كتاب اللفة الشيخ طه الحبيشي

الحقيقة من التاريخ
صراع الخير والشر :
من الحقائق الكبرى التي عاصرت وجود الإنسان واستمرت معه تلازمه منذ لحظة وجوده على الأرض وإلى أن تقوم الساعة ، قضية الصراع بين الخير والشر .
ولقد وجد الإنسان نفسه في شخص أبيه آدم طرفاً في قضية هذا الصراع ، غير أن هذه القضية نفسها لم تلبث أن استحكمت في أبناء آدم فانقسموا على أساسها إلى فريقين : فريق ينشد الشر ويبتغيه ، وآخر ينشد الخير ويفني حياته فيه .
غير أن الله عز وجل حين خلق الإنسان على الفطرة السليمة جعله يشعر شعوراً ذاتياً بالاعتزاز حين يجنح إلى الفضيلة ويتخذها له منهج سلوك ، وأسلوب حياة ، وهو في نفس الوقت يشعر بالدونية والخسة حين يعب من الرذيلة أو ينضم إلى معسكر الغي والفجور .
والشيء الذي لا يقبل الجدال أو النزاع هو أن أهل الفجور والضلال يستمرئون السير على أسلوب الرذيلة ومنهج العصيان ، ولكنهم يكرهون كراهة مطلقة أن يروا الفضلاء من الناس والأماجد الذين يسيرون على منهج الخير ، ويعتبرونه أسلوب حياتهم الذي لا يرضون به بديلاً .
وهذه الكراهية وهذا المقت ليس سببه عداء شخصياً بالطبع وإنما سببه حين نستبطن الذات هو أن الفاجر حين يوجد في مجتمع واحد مع الأبرار يجد نفسه قد وضع في موقف المقارنة التي لا يريدها ولا يبتغيها لأنه يدرك تماماً أنه هو الخاسر في هذه المقارنة ، وهو المهزوم دون أن يستطيع أن يجد من يقيل عثرته أو يرفع عنه الذلة والمهانة .
ومن هنا فإن الفجار لا يطيقون رؤية الأبرار ، وأهل الرذيلة والضلال لا يحبون أن يروا الفضلاء من الناس والعظماء الذين يسيرون في ظل منهج الرشاد ، ولذا فإنه لا عجب أن نرى هؤلاء الأشرار في حالة مواجهة دائمة مع الأفاضل والأماجد .
غير أن هذه المواجهة ربما لا تؤتي ثمارها من تدمير الفضيلة وطمس معالم الخير في الوجود فيتحولون عن هذه المواجهة الظاهرة إلى حياكة المؤامرات ، وإحكام الخطط السرية لضرب الفضيلة وأصحابها عن طريق الغدر والدس والخيانة .
من أجل ذلك وجدنا المنظمات اليهودية العالمية التي كان لها أكبر الأثر في نشر التخريب والفساد عن طريق الجمعيات والمنظمات السرية .
على أننا لسنا محتاجين إلى التأكيد على أن الخير والفضيلة والحق والعدل وجميع القيم الإنسانية ترفض أن تتأسس في الظلام وتأبى إلا أن تكون تحت الأضواء ، إذ أنه ليس في عناصرها أو في مكوناتها ما يجعلها تتوارى خجلاً ، أما قضية الرذيلة والطغيان فإنها لا تنتشر إلا طبقاً لمؤامرات تحاك في الظلام وأفكار تنسج خيوطها وتدبر بليل .
ولقد جنت المسيحية ومجتمعاتها كثيراً من الويلات والتمزق الذي تحمل كبره المنظمات اليهودية السرية كذلك تكون ، وكذلك كانت في المجتمع الإسلامي القديم والمعاصر .
القوى المناهضة للإسلام :
منذ أن بعث الله نبينا محمد e لإنقاذ البشرية من غيها إلى طريق الرشاد والكمال والقوى المناهضة له لا يهدأ لها بال ولا يستريح لها وجدان .
وقد أخذت هذه القوى تعدل في خططها ، وتغير في أساليب مواجهتها ، ولا هدف لها من التغيير والتبديل إلا القضاء على الإسلام أو اتخاذه وسيلة لإضعاف روح المسلمين حتى يتمكنوا من استغلال أراضيهم ، والسيطرة على مصادر الثروة عندهم .
وتختلف الوسائل والأساليب باختلاف البواعث والغايات ، غير أن القاسم المشترك بين هؤلاء المناهضين للإسلام جميعاً هو استهداف الإسلام إما غاية تبرر كل وسيلة أو وسيلة لغاية استهدفها أصحابها وسعوا في تحقيقها سعياً حثيثاً .
وهذا الإجمال يوضحه أن نقول : إن القوى التي استهدفت الإسلام على اختلاف مقاصدها وغاياتها كثيرة ومتعددة .
منها : اليهود الذين أحسوا بأن الإسلام حين يشمل بهدايته أهل الأرض جميعاً قد يهدد ما لهم من مصالح اجتماعية ومادية ، فواجهوه في بادئ الأمر صراحة على خلاف عاداتهم ، سواء كانت هذه المواجهة مواجهة ساخنة بالسلاح أو مواجهة فكرية ، ظانين أنهم بهذه المواجهة قد يضعون النبي في حرج أمام أمته .
ولكنهم قد فشلوا في هذه الميادين التي تقوم على أساس المواجهة الظاهرة ، فرأوا أن يعودوا إلى طرائقهم الأولى من اصطناع أسلوب التآمر الخفي ، وبدأ ابن السوداء ( عبد الله بن سبأ ) بعد أن أعلن إسلامه في الظاهر يؤسس منظمة سرية في مبادئها نسبت إليه وسميت بالسبئية .
وكان عبد الله بن سبأ هذا هو أول من وضع في الإسلام مبدأ الرجعة ومبدأ توقع خروج المهدي المنتظر ، وقد نقل هذه الأفكار وغيرها من الفكر اليهودي الذي كانت له تجاربه في التخريب على مدى أزمنة وعصور طويلة .
غير أن أخطر ما قال به عبد الله بن سبأ : هو أن القرآن له باطن وظاهر ، وأن الظاهر غير مراد ، والباطن لا يفهمه إلا الأئمة ، وليس من الضروري أن يكون هذا الباطن منسجماً مع العقل أو متمشياً مع المنطق .
وهذا المبدأ بالذات كان القصد منه وضع خط فاصل بين ألفاظ القرآن ومصطلحات الشرع من جهة ، والمضامين والمعاني التي تنصرف إليها هذه الألفاظ وتحتويها هذا المصطلحات .
وكان المخطط الذكي في مجال التخريب ، وضرب الوحدة الاجتماعية في المجتمع المسلم يرى أن أهم وسيلة من وسائل الوحدة الاجتماعية هي : الارتباط الوثيق ، والرابطة القوية التي تكون بين الألفاظ والمعاني ، ولو أمن حل هذه الرابطة لأمكن إدخال الكثير من الأفكار المتناقضة والمفاهيم المتضادة والمحتويات المتضاربة بحيث يمكن لكل فرقة من المسلمين أن تتعلق بمضمون من هذه المضامين ويقع بينهم الخلاف فيضعف بعضهم بعضاً ، وانتشر بين المخططين مبدأ يقول : إن الشجرة ينبغي أن يقطعها أصحابها .
وحاول زعماء اليهود ومفكروهم أن يبحثوا جادين عن نقطة ضعف في المجتمع المسلم يمكن لها أن تقبل بمثل هذه الأفكار وتدين بها بغير مناقشة عقلية أو اصطناع للمنطق أو استخدام للفكر .
وكان أضعف المناطق في المجتمع المسلم منذ أول أمره هو المجتمع الفارسي ، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل من أهمها : أن الدهماء من الناس والعامة من الشعب كانوا يؤمنون بفكرة تقديس الحاكم قبل الإسلام ، وفطرتهم قد دربت على استمراء هذا المبدأ واستحسانه منذ آماد ضاربة في بطون التاريخ ، وحين دخلوا الإسلام لم تتغير فطرتهم كثيراً فهي مازالت مستعدة لتقدير الحاكم والزعماء ، ومن اجل ذلك فإنه لا يستعصي على اليهود أن ينشدوا تحت ستار محبة أهل البيت والتشيع لهم المبدأين الخطيرين : انتظار المهدي ، وتفسير نصوص الشريعة تفسيراً باطنياً .
