<!--<!--<!--
(3)
المزارع السمكية المصرية 2020
السيناريو الثاني
محمد شهاب
<!--<!--<!--
في هذا السيناريو، تكون بعد مرور فترة من 3-5 سنوات من ثورة 25 يناير 2011 ، يكون الوضع قد حسم، و نتصور حسمه لصالح غالبية الشعب المصري، و وصلت لسدة الحكم حكومة وطنية بطريقة ديموقراطية شفافة، و بتأييد شعبي، و تعهد بتنفيذ أهداف الثورة(خبز كرامة حرية عدالة اجتماعية). و من ثم يكون قد تم في بداية وصول تلك الحكومة التطهير لكل مؤسسات الدولة من الفاسدين و رموز الحكم السابق. و بهذا يبدأ الانطلاق للتنمية الوطنية، و من ضمن برنامج التنمية الوطنية، الإنتاج السمكي بشكل عام، و المزارع السمكية بوجه خاص، لما تمثله من طاقة و خبرات و موارد كفيلة بتحقيق الانطلاقة في هذا المجال على كافة الأصعدة.
تكون البداية بوضع إستراتيجية واضحة المعالم لقطاع الاستزراع السمكي المصري، و يشارك فيها الشعب و ممثليه من كافة القطاعات(خبراء فنيين – مشرعين – اقتصاديين و بنكيين– خبراء علاقات دولية...الخ ) تكون محددة بجدول زمني محدد و مصادر تمويل بحجم متفق عليه مسبقا، و تحديد جغرافي و كمي واضح لأفضل الأماكن و أفضلها اقتصاديا و اجتماعيا و أمنية. يترتب على ذلك، انه ستكون هناك خطط قصيرة الأمد و متغيرة حسب ما يجرى من تغير في محصلة القوى في المجتمع من منتجين و مستوردين و بيروقراطيين و تكنوقراط. و حتى يتم ذلك لابد من وجود الشكل المؤسسي القوى القادر الكفء، على رأسه هيئة تنمية الثروة السمكية أو كيان مؤسسي آخر يتفق عليه الشعب بتوصية من الخبراء و المتخصصين.
يتم تكوين كيان مؤسسي كوزارة للثروة الحيوانية منفصلة عن وزارة الزراعة، و من ثم من سيأتي به النظام على رأس المؤسسة و بمباركة شعبية من العاملين بالقطاع، ملزم بتنفيذ الإستراتيجية الموضوعة مسبقا، كما أن صفات من سيكون على رأس هذا الكيان يجب أن تكون محددة المعالم، من خبرات و مؤهلات و صفات قيادية و شخصية، كما يتم محاسبته بواسطة أجهزة رقابية رسمية و شعبية. أما منظمات العمل المدني، من جمعيات مزارعين اسماك و صيادين و تكنوقراط و أكاديميين، فهم اللذين سيشكلون الجزء الأكبر من مجلس الإدارة لهذا الكيان، بصفتهم هم أصحاب المصلحة الحقيقية، خاصة مزارعي الأسماك. أما دور الإدارة المحلية، من محافظين و كذلك المجالس الشعبية المحلية، فتكون مهمتها تيسير العمل للكيان المقترح نظرا لمشاركتهما في وضع الإستراتيجية القومية للاستزراع السمكي على وجه الخصوص، و الإنتاج السمكي على وجه العموم.
سيكون الشغل الشاغل و حتى تنفذ استرتيجية الاستزراع السمكي المتفق عليها، هو العنصر البشرى، سواء كانوا من العاملين بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية أو المؤسسات البحثية أو غيرها من المؤسسات الحكومية، و كذلك مزارعي الأسماك و العاملين بحقل الاستزراع السمكي. و ذلك ببرامج تعليمية و تدريبية في مصر أو الخارج، أو استقدام خبراء أجانب في المجال السمكي، أو ببعثات خارجية.وذلك حتى يتكون لدينا من يستطيع تفهم و تجهيز المزارع للحصول على الشهادات التي أصبحت شائعة عالميا، و لا يسمح بممارسة العمل في الاستزراع السمكي بدونها، منها ما يخص بحماية البيئة، و حفظ سجلات المزرعة، و عدم السماح بتشغيل الأطفال، و شهادات التأمين للمزارع. ليس فقط بغرض التصدير، و لكن حماية للمزارعين و المستهلكين و الموارد.
يتم في تلك المرحلة عمال أطلس المزارع السمكية المصرية، و هو نتاج جهد كبير سواء كان من الجغرافيين و تكنولوجيا المعلومات IT، و المؤسسات العاملة في مجال الاستزراع السمكي كافة حكومية و غير حكومية. تضم أفضل الأماكن المرشحة للاستزراع السمكي و مساحاتها، و مصادر المياه المستخدمة في ريها، و طرق المواصلات و الكهرباء و مياه الشرب المؤدية إليها و حلقات السمك و البورصة السمكية، و غيرها من المعلومات، و ستكون متاحة لمن يطلبها. على أن يعاد النظر فيها كل 5 سنوات لمراعاة التغيرات التكنولوجية و غيرها، و التي تمكن من الاستفادة من مساحات جديدة حسب التكنولوجيا المتاحة.
