله أعلم فتأمل في فرقهما ) اه
 فقد حكى الخادمي (المتوفى تقريبا 1168هـ !!) عن الحنفية أنهم يقولون في أكثر الأحوال : الله ورسوله أعلم, لكنه جعل ذلك قريبا من قول القائل: ما شاء الله وشئت, وهذا عجيب غريب من الخادمي إذ لا تحصى الأحاديث التي قيل فيها قول الصحابة: (الله ورسوله أعلم) في حضرة النبي صل الله عليه وسلم. ولو كان داخلا في ذلك لنهاهم عنه كما نهاهم عن قول: ما شاء الله وشئت, ولا يخفى الفرق بين قول: الله ورسوله أعلم, وقول: ما شاء الله وشئت, وقد ورد اقتران (الله ورسوله) بالواو في عشرات الآيات ومئات الأحاديث وللفقير بحث في ذلك وضِمْنَه مبحثٌ في مسألة (ما شاء الله وشئت) ونحو ذلك, عجل الله بإتمامه ونشره
 وفي القول المفيد على كتاب التوحيد (ج2/ص408): (قوله: "قلنا: الله ورسوله أعلم" جاء العطف بالواو، لأن علم الرسول من علم الله ، فهو الذي يعلمه بما لا يدركه البشر .
 وكذلك في المسائل الشرعية يقال: الله ورسوله أعلم، لأنه -صلى الله عليه وسلم- أعلم الخلق بشرع الله، وعلمه به من علم الله، وما قاله -صلى الله عليه وسلم- في الشرع فهو كقول الله وليس هذا كقوله: "ما شاء الله وشئت"، لأن هذا في باب القدر والمشيئة، ولا يمكن أن يجعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مشاركاً لله في ذلك، بل يقال: ما شاء الله، ثم يعطف بـ (ثم)، والضابط في ذلك أن الأمور الشرعية يصح فيها العطف بالواو ، وأما الكونية ، فلا) اه
 وفي القول المفيد على كتاب التوحيد أيضا (ج1/ص34): (التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم، وذلك لإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً لما قالها، ولم ينكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على معاذٍ، حيث عطف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الله بالواو، وأنكر على من قال: "ما شاء الله وشئت"، وقال: "أجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحده", فيُقال: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنده من العلوم الشرعية ما ليس عند القائل، ولهذا لم ينكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على معاذ.
 بخلاف العلوم الكونية القدرية؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس عنده علم منها. فلو قيل: هل يحرم صوم العيدين؟ جاز أن نقول: الله ورسوله أعلم، ولهذا كان الصحابة إذا أشكلت عليهم المسائل ذهبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبينها لهم، ولو قيل: هل يتوقع نزول مطر في هذا الشهر؟ لم يجز أن نقول: الله ورسوله أعلم، لأنه من العلوم الكونية.) اه
 وما قاله الشيخ لا يتوافق مع كثير من الأحاديث التي فيها قول الصحابة : (الله ورسوله أعلم) في الأمور الكونية ومن الأمثلة على ذلك :
 - ما في صحيح البخاري [4 / 1603 ] في قصة كعب بن مالك: (فقلت: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت فعدت له فنشدته فسكت فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي)اه فقد قال أبو قتادة: الله ورسوله أعلم, لما في قلب كعب بن مالك وهو من الأمور الكونية
 - ومن ذلك ما في صحيح البخاري أيضا [5 /2063 ] في قصة عتبان بن مالك: (فقال بعضهم [عن مالك بن الدخشن]: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله, قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقل ذلك ألا تراه قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟ قال: الله ورسوله أعلم) اه فقد قال الصحابي: الله ورسوله أعلم, لما في قلب مالك بن الدخشم وهو من الأمور الكونية
 - ومن ذلك ما في صحيح البخاري أيضا [3 / 1170 ]: ( عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: (تدري أين تذهب)؟. قلت: الله ورسوله أعلم قال: (فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها)اه فقد قال أبو ذر: الله ورسوله أعلم, لمكان ذهاب الشمس عند الغروب وهو من الأمور الكونية
 - ومنه ما في سنن الترمذي [5 / 403 ] : (عن أبي هريرة قال : بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما هذا ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم قال هذا العنان هذه زوايا الأرض يسوقه الله تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه قال هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ثم قال هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع سموات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين...) اه
 - ومنه ما في المعجم الأوسط للطبراني [9 / 52 ]: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتدرون ما قال هذا الجمل ؟» قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال: هذا جمل جاءني يستعيذني على سيده) اه
 - ومنه ما في دلائل النبوة للأصبهاني [1 / 47 ]: (عن أبي ذر رضي الله عنه أنه ذكر عثمان فقال: لا أقول أبدا إلا خيرا ثلاث مرات لشيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم منه فمر بي فتابعته حتى انتهى إلى موضع قد سماه فجلس فقال يا أبا ذر ما جاء بك قلت: الله ورسوله أعلم... ) اه
 
