بسم اللّه الرحمان الرحيم
يا شباب تونس،
يا عقلاء الوطن العزيز،
حكومة "التروكا" أو "حكومة النهضة"، كما يروق للبعض تسميتها، لن يطول حكمها، فهي إلى زوال بعد الانتخابات المقبلة إذا أراد الشعب ذلك. فالتداول مكسب من مكاسب ثورة 14 جانفي 2011 ،ولا رجعة فيه. وسيحصل ذلك بالتدافع ولاشك، فلولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض. غير أنّ هذا يجب أن يكون في أوانه، فلا تستعجلوا الأمر.
أقول هذا بعد ما سمعته عن مظاهرات وأعمال عنف لفظي من المتظاهرين وعنف من أعوان السلطة الحاكمة خلال العشر الأواخر من رمضان المعظّم. وهو عنف قد تكون له مبرّرات معقولة. لكن لا يجب أن ننسى أنّ رجال المخلوع: أيتام التجمّع الدستوري الديمقراطي يترصدون كلّ لحظة ضعف ليهدموا ركنا من أركان الثورة ويرصدون الفرص السانحة للانقضاض على مكاسب الثورة والعودة بالبلاد إلى طغيان الحزب الواحد.
فلئن كانت أخطاء الترويكا كثيرة، فيجب على شباب الثورة وعقلاء تونس الانتباه إلى ما يحاك من مؤامرات . من ذلك ما يبدو من أنّ الكائدين من أزلام التجمع اللا دستوري واللا ديمقراطي جاؤوا إلى بعض المحتاجين من أهالي سيدي بوزيد واكتروا من ساهم في قطع الماء عن أهالي صفاقس، ثمّ جاؤوا إلى أهالي صفاقس لإثارتهم مستغلين ما حدث بمستشفى الهادي شاكر. كما لا ننسى الموقف الوضيع الذي تقفه الحكومة ضد الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان الداعم الأول لثورة الشعب في غياب كلّ السياسيين. وخاصة النقابة الجهوية بصفاقس التي حركت أكبر مظاهرة ضد بن علي أيام الثورة. فحكومة "الترويكا" تنسى ذلك الجميل وتقع في مكائد أيتام التجمع الذين يشعلون فتيل النار في كلّ حفرة. ونسوا أنّ:
في صيحة الشعب المسخّر زعزع تجرّ لها شمّ العروش ، وتهــــدم
ولعلعة الحق الغضوب لها صدى ودمدمة الحرب الضروس لها فم
إذا التف حول الحق قوم، فإنّـــــــه يصرّم أحداث الزمان ، ويبــــرم
رحم اللّه أبا القاسم الشابي، فلقد عجبت من أنّ رئيس جلسة المجلس الوطني التأسيسي ،صباح 9 أوت 2012، كان يقاطع النّائب بينما هذا الأخير يوضح كيف أنّ بعض المجموعات المعادية للثورة التي تريد إدخال البلاد في فوضى تتحرّك اليوم لتحل المجلس التأسيسي نفسه مستغلة أخطاء "الترويكا" وغضب شباب الثورة...
كفانا غباء ..نحن غير راضين عن أخطاء الترويكا الكثيرة، وخاصة منها إغفالها لدور الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يمثل كافة الشغالين وهياكله منتخبة، وتلكئها في تنظيف الإدارة من أعقاب التجمع، وغير ذلك من الأخطاء. لكن لا نريد تقويض ما أسّسنا له من مؤسسات ديمقراطية بعد ثورة 14 جانفي المجيدة... لقد ناديت بإجراء استفتاء قبل الانتخابات لتحديد مهام المجلس والمبادئ العامة للنظام والمدة ..ولاقى مقترحي معارضة من العديد ممّن تنقصهم الدراية السياسية حينها..وأنا متأكّد من ندمهم اليوم...لكن يجب القبول بنتائج الانتخابات التي تمت في 23 أكتوبر 2011 وتونس لا تحتمل انتفاضة جديدة تهدّد اقتصادها ووحدتها واستقلالها...تواصوا بالصبر وابحثوا عن حلول وسطية دون اللجوء إلى العنف. ولا تتركوا للتجمعيين فرصة إقناع الأغلبية الصامتة من الشعب بأنّ الثورة ضد مصالحهم الحيوية، فاحرسوا قنوات المياه والسكك الحديدية والمصالح العمومية وكفّوا الحرائق وحافظوا على النظافة بحملات توعية ومشاركة فاعلة بناءة. كلّ ذلك دون الصمت عن قول الحق والتظاهر السلمي المنظم والمحروس من طرف العقلاء لمنع الدخلاء.
يا أحبابي أهالي سيدي بوزيد ، قفوا على الحق دون هدم ولا حرق ، ارفعوا أصواتكم ولا تناموا، لكن ضعوا بين أعينكم أنّكم من فجّر الثورة وزاد وقودها فصونوها من مكائد الكائدين واحموها بحطب الزيتون لا بسعف النخيل. وما توفيقي إلاّ باللّه
ابن الوطن حسن الجمني في 10 أوت 2012
ساحة النقاش