الاقتصاد الأزرق.. طوق نجاة للتنمية المستدامة
إعداد/ محمد شهاب
يشهد العالم تنوعا وتصارعا لتوطين أنواع جديدة من الاقتصادات الصديقة للبيئة، والأكثر نموًا والأكثر قبولا للاستدامة والتطوير فى المستقبل، ومن أمثلة ذلك ما يعرف بالاقتصادات الملونة «الأخضر والازرق والبنفسجي».فى هذا السياق، أقرت الأمم المتحدة فى يونيو 2020 بوثيقة اليوم العالمى للمحيطات بـ«أن مصر تتمتع بثروة فريدة من النظم البيئية البحرية المترابطة، خاصة فى البحر الأحمر، حيث الشعب المرجانية والنباتات والأشجار البحرية (غابات المانجروف) والتى تمثل غذاء للكائنات البحرية».كما تمثل البحار والمحيطات مصدرا لبعض الصناعات مثل اللؤلؤ، فضلا عن نشاط سياحة الأعماق (الغوص)، وتحتاج تلك البيئة البحرية المتميزة للحماية من التلوث والتنسيق مع برامج تنشيط السياحة خاصة وأن الشعاب المرجانية والأشجار البحرية لها عائد اقتصادى يقدر بنحو 2.1 مليار دولار سنويا فى منطقة غرب المحيط الهندي.وتساهم تلك العائدات فى تحسين مستوى المعيشة وتوفر فرص للتصنيع الدوائى والامن الغذائى وتم ادراج المحيطات والمسطحات المائية ضمن الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة التى تدعمها الامم المتحدة الذى يتناول الحياة تحت سطح الماء فى ضوء خطتها للتنمية المستدامة لعام 2030 .
وكشفت الدكتورة هناء عبد الباقى أستاذ الكيمياء ورئيس قسم الحيوية النباتية ونائب رئيس اللجنة الوطنية للعلوم البيولوجية أن الفترة القادمة سيتم إضافة الطحالب إلى الوجبات المدرسية لاول مره، وذلك بعد إجراء العديد من الابحاث العلمية التطبيقية خلال المشروع الذى جمع بين قسم الحيوية النباتية بالمركز القومى مع معهد التغذية، بهدف زيادة القيمة الغذائية للوجبات المدرسية من خلال امدادها بالعناصر الهامه كالحديد والزنك والبروتينات ورفع المناعة وغير وحماية الاطفال من التقزم.
وأشارت عبد الباقى إلى أن أكاديميه البحث العلمى والتكنولوجيا تمول الآن مشروع كبير للاقتصاد الازرق بهدف الحفاظ والاستغلال الامثل لمواردنا المائية، على مستوى المراكز البحثيه والجامعات المصرية، لافته إلى أن القسم كان له نصيب فى هذا الدعم من خلال مشروعات بحثيه متنوعه كالطحالب وغيرها، علاوه على إنشاء كتاب يضم ويحصر كل مواردنا المائية وكيفية الحفاظ عليها بناء على الدراسات العلمية والابحاث المتنوعة وتقديم كل التوصيات التى يجب الاستعانه بها سواء فى الوقت الحالى او فى المستقبل، شارحة أن الاقتصاد الازرق يعنى الادارة الجديدة للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات بشكل مستدام للحفاظ عليها من أجل الاجيال الحالية والقادمة ويشمل أمورا كثيره من بينها الصيد ونقل الركاب والبضائع واستخراج النفط والغاز من أعماق البحار والمحيطات، ولهذا فإن المجال البحرى محرك مهم للنمو الاقتصادى وواحد من عوامل التنمية وقوه اقتصاديات الدول من خلال 5.4 مليون وظيفة تم إنشاؤها وقيمة مضافة تبلغ حوالى 500 مليار يورو سنويا فى اوروبا.
وقالت الدكتورة هناء: شهدت عدة دول صناعية تنمية اقتصادها الأزرق على نحو كبير لاستغلال مواردها البحرية من خلال عمليات الشحن والصيد التجارى والصناعات النفطية والتعدينية، كما أن الدول التى تتمتع بموارد مائيه، يصبح لديها فرصه مميزه لتعزيز نموها الاقتصادى وعلاج مشكلات مثل البطالة والأمن الغذائى والفقر، وبقدر ما يهدف الاقتصاد الازرق إلى تحسين حياه الاشخاص وتعزيز العدالة الاجتماعية، فهو يستهدف ايضا الحد من المخاطر البيئية وندرة الموارد، وكذا الحد من السلوكيات التى تؤدى إلى تغير المناخ، كما أن البنك الدولى ولى اهتماما كبيرا بالاقتصاد الازرق، باعتباره الاستخدام المستدام لموارد البحار والمحيطات من اجل النمو الاقتصادى وتحسين سبل المعيشة وتوفير الوظائف مع الحفاظ على صحة النظم البيئية للمحيطات، لا سيما وانه يؤثر على الانشطة البشرية مثل مصايد الاسماك والنقل والطاقة المتجددة وادارة النفايات والتغير المناخى والسياحة ويتميز بأنه قليل فى انبعاثات الكربون وفعال ونظيف، كما تقوم على الاقتصاد الازرق صناعات كثيره منها السياحة الساحلية والبحرية والتعدين فى اعماق البحار وتحلية المياه والنقل البحرى والموانى والشحن وبناء السفن وزراعة اللؤلؤ والصيد والاستزراع السمكى وزراعة الطحالب.