سيكون قد تم حل مشكلة مياه ري المزارع السمكية، سواء مياه النيل أو المياه الجوفية أو مياه البحر، بما لا يتعارض مع أمن مصر المائي، و بما يحقق إنتاج صحي و قابل للتصدير بالشروط التي يطلبها المستورد من عدم استخدام مياه الصرف. و بذلك يكون أمتد نطاق المزارع السمكية و الأقفاص السمكية إلى مياه النيل و بحيرة ناصر و منخفض و مفيض توشكى، برقابة و اشتراطات صارمة، بغرض الحفاظ على مياه النيل نظيفة، وذلك بعد عمل ترتيبات تشارك فيها وزارة الري و الإدارة المحلية و شرطة البيئة و المسطحات المائية.
ربما تظهر أهمية تحقيق أقصى استفادة من الموارد البشرية و الطبيعية، عن طريق تحويل الاستزراع الحالي إلى استزراع مكثف أو فائق التكثيف، و سيكون هناك حاجة لمعالجة ما يترتب على ذلك من أمراض و نقص عمالة مدربة و بنية تحتية و العلف المناسب و التمويل، كذلك يكون قد تم أمتد عمل المزارع و الأقفاص إلى الصحراء في شكل تكاملي بين الزراعة النباتية و السمكية، بما لا يتعارض بين طريقتي الاستغلال للموارد المتاحة و مصالح جميع الفرقاء.
اختيار الأنواع التي سيتم زراعتها، بغرض تحقيق الأهداف القومية، و تحقيق أرباح مناسبة لمزارعي الأسماك، و كذلك تحقيق قدر من الصادرات السمكية ذات القيمة و السمعة العالمية الطيبة. و لكي يتم ذلك سيكون من الضروري تطوير سياسة التعليم و البحث العلمي، و دمجها في إستراتيجية الاستزراع السمكي، و من ثم ستكون قنوات الاتصال بين الأجهزة البحثية و مؤسسات الاستزراع السمكي الحكومية و الأهلية في الشكل الذي يجب أن تكون علية كما هو متبع عالميا. وستكون مهام أجهزة البحث كثيرة، سواء في اختيار الأنواع التي ستستزرع عالية القيمة و مقاومة للأمراض و متوافقة مع البيئة مفرخة محليا بصفة أساسية، و غيرها من تلك الأمور. و تمتد إلى أسماك الزينة بالبحر الأحمر و غيره من المصادر المائية المصرية، وهى ذات أهمية تصديرية عالية. قد يكون من الضروري مشاركة مصر بباحثيها في مشروعات بحثية دولية مع الدول المتقدمة في هذا المجال، سواء بقدرات باحثيها أو بمشاريع تقام داخلها مع تلك الأطراف الدولية.
الأوضاع الداخلية المستقرة التي حسمت، و في وجود هذا النظام الوطني الساعي للتنمية الوطنية، ستخلق فرصة للاستفادة من نقطة قوة مصرية، وهى الاستزراع السمكي، فيكون هناك حافز لخلق كيان علمي، قد يكون أكاديمية و قد يكون جامعة للاستزراع السمكي أو للثروة السمكية ككل، تجمع فيها الكيانات البحثية الموزعة بين وزارة الري(معهد صيانة القنوات المائية-وزارة الري) و معهد علوم بحار(أكاديمية البحث العلمي) و معهد بحوث الثروة السمكية التابع لمركز البحوث الزراعية(وزارة الزراعة). و يكون الكيان العلمي موكل إليه البحوث و التطوير، كما يكون منوط به إعداد للأفراد ذات التعليم و التكنولوجيا المتطورة، في مصر و الدول العربية و الأفريقية بصفة اساسية، و يكون مركز معلومات لجميع العاملين بالقطاع.
ستظهر الحاجة لجهاز قاعدة بيانات قوى يحوى إحصاءات حقيقية تعبر عن واقع، و تكون ذات مصداقية عالية. و تكون مصدر هام لعمل خطط مناسبة، يكون هذا الجهاز مرتبط بآخذي القرار، و بدون هذا الجهاز سيكون العمل بمجال الاستزراع السمكي مخاطرة كبرى، لهذا سيكون دعم جهاز الإحصاءات و البيانات لهذا القطاع ذات أهمية قصوى للمزارعين و آخذي و صانعي القرار.