أما أهل الرأي والفكر من سكان هذه البلاد ، فإنه من الممكن لليهود أن يلهبوا في صدور البعض منهم نار الحماسة للقومية ، والتعصب للمجد الوطني القديم ، ومحاربة هؤلاء العرب ، وانتزاع مقاليد الحكم من أيديهم ، على أن هؤلاء الزعماء إذا قاموا بثورات وقلائل وفتن واضطرابات فإنه من الجائز لهم أن يستغلوا فطرة الشعب ، واستعداده لتقديس القادة والزعماء ، فيدعي البعض أنه المهدي المنتظر ، ويدعي أخر بأنه نبي جديد ، ويدعي ثالث بأن الألوهية قد حلت فيه فهو إله بواسطة نظرية الحلول ، والشعب يصدق لأنه قد آمن بأن للقرآن والسنة ظاهر غير مقصود ، وباطن لا يدركه إلى العطرة من أهل البيت ، والأئمة الذين ورثوا العلم .
واستمر اليهود يعملون عملهم بطريقة سرية خفية منذ أول الأمر وإلى اليوم ، فكانوا هم المسئولون عن كل فتنة أطلت برأسها ، وعن معظم الاضطرابات التي أفضت مضجع الآمنين من أبناء المجتمع والحاكمين .
ومن بين الفرق المناهضة للإسلام :
المستعمرون .
والمستعمر لا يستهدف الإسلام غاية ، وإنما يستهدفه وسيلة لإضعاف روح المقاومة إذا استطاع أن يحدث بين أفراد هذا المجتمع فرقة دينية واختلاف عقائدي أو تشريعي ، أما الهدف النهائي فهو السيطرة على الأرض واستثمار جهود الشعب واغتصاب ثرواته .
وتختلف طبيعة كل مستعمر وأسلوبه في التعامل باختلاف الشعوب والأهداف ، فنحن قد رأينا في الهند – مثلاً – الأسلوب الذي ابتدعه المستعمر الإنجليزي في خلق نوع من الفرقة الدينية والقومية ، ولم يكن هذا الأسلوب إلا نوعاً من استهداف الدين كوسيلة للاحتفاظ بالأرض والثروة وجهود البشر .
وفي إيران يختلف الأسلوب باختلاف طبيعة الشعب والهدف غير الهدف في الجزئيات والتفاصيل ، غير أنه هو في الغايات والنهايات .
إن المستعمر الطامع في إيران بالدرجة الأولى هو روسيا القيصرية قديماً ( الاتحاد السوفيتي حديثاً ) .
إن المتأمل في طبيعة الأرض التي يسكنها الروس يجد أنها تقع في الجزء الشمالي لقارة آسيا وجزء من شمال شرق قارة أوربا .
وهذه الطبيعة الجغرافية تقطع صلتها بالمياه الدافئة فهي إن أرادت الخروج للمياه الدافئة ليس لها سوى مضيق البسفور والدردنيل إلى البحر الأبيض المتوسط .
ولكنها حين تريد الخروج إلى المحيط الهندي سوف يعترضها الهند وباكستان وإيران ، وعليها إن أرادت الخروج في يسر أن تستولي على أحد هذه المناطق .
وفي عهد روسيا القيصرية كانت شبه القارة الهندية تحت السيطرة الإنجليزية ، وكان من الصعب عليها أن تقع مع إنجلترا في منافسة من هذا النوع ، فلم يكن أمامها إلا الأراضي الإيرانية لكي تستولي عليها ، ولذا وجدناها في القديم قد نشرت مجموعة من الجواسيس والعملاء بقصد اختيار طريقة مناسبة لإضعاف صفوف المجتمع الإيراني ، وفي نفس الوقت البحث عن طريقة مناسبة لكي تخلق مجموعة من أبناء هذا الشعب يؤيدونها ويتحمسون لها .
ومن هذا المنطلق قد وجدنا بعض العملاء الروس قد وقف بكل جهده وراء من ادعى النبوة في إيران يوفر لهم المال إن احتاجوا إليه ، ويحميهم من السلطة والسلطان إن وقعوا في أسرها ، ولم يعد خافياً اليوم أن الروس كانوا من بين العناصر التي شجعت ودعمت الحركتين البابية والبهائية اللتين هما موضع بحث الفقرات التالية ( ).
ولم يكن لروسيا القيصرية على ما نظن أهداف تتصل بالجوانب المذهبية أو الفكرية ، وإنما قصارى ما كانت تهدف إليه هو الوصول إلى المياه الدافئة فحسب .
ولما تحولت روسيا إلى معقل للشيوعية بعد ثورة أكتوبر سنة 1917 ، أصبحت تنافس الرأسمالية العالمية وتدخل معها في صراع أيديولوجي .
فالاتحاد السوفيتي منذ هذا التاريخ أصبح له رسالة مذهبية ، والرءوس المفكرة في المذهب الشيوعي ترى أن من أعدى أعداء هذا المذهب العصبية للقومية أو الدين ، أو الانتماء على أي لون من ألوان الانتماء الذي يحول دون تحقيق الشيوعية العالمية .
ومن هنا فإن الاتحاد السوفيتي يعمل جاهداً على محاصرة كل عقبة كئود تحول بينه وبين هدفه ، ومحاولة تحطيمها .
وعلى ذلك فإن الهدف القديم لروسيا القيصرية الذي يدفعها إلى الاستيلاء على إحدى الدول المطلة ، أو الموصلة إلى المحيط الهندي ، قد انضم إليه هدف آخر بعد الثورة البلشفية ، وهو الهدف المذهبي الذي يرمي إلى كسب ميدان جديد لصالح الشيوعية ، ولذا فإن الهدف قد بات هدفاً مزدوجاً إذا خبت نار أحد عنصريه ساعد توهج نار الآخر واستعارها على دفع الروس نحو الاستيلاء على الأرض وعلى الرءوس جميعاً .
والمتأمل في خريطة العالم اليوم يجد أن الاتحاد السوفيتي قد استطاع أن يضم إليه أثيوبيا واليمن ، وهما متقابلان يفصل بينهما ( مضيق باب المندب ) ، وفي نفس الوقت قد ضم إلى حوزته دولاً كثيرة على البحر الأبيض أهمها فيما يعنينا هو : ليبيا العربية .
ولو تأملنا الوضع على ما هو عليه لوجدنا أن الاتحاد السوفيتي يريد أن يصل من أثيوبيا على البحر الأحمر إلى ليبيا على شاطئ المتوسط ، ولكن يفصل بينهما السودان ، ولا يجد الاتحاد السوفيتي غضاضة في أن يوقع السودان بين شقي الرحى ( ليبيا وأثيوبيا ) بقصد إثارة القلاقل فيه حتى تؤدي هذه القلاقل في النهاية إلى سقوط السودان في حوزته .
ومن جانب آخر فإن الاتحاد السوفيتي يحاول جاهداً إضعاف الشعب الإيراني مطمعه القديم بكل ما أوتي من أساليب الوقيعة والدس بينه وبين جيرانه ، وإذا سقطت إيران في حوزته تم له إحكام حلقة كاملة داخل منطقة العالم الإسلامي ، فإذا خرج الاتحاد السوفيتي ببعثة إلى إيران تستطيع هذه البعثة أن تنزل إلى الخليج ومنه إلى المحيط الهندي ، ثم إلى البحر ا؟لأحمر ثم إلى أثيوبيا والسودان وليبيا التي تصل به إلى البحر الأبيض ، ومن البحر الأبيض إلى مضيق البسفور والدردنيل إلى البحر الأسود إلى روسيا .
وهذا الحزام الذي يريد الاتحاد السوفيتي تحقيقه يستطيع أن يعزل مجموعة كبيرة من الدول والشعوب العربية والإسلامية عن باقي الشعوب الأخرى التي تدين بالإسلام أو تستظل بظل القومية العربية .
والاتحاد السوفيتي ساهر من أجل تحقيق هذا الهدف ، وهو يتخذ الدين كأسلوب من أهم الأساليب التي يشوش به على علاقة المسلمين والروابط الاجتماعية .
ومن هذا العرض الموجز يتبين لنا بجلاء ووضوح من هم أعداء الإسلام ؟
ولهذه المسألة تفصيلات وجزئيات ليس هذا المختصر موضعها ولا محل للبحث فيها .















