محمد شهاب- المزارع السمكية Mohamed Shihab -Aquacultures

يعرض الموقع الأحدث من ومقالات و صور و مواقع تخص الاستزراع السمكى

الاستزراع السمكي في غزة، بديل عن مضايقات إسرائيل البحرية

إعداد/ محمد شهاب

أتجه بعض التجار الفلسطينيين في قطاع غزة إلى الاستزراع السمكي (برك السمك) لسدّ النقص في الثروة السمكية، بسبب الحصار الإسرائيلي على الصيادين منذ سنوات ومحدودية المساحة التي يُسمح لهم الصيد فيها. القطاع يحتوي على 3 مشاريع استزراع سمكي ليس غير، ويرجع سبب قلتها إلى كلفتها الباهظة، وعدٌها مخاطرة اقتصادية كبيرة لأصحابها. مسمكة كحيل، جنوب غزة، هي أول مشروعٍ نُفذ في القطاع في مجال الاستزراع السمكي، ويقول سفيان كحيل صاحب المزرعة: "فكرنا في طريقة نفيد بها أهل القطاع، ونستفيد نحن كتجار، فوجدنا أن الإغلاق البحري المستمر يعوق عمل الصيادين ويحرم نحو مليوني غزاوي من الثروة السمكية. ويضيف كحيل: " اتفقت مع أخي على إنشاء مزرعة، لكننا في ذلك الوقت لم نكن نملك خبراتٍ كافية، فسافرنا إلى مصر وخضعنا لدوراتٍ مكثفة حول إدارة ورعاية سمك البرك، وعدنا إلى غزة وافتتحنا المشروع منذ عام 2004".

بداية لم تنجح

لم يشقّ مشروع كحيل في البداية طريقه نحو النجاح، فهو كان يستهدف أصحاب الدخل المحدود من أهل القطاع بتربيته سمك البلطي، لكنه لم يجد نفعاً اقتصادياً لأصحابه. وقال كحيل: "السبب يعود إلى قدرتنا على المنافسة في نوع السمك، لكن من دون المنافسة بالسعر إذ كان تُجار آخرون يستوردون هذا النوع من مصر بسعرٍ أقل مما نبيعه نحن للسوق". وأضاف: "المزارع في مصر لم تُكلف أصحابها كما في غزة، فالمياه والأرض متوفرتان والأيدي العاملة لا تتقاضى راتباً كما عندنا، وعليه كان الكيلوغرام يباع بـ10 شواقل، وتبيعه مزرعتي بـ25 شيقلاً، وهذا ما دفعني إلى توقيف المشروع قليلاً والتفكير في استزراع سمك الدنيس ومخاطبة ذوي الدخل العالي".

أبرز الصعوبات

قبل التنفيذ خضعت الفكرة لدراسة جدوى، وكانت النتائج مشجعة على تنفيذها. تحوي مزرعة كحيل اليوم 6 أحواضٍ كبيرة وحوضين صغيرين. لكنّ الصعوبات حالت دون أن تكون النتائج مرضية بشكلٍ كبير، فأبرز ما تُعانيه المزرعة هو انقطاع التيار الكهربائي بشكلٍ مستمر على القطاع، وهذا ما يدفعهم إلى تشغيل مولّد كهربائي، لأن الأحواض السمكية تحتوى على دفشات مائية تحتاج إلى كهرباء 24 ساعة في اليوم. إضافة إلى ارتفاع سعر العلف، إذ يتجاوز ثمن الطن 700 شيقل، وكلفة استئجار قطعة الأرض التي يُقيم عليها المشروع سنوياً".

خسائر فادحة

تعرض كحيل في حرب 2008 لنكسةٍ اقتصادية كبيرة، إذ تم تدمير مزرعته، ووصلت خسائره إلى ربع مليون دولار. وفي الحرب الأخيرة على القطاع خسر 60 ألف شيقل للسبب نفسه، لكنّ ذلك لم يثنه عن إعادة ترميم مشروعه، والعمل من جديد في دلالةٍ اقتصادية على جدوى هذه الفكرة.

اتجه كحيل إلى تركيا أخيراً والتحق بدوراتِ حول تفريخ سمك الدنيس للاكتفاء ذاتياً عن البيض المستورد من إسرائيل. وأشار إلى أن "نجاح فكرة التفريخ ستُغني عن الاستيراد، وهذا ما سيتضح خلال الشهرين المقبلين، إذ سينخفض سعر كيلو سمك الدنيس من 10% إلى 20%".

ورغم أنه كان يتوقّع أن يصل ربحه من المشروع إلى 25%، وحقق فقط من 15 إلى 20%،  فهو راضٍ عن مشروعه حتى الآن.

