استعراض لقطاع الاستزراع المائي في الصين
إعداد/محمد شهاب
خصائص، هيكل وموارد القطاع
تمتلك الصين تاريخاً طويلا في ممارسة الاستزراع المائي. وعلى الرغم من ذلك لم يبدأ إنتاج الاستزراع المائي على نطاق كبير إلا بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949. وقد شهد هذا القطاع نمواً هائلا في السنوات الأخيرة خاصة بعد انفتاح الصين على العالم الخارجي في الثمانينيات، حتى أصبح أحد أسرع القطاعات الزراعية نموا في الصين. فقد أنتجت الصين 30.28 مليون طن من الاستزراع السمكي في عام 2003، تمثل 64.34% من إجمالي إنتاج قطاع المصايد الوطني. كما وصل متوسط الاستهلاك السنوي للفرد من المنتجات السمكية 36.2 كجم. كما يشكل تصدير الجمبري، ثعبان السمك، البلطي، القواقع والأعشاب البحرية العمود الفقري لصادرات الأطعمة البحرية في الصين، حيث تمثل هذه الأنواع حوالي 50% من قيمة صادرات الأطعمة البحرية الصينية. وقد أدت التنمية السريعة لصناعة الاستزراع المائي في الصين إلى تحسين الإمداد الغذائي وكذلك إلى خلق مزيد من الوظائف وزيادة في الدخل للشعب الصيني، إذا يقدر عدد العاملين الريفيين الذين يعملون بشكل مباشر في تربية الأحياء المائية بحوالي 4.3 مليون نسمة، يبلغ الدخل السنوي لكل منهم 8 667 يوان (Yuan).
لمحه تاريخية و نظرة عامة
يرجع تاريخ ممارسة الاستزراع المائي في المياه الداخلية في الصين إلى 2 400 عام مضت. أما تربية الأسماك والقواقع والرخويات البحرية فهي أكثر حداثة، إذ يعود تاريخها إلى 1 700-2 000 عام مضت. ويعتبر كتاب فان لي (Fan Li) أقدم عمل في الصين حول تربية الأسماك. كما أنه كذلك أول عمل مكتوب في العالم عن زراعة الأسماك، حيث يضم الخبرة الثرية والمتراكمة عن تربية أسماك الكارب في الأحواض في القرن الخامس قبل الميلاد. ولطالما اعتبر الاستزراع السمكي في الصين من الأعمال الأسرية التي تعتمد على الخبرة المتراكمة عبر الأجيال، حيث كانت الممارسات تعتمد على تقنيات بدائية وإنتاج قليل مقارنة بالتقنيات الحديثة المتطورة. وقد بدأت الحكومة الصينية بعد الخمسينيات في استخدام طرق جديدة للاستزراع تتميز بتقنيات عالية في التفريخ الصناعي لأنواع الكارب الصيني الرئيسية، مما أدى إلى إنتاج هذه الأنواع من البويضة وحتى السوق في الأسر. وفى عام 1978 أدخلت سلسلة من التغييرات على السياسات الاقتصادية الصينية، حيث حل اقتصاد السوق تدريجيا محل التخطيط المركزي. وقد أدى كسر احتكار السوق وإزالة الحواجز التجارية بين الأقاليم الصينية إلى خلق بيئة قادرة على تنمية سوق الاستزراع المائي. كما مهدت التطورات العلمية والتكنولوجية، في نفس الوقت، الطريق إلى الإنتاج التجاري لتربية للأحياء المائية على نطاق تجاري كبير. كما أدى نجاح التفريخ الصناعي لأسماك الكارب في أواخر الخمسينيات إلى التطور الكبير في استزراع هذه الأسماك، حتى أصبحت تمثل 46.4% من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي في الصين، أو ما يعادل 78.58% من الإنتاج الوطني من تربية الأحياء المائية في المياه الداخلية في عام 2004. ويأتي بعد الكارب العديد من الأنواع الأخرى مثل الأعشاب البحرية، الرخويات، القشريات والأسماك، التي شهدت طفرات هائلة في الإنتاج بعد الثمانينيات. ومعظم زريعة الأنواع المستزرعة يتم الحصول عليها من المفرخات فيما عدا ثعبان السمك، والذي يتم الحصول على زريعته من المصادر الطبيعية أو عن طريق الاستيراد من الدول الأخرى.