الطريق إلى البابيّة

إن المرء حين يستبطن حركة البابية والبهائية يجد نفسه أمام حقيقة تخالف كل ما كونه العامة عن هاتين الفرقتين الضالتين .
ذلك أن أتباع هذه الجماعات إنما يستعملون أساليب ومصطلحات ومبادئ الشيعة ، وهم في نفس الوقت أبعد ما يكونون عن الشيعة من حيث الواقع العملي ، ومن حيث انسجامهم مع المبادئ المعلنة لفرق الشيعة .
وإن ما يمكن قوله هنا : أن كل ما يتوفر له تتبع تاريخ هذه الفرقة في إطار الحركة المعادية للإسلام ، يجد أنها ليست سوى حلقة من حلقات سلسلة طويلة صممت بيد المستعمر وتحت سمع أعداء الإسلام وبصرهم .
والشيء الذي يلفت النظر هنا : أن جميع الأشخاص الذين قاموا بعرض مراحل البابية والبهائية ، قد أخلصوا إخلاصاً شديداً لساداتهم ونفذوا ما طلب منهم بكل دقة حتى ولو أدى ذلك بالبعض منهم إلى فقد مكانته الاجتماعية ، أو حتى حياته نفسها .
فالإنسان الذي لا يخشى ربه ، ولا يترقب ثواباً في حياة بعد هذه الحياة لا أقل من أنه يحرص على تحقيق ميزة اجتماعية ، والأمر الذي لا يفهم هنا أن بعض أفراد هذه الحركة الخائنة يضحي بمكانته الاجتماعية ليحتلها غيره ويقوم هو نفسه بالتمهيد للقادم الجديد ، ولو لم يتأت للمرء أن يفهم مثل هذا الموقف في إطار عام من التخطيط الاستعماري لما أمكن له أن يقف على تفسير حقيقي لمثل هذه الحالة العارضة .
غير أن معضلة الصلة بين هذه الفرقة والدوائر( ) الاستعمارية أو غيرها من أعداء الإسلام تحتاج إلى شيء من إعمال الفكر وجانب من التفكير غير يسير .
والإنسان حين لا يجد الدليل المادي المحسوس ، لا يكون قد فقد كل طريق وأغلقت أمامه كل سبيل إلى معرفة الحقيقة ، ذلك أنه من بين السبل التي تستبين بها الحقائق تلك النتائج التي تترتب على كل حركة فكرية أو دينية ، فإن هذه النتائج نفسها تبين عن حقيقة انتماء هذه الفرقة أو تلك ، ومصدر هذه الفكرة أو تلك .
فحين نرى جماعة يتحدثون باسم الإسلام ، ويحاولون تحت ستار انتمائهم إليه أن ينالوا من بعض مبادئه الأساسية أو تشريعاته وعقائده التي وحدت بين أفراد وجماعات المنتسبين إليه جماعة من أعداء الإسلام يشجعون هذه الفرقة التي وقفت من الإسلام وباسمه موقفاً عدائياً ، ويقدمون لها كل معونة ، ويرصدون لها كل عون ، ويدفعون عنها كل من يحاول تحطيمها والقضاء عليها ، لا يسعنا إلا أن نقول : إن هذه الفرقة إنما تعمل لحساب هذه الدائرة الاستعمارية أو تلك ، وتسير وفقاً لما يهوى أعداء الإسلام ، أو بتخطيط منهم ، فجمع بينهم الهدف ، والتقوا على طريق واحد يدافع بعضهم عن بعض ويرعى كل منهم مصالح الآخر .
وليس هذا هو الدليل الوحيد الذي يمكن اصطناعه في الكشف عن انتماء الحركة البابية والبهائية ، وإنما هناك عدد من الأدلة المحسوسة التي تدل على هذا الانتماء .
الشيخ أحمد الإحسائي :
وكان أول الطريق إلى البابية والبهائية الشيخ أحمد الإحسائي صاحب الطريقة الشيخية في المجتمع الشيعي .
ومهما قيل أو يقال عن نسب الشيخ أحمد ووطنه ، فإن المنطق المعقول يفرض علينا أن نلتقط الخيط من بدايته .
وبداية الخيط هي محاولة أعداء الإسلام خلخلة المجتمع المسلم بقصد إضعاف قوته ، وترك الساحة خالية ، والتمكن من الأرض واستثمار جهود البشر ، ولا مانع في بعض الأحيان من نشر المذهب الذي يؤمن به الطامعون في هذه الأرض وجهود البشر إن كان لهم مذهب .
ولا تتأتى زعزعة الصلات الاجتماعية إلا عن طريق خلخلة الروابط الدينية ، ولكن ينبغي على من يقوم بهذه المهمة أن تكون له مكانة روحية ، ومنزلة لها صلة وثيقة بالسماء .
ذلك أن المنتسبين إلى الدين لا يقبلون بسهولة أن تتغير قضاياه في نفوسهم بمجرد ادعاء بشري أو نتاج عقل إنساني .
إذاً لابد لكي يحصل المستعمر على ما يريد أن يجد إنساناً يدعي في إيران وما حولها أنه المهدي المنتظر ثم يترقى في دعواه إلى النبوة ، ثم إلى ادعاء الألوهية .
غير أن نقطة البداية هنا – وهي ادعاء المهدوية – تشكل معضلة لا يمكن اجتيازها بسهولة ، ذلك أن الشيعة الإمامية لديهم تصور كامل عن إمامهم الغائب ، وفي كتبهم ورصيدهم الفكري الذي خلفه السلف لخلفه آيات وعلامات ، ويجب على المستعمر أو العدو الذي يستهدف الإسلام حين يريد نصب من يدعي المهدوية أن يعثر على إنسان ، تتوفر فيه هذه الصفات التي يعرفها الشيعة جميعها ، وهذا أمر بالغ الصعوبة ، بل إنه يصل إلى حد الاستحالة .
إذاً لابد من البديل .
والبديل الذي يراه من يرون وجوب إخراج المهدي المنتظر هو تغيير فكر الشيعة حول حقيقة المهدي ، إذ أنه يجب لكي يتحقق هذا الهدف أن تغير الشيعة فكرتهم عن المهدي المنتظر بحيث لا يكون هو الغائب في سراديب سامراء ، وإنما يكون شخص عادي كما يتصوره الشيعة الزيدية وبعض أهل السنة .
غير أن تغيير الأفكار على هذا النحو يحتاج إلى جيل يتربى تربية خاصة ، وهذا الجيل لابد له من معلم يكون على صلة سرية بأعداء الإسلام الذين يخططون لفكرة المهدي .
وإنه لمن الصعب غاية الصعوبة أن تجازف هذه الدوائر لأول مرة باختيار إنسان من هذه البلاد معروف النسب والهوية ليقوم بعملية تنشئة الجيل المرتقب ، إذ أن كشف حقيقة مثل هذا المعلم يعرض الخطة كلها للخطر .
ولا مفر والحالة هذه من أن يذهب إنسان من خارج هذه البلاد يكون هاضماً لمهمته فيسكن الوطن المستهدف ، وينتحل شخصية أحد أبنائه ، ويدعي أن له صلة بالسماء ، ثم يكون له مجموعة من الأتباع والرواد يساعدونه في تحقيق غاياته .
وكان الشخص الذي وقع عليه الاختيار للقيام بهذه المهمة هو أحد القساوسة في أندونيسيا الذي كان يقوم بمهمة التبشير هناك ، فقد جاء الرجل إلى العراق ، وسمى نفسه بالشيخ أحمد الإحسائي ، وكون لنفسه طريقة تسمى الشيخية مازالت موجودة حتى الآن ، وكان هذا الرجل ذا عقلية فلسفية ، وشخصية قادرة على التنكر ، فاستطاع بعقله الفلسفي أن يمثل دوره بكل براعة ودقة .
وكانت المهمة الموكلة إلى الشيخ أحمد هي أنه لابد من تغيير الفكر الشيعي حول مبدأ الإمام المعصوم والمهدي المنتظر ، ولو في نفسية عدد محدود من الأتباع والرواد ، المهم البداية .
والشيخ أحمد لا يستطيع القيام بهذا الدور إلا إذا أثبت لأتباعه أنه شخصية ممتازة عما سبقه من الأنبياء والرسل ، أو مساوي لهم على الأقل .
وإذا رأيناه يشرح فكرة الحقيقة المحمدية شرحاً عقلياً ممزوجاً بالأوهام والضلالات والخلط والتدليس .
فهو يقول : إن الحقيقة المحمدية قد ظهرت في الأنبياء قبل النبي e ظهوراً ضعيفاً ثم ظهرت ظهوراً أقوى في شخص النبي e ، والأئمة من أهل البيت ، ولكن ظهورها الكامل قد تجلى في شخصه هو ، ومن سيأتي بعده ممن سيخلفونه على دربه نحو الهدف .
ومعنى ذلك : أن الشيخ أحمد قد ادعى لنفسه مكانة ممتازة يستطيع من خلالها وبواسطتها أن يغير بعض المفاهيم الشيعية ، وهذا ما كان وحدث بالفعل .
غير أن الشيء الذي يلفت النظر هنا : هو أن الشيخ الإحسائي قد اعتمد على الرؤى والأحلام لكي يتحدث عن بعض الآراء والأفكار التي يؤمن بها وهو بذلك الأسلوب قد استطاع أن يلعب بعواطف الجماهير من حوله ، والذين لم يقدر لهم أن يأخذوا قسطاً من العلم .
والشيخ الإحسائي حين يقوم بمهمته على هذا النحو لا ينبغي أن يترك الساحة بموت أو ارتحال دون أن يضع يده على الشخصية التي تليه ( ).