مشروع قومي
وطالبت عبد الباقى بضرورة إنشاء مشروع قومى كبير للحفاظ على الموارد المائية واستغلالها ومواجهة كل التحديات والمخاطر التى تحيطها، مشيرة إلى أهمية ان تصبح مصر فى مقدمة الدول التى تعتمد على الاقتصاد الازرق، لانها الاولى عالميا من حيث الموقع الجغرافى حيث تمتلك 4 آلاف كيلو متر شواطئ على البحرين الأحمر والمتوسط، وأهم ممر ملاحى على قناة السويس ونهر النيل و9 بحيرات بالإضافة إلى 60 ميناء صغيرا وكبيرا ومتخصصا فكل هذه الثروة المائية يتعين علينا ان نحسن استغلالها حتى نصل إلى مستوى الدول الرائدة فيه بحسن استغلال الموارد المائية، فالاقتصاد الازرق طوق نجاه للتنمية الاقتصادية، ويتمثل فى ضرورة تطوير الموانئ المصرية اللوجيستية من شحن وتفريغ خدمات وتعبئه وإعادة تصدير وتصنيع وصيانة وتمويل السفن والصناعات البحرية الثقيلة والخفيفة.
الطحالب
وأفادت أستاذ الكيمياء بأن الطحالب تحتوى على مدى واسع من المركبات التى لها اهميه فى تغذيه الانسان والحيوان والاحياء المائية، كما تستخدم مركباتها التى لها اهميه من الناحية الصحية كإضافات غذائية فى عمل أقراص او كبسولات حيث تحتوى على العديد من المركبات كالأحماض الدهنية ومنشطات النمو ومضادات للفيروسات والميكروبات، كما تقوم بحماية الكبد والكلى وتحسين الصحة العامة ولذلك ظهرت اهميه الطحالب كمصدر طبيعى ورخيص لهذه المركبات، كما تتمتع ايضا بفوائد اخري؛ حيث تقلل خطر الإصابه بتصلب الشرايين وتحمى من حدوث قصور من أداء الغدة الدرقية وتحمى الاجنه من التخلف العقلى وقصور النمو وتعالج فقدان الذاكرة والتلف العصبى وتمد الجسم بالطاقة وتخلصه من الكسل والخمول وتحد من تراكم الديون وتحسن اداء الجهاز الهضمى وتلين حركة المعده وتحمى جدارها، كما تنظم مستوى السكر فى الدم وتمنع تكوين جلطات الدم وتقلل خطر الاصابه بالسكتات الدماغية وانسداد الشرايين وفشل القلب وتطهر الجسم وتخلصه من السموم وتسهل افراز النفايات السامه والمعادن الثقيله وتعزز اداء الجهاز المناعى وقدرة الجسم على مقاومة الأمراض وتحافظ على مستويات قليله من الكوليسترول والدهون الثلاثية فى الجسم، وتعالج مشاكل الرؤية المصاحبة للتقدم فى العمر وتفيد فى علاج الطفح الجلدى والجروح وتقلل خطر الاصابه بمرض السلطان وتقلل حدوث نبوات الربو وتحسن الحاله المزاجيه وتعالج اضطرابات النوم وتدخل فى صناعة مستحضرات التجميل وتعمل على شد الجلد وتنظيف فروة الرأس وتحمى الشعر من التلف والجفاف. ونوهت بإمكانية استزراع الطحالب فى الأماكن التى لا تصلح للزراعات التقليديه مثل الاراضى الصحراويه والبحيرات الداخلية والاراضى الملحيه بتكلفه بسيطه لانتاج مواد ذات أهميه الاقتصادية.
مخصبات زراعية
واستطردت قائلة: القسم من خلال مشروعاته البحثيه استطاع انتاج تركيبات متميزه من الاسمدة الحيوية من الطحالب، كما تتميز الزراعة المستدامة عن الزراعة التقليدية بقدرتها على تحقيق الطلب على الغذاء باستخدام الموارد البيئية دون تأثير سلبي على البيئة؛ لذلك فإن استخدام الاسمده الحيويه التى تدخل فى تركيبها بعض مركبات الطحالب كأسمدة ورقيه تعمل على تحسين الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة؛ مما يؤدى إلى بيئة مناسبه للمحصول، كما تعمل أيضا على استعادة مغذيات التربة عن طريق بعض المركبات الموجودة فى الطحالب، كما أن لديها القدرة على اتاحه بعض العناصر غير القابلة بالذوبان مثل الفوسفات غير العضوى وزيادة العائد من النباتات والمحاصيل.
ولفتت الدكتورة هناء عبد الباقى إلى أن الطحالب تحتوى على منظمات النمو، والتى تؤدى إلى تأخير دخول النبات فى الشيخوخة ومنع تساقط الاوراق والأزهار والثمار ومنع الاصفرار لتأثيره الموجب على البروتين والاحتفاظ بمادة الكولوروفيل ومنع تحللها وتشجيعه على انقسام الخلايا وكذا نمو الجذور وزيادة مدة تخزين بعض المحاصيل الورقية مثل الخس والبقدونس، كما وجد أنه ينقص من معدل تنفس بعض المحاصيل الورقية فيساعد بذلك على تخزينها، كما تحتوى على منشطات النمو مثل السكرات والمواد المحسنة للتربة عن طريق زيادة السعه التبادلية لها فى حالة الاضافة للتربة.
كما توصلت الأبحاث أن الرش بمستخلصات الطحالب يحسن من كفاءة عمليات التمثيل الغذائى داخل الورقة، بزيادة كفاءة عملية البناء الضوئى ومساعدة بعض النباتات لتحمل الاصابات الحشرية مثل العنكبوت الأحمر، وكذلك بعض انواع فطريات البياض كما يقلل من الإصابة ببعض أمراض التربة.
ساحة النقاش