 المبحث الثالث:
 ذكر من نهى عن ذلك
 تقدم معنا قول الخادمي في بريقة محمودية (ج5/ص27): (لا يخفى أنه يقرب إليه [أي قول: ما شاء الله وشئت] قول الأصحاب في أكثر الأحوال: الله ورسوله أعلم فتأمل في فرقهما )اه وتقدم التعليق عليه فراجعه فإنه مهم
 وفي موسوعة المؤلفات العلمية لائمة الدعوة النجدية (ج 43 / ص 48): أجاب الشيخ أبا بطين: (وأما قول بعض الناس إذا سئل عن شيء: الله ورسوله أعلم. فهذا يجري على ألسنة كثير من الناس من غير اعتقاد شيء، فالواجب تعليم مثل هذا، والله -سبحانه وتعالى- أعلم. وصلى الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.) اه
 وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية (ج 3/ص 241): (وقوله: (الله ورسوله أعلم) يجوز في حياة الرسول صلى الله وعليه وسلم، أما بعد وفاته فيقول: الله أعلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لا يعلم ما يحدث بعد وفاته. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) اه
 وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أيضا (ج14/ص177): (إذا سئل العالم عن مسألة فخفي عليه علمها؛ توقف عن الجواب عليها، وأشار إلى مبلغ علمه بقوله: الله أعلم، أو لا أدري، ولا يقول: الله ورسوله أعلم، بالجمع بينهما في صفة العلم؛ لأن ذلك إنما كان يقوله الصحابة رضي الله عنهم في حياته بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم.)اه
 
 المبحث الرابع:
 ذكر أدلة من قال بالمشروعية وأدلة من نهى عن ذلك
 أولا: أدلة من قال بالمشروعية
 استدلوا على المشروعية بالقرآن والحديث والآثار:
 أما القرآن: فقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول) أي قولوا: ( الله ورسوله أعلم ) على أحد التفسيرين في معنى الرد, ففي المحرر الوجيز لابن عطية (ج 2 / ص 146): (قال قوم: معناه قولوا: الله ورسوله أعلم، فهذا هو الرد) اه
 وفي مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل (ج 2 / ص 173) إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )... قيل: الرد إلى الله تعالى والرسول أن يقول لما لا يعلم: الله ورسوله أعلم) اه
 وفي معاني القرآن للنحاس (ج2/ص124) في نفس الآية: (والقول الآخر فقولوا: الله ورسوله أعلم)اه
 وأما السنة: فالأحاديث الكثيرة التي فيها قول الصحابة رضي الله عنهم: ( الله ورسوله أعلم ) ولا فرق في الأمر بين حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وموته لأن علمه صلى الله عليه وسلم من علم الله تعالى
 وأما الآثار: فقد تقدمت آثار كثيرة في أول المبحث من أقوال السلف وأفعالهم في المسألة فراجعها فهي مهمة
 
 ثانيا: أدلة من نهى عن ذلك
 استدل من نهى عن ذلك بالتالي:
 1- أن ذلك لم يرد عن الصحابة والسلف, وأجيب: بأنه قد ورد كما تقدم, وعلى التسليم بعدم الورود فليس في عدم ورود ذلك عنهم ما يدل على النهي عن ذلك
 2- قياس ذلك على النهي الوارد في حديث ( ما شاء الله وشئت ), وأجيب: بأنه قياس مع الفارق كما تقدم, وهو أيضا قياس في مقابل النص فهو فاسد الاعتبار
 هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه
 
 عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
 اليمن – صنعاء

المصدر: منتديات مشكاة الاسلامية
  • Currently 36/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 173 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

51,369