كاظم الرشتي :
والشخصية التالية هي شخصية كاظم الرشتي المولود في رشت من بلاد فارس سنة 1205 هـ .
ولما بلغ من العمر خمساً وعشرين سنة ارتحل إلى طهران لمقابلة أحمد الإحسائي هناك ، وما أن التقى به حتى تعلق كل منهما بصاحبه ، وارتحلا جميعاً إلى العراق ، وهناك أصبح الرشتي من أخلص التلاميذ للشيخ أحمد ، وفي خلال الفترة التي عاشها معه تعرف منه على الجزئية التي ينبغي عليه أن ينفذها من بعده ضمن إطار الخطة العامة .
وكان ما أوكل إلى كاظم الرشتي تنفيذه من الخطة هو أنه يجب أن يحافظ على هذا التراث والرصيد من الأتباع والأفكار اللذين ورثهما عن الشيخ الإحسائي ، ولا يقف بالطبع عند هذا الحد ولكن لابد له ثانياً أن يبحث عن الشخصية التي ستتحمل التبعة من بعده ، ويمهد الجو النفسي لتقبل الشيخية الجديدة ودورها ، ويلهب في نفوس أتباعه نار الحماسة والشوق إلى رؤية هذا القادم الجديد .
وإذا كانت مهمة الشيخ أحمد والشيخية قد أحيطت بمخاطر الميلاد الجديد في وسط غير ملائم فإن مهمة الرشتي والرشتية لا تقل أهمية لأنها سوف تمهد الجو لبداية التغيير الحقيقي ، وهو أمر – كما سنرى – في غاية الخطورة .
وكاظم الرشتي قد أخلص في دعوته إخلاصاً لا يقل عن إخلاص هذا القسيس القادم من أندونيسيا بقصد الإضلال وتقطيع الروابط والصلات .
وقد اصطنع كاظم الرشتي نفس الوسيلة التي اصطنعها أستاذه من قبله وهي الاعتماد على الأحلام والرؤى ، وإن كان – كما نرى – أقل منه فهماً لقضايا الفلسفة والمنطق ( ).