الموارد البشرية
لقد ساعدت تنمية الاستزراع المائي في الصين في خلق فرص عمل في مناطق المصايد الصينية والمناطق الريفية. فقد بلغ عدد العاملين الدائمين في الاستزراع المائي حوالي 4.3 مليون نسمة في عام 2003 (يعملون أكثر من 6 شهور في العام). كما يضاف لهذا العدد حوالي 6 مليون عامل يعملون بشكل جزئي في هذا القطاع ( من 3-6 شهور في العام )، ويمثلون حوالي 3.5 مليون أسرة. ومعظم المزارع إما مزارع خاصة أو مزارع تعاونية. ففي عام 2002 كان إنتاج المزارع المملوكة للدولة 179 686 طناً أو 1.48% من إنتاج المزارع البحرية الكلية، 1 144 394 طنا أو 6.75% من الإنتاج الكلى لمزارع المياه الداخلية. وتشارك النساء بشكل كبير في المزارع الصغيرة والمزارع العائلية. ويكتسب المزارعون خبراتهم، في معظم الأحيان، من محطات الإرشاد التي أسستها الدولة عند مستويات متعددة، بحيث تقوم بتدريب هؤلاء المزارعين، أو من النشرات الفنية التي توزع من قبل الحكومة من خلال "برنامج إدخال العلم والتكنولوجيا للمناطق الريفية ".
الأنواع المستزرعه
أنواع المياه العذبة
يستزرع في الصين حوالي 50 نوعاً مهما من أنواع المياه العذبة بصورة تجارية. وأهم هذه الأنواع الكارب، الدنيس الصيني والدنيس ذو الأنف المفلطح. ومع ازدياد الطلب المحلى والعالمي على الأسماك منذ الثمانينيات، ثم استزراع العديد من الأنواع المحلية أو المستجلبة من الخارج بشكل تجارى في الصين. ومن هذه الأنواع: ثعبان السمك الياباني (الإنكليس) (Anguilla japonica )، المسمار النهري (river-nail)، سمك الماندارين (Siniperca chuatsi )، الحفش ( الاسترجون) (Acipenser sturio ) السلحفاه ملساء الصدفة (Trionyx sinensis )، السرطان الصيني النهري (Eriocheir sinensis )، سمك اللول (loach)، السمك ثعبانى الرأس (snakehead; Channa argus)، جراد البحر ( الاستاكوزا) (crawfish)، الجمبري النهري العملاق (Macrobrachium rosenbergii )، البلطي (tilapia) التراوت (Oncorhynchus mykiss )، السمك البدال (paddlefish)، السمك القطي (catfish)، الضفادع (frog) وثعبان السمك الأوروبي (Anguilla anguilla ). وقد بلغ إنتاج الصين من الاستزراع المائي في المياه العذبة 17 782 734 طن فى عام 2003 . وقد كانت نسبة كل نوع من هذه الأنواع من الإنتاج الكلى كما يلي:
|
النسبة المئوية |
الكارب الفضي والكارب ذو الرأس الكبير |
30.10 |
كارب الحشائش |
20.20 |
الكارب العادي |
13.20 |
الكارب الكروسى (Crucian carp) |
10.00 |
الكارب الأسود |
1.30 |
الدنيس الصيني والدنيس ذو الأنف المفلطح |
3.30 |
البلطي |
4.20 |
السرطان النهري الصيني، جمبري المياه العذبة والسلحفاة |
3.40 |
ثعبان السمك |
1.0 |
الأنواع الأخرى 13.4 |
أنواع المياه المالحة والمياه متوسطة الملوحة
يستزرع في الصين حوالي 40 نوعاً بشكل تجارى في المياه المالحة والمياه معتدلة الملوحة. ولكن تقتصر الزراعة المالحة بشكل أساسي على أربعة مجموعات من الرخويات: المحار، البطلينوس ( الإكلام)، الكوكل الأحمر (Anadara granosa )، وإكلام مانيلا وقد تطورت تربية الإسكالوب (Chlamys livida ) والأبالون خلال الثمانينيات. أما إنتاج الأعشاب البحرية فقد جري تطويره خلال الخمسينيات. وقد كانت صناعة تربية الجمبري أهم الصناعات التي تدر ربحاً في الثمانينيات. ويعتبر أنواع الجمبري:Penaeus chinensis ، Penaeus japonicus ، Penaeus monodon ، Penaeus vannamei ، Penaeus merguiensis ، Penaeus penicillatus ، Metapenaeus ensis أهم الأنواع المستزرعة في الصين، وإن كان النوع (Penaeus vannamei ) هو النوع السائد حاليا من حيث الإنتاج. وقد حدثت طفرة في إنتاج الأسماك البحرية في التسعينيات. ويعتبر الدنيس، سمك اللبن (Chanos chanos )، اللفش البحري (sea perch)، الفلوندر الياباني (Japanese flounder)، البوري (mullet)، الكروكر الأصفر (yellow croaker; Larimichthys polyactis )، الوقار (الهامور) (grouper)، والبوفر (puffer) أهم الأنواع البحرية المستزرعة. كما أن الأنواع التي أدخلت من الخارج مثل القاروص ، القاروص ذو الفم الكبير (large mouth bass) ، الطوربوت (turbot; Psetta maxima )، السمك الأحمر (Centroberyx affinis ) قد تم استزراعها بنجاح. وقد بلغ إنتاج الاستزراع البحري في عام 2003 في الصين 12 533 061 طنا موزعة كما يلي:
<!--
الأسماك البحرية |
4.1 |
القشريات |
5.3 |
الرخويات |
78.6 |
الأعشاب البحرية |
11 |
ممارسات و طرق الأستزراع
يعتبر الاستزراع في الأحواض الطينية أشهر وأهم أنظمة الاستزراع المائي في الصين، حيث يمثل 70.54 % من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي في عام 2003. ومعظم المزارع الأرضية تنتشر بطول حوض نهر يانجتسى وحوض نهر اللؤلؤ، وتغطي 7 مقاطعات هي: جواندونج جيانجسو، هوباى، هونان، أنهوى، جيانجسى، وشنغهاي. ويشكل إنتاج المزارع السمكية الأرضية في هذه المقاطعات 67.62% من إجمالي إنتاج الصين. وفى المناطق التي كانت اقل تطوراً في السابق، خاصة في الشمال، الشمال الشرقي والشمال الغربي، مثل مناطق بكين تيانجن، هيبى، شاندونج، شانسى، منغوليا الداخلية، لياوننج، جيلين، هيلونججيانج، جانشو، ننجكسا، وزنجيانج، فقد ارتفعت مساهمة استزراع المياه العذبة من 2.8% من إجمالي الإنتاج الكلى في عام 1979 لتصل إلى 15.42% في عام 2002.
وإضافة إلى الأحواض الأرضية، يشكل الاستزراع المائي في المياه المفتوحة معظم باقي الإنتاج. فبجانب ممارسة الاستزراع المائي المكثف في الأحواض الترابية، يمارس الاستزراع المائي في المياه المفتوحة مثل الخزانات المائية، البحيرات، الأنهار والقنوات في الأقفاص العائمة، والحظائر والحواجز الشبكية. وقد ارتفع متوسط إنتاج المزارع الأرضية من 297 كجم/هكتار/عام في عام 1979 إلى 3185 كجم/هكتار في عام 2003، بزيادة قدرها 2 888 كجم (أي تضاعف الإنتاج 10.72 مرة). ويوضح الجدول الآتي إنتاج الأنظمة المختلفة في الصين.
إنتاج الوحدة من أنظمة الإنتاج المختلفة |
||||
العام |
الخزانات |
البحيرات |
الأحواض |
المتوسط (كجم/هكتار) |
1979 |
279 |
724 |
155 |
84 |
2003 |
3 185 |
5 217 |
1 124 |
1 109 |
المصدر: كتاب الإحصاءات السنوي للمصايد الصينية لعامي 1979 و 2003.
وقد بدأ الاستزراع السمكي في حقول الأرز يتطور من نشاط محدود ليصبح نشاطاً تجاريا هاما.فقد ارتفعت مساحة حقول الأرز المنزرعة بالأسماك لتصبح 1.56 مليون هكتارا في عام 2003، تعطى إنتاجا قدره 1.024 مليون طن. وتعتبر أسماك الكارب هي أهم الأنواع. ولكن تربية السرطان النهري الصيني
(Eriocheir sinensis) في حقول الأرز بدأت تنتشر أيضا بسبب قيمته الربحية العالية.
الاستزراع المائي البحري
لقد تطور الاستزراع المائي في المياه المالحة والمياه معتدلة الملوحة تطوراً كبيرا في الصين خلال العقدين الماضيين. كما تنوعت كذلك أنظمة الاستزراع لتشمل الأحواض الأرضية، الأطواف العائمة، الحظائر، الأقفاص (القريبة من الشاطئ، البعيدة عن الشاطئ والغاطسة)، النظام الدائري الداخلي، الاستزراع على قاع البحر والمرابي البحرية. وقبل عام 1980، كانت الأنواع المستزرعة أساساً هى اللاميناريا (kelp)، البورفيرا (Porphyra ) والقواقع، حيث كان يشكل إنتاجها 98% من إجمالي إنتاج الاستزراع البحري. ولكن تم إدخال وتطوير استزراع العديد من الأنواع البحرية الأخرى. ولذلك ارتفعت مساحة المزارع البحرية من 117 000 هكتار في عام 1979 إلى 1.53 مليون هكتار في عام 2003. كما ارتفع الإنتاج من 415 900 طن إلى 12.53 مليون طن خلال نفس الفترة. ويوضح الجدول التالي المساحات المنزرعة والإنتاج للمناطق المائية المختلفة في عام 2003.