تكاليف باهظة

أما ياسر الحاج صاحب مزرعة ومسمكة البحار، فلم يختلف دافعه في الاستزراع عن دافع كحيل. فهو يجد أن المسمكة تساهم في حل مشكلة البروتين السمكي لدى سكان القطاع، في ظل سياسات إسرائيل التعسفية. إذ توفر  120.000كيلو سمك دنيس سنوياً موزعة في 15 حوضاً سعة كل منها قرابة 200.000 ألف ليتر.

كون الحاج تاجراً في المواد الغذائية منذ 20 عاماً، فإن ما شجعه على تنفيذ الفكرة أيضاً هو ملاحظته لجدوى الفكرة اقتصادياً في دول عدة كدبي والصين، وقبل التنفيذ استعان بخبراء في مجال الاستزراع السمكي.

يستورد الحاج بيض السمك من إسرائيل ويقوم بتسمينه ليصل وزنه إلى 400 أو 500 غرام، ثم يُعرض للبيع في السوق المحلية. بدأ بإنشاء مزرعته منذ سنتين، شارحاً تكاليف المشروع: "بلغت كلفة الحوض الواحد 50 ألف دولار عند نضوج الأسماك، وبلغت الكلفة الإجمالية مع قطعة الأرض المُقام عليها المشروع 5 ملايين و200 ألف دولار".

ويضيف: "تحتاج دورة زراعة الأسماك في المياه المالحة من 10 إلى 12 شهراً. والإنتاج الخاص بمزرعتي نضج منذ شهرين وبدأت بتسويقه". لافتاً إلى أن "إقبال المواطنين على هذا النوع من الأسماك كبير جداً، نتيجة عدم وجود أي بديل، ورغبة الناس الشديدة بهذا النوع، رغم ارتفاع سعر الكيلو منه إلى 45 شيقلاً".

مؤشرات إيجابية

ورغم المؤشرات المُبشّرة بنجاح المشروع، كونه ما زال في بدايته، فثمة صعوبات تواجههم، منها كثرة انقطاع التيار الكهربائي، وهذا ما دفع الحاج إلى شراء محوّل كهربائي خاص بـ85 ألف دولار، إضافة إلى الضرائب المتزايدة عليه، ويقول: "لهذا السبب كاد أن يتوقف تنفيذ المشروع لكن شراء بعض المستلزمات الباهظة الثمن حاول دون تنفيذ ذلك". ويرى أن "المشروع في طريقه إلى النجاح، والفرق بين دراسة الجدوى والواقع الفعلي لا يُذكر"، لكنه لم يحدد نسبة الأرباح. يقول: "بحسب دراسة الجدوى بعد 3 أشهر يفترض أن يكون الإنتاج الخاص بمزرعتي قد نفد، وبناءً عليه أتخذ قراراً إما بتوسيع المزرعة، لأستهدف ذوي الدخل المحدود بأنواع أسماك أخرى، أو أوقفه". 

إضافة إيجابية

ويرى الخبير الاقتصادي د. معين رجب، أن "المزارع السمكية في القطاع هي اتجاه جديد نحو  توفير الأسماك بعيداً عن البحر ومحدودية المساحة، وزيادة الإنتاج، عدا التقليل من استيراد الأسماك المُثلجة". ويقول إن "هذه المشاريع تُحقق بضعة أغراض، أولها اختيار أنواع السمك المراد إنتاجه وتُجنبنا المخاطر الناجمة عن الاختراقات البحرية المستمرة من الاحتلال، ومخاطر ركوب البحر في الأجواء غير العادية كارتفاع الموج".

ويضيف: "لكن الاستزراع السمكي في القطاع رغم إيجابيته، في حاجة لمستلزمات خاصة ومتطورة، وخبرات لتتوفر العناية الكافية، ونصل إلى الإنتاج الأمثل لأسماك البرك". إلا أنه يعتبر أن هذه المشاريع قد تكون ناجحة إذا خضعت لتخطيط ودراسة جدوى، لأنها "تتجاوز خصوصية القطاع، وتلبي حاجة ولو شريحة معينة من المجتمع، كما تنعش القطاع الخاص والاقتصاد الوطني".وينظر رجب إلى توجه هذه المشاريع نحو مخاطبة ذوي الدخل المرتفع بإيجابية، عازياً ذلك إلى أن "الصيد البحري لم يتوقف بعد، وهو يوفر أنواعاً زهيدة الثمن لأصحاب الدخل المحدود".

المصدر: رصيف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 288 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2022 بواسطة hatmheet

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,250,764