الجو الذي نشأ فيه الباب :
لقد رأى المخططون لحركة البابية كمرحلة هامة من المراحل التخريبية سبقتها مقدمات من الشيخية والرشتية ، ويليها ما بعدها من مراحل الخطة أن الجو قد أصبح أكثر ملاءمة ، لإمكان ظهور الباب .
ذلك أن الأحوال السياسية في إيران قد اضطربت اضطراباً شديداً ، وصاحبها في الوقت نفسه اختلال في النظام المالي والاقتصادي وأصبحت إيران تحكم بواسطة حاكم مستبد أحياناً ، أو حاكم ضعيف الشخصية لا يحسن التصرف في الأمور ، فيضطرب الشعب بين ضعف هذا الحاكم واستبداد الآخر بحيث يضيف ذلك عبئاً ثقيلاً يضاف إلى ما يعانونه من سوء الحالة الاقتصادية التي ترتب عليها إهمال شديد في العناية بالطرق والصحة والتعليم العام ، وأساليب الغذاء والمعايش – إلى آخره .
ومع هذا الفساد السياسي والاقتصادي وما ترتب عليهما من فساد في الخدمات وما يتطلبه الإنسان في حياته المعيشية من مطالب ورغبات فشى الجهل حتى أطبق على الشعب الإيراني وشمله بأثره ، وخاصة الجانب الديني حيث أصبح رجال الدين وعلماؤه الذين وكل إليهم حماية العقيدة والدفاع عنها ، والسهر على الشريعة ومناقشة أعدائها ، حيث أصبح هؤلاء جميعاً إلا القليل منهم مشغولين بالمادة وتحصيلها ، متعلقين بأسباب الحياة الدنيا ، وطامعين فيها طمعاً يشبه طمع رجال الدين المسيحي وحرصهم على الثروة والمراكز الاجتماعية .
ولقد أصبح علماء الدين الإسلامي مجردين من كل معرفة تتصل بجوهر الدين وحقيقته ، وشغلوا أنفسهم بقراءات واطلاعات في كتب أقل ما توصف به أنها كتب دجل وخرافة .
ولو أضفنا إلى ما قلناه : الطابع العام الموروث وهو استعداد فطر الإيرانيين إلى تقبل فكرة المخلص ، وما أشعله الشيخيون والرشتيون في نفوس العامة والخاصة الذين ينتسبون إلى هذه الطريقة من نار الشوق إلى رؤية المهدي الذي قرب زمانه لكي يخلص هؤلاء مما هم فيه من بلاء وعناء لأمكن لنا أن نتصور أن الجو قد أصبح مهيئاً تماماً لتمثيل الدور الجديد أو عرض الفقرة التالية من مراحل المؤامرة .
ويلخص أحد المهتمين بمبادئ البابية والبهائية هذه العوامل التي ساعدت على نشأة البابية في أول أمرها فيقول ( أسلمنت ) : [ إن لإيران التي هي موطن الظهور الجديد تاريخاً مجيداً في العالم ... إلا أنها في القرن الثامن عشر والتاسع عشر سقطت إلى وهدة مزرية ، وكأنما ضاع مجدها القديم إلى الأبد فأصبحت حكومتها مختلة ، وأحوالها المالية في حالة من الضيق يرثى لها ، وكان البعض من حكامها ضعفاء ، والبعض الآخر مستبدين طاغين كالوحوش ، وأصبح علماؤها متعصبين غير متسامحين وعامة أهلها جهلاء مخرفين ، وأغلبهم يتبع مذهب الشيعة ... فأصبحت الأمور الدينية والأمور المدنية في حالة تدهور ، لا أمل في علاجها وأهمل أمر التعليم وأصبحت العلوم والفنون الغربية في نظرهم رجساً ومخالفة للدين ... وأصبحت الطرق رديئة غير مأمونة للأسفار ، والاستعدادات الطبية ناقصة نقصاً معيباً ... ومن بين تلك الحالة المادية الدنيوية ... ظهر بعض طقوس مقدسة أحيت في كثير من القلوب شوقاً وجذباً إليها ... ولذلك أصبح الكثيرون ينتظرون ظهور الرسول الإلهي الموعود ، موقنين بأن وقت مجيئه قد حان وهذا خلاصة ما كانت عليه بلاد إيران عندما ظهر الباب ] ( ).
الأرض والحراس :
وحين تكون الظروف مهيأة إلى هذا الحد لاستقبال تلك الضربة الجديدة ، فإنه لم يعد أمام القابعين خلف هذه المؤامرة إلا اختيار الأرض التي تبدأ الدعوة منها ، وتصور كيفية حراسة الدعوة إذا هي تعرضت إلى أزمة مع الساسة والقادة الذين يخشون على مراكزهم من مثل هذه الحركات الشعبية .