المساحات المنزرعة والإنتاج للأنظمة المائية المختلفة في عام 2003 |
|||
|
الخلجان |
المسطحات الطينية |
البحار الضحلة |
المساحة (هكتار) |
590 455 |
676 184 |
265 513 |
الإنتاج (طن) |
6 318 026 |
5 091 330 |
1 123 705 |
المصدر: كتاب الإحصاءات السنوي للمصايد الصينية لعام 2003.
أداء القطاع
الإنتاج
لقد بلغ إنتاج الاستزراع المائي في الصين 30.28 مليون طن في عام 2003، مقارنة ب 1.23 مليون طن في عام 1979. كما ارتفعت مساهمة الاستزراع المائي من إجمالي إنتاج قطاع المصايد الصيني من 29% في عام 1979 إلى 64.33% في عام 2003. وكذلك ارتفعت مساحة المزارع المائية من 2 854 مليون هكتار عام 1979 إلى 7 104 مليون هكتار في عام 2003. وبذلك حلت تربية الأحياء المائية محل المصايد الطبيعية لتصبح النشاط السمكي لأكثر أهمية في الصين. ويعتبر الاستزراع المائي في المياه الداخلية جزءاً هاما في صناعة الاستزراع المائي في الصين. ففي عام 1979 كانت هذه المزارع تغطى 2.74 هكتار بإنتاج قدره 813 320 طنا، ثم ازدادت هذه المساحة لتصل إلى 5.57 مليون هكتار لتعطى إنتاجا قدره 74.17 مليون طن. ويوجد في الصين في الوقت الحاضر 11 مقاطعة يزيد إنتاج استزراع المياه الداخلية في كل منها على 500 000 طن. كما شهد قطاع استزراع المياه المالحة نموا وتطورا سريعا ليزيد إنتاجه من 415 900 طن في عام 1979 الى12.13 مليون طن في عام 2003.
وتعتبر أسماك الكارب أهم الأسماك المستزرعة في الصين، حيث يمثل إنتاجها حوالي 44% من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي. ففي عام 2002 بلغ إنتاج المبروك (الكارب) الفضي والكارب ذو الرأس الكبير 5 102 895 طن، يليه كارب الحشائش (3 419 593 طن)، الكارب العادي (2 235 634 طن)، الكارب الكروشى (1 697 217 طن) والكارب الأسود (224 529 طن). كما يستزرع كذلك الدنيس الصيني والدنيس ذو الأنف المفلطح على نطاق كبير حيث يبلغ الإنتاج السنوي لهما 564 086 طنا. وكذلك تشكل الرخويات جزءًا هاماً من الإنتاج يصل إلى 33.2% من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي. ففي عام 2002 بلغ إنتاج المحار 3.63 مليون طن، يليه الإكلام (2.3 مليون طن)، الاسكالوب (935 585 طن)، بلح البحر (866 663 طن) واكلام رازور (635 486 طن).
وبجانب التطوير في استزراع الأنواع التقليدية، فقد ازداد الاتجاه لتربية الأنواع ذات القيمة التجارية العالية، مثل سرطان البحر القفاذي (mitten crab)، الجمبري ثعبان السمك، الضفادع، جراد البحر، السلاحف، الحفش (الاسترجون)، الهاليبوت، الفلوندر الياباني، الوقار (الهامور)، اللؤلؤ، الأبالون، خيار البحر، الخ. وتمثل هذه الأنواع حاليا حوالي 30% من إجمالي إنتاج الاستزراع المائي مقارنه بنسبة 1% فقط في عام 1979.
