الأسماك في مصر القديمة.. أنواعها وطريقة صيدها وحفظها
إعداد/محمد شهاب
كتبت شيرين الكردى:
رصد الباحث الأثري على سرحان بكلية الآثار جامعة جنوب الوادى الأسماك بمصر القديمة والتي كانت من أهم مصادر الثروة المائية منذ العصر الحجري الحديث عندما استوطن المصريون القدماء بالقرب من مياه النيل الذي كان يمدهم بالكثير منها وخاصة في فصل الفيضان
ويشير الباحث الآثارى على سرحان إلى وجود رسوم الأسماك النيلية بطريقة تفيض بالحياة الي درجة تثير الدهشة علي جدران معبد الدير البحري بطيبة ومن هذه الأسماك يمكن تميزه بسهوله مقل البياض كما ظهرت الأسماك في كثير من المناظر في العصر اليوناني والروماني وفي الفن القبطي وكان بعض المصريين يقدسون الأسماك ويعتقدون أنها روح طيبة من أرواح الماء بينما بعدها البعض غير طاهرة وكان الكهنة محرمًاعليهم اكل السمك ويعدون لحمه نجسًا علي حين أن كل مصري كان يتحتم عليه طبقًا للعقيدة الدينية أن يأكل سمكًا مشويًا أمام باب منزله.
وقد ذكر هيرودوت أن العمال كان يوزع عليهم كمية من السمك يبلغ وزنها نحو 91جرامًا، وفي متون الأهرام كان القوم يتجنبون نقش العلامات التي تمثل السمك كما جاء في بردية سالييه ان آكل السمك كان محرمًا في أيام خاصة من السنة ولعلهم أرادوا بذلك افساح المجال ليتكاثر السمك في النيل حيث تقل الأسماك في وقت انخفاض الماء. وقد ورد في أحد المتون نص يقول "لا تأكل السمك في هذا اليوم اذا فيه الكفرة يصيرون سمكًا في الماء وذلك في يوم 22توت و28كيهك و25برموده وفي 29كيهك" ينصح بطرد العامة الذين أكلوا سمكًا فى المعابد.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا. أن انواع الأسماك التي ظهرت رسومها علي جدران المقابر هي قشر البياض وفتيل البياض والبني وثعبان الماء والبلطي والبوري والقرموط والشال والبسارية والشلبة واللبيس والقهقة والقنوم.
قشر البياض: وقد أطلق المصريون القدماء علي هذا النوم اسم عحا وكانوا يقدسونه في اسنا ومعناها بالإغريقية مدينه السمك، ويحرمون أكله فيها وقد عثر علي رسومه في المقابر وخاصة في ميدوم بالفيوم
فتيل البياض : وكان هذا النوع يقدس في إسنا والشلال ويحرم أكله فيها
البني: وقد قدس في البهنسا ويري مرسومًاعلي أحد حدران مقبرة مروركا بسقارة من الأسرة الخامسة وعلي آثار الملك سنوسرت الاول من الأسرة الثانية عشر.
ثعبان الماء: وكان هذا النوع مقدسًا في إسنا والشلال وقد وجد مرسومًاعلي أحد جدران مقابر سقارة من عصر الدولة القديمة مع أنواع مختلفة من الأسماك كما رسم علي أحد جدران مقابر بني حسن من عصر الدولة الوسطي
البلطي: كان القوم يفضلون هذا النوع من السمك ويمتاز بزعانفه الطويلة علي الظهر وقد عثر علي رسمه علي أحد جدران مقبره بتاح حتب بسقارة من الأسرة الخامسة وعلي جدران مقابر ميدوم ويمثل أحد العلامات في الكتابة الهيروغليفية.
البوري: وقد أطلق عليه المصريون بالهيروغليفي بري وبالقبطية بوري ويتميز هذا النوع بزعانفه الأربعة كل اثنتين علي أحد الجانبين وعثر علي رسمه علي جدران مقابر ميدوم ووجد بكثرة في مناظر صيد الأسماك، ويعد البوري المشوي من فخر الأطعمة.