وفيما يتعلق بالأرض لم تكن هناك أفضل من منطقة خراسان :
أولاً : لأنها هي أكثر المناطق استعداداً لقبول فكرة المهدي ، وأهلها أكثر الشعوب قابلية وسرعة تأثر بهذه الفكرة .
فلقد كان لهم تاريخ قديم ، فدعوة أبي مسلم الخراساني ، والمقنع ، وبابك الخرمي وغيرهم قد ظهروا من هذه المنطقة .
وثانياً : أن هناك حديثا موضوعا يدخل في تصورات الشيعة عن المهدي المنتظر يؤكد أن خروج المهدي سيكون من خراسان تحت الرايات السود ( ).
ولهذين العاملين رأي من هم وراء هذا الخطة أن نبتدئ المرحلة القادمة بداية ظهورها من خراسان .
أما حين يتعرض صاحب هذه الدعوة الجديدة إلى أزمة مع الساسة فإن ذلك لابد أن يحسب له في الخطة ألف حساب .
إن المسئول عنه وعن أتباعه في هذه الفترة هو الاستعمار الروسي بالدرجة الأولى بثقل القوة ، واليهود بحسن الحيلة والتدبير ، والصليبية أو المسيحية متمثلة في أكبر زعمائها الدينيين .
ولقد نقل الأستاذ إحسان إلهي ظهير طرفاً من مذكرات أحد الجواسيس الروس في روسيا القيصرية الذين قاموا بخدمة الحركة البابية يصلح أن يكون شاهداً من عشرات الشواهد في تصوير الموقف كله قال [ ويذكر الجاسوس الروسي " كيناز دالفوركي " في مذكراته : إن البابيين لما أطلقوا الرصاص على ناصر الدين شاه – ملك إيران آنذاك – قبض عليهم أو من بينهم المرزة حسين علي البهاء والبعض الآخرين الذين كانوا لي أصحاب السر ، فأنا حاميت عنهم وبألف مشقة أثبت أنهم ليسوا بمجرمين ، وشهد عمال السفارة وموظفوها ... فنجيناهم من الموت وسيرناهم إلى بغداد ] ( ).
ولم يقتنع الروس بفكرة التجسس التي تعني في قصارها جمع المعلومات وتقديم الخدمات السرية وتزييف الحقائق إن أمكن ، بل إن الروس قد دفعوا المسألة خطوة إلى الأمام ، فمنحوا البابيين منطقة روسية يقيمون ويتدربون فيها على أفضل وأحدث أنواع السلاح في ذلك العصر ، فكانت بلدة " عشق آباد " معقلاً هاماً متاخماً للحدود الإيرانية ينشر البابيون منه تعاليمهم الهدامة ، ويدبرون أتباعهم على وسائل التدمير والخراب ، ثم منحوا بالإضافة إلى هذه المنطقة بلدة أخرى هي " باكو " لتكون معقلاً آخر يؤدي نفس الغرض ويقوم بنفس الوظيفة .
ومن حق المرء أن يتساءل : من أين لهؤلاء السذج البسطاء من الشعب الإيراني الذين وقفوا ضد الحكومة بالأسلحة المتنوعة الثقيلة والخفيفة ؟ من أين لهؤلاء بهذا العتاد المادي ، ومن أين لهم بالمال الغزير الذي يدبرون به شئونهم وحياتهم ؟!
يذكر الكثير من الكتاب البهائيين أنفسهم أن هذه المعونة الحربية والمالية كانت تأتيهم كلها من خارج البلاد خاصة ما كانت تمنحهم إياه روسيا القيصرية المهتمة بهم اهتماماً شديداً ( ).
كما أن المرء من حقه كذلك أن يتساءل عن هذا الاهتمام الشديد الذي يصل أحياناً إلى حد التدخل في شئون إيران الداخلية خاصة من سفراء روسيا وروما .
وليس لهذه التساؤلات وأمثالها من جواب : إلا أن الروس يريدون أن يحققوا أهدافهم في إيران من أقصر الطرق وبأيسر الأساليب .
أما اليهودية العالمية ، فقد كان لها في التخطيط دور آخر متميز يتناسب تناسباً شديداً مع موقفهم من الإسلام ، إنهم يريدون هدمه والقضاء عليه والنيل من أصحابه ومبادئه .
وقد انضم إلى الهدف العام واليهودية العالمية هدف آخر استقروا عليه أخيراً وهو إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف فإننا نرى اليهود يخططون لكل محاولة هدامة ، يرون أن لها تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على مبادئ الدين الإسلامي وعلى من يدينون به .
وفيما يتعلق بالبابية رأت اليهودية العالمية أن تعمل على خدمتها واستغلالها منطلقة من أسس ثلاثة :
الأول : أن تدعوا اليهود في إيران للدخول بشكل جماعي في تبعية البابية والبهائية .
وقد استجاب يهود إيران لمشهورة الماسونية اليهودية فدخل في هذه النحلة الجديدة مجموعة كبيرة من اليهود الإيرانيين ، [ ففي طهران دخل فيها منهم (150) يهودياً وفي همدان (100) يهودي ، وفي كاشان (50) يهودياً وفي كلبا كيان (85) يهودياً .
ولقد دخل حبران من أحبار اليهود إلى البابية في همدان وهو الحبر الياهو والحبر لازار ] ( ).
ودخول اليهود بهذا الشكل في نحلة غير يهودية أمر يخالف طبيعة اليهود التي عرفت عنهم على طول التاريخ وعرضه ، إنهم لا يتركون دينهم إلى دين آخر إلا في حالات فردية نادرة وشاذة ، ذلك أنهم يخضعون خضوعاً تاماً إلى مقولة أنهم شعب الله المختار ، وأن ما عداهم من الأمميين إنما خلقوا ليكونوا لهم تبعاً وخدماً ، وأنهم يعتقدون أنه لا يصح أن يخرج واحد منهم عن هذه الطبقة الممتازة إلى طبقة أخرى أدنى منها أو أقل .
وعلى هذا الأساس فإن دخول اليهود بشكل يشمل العالم وغير العالم في هذه النحلة الجديدة ليس له إلا تفسير واحد ، وهو أنهم يريدون أن يحققوا أهدافهم تحت ستار كثيف من التمويه ثم يوجهون بشكل سري بعض من ينتسبون إلى الإسلام توجيهاً يؤدي بهم إلى النيل من الإسلام وأهله .
الثاني : أن اليهود قد تكفلوا من خلال المؤسسة العالمية التي تضمهم وهي مؤسسة الماسونية اليهودية ، أن يضعوا للبابية كل هدف مموه وكل أمل براق ، وكل خطة تؤدي إلى هذا الهدف وتقضي إلى ذلك الأمل .
إنهم قد استخدموا زعماء البابية والبهائية في إعلان أهداف الماسونية التي تنادي بوحدة الأديان ، وتتستر خلف محبة الإنسانية ، وتدعي أنها تعمل من أجل نبذ الأحقاد والخلافات التي لا سبب لها في العالم كله إلا التعصب للأديان ، والتحمس لمبادئها .
وحين تعلن البابية والبهائية مبادئ الماسونية ، فإنه لم يعد أمامها أي خيار في اتباع الوسيلة أو اصطناع الطريقة التي توصل إلى تلك الأهداف .
إذ أنه قد أصبح لزاماً عليها أن تسلك خطاً واحداً هو الخط الماسوني فحسب ولذا فإن الميرزا محمد علي الباب كان دائم النظر في كتب اليهود ، عاكفاً على قرائتها ، بحيث لا تكاد التوراة المحرفة تفارقه حتى في أيام سجنه .
والذي يقرأ الماسونية يعلم أنها في مراتبها الأخيرة تطلب من صاحب المراتب العليا أن يقسم على نبذ القرآن والإنجيل ومعاداتهما ، ولا يحترم سوى التوراة ، ولا يقدر من الأنبياء سوى موسى عليه السلام .
وينضم إلى ما قلناه من شواهد : أن البابية بعد أن تحولت إلى البهائية بمقتل علي محمد الباب ، أنشأت لها محفلاً في أرض فلسطين المحتلة لكي تعقد جلساتها في حرية ، وتنشر مبادئها في العالم الإسلامي منطلقة من هذا الوطن الآمن بتشجيع من اليهود وحماية منهم .
الثالث : والمحور الثالث الذي اعتمد عليه اليهود في تدبير شئون الحركة البابية والبهائية ، هو أن اليهود قد وجدوا أن هذه الحركة تحتاج إلى إعلام قوي ، ودعاية شديدة ، حتى تعلن على العالم كله نبل مقاصدها وسلامة غايتها ، وطيب ما تدعو إليه من مبادئ وأسس ونظم وتشريعات .
ولسنا نحتاج هنا إلى تأكيد أن اليهودية لها تأثير قوي على الإعلام العالمي ، بمختلف صوره ، ولذا فقد وجهوا أجهزة الإعلام في العالم كله نحو شرح مبادئ البابية وغاياتها ، وتعريف العالم بهذه المبادئ وتلك الغايات ، كما وجهوا كبار الباحثين من المستشرقين المغرضين والمفكرين اليهود وغير اليهود لكي يتحدثوا عن هذه النحلة الجديدة .
ولقد تحمل كبر هذه الدعوة كلها في مجال البحث العلمي الكاتب اليهودي جولد تسيهر الذي مجد هذه الحركة في إيران ، واعتبرها نفرة لم يسبق لها مثيل ، ثم تبعه غيره من الكتاب والمفكرين المأجورين .
وهكذا انضم إلى القوة المادية التي تأتي من روسيا قوة أخرى فكرية وإعلامية لها خبرة طويلة في المكر والدس والخداع ، ولها ثأر قديم لدى المسلمين متمثلاً في مبادئهم الإسلامية ، وتشريعهم الذي أصلح من أمر العالم حين أشرق بنوره لإزالة الفساد والضلال .
ولكن يبقى العالم المسيحي لابد هو الآخر أن يكون له دور في هذا المجال .
والعالم المسيحي متشكك دائماً في اليهود واليهودية حانق على هذه الديانة وأصحابها ، ولا يمكن له أن يسمع من زعماء اليهود أو أعلامهم ، وإنما لابد أن يسمع من القساوسة المسيحيين ورؤساء الكنائس ، ورجال الدين المسيحي أنفسهم على وجه العموم .
ولكن ما الذي يضطر رجال الدين المسيحي إلى أن يشغلوا أنفسهم بهذه النحلة الجديدة ؟
إن المتأمل في التاريخ الحديث يجد أن المستعمرين من الغرب المسيحي قد عجزوا تماماً عن مواجهة المسلمين بالسلاح ، وهم يريدون الاحتفاظ بالأرض وثرواتها ، واستغلال الشعوب لرفع اقتصادهم ومستوى معيشتهم .
وكان لابد أن يحولوا الحرب إلى حرب دينية حيث إن العاطفة الدينية هي العاطفة الوحيدة التي يستعر نار أوارها حين تخبو نيران كل العواطف .
ولما كان رجال الدين المسيحي من أهم الطوائف الذين يحصلون على الثروة والمال من الدولة ، فإنه من الممكن للدولة أن تستغل هذه الطائفة لحمل الشعب المسيحي على مواجهة المسلمين بالسلاح إن اقتضى الأمر ، وبالفكر إذا احتاجت المسألة إلى مفكرين وعلماء .
وقد سبق أن قلنا : أن رجال سفارات العالم المسيحي في إيران كانت تتدخل للدفاع عن البابيين والبهائيين جنباً إلى جنب مع السفارة الروسية في نفس الوقت الذي كان بعض رؤساء الكنائس ورجال الدين يقومون بمشاركة الإعلام الماسوني في شرح أفكار البابية والبهائية وتقديمها للناس على أنها فكر متطور يشبه إلى حد كبير تصورات المسيحية في عيسى عليه السلام ، حيث إن له صلة بالله عز وجل تخالف ما يتصوره المسلمون الذين يعتقدون في عيسى أنه رسول وعبد لله يوحى إليه .
ويرى بعض رؤساء الكنائس أن البهائية حين تتصور عيسى عليه السلام ، وقد حلت فيه روح الله تكون بذلك قد تقدمت خطوة نحو المسيحية ، وقربت الشرق من الغرب قرباً يسمح لهما بالمصافحة والرضا .
وهكذا أحكمت الخطة إحكاماً يسمح بتمثيل الأدوار القادمة بعد أن تحالفت الشياطين ومكر الماكرون .
" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " .







البابيـــة

علي محمد الشيرازي :
على هذه الأرض المهاد ، وفي هذا المناخ الملائم ، ولد علي محمد الشيرازي ميلاداً مغموراً وقع الخلاف بين المؤرخين حول تحديد وقته ، فمن قائل : أنه سنة 1236 هـ مع اختلاف في الشهر من هذا العام ، ومن قائل : أنه سنة 1235 هـ ، إلى غير ذلك من الأقوال .
وقد وصفت الأسرة التي نشأ فيها الشيرازي والسلالة التي انحدر عنها بأنها تمت بصلة إلى أهل البيت ، وتنتسب إلى آل النبي محمد e ، غير أن بعض الذين كتبوا في البابية رأوا أن هذه مناورة من عشرات المناورات التي حاول البابيون خلالها إثبات بابية الباب أو مهدويته ، ويستند الذاهبون إلى هذا الرأي في ترجيح قولهم إلى الألقاب التي كانت تمنح في إيران لأهل البيت ، والأجيال المنحدرة عنهم ، والتي تمنح لغيرهم من ذوي المراكز الممتازة أو الطبقات العليا من المجتمع ، حيث كان اللقب الذي يمنح لسلالة أهل البيت هو أنهم هم السادة وواحدهم سيد ولا شيء غير ذلك ، أما غيرهم من المتميزين في المجتمع فكان الناس يمنحونهم ألقاب أخرى كالميرزا والملا إلى أخره .
والمتتبع لتاريخ الباب يجد أن جميع من كتبوا عنه من المتحمسين له أو المناهضين لدعوته كانوا يلقبونه جميعاً باسم الميرزا ، وفي هذا شيء من الدلالة على أنه لم يكن سليل البيت النبوي ، ولم يحظ بشرف الانتماء إليه ( ).
على أننا لسنا هنا بحاجة ماسة إلى إثبات أنه سليل بيت النبوة أو لا ، ذلك أن في دعوته وحدها كفاية في إبطال ما يدعو إليه والكشف عن هدفه ، والوسائل التي تؤدي إلى هذا الهدف .
ولم تشأ الأقدار أن ينعم علي بأبيه محمد رضا الشيرازي طويلاً ، إذ أن أباه قد توفي وهو صغير ، فانتقل إلى كفالة خاله الذي أثبتت الحوادث فيما بعد أنه كانت له صلة وثيقة بطائفة الشيخية والرشتية .
وكان هذا وحده كافيا في أن يدفع هذا الخال بابن أخته إلى أحد المعلمين الذين يعلمون مبادئ الشيخية والرشتية في شيراز .
ولم يظهر الفتى الصغير ميلاً إلى العلم في أول أمره مما دفع خاله إلى أن يأخذه معه في التجارة بعد أن تعلم شيئاً من قواعد النحو والخط الفارسي ، وطرفاً من اللغة العربية ، غير أن التجارة في شيراز قد أصيبت بالكساد فرحل الفتى إلى بوشهر حيث كان يقيم بها أحد إخوانه ، وهناك اشتغل بالتجارة في الأقمشة والملابس ، واجتمع به هناك أحد أقطاب الشيخية الكبار ، فأخذ يوهمه بقرب ظهور المهدي ، وأنه يرجو أن يكون هو ، ودخلت هذه الفكرة عليه ، فاشتغل بالرياضيات ، وبعلم النجوم وتسخيرها ، وبجملة أخرى من العلوم الوهمية ، والسلوك الشاذ المنحرف ، فأثر ذلك تأثيراً بالغاً في عقله ازداد هذا التأثير بوفاة ابنه الأول بعد عام من حياته ، فأدرك خاله أن ابن أخته قد أصبح يتصرف تصرفاً غير طبيعي ، فأرسل به إلى العراق رغبة في الاستشفاء بعد زيارته لبعض الزيارات ، ورحل الفتى إلى كربلاء حيث كان مقر الرشتية المتطورة عن الشيخية ، وحيث كان كاظم الرشتي الكبير السن ، الكبير المقام بين أتباعه ، مازال حيا يباشر دروسه بين مريديه وأتباعه ، فتلقف الفتى لأول عهده بكربلاء ، وكان الفتى قد تلقى مبادئ الشيخية والرشتية عاماً كاملاً في بوشهر قبل أن يأتي إلى كربلاء ، وكان مستعداً غاية الاستعداد إلى تلقي تعليمات وإيحاءات كاظم الرشتي ومن وراءه ، وفي مجالس الشيخ الرشتي كان هناك الجاسوس الروسي الذي سبقت الإشارة إليه يحرص أن لا يتغيب عن المجلس إلا لحاجة تقتضيها الخطة أو خدمة لأحد أهدافها .
ومن يوم أن وصل الشيرازي إلى كربلاء ، وهو يتعرض إلى الإيحاءات النفسية والتعاليم المشبوهة سواء من كاظم الرشتي أو من الشيخ عيسى أو من غيرهما . ولقد ألهب الشيخ الوقور بين أتباعه مشاعر المريدين بالأوصاف والتلويحات التي لا تكاد تخطئ علي محمد الشيرازي ، وكانت الخطة ألا يظهر الباب إلا بعد وفاة الرشتي وانتقاله عن هذا العالم .