السوق و النجارة
على عكس منتجات المصايد الطبيعية، يتم تسويق معظم منتجات الاستزراع المائي حية داخل الصين، نظراً لتفضيل المواطن الصيني للأسماك والمنتجات البحرية الحية. ولذلك فإن حوالي 4.7% فقط من إنتاج الاستزراع المائي هي التي تجرى معالجتها للاستهلاك المحلى أو التصدير للأسواق الخارجية. فعلى سبيل المثال، يباع الدنيس والبلطي منزوع الأحشاء في المحلات الكبرى في مدن الصينية الكبيرة. كذلك تباع كميات قلية من أسماك الكارب المعلبة في هذه المحلات الكبرى. وتستهلك أسماك الكارب والبلطي والأنواع الأخرى منخفضة الأسعار محليا وفى معظم مطاعم الطبقات الدنيا. أما الأنواع مرتفعة القيمة مثل سرطان البحر، السلحفاة، الأسماك البحرية والجمبري فإنها في معظم الأحيان تستهلك في المطاعم التي يوجد بها أحواض للإبقاء عليها حية حتى يستطيع المستهلك أن يختار منها ما يشاء.
ويوجد في الصين حوالي 340 سوقاً للجملة توجد بها أكشاك مؤجرة من قبل تجار الأسماك سواء أكانوا تجار جملة أو تجار تجزئة. وقد ادخل نظام السوبر ماركت إلى الصين حديثا وأصبح وسيلة هامة لبيع منتجات الاستزراع المائي الحية والمعالجة. فعلى سبيل المثال، أنشأ " الكارفور" (Carrefour) الفرنسي 5 فروع له في بكين. وطبقاً للتغير في أسعار منتجات الاستزراع في سلسة التسويق، فإن تجارة الجملة تمتلك حوالى8-50% بينما تجار التجزئة يستقبلون 10-100% طبقا لنوع وحجم وجودة المنتج. كما أن المطاعم عادة تستقبل 100% من المستهلكين. ويوجد في الصين كذلك مستهلكون يشترون الأسماك مباشرة من المزارع القريبة من أسواق التجزئة، بأسعار أرخص من أسعار أسواق الجملة. كما يقوم المزارعون كذلك بإنشاء منافذ للبيع في الأسواق المفتوحة.
ويعتبر الاستزراع المائي هو القوة الديناميكية الرئيسية وراء الزيادة السريعة لتصدير المأكولات البحرية الصينية. ففي عام 2003 بلغت صادرات تربية الأحياء المائية للولايات المتحدة الأمريكية 643 637 طنا بلغت قيمتها 2.45 مليار دولار. وأهم المنتجات المصدرة هي الجمبري ( المجمد أو المقدد)، الثعبان المخبوز، البلطي (منزوع الأحشاء ومجمد أو شرائح)، الكروكر الأصفر (حي أو مجمد)، سرطان البحر (حي، مجمد أو قطع)، الأعشاب البحرية ومنتجاتها، الأسماك (حية أو مثلجة) والقواقع. والولايات المتحدة الأمريكية هي السوق الرئيسي للجمبري والبلطي الصيني، بينما اليابان هي أكبر أسواق ثعبان السمك المخبوز وكذلك الجمبري وسرطان البحر. أما كوريا الجنوبية فهي السوق الرئيسي للكروكر الأصفر، الأعشاب البحرية والأسماك الحية وسرطان البحر. كذلك تقوم الصين بتصدير القواقع والرخويات إلى الولايات المتحدة واليابان. أما فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي فقد كان هناك حظر على دخول منتجات الاستزراع المائي الصيني منذ يناير 2002 ، ولكن تم رفع هذا الحظر في 16 يوليو 2004.
ومع نهاية عام 2002 بدأت وزارة الزراعة الصينية في تنفيذ برنامج أطلق عليه " الإنتاج الزراعي الآمن من المخاطر الآدمية (Non Human Hazard Agriculture production)". ويهدف هذا البرنامج إلى إمداد المزارعين ومزارعي الأسماك بالإرشادات التي تساعدهم على زراعة محاصيلهم طبقاً للإجراءات والمعايير المطلوبة. ويجرى تقييم جودة هذه المنتجات على أنها "منتجات خالية من المخاطر الآدمية ". ويجري تنفيذ هذا البرنامج الآن بشكل تطوعي.