سيكون من الضروري توفير التمويل المناسب في هذا القطاع الفتى، ذات العائد متوسط و طويل الأجل، و هذا سيتم من خلال البنوك و المستثمرين الجدد اللين يتم جذبهم للقطاع الواحد ذات الربحية الجيدة، و إما جذب شركاء أجانب، بما لا يتعارض مع الإستراتيجية المصرية، سواء كان الشركاء قادمين بتكنولوجيا عالية أو متطورة، أو بالأموال، فإن مصر بما تملكه من خبرة و تاريخ في الاستزراع السمكي، ومن موارد سبق إهدارها في مشاريع لا تحقق أهداف تنمية مناسبة لمواطنيها، عنها ستكون جاذبة للاستثمار في هذا القطاع. و لكن قد يكون استثمار مصري خارجي خاصة في دول النيل و أفريقيا، اعتمادا على أنواع مثل البلطي النيلي و الذي تتمتع مصر بخبرات كبيرة في تفريخه و إنتاجه أو قشر البياض الذي يفضله ألأوروبيين في صورة فيليه، أو حتى يكون تربية تماسيح للاستفادة من جلودها و لحمها. كما أنه من الممكن أن يمتد الدور المصري إلى الدول بين مدار الجدي و مدار السرطان(المناطق الاستوائية و تحت استوائية). في حالة الاستثمار و المشاركة المصرية الخارجية سيكون من المهم تكريس حماية الدولة و خاصة وزارات الخارجية و التعاون الدولي و الزراعة و العمل. ربما تنشأ بعض مشكلات تتمثل في الحاجة لقيادات وطنية و متفهمة للدور المصري البازغ و التي لم تعتاد علية تلك القيادات، و لكن بتأييد النظام الحاكم، يمكن التغلب على هذا العائق و غيرة من العوائق كاللغة و ثقافات الدول الأخرى.
سيكون من الأهمية تنظيم معارض و مؤتمرات دولية ذات مستوى رفيع، و يتحقق ذلك بطرق تحكيم البحوث المقدمة، و الشركات و الهيئات المتبنية أو المشاركة ذات الثقل الدولي و الخبرات في مجال الاستزراع السمكي، و من ثم سيكون المؤتمر و المعرض المصاحب له وسيلة للاحتكاك الدولي و عقد الصفقات ذات القيمة و الدور في دفع قطاع الاستزراع السمكي المصري. مع مراعاة دعم حكومي و أهلي مادي و اعلامى و علمي.
في ظل المناخ الموات للاستثمار من الممكن أن تدخل شركات عالية التكنولوجيا مجال تفريخ السماك البحرية عالية القيمة، و كذلك تتكون شركات نقل سمك حي و اصبعيات و بيض سمك مخصب لمسافات بعيدة و هي حية، حيث الطلب عالي على أمهات أسماك مثل البلطي النيلي و غيرة، كذلك شركات إنتاج طحالب بحرية من مزارع بحرية أو من مزارع مياه شروب و عذبة، و التي يزداد الطلب عليها عالميا، نظرا لاستخدامها في صناعة أعلاف غير تقليدية كبديل لمسحوق السمك الذي يعارضه جماعات المحافظة على البيئة، و غذاء و مكوناته، و كذلك في صنع أدوية. كما أنه قد تتواجد أشكال جديدة من سياحة الطبيعة بعمل مزارع سمكية و أقفاص سمكية كمكون سياحي بحري أو نيلي، مما يتيح رياضات مائية و تربية بط و تقديم الغذاء للأسماك بالمزرعة أو القفص.
كذلك و نتيجة لضغوط جماعات المحافظة على البيئة، ستكون هناك مزارع تنتج أسماك و قشريات و نباتات مائية عضوية Organic، تستخدم فيها أعلاف و أغذية طبيعية. و التي في الغالب عليها طلب عالمي كبير، و ذات أسعار مرتفعة عن الأسماك المعتادة.
أما و قد أصبح إنتاج المزارع السمكية مرتفعا حسب هذا السيناريو، سيكون من المحتم أمام مستوردي الأسماك أن يستثمروا في نشاط الاستزراع السمكي، أو يستوردوا اسماك تخضع لمواصفات صارمة، و تراقب عملية الاستيراد بعناية شديدة سواء للمستورد أو المصدر، بحيث لا يسمح إلا بالأكثر جودة فقط، أما في حالة المخالفة فيشدد العقاب بالشطب من قائمة المستوردين نهائيا.
ممكن أن تحدث مستجدات علمية ضخمة، مثل استخدام خلايا جزعية في تنمية عضلة سمكة، فتكون ذات تأثير ضخم على وظيفة المزارع السمكية، أما في حالة إنتاج سلالات سريعة النمو و معدل تحويل عالي و ممكنة التفريخ الصناعي و ذات مذاق جيد و قيمة تسويقية عالية، ستكون دافع إيجابي كبير للمزارع السمكية، خاصة في الدول ذات القاعدة العلمية الجيدة. كما أن زراعة الأسماك في أعالى البحار ذات التكنولوجيا العالية ستكون ذات أهمية كبيرة خاصة للدول التي ستدخل هذا المجال سواء بشكل فردى أو في صورة شراكة.
يمكن متابعة اخر أخبار المزارع السمكية و السمك و الدخول فىى حوار مع افراد مجموعة (المزارع السمكية Aquacultures)على الفيس بوك :
http://www.facebook.com/groups/210540498958655/
ساحة النقاش