القرموط : كان يطلق عليه بالهيروغليفية اسم نعر ويظن أنه قدس في اليفنتين بأسوان ولا يوجد دليل علي أنه كان يؤكل في طيبة.
الشال:كان يحتوي هذا النوع علي كمية كبيرة من الدهون ويؤكل مشويًا وقد عثر علي رسومه في كثير من المقابر وخاصة مقبرتي تي وكاجمني بسقارة.
ويشير الدكتور ريحان إلى طريقة حفظ الأسماك وتجفيفها في مصر القديمة وقد برع المصريون القدماء في حفظ الأسماك وتجفيفها واستخراج البطارخ من بعض أنواعها كما يري ذلك في أحد رسوم مقبرة نب كاو حر بسقارة وكان للسمك المجفف أهمية كبيرة في تموين المصريين ويتألف منه الطعام الرئيسي للفقراء.
وذكر هيرودوت أن المصريين كانوا يرسلون الأسماك بعد صيدها إلى الأسواق، ويأكلون الاأنواع المفضلة عندهم طازجة مثل قشر البياض والبلطي أما الأنواع الأخرى فكانوا يتركونها في تيار الهواء الجاري لتجف تمامًا وفي بعض الأحيان يشقون السمكة بالسكين شقًا طوليًا من الرأس الي الذيل بحيث يفصل الجانبين عن عظمة الظهر، بينما يقوم الكثيرون بإخراج أمعاء السمكة ونزع قشورها وإزاله الرأس ونهايتها وتمليحها وتركها في الشمس حتي تجف، كما ذكر المؤرخ أن الأسماك المملحة كانت تؤكل بكثرة.
وكانت الأسماك تحنط وتحفظ في المقابر مع غيرها من أنواع الطعام والشراب وقد عثر علي أسماك كثيرة محنطة ومجففة من عصور مختلفة وليس من السهل تمييز أنواعها، وقد عثر في المقابر علي تماثيل صغيرة مصنوعة من البرونز بعضها متوج بقرص الشمس وقرني البقرة حتحور وبعضها الآخر علي شكل سيدة يعلو رأسها سمكة تمثل الإلهة حات محيت إلهة السمك، أما الأسماك المصنوعة من الازدوار فكانت تستعمل لصحن الكحل.
ويشير الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى صيد الأسماك وكان هو المتعة الرئيسية للمصريين القدماء علي اختلاف طبقاتهم علي مر العصور وهم لم يكتفوا بما يمدهم به نهر النيل من أسماك وفيرة وخاصة في فصل الفيضان بل أنشأوا بركًا للسمك في اراضيهم الواسعة وتعد مصدرًا طبيعيًا في البلاد التي ليس بها مراع طبيعية وكثيرا ما نقشت صور العظماء والنبلاء علي جدران المقابر وهم يصطادون السمك بالحربة في قوارب مصنوعة من الخشب أو عيدان البردي. وكانوا يعتقدون أن القوارب المصنوعة من البردي تحمي راكب اليم من الأذى وترد عنه فتك التماسيح والأرواح الشريرة وتسير هذه القوارب بخفة وبلا ضوضاء في القنوات أو البحيرات حتي لا يزعج السمك وكانوا يصطحبون معهم أحد اتباعهم اأو أصحابهم. ويتابع بأن طرق صيد السمك كانت متعددة بمصر القديمة ففي عصر الدولة القديمة كانت تفرش الحصيرة علي الأرض ويجلس عليها في مكان ظليل علي حافة القناة ثم يلقي الحبل في الماء بينما كان عظماء القوم يجلسون علي مقعد أثناء الصيد وكانت العصا صغيرة ومكونة من قطعة واحدة بها عدة خيط واحد و خيطان مثبت في كل منهما نص مصنوع من البرونز وتعتمد في ذلك علي المهارة. وكان الصيد بالحربة أو طعن الأسماك علي حسب التعبير المصري القديم وظلت رياضة الصيد يمارسها النبلاء والعظماء.
ساحة النقاش