المساهمة فى الأقتصاد
لقد أثرت تنمية الاستزراع السمكي تأثيرا إيجابيا على التطور الاقتصادي والاجتماعي في المناطق الريفية في الصين. فقد ازداد إنتاج الأسماك من المصايد والاستزراع المائي كنسبة من الإنتاج الحيواني الكلى (لحوم، بيض، لبن وأسماك) من 20% في عام 1985 إلى 32% في عام 2002. ولا يتوقف دور الاستزراع المائي على إمداد الغذاء للمناطق الريفية، بل انه يعتبر وسيلة هامة لإزالة الفقر.فقد تم توفير 4.3 مليون فرصة عمل مستديمة للمزارعين الريفيين بين أعوام 1985-2003. كما وصل الدخل السنوي للفرد من مزارعي الأسماك إلى4 474 يوان في عام 1999، وهو دخل أعلى بكثير من دخل الفرد في الدول الفقيرة والمحددة في الصين بمبلغ 1 347 يوان /فرد/عام. وقد استهدف مزارعو الأسماك في حقول الأرز في أطار برنامج إزالة الفقر مما أدى إلى نجاح عظيم. ويمارس الاستزراع السمكي في حقول الأرز في الوقت الحاضر في المناطق الريفية الفقيرة بصورة أساسية، وهذا بسبب المدخلات القليلة المطلوبة بالإضافة إلى العائد الاقتصادي المرتفع.
تطوير و إدارة القطاع
الهيكل المؤسسى
يعتبر مكتب المصايد (Bureau of Fisheries)، التابع لوزارة الزراعة هو الجهاز الإداري الرئيسي لقطاع المصايد والاستزراع المائي. ويقوم هذا المكتب بصياغة الخطط، الاستراتيجيات، والسياسات والبرنامج المتعلقة بتنمية المصايد، تطبيق ومتابعة قوانين المصايد والاتفاقيات الدولية والثنائية وتدعيم إدارة المصايد بهدف الاستغلال الأمثل للمصايد والموارد المائية، وكذلك حماية بيئة المصايد ودعم التدريس والبحث العلمي في مجال المصايد وصناعة معالجة الأسماك.
وتقع المدن، المراكز والمقاطعات في نطاق الولايات أو المناطق ذات الحكم الذاتي. وتختص أقسام المصايد في المقاطعات، مناطق الحكم الذاتي، البلديات والمراكز تقريبا بنفس الوظائف التي يقوم بها مكتب المصايد في هذه المناطق. كما يقوم مكتب المصايد بالإشراف على هذه الأقسام.
وتشمل الهياكل الأخرى المعاونة في قطاع الاستزراع المائي مركز الإرشاد التكنولوجي الوطني للمصايد (National Fisheries Technology Extension Centre)، وهو المؤسسة الوطنية المعنية بالإرشاد السمكي، و 18 462 محطة إرشادية للمصايد تكون شبكة للإرشاد في قطاع المصايد منتشرة في ربوع الصين. ويتم تمويل الإرشاد السمكي من قبل الحكومات المحلية والحكومة المركزية معا.ً وتختص الأكاديمية الصينية للمصايد، وهي أكاديمية وطنية، بالبحوث في مجالات محددة مثل بيولوجيا الحيوانات المائية، الموارد السمكية والجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمصايد. وجميع هذه الأنشطة يتم تنسيقها بواسطة المكتب الوطني للمصايد.
اللوائح المنظمة:
لقد تم تبني "قانون المصايد" لجمهورية الصين الشعبية في عام 1986 ، ثم روجع في عام 2000 . ويحدد هذا القانون الأسس الإرشادية المعنية بتطوير الاستزراع المائي، الصيد وصناعة التجهيز والمعالجة. وينص القانون على أن تتبنى الدولة سياسة تدعو إلى التطوير المتزامن للاستزراع المائي، الصيد والتجهيز والمعالجة، مع التركيز على الاستزراع المائي. ويجري تطبيق القانون من خلال اللائحة التنفيذية لقانون المصايد (1987 ).
تتولى الحكومة الشعبية عند أو فوق مستوى المقاطعة، طبقاً لقانون المصايد ولائحته التنفيذية، إعطاء الترخيص باستخدام المياه المملوكة للدولة والمسطحات المدية للاستزراع المائي. ويجب حماية التفريخ الطبيعي، أماكن التناسل والتغذي للأسماك، الجمبري، سرطان البحر، الرخويات (القواقع) والطحالب الموجودة في المياه المملوكة للدولة وكذلك يجب عدم استخدام هذه الأماكن في الاستزراع المائي. ويمكن إلغاء التصريح إذا أهمل المسطح المائي أو المدي لمدة 12 شهراً دون سبب منطقي (كما في حالة نقص الماء عن المعدل المحلي المطلوب). ويتم حل النزاعات بشأن استخدام أو ملكية المسطحات المائية ومناطق المد عن طريق الحوار. وفي حالة عدم الوصول لاتفاق بين الأطراف، تتولي محكمة الحكومات الشعبية عند مستوى أو فوق مستوى المقاطعة حل هذه النزاعات.