مهمة البابية :
تلك هي المرحلة الثالثة من المراحل التي تضمنتها الخطة الاستعمارية التي عززها الفكر اليهودي واحتضنها ودافع عنها .
وهذه المرحلة الثالثة لها مهمة متميزة هي في حقيقتها استثمار لما سبقها من جهود الشيخية والرشتية .
وهذه المهمة وإن كانت قد سبقتها تمهيدات وإيحاءات تمهد الأرض لها وتربي الجيل المستعد المتحمس لمبادئها ونصرتها ، إلا أن هذه المهمة في حقيقة الأمر غاية في الصعوبة ، لأنها تعبير عن المصادمات الحقيقية والمواجهة المباشرة مع شعور المسلمين وارتباطهم بدينهم .
وذلك أن المهمة التي يطلب من الباب والبابية القيام بها تتمثل في مرحلتين :
إحداهما : نسخ الشريعة الإسلامية ، وإبطال العمل بمقتضاها .
وثانيتهما : وضع شريعة جديدة لا تتصف بالحفاظ على التوازن الاجتماعي ولا تتميز برعاية الفرد ، وإنما يكون هدفها الأول : فصل الإنسان المسلم عن القيم ، وعزله عن العلاقة بربه وقتل روح المقاومة والنخوة فيه .
وهذا الهدف المزدوج لم يعد يقبل الإبطاء ، ولا يتحمل الصبر وطول النفس وإنما من الممكن أن تقوم به البابية على سبيل التجربة التي تتيح للرابضين خلف الخطة أن يستفيدوا من أخطائها على أرض الواقع العملي ، ثم يبرزوها بعد ذلك خالية من أسباب الخطأ عارية عما يؤدي إلى الفشل فيها .
مؤتمر بدشت :
قامت قيامة علي محمد الباب كما يحلو له أن يسميها أو أعلن عن دعوته ونحلته ، كما يجب أن تسمى به مع غروب شمس اليوم الخامس من جمادي الأولى سنة 1260 هـ من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ، وتفرق أقطاب ( حي ) ( ) في أنحاء إيران لإضلال الناس ، والحصول على أكبر عدد ممكن من الأتباع ، وقبض على علي محمد في شيراز ، ثم أطلق سراحه بعد التوبة العلنية في المسجد الجامع أمام الناس ليعاد اعتقاله بعد تبين كذبه ، وتنقل في السجون ، حتى استقر في قلعة ( ماه كو ) قبل مقتله بفترة .
وفي عام 1264 هـ ، وأثناء وجوده في ماه كو ، أمر الأتباع أن يصدعوا بالأمر وأخبرهم أن الوقت وقت التحرك ، فدعا الأتباع إلى مؤتمر يعقد في صحراء بدشت وهي على نهر شاهرود( ) بين خراسان ومازندان ، ووجهت الدعوة على حروف حي على أن يجمع كل واحد منهم من استطاع أن يضله من الناس .
وكانت أهداف هذا المؤتمر تنقسم إلى قسمين :
هدف معلن مشهور .
وهدف مطوي مستور .
أما الهدف المعلن ، فهو بحث إمكانية تخليص الباب من سجنه .
وأما الهدف المستور : فهو نسخ الشريعة الإسلامية ، والإعلان عن هذا النسخ بصورة تضفي على البابية والبابيين شخصيتهم التي تميزهم عما عداهم مما يعتنقون الإسلام ويدينون به .
واجتمع الناس في الموعد المحدود ، وكان عددهم واحدا وثمانين عضواً ما بين رجل وامرأة .
ولم يذكر المؤرخون أن واحداً أو واحدة من هؤلاء المجتمعين قد زاد عمره على الثلاثين إلا بزمن يسير .
وعقدت الجلسات تحت سماء الصحراء وعلى أرضها وسط انحلال خلقي لم يتحمل وقعه حتى بعض المؤتمرين أنفسهم .
وكانت وقائع الجلسات تسجل دراسة الموضوعين اللذين هما هدف المؤتمر كله ، غير أن طبيعة الدراسة في كليهما تحتم أن يكون أحد الموضوعين مطروح بشكل عام ، والآخر يتردد بين الخاصة في مذكرات متبادلة .
واتخذ المؤتمرون قرارهم في الموضوع المتعلق بالباب ، ووافقوا على ضرورة تخليصه عنوة أو سلماً .
وقد سجل المؤرخ البهائي " عبد الحسين أراره " جانباً من جوانب المؤتمر الذي اتخذ فيه قرار بوجوب تخليص الباب :
قال [ لما تم عقد اجتماع الأحياء في ( بدشت ) شرعوا في البحث ، وكانت مجالسهم منقسمة إلى طبقتين :
الطبقة الأولى : المجالس الخاصة وهي التي تعقد بكبراء الأصحاب وعظمائهم .
والطبقة الثانية : المجالس العامة ، وهي التي تعقد بمن سواهم . أما المجالس فكانت المذكرات التي تجري بين خواص الأحياء وأكابرهم فيها تدور حول ( تغيير الفروع ، وتجديد الشريعة ) ، وبعد أن أقر الرأي العام على وجوب السعي في تخليص حضرة الباب وإنقاذه ، قرر أيضاً إرسال المبلغين ( أي الدعاة المبشرين ) إلى النواحي والأكناف ، ليحثوا الأحياء على زيارة الحضرة ( أي الباب ) في ماه كو ( القلعة المعتقل فيها ) مصطحبين معهم من يتسنى اصطحابه من ذوي قرباهم وودهم ، وأن يجعلوا مركز اجتماعهم ماه كو ، حتى إذا تم منهم العدد الكافي طلبوا من محمد شاه الإفراج عن حضرة الباب ، فإذا لبى الشاه طلبهم فيها ونعمت وإلا أنقذوا الحضرة ( أي الباب ) بصارم القوة وحد الاقتدار ( ).
وحسبما ذكر عبد الحسين فإن المؤتمرين قد توصلوا إلى قرار بخصوص الهدف المعلن من بين الأهداف التي دعي إلى المؤتمر من أجلها .
غير أن هذه لم تكن أهم القضايا التي ينبغي على المؤتمرين بحثها ، وليست سوى مجرد ستار لدعوة الأحباب كي يجتمعوا لحل مشكلة أخطر وأعمق .
وهذه المشكلة العويصة المستعصية هي إعلان المؤتمرين عن نسخ الشريعة الإسلامية .
ومما ينبغي أن نلفت النظر إليه هو أن هذا الهدف الثاني لم يكن يخطر على بال المؤتمرين فيما عدا الصفوة والخاصة منهم الذين تولوا قيادة المؤتمر والدعوة له ، وهذا أمر يخلق لوناً من الإعضال أمام الصفوة والخاصة حين يريدون البحث عن الطريقة التي يعلنون بها ع�

المصدر: كتاب اللفة الشيخ طه الحبيشي

التحميلات المرفقة

hazemabdrad

حازم ابوحبيشي

  • Currently 25/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 427 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2011 بواسطة hazemabdrad

ساحة النقاش

حازم علي بكرحبيشي

hazemabdrad
الباحث الاجتماعي/حازم ابوحبيشي »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

602,101