أسطورة سيزيف و منطق إنشاء المزارع السمكية المصرية ثم إزالتها!!
محمد شهاب
تحكى أسطورة سيزيف اليونانية، كعقاب من الآلهة، أرغم سيزيف على دحرجة صخرة ضخمة على تل منحدر، ولكن قبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه، ويكون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى. و كانت العقوبة التي عوقب بها سيزيف، جزاء لاعتقاده المتعجرف كبشر، بأن ذكاءه يمكن أن يغلب ويفوق ذكاء زيوس. ليس هناك عقاب أفظع من عمل متعب لا أمل فيه ولا طائل منه.
هكذا الوضع لو عرفنا أنه، تم تجفيف حوالي 26 ألف فدان من بحيرة المنزلة، كانت تشغل جزء كبير منها مزارع سمكية، ليتحول جزء منها إلى مدينة للأثاث، مع العلم بان القانون المصري يمنع تحويل أراضى البحيرات إلى شان آخر غير متعلق بالصيد. أيضا هناك 16 ألف فدان مزارع سمكية في منطقة سهل الطينة شرق بورسعيد، أزالتها وزارة الري، باعتبارها مخالفة. مما يعنى الحالتين، يتم إزالة حوالي 42 ألف فدان مزارع سمكية قيل أنها مخالفة، مع العلم أن أكثر من نصف مزارع مصر السمكية(حوالي 300 ألف فدان مستزرعه سمك قائمة) تعمل بشكل مخالف، و لكن بدلا من دفعها لتقنين أوضاعها، فإنه يحدث إزالة لها. مع العلم بأن الحالتين السابقتين فى المنزله و سهل الطينة، لم يكونا الوحيديتن اللتان حدثت بهما الإزالة.
و كان من قبل نشط بعض المحافظين، في إزالة الأقفاص السمكية في النيل، بدعوى مخالفتها أيضا!!! على الرغم من أتفاق احد محافظ أسبق، و بالاتفاق مع جميع أصحاب المصلحة، على أن تبقى الأقفاص، على أن لا تعوق المجرى الملاحي للنهر، و تبعد بدائرة قطرها 3 كم من مآخذ مياه محطات مياه الشرب، و تعلف بأعلاف طافية، و بعد عدة أيام من الاتفاق، يصدر المحافظ قرارا بإزالة الأقفاص من النيل!!!!
يحدث هذا في وقت تقوم هيئة قناة السويس، و الشركة الوطنية للثروة السمكية و الإحياء المائية، بإنشاء مزارع سمكية عملاقة، أي كانت مساحتها، فلن تصل إلى مساحة المزارع السمكية التي تم إزالتها و هي منتجه و لسنوات!!!
و من ثم لا بديل عن الاستيراد، حتى لو كان على حساب المنتج المحلى، علما بأنه كان مقترح من منتجي الأسماك و الدواجن، أن تعفى مكونات الأعلاف المستوردة من الرسوم الجمركية، و لكن و للعجب، يتم إعفاء السمك المستورد من الرسوم الجمركية!!!
و الله في عون مزارعي السمك، تكالبت عليهم المشاكل من كل الجهات، مشاكل في حيازة الأرض ، و إزالة مزارعهم، و مشاكل تلوث متزايد لمصادر مياه المزارع السمكية و المصادر المائية عامة، و نفوق للأسماك، أصبح يتم بشكل متزايد، و ارتفاع في أسعار العلف، و ارتفاع في أسعار الوقود و الطاقة، و بالطبع تزايد تكاليف باقي عناصر الإنتاج، و تزايد في كميات السمك المستورد، بما فيه البلطي و البورى.
لكى الله يا مصر
ساحة النقاش