وينظم استخدام الأرض المملوكة للدولة أو للجمعيات طبقاً لقانون إدارة الأرض (Land Administration Law) لعام 1998. وقد تم تعديل قانون المصايد في عام 2000. وتقوم الدولة برسم الخطط لاستخدام المناطق المائية وتحديد المسطحات المائية، المناطق البين مدية والقيعان الطينية للاستخدام في الاستزراع المائي. وعلي الأفراد والوحدات الراغبة في استخدام هذه المناطق في الاستزراع المائي التقدم بطلب لاستخراج التصريح اللازم من خلال إدارة المصايد عند أو فوق مستوى المقاطعة. وتقوم الحكومة الشعبية عند نفس المستوى بمنح التصاريح اللازمة لاستخدام المنطقة المعنية في الاستزراع المائي.
يحكم قانون استخدام العقاقير البيطرية (Regulation for the Administration of Veterinary Medicines) لعام 1988 إنتاج، تسجيل، استيراد وتصدير الأدوية البيطرية. وقد تم تعديل هذا القانون في عام 2004 ليتضمن تحديد مفهوم الأدوية الموصوفة (التي يحددها أو يصفها الطبيب) والأدوية غير الموصوفة. ويمكن للعملاء شراء الأدوية غير الموصوفة من محلات الأدوية، واستخدامها طبقاً للمعايير والمواصفات المذكورة. أما شراء الأدوية الموصوفة فإنه يتطلب وصفة (روشتة) من طبيب بيطري. كما يضع القانون أيضاً نظماً لمراقبة الأدوية الجديدة وكذلك لمتابعة ورصد السلامة الدوائية. وينص القانون كذلك على أن إدارات المصايد عند أو فوق مستوى المقاطعة هي المسئولة عن تنظيم وإدارة استخدام العقاقير، وعن اختبارات مخلفات وبقايا العقاقير المستخدمة في الاستزراع المائي.
يحتوي قانون استخدام العلف والمضافات العلفية (Regulation for the Administration of Feed and Feed Additives) لعام 1999 على المتطلبات والإجراءات اللازمة لتقييم، تسجيل، استيراد، تعبئة، ترقيم وتخزين الأعلاف والمضافات العلفية. كما يحدد هذا القانون كذلك الشروط اللازمة لإنشاء مشروعات الأعلاف والمضافات العلفية. وتقع هذه المؤسسات تحت إدارة " مكتب الإنتاج الحيواني والصحة التابع لوزارة الزراعة. وقد جرى تطبيق القانون من خلال "إجراءات تطبيق تسجيل الأعلاف والمضافات العلفية المستوردة لعام "2000 . وتلزم هذه الإجراءات الشركات الأجنبية على التقدم لوزارة الزراعة بطلب لتسجيل الأعلاف والمضافات العلفية إذا كانت ستباع داخل الصين. كما يجب كذلك الحصول على شهادة بتسجيل هذا الإنتاج.
يهدف قانون إدارة الزريعة المائية (Aqua Seeds Management Directive) لعام 1992 ( والمعدل في عام 2001) إلى حماية المواد الوراثية المائية، وتطوير الانتخاب الوراثي والتناسل لضمان التنمية المستدامة لتربية الأحياء المائية. ويضع القانون القواعد والشروط اللازمة لتسجيل المزارع المتخصصة بالعمل في إنتاج الزريعة، الحجر البيطري للزريعة، تصدير واستيراد الزريعة المائية. كما ينص القانون على أن "لجنة تعريف وتحديد الأسماك " التابعة للمجلس الوطني للمصايد، هي المسئولة عن تحديد وتعريف المواد الوراثية وتكوين المخزون والزريعة و إنشاء مزارع التناسل وإنتاج الزريعة.
يهدف قانون " إدارة الجودة والسلامة للاستزراع المائي لعام 2002" إلى تشجيع مزارعي الأسماك على تبني الممارسات الجيدة في تربية الأسماك بهدف إنتاج منتج جيد وآمن للاستخدام الآدمي. ويضع القانون معايير صارمة بهدف تحسين الجودة والسلامة للمنتجات المائية الصينية المستزرعة. كما أنه يدقق النظر في كل جانب من جوانب الاستزراع السمكي بدءًا من جودة الماء والزريعة، الأعلاف، التقنية، العقاقير البيطرية وحتى التسويق. كما يحتم على المزارعين استخدام ماء خال من التلوث طبقاً للمعايير الموضوعة لمياه الاستزراع المائي. ويهدف هذا، بالإضافة إلى استخدام زريعة خالية من الأمراض، إلى منع انتشار الأمراض. كما يؤكد القانون على حصول المزارع على تصاريح، وعلى عمل سجل يومي بالإنتاج واستخدام العقاقير، وكذلك على وجوب فحص المنتجات وترقيمها (وضع ملصق عليها) قبل بيعها.
البحوث التطبيقية، التعليم و التدريب
1) البحوث
يتكون النظام البحثي أساساً من المعاهد البحثية الوطنية والمحلية للمصايد وكذلك الجامعات. ففي عام 1999 كان يوجد في الصين 210 معهداً بحثيا للمصايد. وتعتبر المعاهد البحثية والجامعات هي القوة الرئيسية الدافعة لأبحاث وتكنولوجيا الاستزراع المائي. ويجري تمويل المعاهد البحثية الوطنية من قبل الحكومة المركزية، وهى تتبع الإدارة المباشرة للأكاديمية الصينية لعلوم المصايد التابعة لوزارة الزراعة. أما الجامعات فإنها تقع تحت إدارة وزارة التعليم أو حكومات الأقاليم. وتهتم المعاهد المحلية بحل المشاكل الفنية التي توثر محليا على تنمية الاستزراع المائي. وهذه المعاهد أكثر توجها للمنتج، كما أنها تكون أحيانا أكثر استجابة لاحتياجات المزارعين من الجامعات والمعاهد الوطنية. كما أنها أكثر تقدما فيما يتعلق بالتطورات التكنولوجية، ويجرى تمويلها بواسطة الحكومات المحلية و/ أو البلدية. كما تقوم الشركات التجارية الخاصة غير العاملة في مجال المصايد بتمويل بحوث الاستزراع المائي، خاصة في مجالات الأعلاف السمكية، العقاقير (المستخدمة في علاج أمراض الأسماك) وتقنيات تناسل وتربية الأنواع عالية القيمة الاقتصادية.
2) التعليم
يتم تمويل التعليم والتدريب الحقلي بواسطة الحكومة المركزية والحكومات المحلية. وهناك ما يربو على 30 جامعة تقبل حوالي 1 000 طالب جامعي سنويا في مجال الاستزراع المائي. كما تمنح 5 جامعات ومعاهد بحثية درجة الدكتوراه، و 9 تمنح درجة الماجستير في الاستزراع المائي والتخصصات المرتبطة به. كما يوجد بالصين أيضاً حوالي 10 مدارس فنية حرفية مهمتها الأساسية هي تدريب العمالة الفنية في مجال الاستزراع السمكي والمصايد. كما تقوم محطات الإرشاد عند مستويات مختلفة بتدريب مسئولي الإرشاد والمزارعين في مواقعهم. ففي عام 2002 ثم تدريب 1.8 مليون فرد من مسئولي الإرشاد أو المزارعين المحليين تحت مظلة " المركز الوطني لتكنولوجيا إرشاد المصايد" (National Fisheries Technology Extension Centre). كما تقوم شركات الأعلاف أيضاً بتدريب مزارعي الأسماك المحليين.
التوجهات، القضايا و التنمية
لقد ازداد إنتاج تربية الأحياء المائية من 9.57 مليون طن في عام 1993 إلى 30.28مليون طن في عام 2003. ويرجع النمو والتطور السريع لهذا القطاع إلى السياسة الفعالة للحكومة فيما يتعلق بتنمية الاستزراع المائي وكذلك إلى تحرير إنتاج وتجارة الأسماك. كذلك تلعب التطورات العلمية والتكنولوجية دوراً هائلاً في زيادة إنتاج الاستزراع المائي في الصين. ويسهل النظام التعليمي والإرشادي الجيد نقل التكنولوجيا إلى حيز التطبيق للمزارعين الريفيين. ولكن النمو والتوسع السريع في الاستزراع المائي قد أتى ببعض المشاكل مثل التلوث، انتشار الأمراض، التدهور الوراثي والزيادة الموسمية للمعروض من المنتج.ويشكل الصرف الزراعي والصناعي تهديدا للاستزراع المائي وصناعة السياحة. كما تمثل قضايا سلامة الأسماك وعدم إغراق السوق تهديدا جديدا لصناعة الاستزراع المائي في الصين. ولمواجهة هذه القضايا والمشاكل، فقد اتخذت الحكومة الصينية بعض الإجراءات لتحسين الإطار التنظيمي والقانوني، مثل مراجعة قانون المصايد عام 2000. كما وضعت الحكومة القواعد واللوائح المتعلقة ب�
ساحة النقاش